لقاء أ.د علي جمعة ببرنامج المجلس عبر قناة أزهري

أهلاً وسهلاً فضيلة الإمام، أهلاً وسهلاً بكم. كنا توقفنا عند الهجوم على المذهب الأشعري من بعض الفئات، وفي مسألة تأويل الصفات. هل الأشاعرة يؤولون الصفات الإلهية أم يجرونها كما هي؟ وهل يتفق هذا مع مذهب أهل السنة أم لا يتفق؟ في الحقيقة، من أين جاءت هذه القضية؟ نعم، القضية أتت أن هناك نصوصاً، نعم، ونريد أن نفسرها. نعم، هذه النصوص مثل: "الرحمن على العرش استوى". نعم، هذه النصوص مثل: "بل يداه مبسوطتان". نعم، "ولتصنع على عينه"، "ولتصنع على عين". نعم، فالسؤال الآن الذي يسأله حتى غير المسلمين: من تعبدون؟ هل تعبدون جسماً موجوداً في... السماء له عينان ويدان
ووجه ويبقى وجه ربك وأنه جلس على العرش وأنه سوف يترك بجوار هذا العرش ثلاثة أصابع لإجلاس سيدنا محمد عليه وأنه لما جلس على العرش فالعرش أحدث أطيطًا وصوتًا وعمل هكذا حتى إذا أنتم هكذا يقول الناس إنكم تعبدون وثنًا ولكن الفرق بينكم وبين عبّاد الوثن. أنه فوق والوثني تحت مثلاً يعني ولا أي شيء يعني أفهمونا، فأجاب أبو الحسن وقد أجاب من قبله الإمام مالك، فلما سألوه عن الاستواء فماذا فعل؟ وقبل الإمام مالك كان سيدنا عمر، نعم كان هناك شخص اسمه صفوان
بن عَسِيل (على وزن أمير)، فصفوان بن عسيل هذا قال: "الرحمن على العرش استوى". كيف استوى؟ ضربه على الفور. لا، قالوا أحضروه إليّ. نعم بالطبع. فلما جاء قال له: ماذا تسأل؟ قال: أسأل عن "الرحمن على العرش استوى"، كيف استوى؟ نعم. قال: سأجيبك أنا كيف استوى. وقام بعرجون نخل يضربه على رأسه. فلما فعل ذلك، حسناً، ماذا يعني؟ نحن الآن في مجال علمي. هو الآن يقول لك أين الإقناع وأين كذا، حتى قال صفوان: "والله يا أمير المؤمنين، ذهب الذي كان برأسه، تنظّف خلاص". هو يريد أن يقول له ماذا؟ يقول له المسألة واضحة، وهذا الذي أجاب به مالك لرجل قام في وسط الدرس. مالك: "الرحمن على العرش استوى"، كيف استوى؟ فقال: "الاستواء". معلوم يعني في لغة العرب
الاستواء معلوم والكيف غير معقول. في رواية البيهقي يقول غير معقول، وفي رواية خارج البيهقي يقول لك والكيف مجهول. لكن هنا يقول والكيف غير معقول، يعني ليس هناك كيف أصلاً، لأن الكيف هي أحد الأعراض التسعة التي تختص بالمخلوق الحادث، وما هو ممكن أن تكون غير... أمعقول يا فضيلة الإمام؟ غير معقول! يعني لا يمكن للعقل. لا، ما هو أنت لو قرأت "مجهول" لوحدها ولم تحملها على الرواية الثانية التي هي "غير معقول"، فستكون غير مفهومة. وما الفرق بين "غير مفهوم" و"غير معقول" بمعنى أنها غير موجودة؟ هل لله كيف؟ نحن لا نعرفه ولا الله، لا كيف له، لا كيف له. حسناً، إذاً معنى أنها "غير معقولة"
هو أن العقل لا يمكنه أن يتصور لله كيفاً. هذا صحيح هكذا. كل ما خطر ببالك فالله بخلاف ذلك. هذه هي النقطة التي بيننا وبينهم. هم يريدون أن يثبتوا كيفاً لله ثم يقولون أنهم... لا نعرفه، نقول لهم: انتبهوا، أنتم لم تدرسوا شيئاً أبداً. هذا الكيف من الأعراض التسعة التي تكتنف الحوادث والكائنات والموجودات بخلاف الله. هي حوادث، لكن الله قديم، فالرب رب والعبد عبد، وهناك فارق بين المخلوق والخالق. لو جاءنا أحد وقال: "يد الله فوق أيديهم"، (أي) لله يد بطريق ذاته، لا. يعلمُ كيف هي إلا هو، هل هذا الكلام صحيح؟ صحيح، مع كلمة "أنَّ كيف" هنا معناها أنه لا كيفية لها، نعم، إنما بطريقة وبوضع يليق بجلاله، بكيفية تليق بجلاله.
