لفظ الجلالة جـ 2 | من أسماء الله الحسنى | أ.د علي جمعة

الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. أسماء الله الحسنى كثيرة وهي فتح كبير، وأسماء الله الحسنى تنقسم إلى قسمين: القسم الأول هو أسماء الجمال كالرحمن الرحيم العفو الغفور، والقسم الثاني هو أسماء الجلال مثل العزيز المنتقم الجبار، والقسم الذي يشملهما هو الكمال. مثل الله الأول
الآخر الظاهر الباطن فهذه أسماء تدل على الكمال وتدل على كمال الكمال بما فيه من جمال وجلال لفظ الجلالة الله والمؤمن وهو يسمع اسما من أسماء الله تعالى فإنه مأمور أن يتخلق بالجمال وأن لا يتخلق بالجلال فإن الجلال لله وحده ذي الجلال والإكرام والمؤمن يتخلق بالرحمة وبالعفو وبالمغفرة لأنها من صفات الله سبحانه وتعالى المتعلقة بجماله، ولكنه يتعلق ولا يتخلق بأسمائه سبحانه وتعالى التي
هي للجلال، أسماء الجلال للتعلق وأسماء الجمال للتخلق. فإذا ما أطلق الله شعور الإنسان في هذه الكلمة بالرحمة وشعر الإنسان فيها أيضا بالملك وبأنه على كل شيء قدير وبكل شيء عليم، فهذا اللفظ قد جمع فأوعي، ولذلك يتقبله الخلق على مستويات عدة: مستوى الرجاء ومستوى الخوف، والعاقل من جمع بينهما لا يجعل الرجاء يدفعه إلى
الطمع في رحمة الله حتى يتهاون في حياته وهو يشعر بأن الله سبحانه وتعالى سوف يعفو عنه ويغفر له، وهذا أمر مطلوب ولكن ينبغي عليه أيضا أن يعلم أن الله سبحانه وتعالى قد أمرنا بالخير ونهانا عن الشر ودعانا إلى التوبة وإلى الرجوع إليه سبحانه وأنه يغضب إذا ما أفسدنا في الأرض ويغضب إذا ما خالفنا أوامره واجترأنا على نواهيه، هذا الغضب مغلف بالرحمة فينبغي على المؤمن أن يخشى عذاب الله وينبغي عليه المؤمن أن يرجو رحمة الله نسألك
يا من هو الله الذي لا إله إلا هو الرحمن الرحيم الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار، الله لفظ يملأ الأكوان ونجده هو المستعمل في كل الأذكار، الكلمات الطيبات كلها فيها لفظ الجلالة: سبحان الله، الحمد لله، لا إله إلا الله، لا حول ولا قوة إلا بالله، الله أكبر، أستغفر الله، توكلت على الله، إنا لله وإنا إليه راجعون، ما
شاء الله كان، حسبي الله ونعم الوكيل. اعتاد المسلمون على أن يسموا هذه الأذكار بالكلمات العشر الطيبات، والخمس الأولى يسميها أهل الذكر وأهل الله بالباقيات الصالحات: سبحان الله، الحمد لله، لا إله إلا الله أكبر لا حول ولا قوة إلا بالله حتى إذا ما صلينا على النبي صلى الله عليه وسلم فنقول اللهم فنذكر لفظ الجلالة أيضا والميم في قولهم اللهم إنما هي بدل من النداء يعني يا الله فمن كثرة الاستعمال وضعوا ميما تشير إلى هذا النداء
في نهاية الكلمة فقالوا اللهم صلوا على سيدنا محمد وآله، فلفظ الجلالة نراه في الباقيات الصالحات ونراه في الذكر بالعشر الطيبات التي يعيش بها المسلم في صلاته وقبل صلاته وبعد صلاته، إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون، هذه الكلمات الطيبات تجعل اسم الله على كل لسان لا يزال ليكن لسانك رطبا بذكر الله، هذه الكلمات الطيبات ينبغي علينا أن نكثر منها خاصة في الأيام المباركة وفي الساعات المباركة،
لأنها هي المدخل لاستجابة الدعاء ولذكر الله في القلوب الذي ينير القلب ويغفر الذنب وييسر الغيب. لفظ الجلالة لو جلسنا نشرح في بركاته وفي خصائصه لاستغرقنا وقتا طويلا، قل الله ذرهم في خوضهم يلعبون، مأمورون نحن أن نتكلم بهذا اللفظ في كل وقت وحين. إلى لقاء آخر، أستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.