هذا هو التفويض يا مولانا. نحن ما نحن، إنه الآن عندما جاؤوا وقالوا لمالك، فقال: "الاستواء معلوم والكيف غير معلوم." معقول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة يعني أمروها كما جاءت تفسيرها تلاوتها يعني دعوها "الرحمن على العرش استوى" يعني ماذا؟ هي واضحة، أنا أفهم كعربي: الرحمن، والعرش، استوى... عظمة الإله، قدرة الإله، حكمة الإله، ليس بالضرورة بمعنى جلس، قهر الإله، لكن عندما نأتي لنفسر، عفواً، عندما... لنفسر ونقول الاستواء، فلنذهب إلى اللغة. نعم، يقول إن للاستواء في اللغة خمسة عشر معنى، ومنها قول الأخطل: "لقد استوى بشر على العراق من غير سيف أو دم مهراق". حسناً، إذاً لا يوجد دم هنا، ومعنى استوى هنا يعني قَهَر، ومعنى استوى أيضاً يعني جلس.
ومعنى الفاكهة يعني نضجها، خمسة عشر معنى. واستوت على الجزء مثلاً، الخمسة عشر معنى للاستواء، يجب أن تنتقي منها ما يليق بجلال الله. نعم، طلبها مشترك لفظي، ولذلك نرى ابن الجوزي الحنبلي يؤلف كتاباً في بيان التخليط في حديث الأطيط الذي هو أطيط العرش. أطيط العرش، يقول: ما هذا الكلام الصعب المقلق؟ العرش، أهذا كلام يرضي ربنا؟ وبعد ذلك هذا الرجل الذي اسمه الدارمي بن سعيد يكتب في كتابه أنه جلس على العرش فقط غطيطاً مثل هذه الحجارة. هذه وثنية واضحة بيّنة، ولذلك فرّ العلماء من هذه النجاسات ووصفوا الله بما يليق به من أنه سبحانه
وتعالى استوى على العرش كما يليق. بجلاله أولاً، أجمع الجميع بالتأويل الإجمالي. ما هو التأويل الإجمالي؟ معناه أن هذا الاستواء ليس كاستواء المخلوقين وهذا معروف. لقد أجمع الجميع، أجمع المسلمون، وكذلك يشهد العيان خلافها أنه في تأويل إجمالي. نعم، كلهم قالوا إن هذا تأويل إجمالي. الإمام أحمد بن حنبل وهو "وجاء ربك والملك صفاً". صفا قال المجيء أولها أول المجيء، أتنتبه؟ قال: أتى أمر ربك. لماذا يا إمام أحمد هكذا؟ قال: لأن الانتقال والنقل وما شابه ذلك إلى آخره هذه محالة على الله لأن الله ليس جسماً، فهناك تأويل إجمالي بالإجمال. ينزل ربنا إلى سماء الدنيا في الثلث الأخير بعد التأويل الإجمالي الرحمن. استوى على العرش ليس كاستواء المخلوقين،
فنسأله السؤال الثاني: الله الله الله الرحمن على العرش استوى، إذن ما معناها؟ يعني انظر: السؤال الأول: هل هو كاستواء المخلوقين؟ فننفي ونقول: لا. والذي ينفي ذلك كل المسلمين، ما شاء الله، ما شاء الله. يأتي السؤال الثاني: الرحمن على العرش استوى، ما معناها إذًا؟ فواحد... قال نفوض علمها إلى الله، يعني لم يُجِب، هؤلاء المفوضة وهؤلاء بعض السلف وبعض الأشاعرة. قال: لا، نحن نؤول "الرحمن على العرش استوى" أي استولى على العرش وقهره. قال: حسناً، هل ربنا سبحانه وتعالى لم يكن مستولياً عليه قبل ذلك؟ لا، ليس هكذا، يقولون إن ربنا سبحانه وتعالى يعني الكائنات يعني... ترفض يعني قهره فهو مضطر سبحانه وتعالى جل جلال الله عن هذا أن يقره. قلنا لهم: "ائتيا طوعًا
أو كرهًا"، قالتا: "أتينا طائعين". هو في البداية يقول هكذا: "ائتيا طوعًا أو كرهًا"، يعني من الممكن أن يكون من المخلوقات من يعارض، لكن ستصبح حالته ليست جيدة، ولن يحصل على ما يريد. هكذا سيكون، نعم، وهو القاهر، فوقع عبادة، فالله سبحانه وتعالى قاهر، ويمكن للعرش أن يرى في نفسه أنه أكبر المخلوقات وأعظم المخلوقات، فيكون يعني دخل في نفسه شيء، فالله سبحانه وتعالى استولى عليه، يعني قهره، لأنه لو قهره ففيها إشارة إلى قهر الكون كله إذا كان الكون كله خُلِق في... فلاة بالنسبة للسماء السابعة تحلق في فلاة بالنسبة للعرش، فالعرش هذا شيء ضخم جداً. يمكن خطر بباله هذا العرش وقال: "أنا أعظم المخلوقات". فأراد الله سبحانه وتعالى - بالمناسبة الثانية - العرش يتكلم وله مشاعر وله
حديث، وهناك أحاديث كثيرة أثبتت أن العرش يتكلم. فإذاً نعم، الكلام يقولون عنه ماذا؟ كلام الحال لا كلام القال، أي ليس بالضرورة كل لسان، وهذا الكلام يُسمى كلام الحال، مثل قوله تعالى: "يومئذٍ تحدث أخبارها"، مثل الجبال والسماوات، وقوله تعالى: "إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها". هذه الشفقة تعني أن الجبل فيه شفقة، نعم، في شيء يليق بحسبه كل شيء. أحسَبُه أنه هنا جاء الأشعري وقال: "الرحمن على العرش استوى" أي استولى، فيكون هذا تأثرًا ممن؟ تأثرًا من الفلاسفة. أجاب على أصحاب الديانات الأخرى، فدخل الناس بموجب هذا في دين الله أفواجًا، لأنهم لو كانوا قالوا للناس هذه الوثنيات القبيحة التي يدعو إليها بعضهم دون أن يشعر، والله ما... كان شخص اعتنق الإسلام، فأسلم المسلمون وسلَّموا
على أهل السنة والجماعة، وشاع هذا الإسلام وذاع واستقر إلى الآن. جاء ابن عساكر وصنَّف كتاباً بديعاً سماه "تبيين كذب المفتري على الإمام أبي الحسن الأشعري". ابن تيمية نفسه كان أشعرياً يا ثلاث، وجاء يجادله الصفي الهندي. قالوا له: انظر لنا هذا الرجل وجادله. قال ماذا أصنع في رجل كلما جادلته قال القول الثاني لأبي الحسن الأشعري الذي هو الأخير الذي هو هذا؟ حسناً، وماذا نفعل معي؟ عقيدتي سليمة، فإذا كان الناس لا يفهمون هذا الكلام ولا يفهمون ما الذي حدث، ولذلك هؤلاء الأشاعرة هم سادة الأمة كما بيّن ابن عساكر. وهمٌ وعليها العلماء وأهل السنة، وهذا نوع من أنواع محاولة السرقة. يقول
عليها ماذا؟ نقول عليها احتلال المفاهيم واختلال المفاهيم. الاحتلال والاختلال هذه طريقة معروفة أن يحاول احتلال المفاهيم حتى تختل. نعم، نعم، لا، نقول له: لا، لن تستطيع أن تحتل ولا أن تُختل ما دام هذا الأزهر موجوداً. نعم. الأزهر يُعلِّم الناس كيف تفكر أولاً، ولذلك نجد في الخريدة الشيخ الدردير يقول: "أقسام حكم العقل لا محالة هي الوجوب ثم الاستحالة ثم الجواز ثالث الأقسام فافهم"، وتختلف ذات الأفهام. يفهمنا: يا واجب، يا مستحيل، يا جائز. هذه التقسيمة ليست في أذهانهم، لذلك أول ما نذهب في الإلهيات. يقول لك احرص جيدًا، سندرس الآن الواجب في حقه تعالى، والجائز في حقه تعالى، والمستحيل في حقه تعالى. وعندما ننتقل إلى النبوات، سندرس الجائز في حق الأنبياء، والمستحيل
في حق الأنبياء، والواجب في حق الأنبياء. إذًا، هذا التقسيم العقلي هو أقسام الحكم العقلي بلا شك. ما هو الحكم العقلي والحكم العادي؟ ما هو؟ يقول لك: إثبات أمر لأمر أو نفي عنه من غير توقف على تكرار أو وضع واضع، هذا هو العقل. لكن هنا يقول لك: إثبات أمر لأمر أو نفي عنه مع توقفه على التكرار أو مع توقفه على وضع الواضع، فيصبح هذا حكماً وضعياً، وهذا حكم نقلي، وهذا حكم عقلي. وهذا حكم عادي وهكذا وهؤلاء لا يفهمون شيئاً لأنه أربك نظام المخ، فعندما جاءت المسائل عليه، أصبح كما كان عندنا أحد مشايخنا يقول: الأصل أنهم لم يروا أقسام حكم العقل إلى ما هو محال وهي الوجوب ثم الاستحالة. اليوم عندما تأتي لتتحدث مع أحدهم يقول لك: هل هذا قال الله وقال الرسول يا. أخي أنت لست منتبهاً، قال الله وقال الرسول تكلموا باللغة العربية،
تكلموا بالمعقول، خاطبونا بالبرهان، ولذلك هذا هو البرهان الذي أجمعت عليه الأمة والعقلاء. من أجل أن تفهم فعليك أن تتجنب هذا الخلط، يعني عندما تقول لهم هذا الكلام يقولون لك: وهل هذا موجود في الكتاب والسنة؟ لقد أعياهم. العلوم فتحججوا وتمسحوا بالكتاب والسنة، لا، نحن في الأشاعرة، ليس هذا وضعاً آخر، والأزهر أشعري، والأشاعرة هم أهل السنة والجماعة، وهم سادة الأمة، وهم العقيدة الصحيحة القادرة على عدم تشويه صورة الإسلام في العالمين، القادرة على الدعوة إلى الإسلام بكل ما فيها من دقائق، وهي لا تخرج قيد أنملة عن الكتاب وعن صحيح السنة هذا صحيح، هذا يدفعنا دفعاً فضيلة الإمام إلى مصيبة الإفتاء، وإنني أعتبرها
أنها مصيبة وابتلاء، لأن الإفتاء هذا يعني شيء خطير جداً، جرَّ علينا مواضيع خطيرة جداً في عصرنا هذا، وأنا شخصياً مع احترامي الكامل لسيادتك، أعتبر أن حضرتك في محنة. كبيرة لأنه مسؤولية هذه الأمة وضبط موازين الفتوى في هذا المجتمع الذي تعددت فيه أبواق الإفتاء وأماكن الإفتاء ودرجات الإفتاء لدرجة أن الفتوى أصبحت مسألة من الملح والترف والطرائف والنكات التي يتندر بها الناس للأسف الشديد. هذا الكلام لم يكن موجوداً قبل هذا الوقت. أبواق فضائيات إنترنت فرق لا حصر لها، فما دورك من فضلك في ضبط هذا الإيقاع؟ وماذا نفعل لكي ننظم
مسألة الفاتحة؟ هناك خدعة يجب أن نلتفت إليها، نعم، وهذه الخدعة جاءت من الإعلام الغربي، وهي أنهم سمّوا كل ما ينسب إلى الإسلام بكلمة "فتوى"، نعم، فالذي يصدر عن المتطرفين والإرهابيين والقتلة والمجرمين ما دام متعلقًا بالدين فهو فتوى، وهذا كلام تضحك منه الثكلى وتُسقط منه الحبلى ويشيب منه الأقرع. هذا كلام لا علاقة له إطلاقًا بالحق ولا بالحقيقة ولا بالواقع، وهو ترويج لما تحدثنا عنه منذ قليل من احتلال المفاهيم واختلال المفاهيم، أي أنه يحاول الآن. أن يحتل مفهوم الفتوى. الفتوى لا يمكن أن تسمى هكذا إلا إذا صدرت
من ذي صفة، والصفة المفتي له شروط، نعم، وهذه الشروط غير متوفرة في شخص مثلاً معه دبلوم في الهندسة، ولا شخص كان يعمل طبيباً للأسنان، ولا سائق التاكسي، ولا سائق التاكسي، بالرغم من أن هذه المهن مهن. عظيمة ونحترمها في مجالها وهو أيضًا نسأله في تخصصه فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون أن أسأل السباك في السباكة ولا أحضر صاحب الفرن الذي يخبز الخبز وهو الذي يطعمنا ونشكر له هذا إلا أنه صاحب مهنة دعه في هذا الإطار في هذا الإطار لكن الآن أصبح عندما تنظر للجماعة الذين وصفوهم بأنهم إرهابيون وما إلى ذلك، ثم تجد أنه لا يوجد أحد منهم متخصص، ولا أحد منهم قرأ أو جلس أو خالط
العلماء، ولا جلس ووضع يديه على ركبتيه هكذا كما تأدب جبريل مع سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وكف عن ركبتيه، نعم هذا هو النموذج. غير موجود، إذاً هناك أولاً خدعة بتسمية كل شيء وكل ما هب ودب من كلام بفتاوى. نعم، هذا لا بد علينا أن نتنبه إليه وأن ننبه إليه وألا نستعمله وإلا نقع فيه. ما رأيك في الفتوى الفلانية، وإذا بها صادرة من غير متخصص، وإذا بها كلام قيل وهكذا. وتظل طوال النهار تعلق على فتاوى أناس غير متخصصين، وهي ليست فتاوى، بل سنسميها قراءة. قراءة، هذا تعبير جميل جداً. ففي رأيي وفي فتواي، المصيبة الثانية: هل يستطيع أي شخص أن يقول هذا الرأي؟ القراءة حرة، هو حر أن
يكفر أو يؤمن، ولكنه لا ينسب إلى الأفعال الأحكام. الشرعية وإلا كان آثماً لأنه متعدٍ تعدى وقال إن هذا الفعل حلال وحرام بلسانه، ولكنه ليس مفتياً وإنما هو شخص يرى هذا بهواه، يرى هذا بعقله، يرى هذا بثقافته، ولكن ليس فتوى. والمهم أنها ليست فتوى. لكن الأشد تلبيساً من هذا أنهم خلطوا بين رأي الشخص وهو قادر. على الإفتاء وبين الفتوى، فمثلاً أنا أكتب في الصحيفة، أنا مواطن لي رأيي وأنت لك رأيك طبعاً، وهذا الرأي يمكن أن أختلف فيه مع الآخرين لأنه قد يكون مجاله الآداب، قد يكون مجاله النقد الأدبي مثلاً، قد
يكون مجاله مثلاً السياسة، قد يكون مجاله مثلاً الفكر، قد يكون مجاله أي. عندما أنتقد قصيدة، فهل يعتبر ذلك فتوى؟ فهو يقول لك: "لا، أنت مفتٍ، وكل ما سيخرج من فمك هو إفتاء". هذا رأيك. أقول له: لا، هذا فهم خاطئ للفتوى. الفتوى تخالف الأهواء، والفتوى تخالف الأفكار المختلفة، وهي شيء آخر. والفتوى أيضاً تخالف الآراء. حسناً، ماذا أفعل أنا كمواطن؟ لكي أعرف الذي تقوله الآن، مثلاً في كلام معين، وأعرف الفتوى أو الرأي، كيف أفصل بينهما؟ الفتوى هي عبارة عن سؤال، نعم، عن فعل بشري، فعل بشري جرت عليه الأحكام، نعم، يأخذ حكماً شرعياً. إذاً الفعل البشري يأخذ حكم الشرع. والحكم الشرعي ما هو؟ هو خطاب الله المتعلق بأفعال المكلفين. نعم، نضع دائرة على أفعال المكلفين بالطلب
أو التخيير. فعندما تأتي وتسألني كيف أصلي، كيف أصوم، كيف أبيع، فهذا بيان حكم. هذا بيان حكم وهو الفتوى. نعم، هذه فتوى، هذه هي الفتوى. أما لو سألتني، أو عندما تقول لي: الجنة فيها حور عين، ما... لا تكون فتوى، نعم، وإلا ما الذي سيكون؟ هذه تكون معلومة، نعم معلومة. شخص جاء يسألني: هل تزوج النبي مارية القبطية؟ نعم. فعندما وصلتني هذه الورقة أحلتها إلى بعضهم، إلى أمناء الفتوى، نعم. فرأوا أن هذه ليست فتوى فحفظوها، فذهب ورفع عليها قضية. حسناً، لماذا أحلتها؟ أحلتها لأجل... يجيبون عليها، حسناً، لماذا لم تُجب وحدك؟ لأنني أملك نظاماً في دار الإفتاء، نعم، لدي أمناء فتوى تحت إشرافي، أحيل إليهم ما يرد، نعم، وأقول لهم أجيبوا على هذا، نعم، وأنا أتخصص في القضايا الكبرى، نعم، فعندما يأتي
شخص ويقول لي: تعال نريد أن نرى يعني قضية كبرى، أقول... نعم، انتظره، هذه تحتاج إلى باحث أو أنني أعرف إجابتها الآن أو هكذا. نعم، هذا النظام يعطي للعلم رصانته ورونقه واحترامه. طبعاً، أنا لست جالساً على المكتب هكذا، أنا أتحرج من الفتوى، أنا أتحرج من الفتوى، ولذلك أنا، نحن، أنا في مؤسسة ولست فرداً، يعني دار الإفتاء. هذه مؤسسة تضم علماء ولديها نظام، كما أن فيها نظاماً إدارياً هرمياً يستطيع أن ييسر الأمور. فعندما لم تُجب، لم أتوجه إلى دار الإفتاء، فذهب ورفع قضية عليها. قال لي: "لماذا لم تُجب؟" فأجبت القاضي قائلاً له: "لأن هذه ليست فتوى، بل هي معلومة يمكن أن يُسأل فيها أستاذ". التاريخ هذه معلومة خارجة عن اختصاصنا.
انتبه كيف أن حظك مهم جداً. هذا نعم خارج عن اختصاصنا. عندما يأتي شخص ويقول لي ما رأيك في مباراة الأهلي، ويطلب منا فتوى في مباراة الأهلي والزمالك الأخيرة. ما هذا الكلام؟ هذا عبث. نعم، فهذا لم يجيبوه. لماذا لم يجيبوه؟ لأنه... هذا خارج اختصاصي عندما يأتي شخص ويقول لي مثلاً: "أنا امرأة متزوجة وزوجي أصبح قاديانياً". نعم، هذه مسألة وقفت عندها، وأقول لها: "زوجك الذي أصبح قاديانياً لا يصح (البقاء معه)، لأن مجمع البحوث الإسلامية والمجامع كلها في العالم والمحكمة العليا الباكستانية تقول إن هؤلاء غير مسلمين، ولا يصح أن تتزوجيه". قالت لي: "حسناً، لقد عاد ورجع وتاب وعرف، فوجئ هو، كان سمع عنهم، فمشى هكذا". أقول
لهم: "خلاص، يصبح حلالاً عليك". فتقول لي: "هل يمكنني أن أعمل عقداً آخر أم ماذا؟" لا، لا تعملي عقداً آخر، لأن النبي صلى الله عليه وسلم عندما أسلم الناس لم يعمل لهم. لحظة ثانية وصحح إنجازه الناس، ولما رجعت زينب إلى العاص بن وائل لم يعمل لها عقداً آخر وإلى آخره. هذه فتوى، هذه فتوى، وهناك من يقول إن هذه الفتوى صحيحة لأنه فعل إنساني، وتقول لي حلال أم حرام، أفعل أم لا أفعل، الخدام والحجاب، لكن هناك من يأتي ليطرح علي أسئلة. مسابقات. نعم، ما رأيك في محافظ المحافظة الفلانية؟ حسناً، وهذا هذا، هذا كلام. ما شأنه، ما شأن المحافظة؟ ما شأني أنا؟ المحافظ هذا شخص. نعم، إذاً ليس له حكم شرعي. يعني اسألني عن فعل مثلاً سيفعله، اسألني عن شيء مثل السؤال الذي وُجّه لفضيلتك عن تصدير الغاز لإسرائيل، يعني تصدير. تصدير الغاز لإسرائيل هذا حدث نعم، ولكن يجب عليّ
حتى أبحث أن أعرف ثلاثة أمور: المصادر، والواقع، والربط بينهما. فلكي أعرف الواقع، هذا الواقع مكون من أربعة عوالم: عالم الأشياء، وعالم الأشخاص، وعالم الأحداث، وعالم الأفكار. فلكي أطلع على الواقع بدقة، يجب أن أعرف كل عالم من هذه العوالم والضوابط التي... تضبطهم على رأس الهرم السياسي لكي أنزل عليه. فسألت صاحبنا الذي يسألني عن هذا السؤال: "حسناً، ما الدافع؟ هل تعرف الدافع؟ هل صرح بالدافع؟ فقط لتعلمني وتقول لي ما هو الدافع، وهل إعطاؤنا له في مصلحتنا أم ليس في مصلحتنا؟ هل هذا يمثل مثلاً ورقة؟" سياسة ضاغطة وسيلة ضغط
مثلاً أم ليست وسيلة ضغط ولا نتيجة مفروضة؟ حسناً، نحن لا نعرف. وكيف أستطيع أن أفتي إذا كنت لا أعرف؟ كيف يُفتي إذن؟ أين هذا؟ مرةً، أحد إخواننا كنا في لقاء، ثم قال لي: ما رأيكم أو ما فتواكم أو ما إلى ذلك في الكويز؟ "كويز" بالإنجليزية تعني مسابقة. أعمل مثل مسابقات الطلاب، مثل المسابقات التي تُقام في رمضان وما شابه ذلك. اختبار قصير. وفي الحقيقة، في ذلك الوقت لم أكن قد قرأت عن اتفاقية كويز، فقلتُ له "كويز يعني؟"، حيث ظننت أنه يسأل عن مسابقات الصفر تسعمائة وما شابه. فقلت له: "ماذا تعني بكويز؟" واستغربت أنه استخدم اللفظ الإنجليزي ولم يقل مثلاً "مسابقات". نعم. فقال الاختبار، فسألتُه: ماذا تقصد بالاختبار؟ أتقصد المسابقات؟ فقال: لا، الاتفاقية. قال:
الاتفاقية التي بيننا، المفترض التي أقرتها أمريكا بضرورة وجود نسبة من المُصنَّع الإسرائيلي في ما يُصدَّر من الدول العربية. لم يستطع أن يقول هاتين الكلمتين، وقال لي حينها: أنا لا أعرف، يعني هو صحفي ويرى في الجرائد. أن في اختبار قصير فقلت له لا، أعني أنني أريد أن أعرف ماذا يعني اختبار قصير، فلم يعرف. حسناً، هل أستطيع أن أختبر نفسي؟ كيف؟ قال لي: حسناً، دعنا نترك الاختبار القصير ما دام لم يظهر بعد. ما رأيك في الاتفاقيات الدولية؟ فقلت له: الاتفاقيات الدولية هي عبارة عن شيء يتم مع الدول للمصالح وتتغير. بتغيير المصالح، ففي اليوم الثاني نزل المفتي يحل الموضوع. الله الله الله! يصبح إذاً... آه، هنا لم أفهم ماذا تعني الاتفاقات. وهو أصلاً لا
يعرفها وضع علامة استفهام أو تعجب بعدها. وأرسلنا التكذيب وما إلى ذلك. حسناً، لدي علامة استفهام هنا: أليس من واجبك أن تقوم؟ بالاتصال بالجهات المعنية مثل وزارة الخارجية للاستفسار ثم الرد على السائل. أليست هذه من مهام دار الإفتاء؟ لا، هذه ليست من مهام دار الإفتاء، لأننا نتلقى ثلاثة آلاف فتوى في اليوم، ثلاثة آلاف فتوى في اليوم. نعم، والأمر الثاني أنه ليس لدينا نظام للمبادرة، يعني كل... سأقوم بتعيين نفسي مفتشاً على الأحوال، أنا لست كذلك، أنا من يُلجأ إليه من أجل استبيان الحكم الشرعي، وإلا تحولت وظيفتي إلى داعية، وأنا لست داعية، بل أنا عالم، وهناك فرق بين الداعية الذي يدعو إلى الله والذي يأمر بالمعروف وينهى
عن المنكر ويعظ الناس ويبلغ لهم الخير، وهي مهمة. كلها دعاية فضيلة الإمام، هكذا الذي حضرتك ترتيب الأمور مختلف في المسميات حالياً. لا، الترتيب، نعم، يعني الداعية والعالم والعابد. نعم، عندنا ثلاث جهات: نعم، العلم والدعوة والعبادة. نعم، لكن هم... ما أنا أصلي وأصوم، لكن ترتيبه ماذا؟ أنا ترتيب الوضع عندي ماذا؟ أنا ترتيب أنني عالم ثم عابد. ثم لا داعي لأن هذا العلمي نفسه هو دعوة، لكنه جانب من جوانب الدعوة. يوجد شخص يعتبر نفسه رقم واحد لديه اعتقاد أنه داعية، ومن لوازم دعوته أن يكون لديه علم، ومن اللوازم أيضاً أن يعبد ربنا. وهناك شخص ثالث
يقول: لا، أنا عابد، ومن أجل هذه العبادة أنا... متعلم وعندي أيضاً دعوة أو دعوة وبعد ذلك علم، يعني مثلاً مشايخ الطرق، نعم مشايخ الطرق هؤلاء هم أساساً عُبّاد، نعم ولكن ثانياً داعية لأنه ارتضى لنفسه أن يتصل بالجماهير، وثالثاً لابد أن يكون عالماً لأنه بذلك لا يُضل الناس ولا يأمرهم بمنكر ولا يتهاون في معروف، نعم فكل... شخص أقامه الله فيما أقامه فيه من نعم، فلا تأتي وتقول لي: "لا، أنا أريدك أن تكون عالماً، وأريدك أن تكون في نفس الوقت مائة في المائة داعية، ومائة في المائة عابداً، ومائة في المائة كل شيء في كل شيء". هذا لا يصلح، فكل واحد منا أقامه الله في شيء وجعل هذا الشيء. وهي متوفرة فيه ولكن بنسب، ربما أنا لدي العلم بنسبة سبعين
في المائة، والعبادة بنسبة عشرين في المائة، والدعوة بنسبة عشرة في المائة. وشخص آخر لديه الدعوة بنسبة تسعين في المائة، والعلم بنسبة خمسة في المائة، والعبادة بنسبة خمسة في المائة. وشخص ثالث لديه العبادة بنسبة خمسين في المائة، والعلم بنسبة خمسة وعشرين في المائة، وهكذا سبحان الله. وما منا إلا له مقام، هكذا، ولذلك الكل واحد ربنا أقامه، ويقول: "يا رب وفقني فيما أقمتني فيه". يعني المهم أنه يتقن ما أقامه الله فيه، لا أن يهرب مثل إخواننا، كل واحد حصل على الهندسة أو الطب أو ما شابه، ويريد أن يدرس الشريعة، ويريد أن يصبح شيخاً، ويريد... يكون إمام الأئمة ومفتي الأمة، ليس كذلك فحسب، بل إن كل شيء له طريقه. إذا أردت أن تتعلم فتعلم، نعم، ليس لدينا مانع في الأزهر، ولا نقول أنت أبيض أو أسود، ولا أنت معك كذا أو كذا، فالأزهر كله مفتوح،
لكن تعلم وتعلم بشكل صحيح، وتعلم بأدوات العلم الصحيح، ستجد نفسك قد وصلت. عندما تريد أن تصل إليه هذا كلام طيب وفي الحقيقة أنت يا فضيلتك أوضحت المسألة وجليتها تجلية تامة مباركة. وأسأل الله يا إخوة الإمام والإسلام أن نكون قد أوصلنا لكم مهمة الإفتاء ومهمة دار الإفتاء، وتكلم فضيلة الإمام عما يجيش في صدورنا أو عن بعض ما يجيش. في صدورنا لأن هناك أسئلة أخرى في الحقيقة لم يتسع لها المقام ولا الحلقة لسردها، فأرجو أن تعدنا بلقاءات أخرى في قناتك قناة أزهري التي تتشرف بأن تكون تاجاً فوق رؤوسها ورؤوسنا حتى نتعلم ونتربى ونتأدب بهذا العلم وبهذا الأدب، شكراً لك ونقول يا رب، أهلاً وسهلاً، شكراً جزيلاً لكم، والسلام. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته