لقاء أ.د علي جمعة ببرنامج حتى تكتمل الصورة | تلفزيون السودان | 3 يناير 2011

بسم الله الرحمن الرحيم، مرحباً بالسادة المشاهدين في حلقة جديدة من "حتى تكتمل الصورة"، أسعد فيها بالحوار هذه الليلة مع فضيلة الشيخ الدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية. مرحباً بفضيلة الشيخ، زيارة مهمة في وقت استثنائي في تاريخ السودان. أهلاً وسهلاً بكم، ليست هي الزيارة الأولى بالطبع، لا ليست هذه. الزيارة الأولى في زيارات أخرى سابقة. طيب، كيف ترى السودان في هذا الوقت وفي هذا الظرف؟ الحقيقة أن السودان والمنطقة العربية كلها تمر بفترة حرجة، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يكون
الغد خيراً من الأمس، وهذا رجاؤنا في الله سبحانه وتعالى. ولكن الحقيقة المنطقة كلها بما فيها السودان تمر بفترة. نحن دائماً كنا وما زلنا وسنظل دعوات وحدة وائتلاف وليس دعاة انفصال واختلاف، ولذلك وبالرغم من أننا نحترم كثيراً رأي الجمهور والناس وما ينبئ عنه الاستفتاء، إلا أننا دائماً ندعو إلى الوحدة. كنا ندعو إلى وحدة الأقطار العربية والأقطار الإسلامية قبل ذلك وإن كانت قامت فيها دول قطرية. وإقليمية سابقاً وكنّا
نرى أن الاتحاد خير من الانفصال، الآن البلد الواحد يُعرَّض إلى الانفصال، فهذا أمر يؤلمنا، وإذا كنّا نحن في عصر نحترم فيه كلمة الشعوب، وهناك آليات للوصول إلى معرفة هذه الكلمة، فمع احترامنا للنتائج، فنحن ندعو الله سبحانه وتعالى أن تكون لو أن، وهذا هو يعني. المرجح الآن في الأوساط أن هناك انفصالاً، فلعل الله سيُحدث بعد ذلك أمراً ويتم الاتحاد مرة أخرى إذا ما رُئي أن هذا الانفصال يمثل تأخراً وليس تقدماً كما يظن أصحابه. ويجب أن تكون العلاقة بين الشمال
والجنوب إذا حدث هذا علاقة قوية وعلاقة البلد الواحد لأنه فعلاً بلد واحد. طيب فضيلة الشيخ، اسمح لي أن أدخل بك إلى القضايا الساخنة وأنت لها. يعني مجامع الفتوى أحد المؤسسات الدينية الرسمية، البعض الآن ينظر إلى هذه المؤسسات الدينية الرسمية في العالم العربي أنها تعيش عزلة وأزمة عدم ثقة، بل وتنازع حتى في مشروعيتها. يعني هذا كلام أظنه كلام واهمين. لم يدركوا الحقيقة وكثير جداً من الناس يتكلم من غير علم، وأظن أن القائلين هذا المقال هم يعيشون في أنفسهم يريدون أن ينظروا إلى واقع يرسمونه في أذهانهم
ثم لا يجدونه حولهم، فيتكلمون مثل هذا الكلام بالنسبة لدار الإفتاء المصرية على سبيل المثال لأنها هي التي معي أرقامها ومعي سجلاتها. وكذا إلى آخره، دار الإفتاء المصرية أُنشِئت منذ نحو مائتي عام، وكان الشيخ محمد المهدي العباسي هو مفتي الديار المصرية لمدة تربو على الخمسين سنة، ثم من هذه الخمسين سنة كوّن ما يسمى بالفتاوى المهدية، والفتاوى المهدية طُبعت في سبع مجلدات. أنا أتحدث بمعلومات، أتحدث بواقع، أتحدث بإحصاءات، خمسين سنة. نتج منها سبع مجلدات، ستة مجلدات وهناك المجلد السابع استُدرك بعد طباعة الستة مجلدات.
الفتاوى المهدية تحت أيدينا. عدّها كم فتوى في مدى خمسين سنة. بعد ذلك تولى الشيخ حسون النواوي وكان شيخًا للأزهر وجمع بين مشيخة الأزهر وبين الإفتاء، ثم جاء الإمام محمد عبده الذي كان أول مفتٍ مستقل. في دار الإفتاء المصرية، تولى الإمام محمد عبده منصبه مدة ست سنوات، بدأت سنة ألف وثمانمائة وتسعة وتسعين، وانتقل إلى رحمة الله تعالى سنة ألف وتسعمائة وخمسة. خلال هذه السنوات الست، أجاب طبقاً للسجلات عن تسعمائة وأربعة وأربعين فتوى، أي ألف إلا قليل. نحن في العام الماضي في دار الإفتاء. في سنة ألفين وعشرة أجبنا على أربعمائة وستة وثمانين
ألف فتوى. الناس الذين كانوا موجودين والقادرين على الاتصال أيام الشيخ محمد عبده كانوا أربعة عشر مليوناً طبقاً للإحصاءات الرسمية. الآن أصبحنا خمسة أضعاف هذا العدد، فكان من المناسب أن ننتج في ست سنوات خمسة آلاف أو عشرة آلاف فتوى للزيادة. الاتصالات والمواصلات، لكننا ننتج نصف مليون فتوى وتقول لي أن الناس لم تعتنق. أي ناس لو نزلت المساجد، وهذا كان رأي العين. كنت أنا مع فضيلة الإمام الأكبر رحمه الله تعالى الشيخ سيد طنطاوي نجول بالمحافظات، فكان يخطب خطبة الجمعة ثم بعد ذلك ننصرف، فلا نكاد نستطيع أن ننصرف يتقاتل. الناس عليه لأنه هناك
ثقة في هذه المؤسسة في كل المحافظات ومن كل من النخبة النخبة التي لا تذهب إلى المسجد ولا تصلي أصلاً الجمعة ولا ترصد مثل هذه الأرقام لأن هذه النخبة الكاتبة والقائلة والمفكرة تفكر من غير معلومات من غير إحصاءات ولذلك أنا فتحت في دار الإفتاء المصرية موقع ووضعت فيه المعلومات حتى تكون متاحة للجميع. عرفت أن الإعلام هو المؤثر القوي في الاتصال بالجماهير، ففاتحت للإعلاميين كل شيء وأدعوهم دائماً. النخبة الكاتبة قد لا تكون على وعي من قلة معلومات ومن أنها لا تسعى إلى تحصيل هذه
المعلومات لأنها تفترض أننا سوف نخفيها مثلاً أو أنها لن تكون سهلة أو كذلك، الحمد لله، دار الإفتاء المصرية كسرت هذا الحاجز في انعدام الثقة وأتاحت المعلومات السابقة واللاحقة. سجلنا كل الفتاوى منذ افتتاح دار الإفتاء المصرية على الحاسوب (الكمبيوتر) وهي متاحة للجميع، متاحة للجميع أن يطلعوا عليها. لا يأتي شخص ويقول من غير اطلاع أن هؤلاء مثلاً المفتين. موظفو الحكومة، حسناً، مفتي الحكومة كيف؟ إذا كانت الحكومة لم تسألني عن أي شيء. التبعية أعطت هذا المسوغ لهذا الاتهام، التبعية المالية تعني عدم الاستقلالية المالية. أنا لست تابعاً للحكومة لا أتقاضى، أنا أتبع الدولة وهناك فارق كبير بين السماء والأرض بين الدولة، فإذا كانوا هم
يريدون أن يخرجوا على نظام الدولة أيضًا، هذا شيء آخر لا نناقشهم فيه. يعني يستطيع المفتي أن يقول بغير ما تقول الدولة، أنا أستطيع أن أقول أي شيء لأنه لا رقيب عليّ، وهذا هو الذي حدث. ثانيًا، أي موضوع فتوى اسمها ماذا هذه الفتوى التي وقف فيها توقفت فيها دار الإفتاء من مئتا سنة وإلى يومنا هذا مع الحكومة، ما اسمها؟ أنا تحت سجلات باحثين، فتقدم أحدهم وهو من كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، يعمل دكتوراه في هذه القضية، فلم يجد شيئاً إلا أنه وجد الشيخ جاد الحق من الأزهر عندما كان مفتياً رد على جماعات العنف.
فقلت له: وهل هذا الرد على جماعات العنف شيء مختص بالدولة أم شيء مختص بالإسلام ووجه الإسلام وسماحة الإسلام ومبادئ الإسلام؟ هل كنت تريد من المفتي حينئذ الشيخ جاد أن يسكت عن الفساد في الأرض وعن قتل الشيخ الذهبي وعن هذه الحوادث والأحداث؟ فقال: الحقيقة فنياً هذا ليس من السياسة قلت له: طيب، هل توجد فتوى أخرى غير هذه الفتوى التي فيها هكذا؟ كل الفتاوى يا أخي التي سألها الشعب ونحن أجبنا الشعب، ولذلك لم يكن هناك إطلاقًا البتة أي مستند. مرة أحد الإخوة من إخواننا قام في مؤتمر وقال
هذا الكلام، فقلت له: طيب، أعطني فتوى واحدة يعني. تُحَدِّقُ فقال لي الشيخ الببلاوي قال إن الملك فاروق من البيت فقلت له حسناً بالله عليك، الشيخ الببلاوي كان مفتياً، أتنتبه؟ شيخ، نعم، اسمه الشيخ الببلاوي، قال إن فاروق، الملك فاروق، ملك مصر والسودان من البيت. لماذا هكذا؟ هل هذه فتوى؟ حتى دعنا، دعنا، الشيخ الببلاوي الذي لم يكن. لم يكن مفتياً، بل إن أحد المشايخ قال إن الشيخ فاروق من دار الإفتاء. الفتوى هي بيان الحكم الشرعي لفعل من أفعال البشر، فلا هذا مفتٍ ولا دار الإفتاء قالت هذا، لأن دار الإفتاء هذه مؤسسة، ولا أيضاً هذه
فتوى. هذا شخص رأيه هكذا مثلما قالوا عن ملكة إنجلترا. خرجت من البيت وكما قالوا أنا لا أعرف ما يقولون، هذه آراء يناقشها العلماء في غير وصف لهذه الآراء بأنها فتوى. يعني مثلاً، هل يمكننا سحب وصف الآراء على فتاوى مثلاً عندما ظهرت في حرب الخليج جواز الاستعانة بالأجنبي، أو على فتاوى مثلاً في كامب ديفيد، يعني تُؤجل. اتفاقية كامب ديفيد أو الجدار العازل، الفتاوى عمومًا دون النظر إلى مصدرها في دار الإفتاء، يعني فتاوى في الخارج أعطت مثل هذا الانطباع. الفتاوى التي تأتي مرتبطة بظرف سياسي بعينه، هل تعلم أنه إذا سكت المشايخ عن إبداء الرأي في الحراك السياسي اتُّهموا بالعزلة؟ نعم، وأنت لا زلت الآن تتهمهم. بالعزلة
فيما وصل إليك، وإذا ما أنا أعرف أنا نائم فقط، وناقل الكفر ليس بكافر ولا ناقل الإيمان ليس بمؤمن أيضاً، ولكن القضية ليست هكذا، القضية هي التصيد العجيب كقصة جحا وحماره. يعني جحا عندما مشى مع ابنه والحمار لاموه، فركب ابنه فعابوه، فركب هو فقالوا عنه إنه قاسٍ هو وابنه. فنزل ابنه ومَن قالوا عليه النقاسي لأنه ترك ابنه وهكذا يعني ما هناك شيء يجري يا أخي. أنا عندما نذهب إلى من يترصد، من يترصد الفقهاء والمفتي. هذا بحث، هذا بحث خارج عن نطاق رصد الفقهاء لأنهم منشغلون بثلاثة أشياء. هذا الكلام هو كلامك أنت. بماذا يعني؟ اذهب
وانظر من. الذي يترصد انظر إلى الأقلام التي تكتب وارصدها وتتبعها وانظر إذا كان يصلي أو لا يصلي الذي يكتب هذا، انظر إذا كان هو من الشيوعيين السابقين قبل انهيار الاتحاد السوفييتي أم لا، انظر إذا كان يريد بكلامي هذا النصيحة لوجه الله حتى يستقيم حال المسلمين أم لا، انظر إلى هذه القضايا كلها ثم بعد ذلك أخبرني من الذي يترصد. أنت تتحدث عن جو عام، هذا الجو العام أنت اتهمت النخبة قبل ذلك. أعطني أنا النخبة، ما هي هذه النخبة؟ ما هي؟ ما أسماؤهم؟ كتّاب وصحفيون، ما أسماؤهم؟ ما أسماء هؤلاء؟ من هم النخبة هؤلاء؟ أيُّ شخص ينتقد الواقع. بما ليس فيه فهو كذاب، لكنني
لم أتهم الكتاب الجدد ولا اتهمت العلماء الجدد ولا المفكرين الجدد الذين لهم أكبر الأثر، الذين جعلوا المعيار الواقع والحقيقة. هؤلاء الناس المحترمون، أصبح الناس المحترمون الذين على فكرة لا يسمون أنفسهم نخبة، بل هم النخبة الحقيقية، هم الذين يكتبون في الصحافة وما... زالت أحوال البلاد والعباد في ارتياش وانتعاش من أجل كتابتهم لأنهم يكتبون الحق، ولذلك هذه التهمة تهمة كبيرة يا أخي. انتظر حتى أتكلم وأوضح لك ما كان خفياً عليك أو على غيرك. الذي نتحدث عنه هم أناس يغيرون
الحقيقة والحق. أي شخص يغير الحقيقة والحق أو الخبر... كفر يكون كاذباً اسمه هكذا في الشريعة أنه كاذب لأنه أخبر بغير الواقع، هذا ما نقوله يا جماعة: الكذب حرام، كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع. هناك علم وهناك إشاعات. أعطيك مثالاً: تقول لي أنت تعمل بماذا وما شأنك إذا لم أكن أعمل بالعمل الخاص بي؟ لا أريد أن أعمل بعملك، لأن لدي عمل إدراك المصادر الشرعية وفهمها، أنا أعمل بهذا، وإدراك الواقع وفهمه أنا أعمل بهذا، والوصل بينهما أنا أعمل بهذا،
فهناك ثلاثة أركان للفتوى: إدراك المصادر وإدراك الواقع وكيف تصل بين المطلق والنسبي وتبني بينهما جسراً. هذه عملية صعبة جداً ومعقدة ومركبة، ولذلك عندما... يأتي المفتي سؤالاً يصوره في ذهنه، هذه هي المرحلة الأولى وهي التصوير، ثم يكيّفه وهذه هي المرحلة الثانية، ثم يعرف حكم الله في مثله من المصادر ومن التراث، ثم يفتي بناءً على الواقع حتى تتحقق المصالح وتتحقق المقاصد، ويكون مرتبطاً فلا يخرج عن سقف الإجماع ولا عن سقف اللغة. إنها عملية معقدة جداً فأنا... ما أنا لست متفرغاً لأتتبع وأجلب أشياء من هنا وهناك إلا في عملي. أجلس أعمل عشرين ساعة في اليوم وأنام أربع ساعات. خذ
مثالاً في عملي: فتوى اتفق عليها أئمة الشافعية وتربينا عليها ومشايخنا علمونا إياها، وهي أن الطلاق منه شيء يُسمى صريحاً وشيء يُسمى كناية، وأن الصريح يكون بالفصيح "أنت طالق" الطاء بالطاء وبالألف. وباللام وبالقاف، فإذا تَحَرَّفَ حرف من هذه الحروف انتقل من دائرة الصريح إلى دائرة الكناية. مهمة المفتي حينئذٍ أن يسأل صاحبنا صاحب الواقعة سؤالاً إضافياً وهو: ماذا كانت نيتك؟ ففي الصريح لا نسأل عن النية، وفي
الكناية نسأل عن النية. حسناً، لو كان أناس مثل أهل مصر أو أهل... قال لها: "أنت طالق" بالهمزة، انتقل كلامهم من الصريح إلى الكنائي، فيلزم أن أسأل سؤالاً إضافياً وأقول له: "ماذا كنت تقصد؟"، في حين أنه لو قال لها باللغة العربية: "أنت طالق"، لا أسأله، بل أقول له: "وقع طلاقك". هذا ما هو مكتوب في الكتب، فيأتي أحد من النخبة التي أنت... تقول عنها قوم، فيأتي هذا الشخص ويقول ماذا؟ يكتب مقالة: "يا فضيلة المفتي، ما هذا الذي تقوله؟ كيف لا يقع طلاق المصريين؟" فإذا كان هذا الشخص من النخبة لم يقرأ ولم يفهم
لأنه لم يقرأ، ثم تخيل في عقله هذا الذي قاله، ثم رد عليه بمقالة كبيرة. طويلة عريضة، هذا هراء في القاموس. الهراء هو الحمق، الهراء حمق. ماذا هذه؟ أنت لم تقرأ. هل أنا قلت أنه لا يقع؟ ولا أقول نسأل سؤالاً إضافياً. سألنا السؤال الإضافي، فكثير من الناس قالوا نعم. أنا أخرجكم. قال أنا ماذا؟ لقد قلت لها أن تخرج، خلاص، إذن يقع، وناس كثيرون. قالت: لا، هي كانت تريد أن ترمي نفسها من النافذة، فأنا حتى لا ترمي نفسها من النافذة قلت لها: أنت اخرجي لكي أنهي الموضوع، وأنا لم أقصد الطلاق. حسناً، إذن ليس طارقاً. إذا
كان صاحبنا لم يقرأ وأدخل نفسه في غير مدخله، أدخل نفسه فيما لا يعنيه، وتحولت القضية. من السؤال الإضافي الذي نعلم أبناءنا أن يسألوه في الإفتاء إلى أن المفتي يقول أن الطلاق لا يقع، وقس على هذا في أكثر من ألف حادثة رصدناها لهذه الأمثلة. نحن نتكلم بالتفصيل وبالعلم، ولكن أنت يا مسكين لا تقرأ. إنما حسناً، من أين أتيت بهذا الكلام؟ من جريدة أخرى؟ حسناً، ومن أين أتيت بهذا الكلام؟ هذا من أي شخص كان جالساً في مجلس وهكذا، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: "كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع" أخرجه مسلم. بين نارين، إذ
المفتي - نار النخبة كما تسميها - تتهمه أحياناً بالرجعية وأنه يفتي خارج عصره وزمانه عندما يفتي مثلاً بحرمة التماكين، ومثل ذلك تهم أخرى من قبل. الشباب المتشدد يتهم أيضاً هذه المؤسسات بأنها ممالئة للسلطة، لأنك تبدو من النخبة وممالئة أيضاً للسلطة، أنت من النخبة التي نتحدث عنها سيادة. أنا أسأل سؤالاً مخالفاً، طبعاً نعم، قضية التمثيل، أحد إخواننا أخذ فتوى أصدرها الشيخ هريدي سنة ألف وتسعمائة أربعة وستين ونسبها إليه، فبادرت بالكتابة. مقال في الصفحة الأولى في الأهرام لأوضح أن هذه ليست فتواي
وأن فتواي فيها كذا وكذا وكذا وكذا، وما زالت إلى الآن النخب تسألك عن شيء خاطئ وغير راضين أن يتركوا الخطأ الذي حصل في أذهانهم لأنهم لم يطالعوا، لم يقرؤوا، لا قرؤوني ولا قرؤوا الجريدة، فماذا نفعل في هذه الحال؟ إذاً هيا بنا في تفاصيل كثيرة، إن هذا التمثال المصنوع للعبادة فهو حرام باتفاق وكل علماء المسلمين في الأرض يقولون إنه حرام، وهناك ما هو مصنوع للتعليم، وهناك ما هو مصنوع للفنون، وهناك كذلك - حتى ما كتبته في الأهرام ليست فتواي بل هي فتوى الشيخ. جاد الحق علي جاد الحق عندما كان مفتياً
قبل ثلاثين سنة، فانظر إلى هذه الفوضى في التعامل، هذه فوضى في التعامل. أنا الذي أدعو إليه الإخوة الذين يسألونك هذه الأسئلة، الذين سميتهم النخب معي، أنهم يقرؤوا، لكنهم يأتون للدين فلا يقرؤون ثم يتكلمون. حسناً، هذا أمر خطير. ولذلك الإعلاميون الجادون يقرؤون. أنا رأيت أحمد فراج وهو يقدمني في "نور على نور" وكيف يعد البرنامج. أنا رأيت صلاح منتصر وهو يكتب. أنا رأيت المجهود الذي يبذله فلان وعلان وتركان ممن لا أريد أن أسميهم، وكتبت هذا في جريدة الوفد. قلت لهم إنني لست
غاضباً من الإعلاميين لأن الإعلاميين فيهم... جواهر ولست غاضباً من الإعلام لأنه وسيلتي الوحيدة للاتصال، وهذا يحتم علينا احترام الإعلاميين وتقديرهم وتعظيم من يسيرون بمهنية، وعلاقتي مع الإعلاميين في غاية الجودة، إنما أنا أنتقد من يكذب، والكذب في لغة قريش معناه الخطأ، والخطأ يحدث له إذا لم يقرأ جيداً قبل ذلك. لا تخط المقال، اقرأ فقط، ومتاح لك القراءة، لأن الأمور أصبحت كلها في شفافية وإتاحة، يعني متاحة. حسناً، هذه النخبة قد عرّفناها، خلاص عرفنا الراجح عليها. الطرف الآخر أيضاً الذي اتخذ موقفاً، يعني الآن يقول لك: "لا، أنا لا آخذ الفتوى من المؤسسات الرسمية"، لديه علماء آخرون ولديه
سوى. واثق متأثر بهذه النخبة حتى لو كان من تيارات متشددة. خلاص، هذه الطائرة ليست علمانية، يعني لا يعنيني الطيار المتشدد. يحتاج إلى علاج، إلى علاج نفسي وإلى علاج مجتمعي. الطيار المتشدد هو الدائرة التي يأتي منها الإرهاب، هذا قطعاً. خلاص عرفناهم، كلما تمسك ولداً إرهابياً تجد أنه كان متشدداً. ثم صار إرهابياً، فالذي يغذي دائرة الإرهاب هو دائرة التشدد. ثانياً، التشدد يخالف دين الله. فأنا ماذا أفعل؟ يعني في من يخالف الإسلام، ولا في من يخالف الإنسانية، ولا في من يخالف... أنا ضد كل هؤلاء بإسلامي. فأنا إسلامي واضح ووسطي، ومن أراد أن يأتي فليشرب من معين الكتاب والسنة. فعليه بالعلم،
والعلم متمثل في عملية معقدة كبيرة مكونة من خمسة أركان: الطالب، والأستاذ، والكتاب، والمنهج، والجو العلمي. هذا المركب يفتقده كثير من المتشددين ومن أشياخهم لأنهم لم يتعلموا على يد أستاذ، إنما قرؤوا مجرد كتب، ولأنهم لم يكونوا ضمن منهج، لأن هناك شيئاً يسمى العلوم الأساسية والعلوم المساعدة، ولأنهم لم يحدث لهم تربية مع التعليم، نحن نريد تربية وتعليمًا وتدريبًا، إنه مثلث. ولأنهم لم يفعلوا كل هذا فظنوا الشيء على ما أكملوه من ذهنهم. هذه مصيبة كبيرة أن يأتي الإنسان ويقرأ حديثًا ثم يُكمل من ذهنه دون أن يقف عند كل كلمة، ولا يعرف عمومًا من خصوص، ولا يعرف مطلقًا. من مقيد ولا يعرف
ناسخًا من منسوخ ولا يعرف أن يجمع بين دليلين ولا يعرف شيئًا في أصول الفقه ولا يعرف أي شيء، فهذا مثل العطار الذي ادعى الطب ومارس جراحة القلب المفتوح. أنا أقول إنه آثم حتى لو نجا المريض، فما بالك لو مات المريض، وهو ما يفعلونه، فالمتشدد... هذا يحتاج إلى علاج المؤسسات الدينية الرسمية. نجحت في تقديم هذا العلاج طبعاً. المؤسسات الرسمية عندنا في مصر في ألف وتسع مئة وخمسين كان لدينا في بر مصر ما لا يزيد عن سبعة آلاف مسجد، وكان لدينا خمسة عشر معهداً أزهرياً، وكان الذين في هذه المعاهد لا
يزيدون عن خمسة. عشرة آلاف طالب وكانت الكليات ثلاثاً. جامعة الأزهر اليوم ومن الناحية الكمية هي جامعة عالمية معترف بها في آفاق الأرض، وسأقول لك كيف أنها معترف بها: فيها سبعة وستون كلية، فيها أربعمائة ألف طالب، والأزهر لديه ثمانية آلاف معهد فيهم مليون ونصف طالب. تخيل بعد ستين سنة ينجح الأزهر. في المستوى الأول التعليم ما قبل الجامعي والمستوى الثاني الجامعة العريقة هذه، أنه يصل إلى هذا المجال، المساجد بدلاً من أن
كانت سبعة آلاف أصبحت مائة وعشرين ألف مسجد. حسناً، من الذي سيخطب الجمعة لو ظل الأزهر كما هو وتطور تطوراً طبيعياً وليس تطور قفزات حضارية ضخمة قام بها الأزهر؟ ورجاله نحن لا شأن لنا بالكلام. ومن ضمن ما يقوله أهل التصوف الصحيح: لا بد عليك أن تتخلى من الغفلة، والغفلة هي أن تصدق ما تسمع وتنكر ما ترى. انظر إلى كلامهم الجميل: "تصدق ما تسمع وتنكر ما ترى". وتنكر ما ترى. يا جماعة، لو أن الشعب كان على فكرة... الدولة المصرية لا تقوم ببناء المعاهد منذ زمن، منذ أربعين أو خمسين سنة. الذي
يقوم ببناء المعاهد هو الشعب، فمن خمسة عشر معهداً وصلوا إلى ثمانية آلاف وزيادة، والآن وصلوا إلى ثمانية آلاف وخمسمائة. أليس هذا الأمر عجيباً؟ أليس الشعب بهذا يكون متفاعلاً؟ هذا ما نراه من... خمسة عشر ألف واحد إلى مليون ونصف، هذا الذي نراه من ثلاث كليات إلى سبعة وستين كلية، هذا هو الذي نراه. بعد هذا تصدق ما تسمعه أننا في عزلة، ولذلك لا تُحل مشكلتنا. لماذا؟ لأنه غير واقعي. إذا ادّعينا أن هناك انفصالاً بين الشعب والمؤسسة الدينية، ما كان هذا حالاً. لكن هذا هو حالنا، ولذلك أي شيء ستفعله وتتخذ
قراراً بناءً على أن المؤسسة الدينية لا تأثير لها ولا عمل لها، وأنها في عزلة وفي غياب وعي، سوف تخرجه خاطئاً، لأن الواقع بخلاف ذلك تماماً بأمر مرئي بالعينين لا ينكره ذو عينين. حسناً، سآخذ فاصلاً وأعود إليك بعد الفاصل. إن كانت المسألة في قضية التطرف يعني محالة إلى سوء فهم النصوص فحسب أم إلى ظرف ومناخ وطقس أكبر من المحمل إلى مؤسسات الفتوى فعل من العروي فاصل قصير ثم نعود لمواصلة الحوار مع فضيلة الشيخ الدكتور علي
جمعة. فضيلة الشيخ يعني سوء فهم للنصوص تطرف فحسب أما أنه. ظرف ومناه، وبالتالي المطلوب ليس أن نصوب النظر نحو مؤسسات الفتوى فحسب، بل النظر إلى مجهود مجتمعي، مجهود من الدولة بشكل كامل، أساس هذا المجهود هو المؤسسة الدينية. بمعنى أن هناك أسباباً عدة وليس سبباً واحداً: الظرف التاريخي، والأوضاع الاقتصادية، وعدم فهم النصوص، والتيارات التي تأتي وترد من الشرق ومن... الغرب من التفريط والإفراط، هناك مجموعة كبيرة من الأسباب لما حدث في أوائل الثمانينات من جماعات العنف في مصر.
أُلقي القبض على نحو ستة عشر ألف متطرف دخلوا الشرطة وقتلوا الضباط وقتلوا الجنود وهكذا. ستة عشر ألف شخص منظمين، وهذا مرده إلى ما قبل ذلك في عصر رئيس. الراحل أنور السادات، ستة عشر ألف دولة تعاملت معهم المؤسسة الدينية عن طريق ما أسموه حينئذ في التلفزيون المصري وكان يقوم به المرحوم حلمي البلوك، أي ندوة الفكر، وذهب علماء المؤسسة الدينية إلى السجون وجلسوا مع الأولاد في جلسات مطولة كانت نتاج هذه الجلسات والتصحيح والصبر على ذلك واستمر هذا. الأمر
استمر ثلاث سنوات متصلة، حيث بدأ الأولاد يصححون أنفسهم، وبدأوا في كتابات ذاتية وأيضاً مراجعات. وكانت هذه المراجعات تحت نظر وسمع علماء المؤسسة الدينية، وقمنا بمراجعتها. وبعض هؤلاء المتطرفين التائبين يقولون: "لا، لم نركَ، لم يروني أنا". وأنا أرجح أن هذه المراجعات كانت تأتيني إلى المكتب، وكنت أراجعها، وهم لم يعلموا بذلك. بالطبع ليس ضرورياً، أنا لا أُثبِت حالة، لكنني أقول إن هذه المراجعات وافقنا عليها بعد مناقشات وبعد كذا إلى آخره، حتى اتضح أنهم هم أنفسهم لا يعرفون، وليس ضرورياً أن يعرفوا، وليس ضرورياً أن يُنسب هذا إلى المؤسسة الدينية أو غيرها، لكن هذه المراجعات تمت هكذا وأن الأولاد
أنفسهم. وبطريقة ذاتية أعادوا الفكر من لقاءات ثلاث سنوات وأعادوا المفاتيح فتبين لهم خطأ الطريق وتبين لهم أن ما توصلوا إليه من أحكام ومن أفكار هي منحرفة عن صحيح الدين وبدؤوا في كتابة قواعد استنبطوها من طول الفكر ومن المعاناة التي عانوها مع الكتب ومع الواقع وخرجوا باثنين وعشرين كتاباً وهذه الكتب طُبعت وأصبحت في متناول الجميع، وأصبحت التجربة المصرية تجربة رائدة لأننا استطعنا أن ننقل الإرهاب إلى التشدد أو التشدد إلى الجمود. على فكرة، هي دوائر متداخلة، من الصعب وقد يكون من المستحيل أن تنقل شخصاً من دائرة إلى الاعتدال. صعب، لا
صعب، لا أنا يمكنني الإرهابي من أنه... يسفك الدم حتى يكون متشددًا، لا مانع من ذلك. المتشدد هذا يندرج تحت حرية الرأي وحرية التعبير، وشخص متشدد في نفسه حر. من الممكن أن أنقله قليلًا من هذا التشدد، نعم يمكنني تعديله وجعله وسطيًا، فهي دوائر متتالية، وهذا هو مفتاح التجربة المصرية، أننا لم نقل إما أن يكون الشخص... يعني مائة في المائة، إما أن يترك الوصفة أو يشرب. نعم، الوصفة دعه يفكر، أعطه المفاتيح ودعه يفكر، أعطه الوصفة. وهذا ما حدث، أعطيناه المفاتيح في لقاءات متتالية عبر ثلاث سنوات، وأتحنا له المراجع. بعضهم خريج الأزهر، ولا واحد خريج الأزهر من الستة عشر ألف خريج، ولا. لا يوجد أحد، ولا أحد،
ولا أحد من المتطرفين في مصر كلها من خريجي الأزهر، ولا حتى شخص واحد، وهذه مسألة غريبة عجيبة جداً. لقد ذهلت منها لأنني كنت أظن أنه ما دام ما حدث هكذا، فلابد أن هناك شخصاً واحداً أو اثنين أو ثلاثة، لكن لا يوجد ولا شخص واحد، ولكن هناك ليس... مِنْ هذه الجماعة، ليس من الستة عشر هؤلاء الذين لوَّثوا أيديهم بالدماء. هناك مَن يُقبَض عليه ويجلس هنا ثم يخرج من الأزهر، وعددهم ثمانون شخصاً، وعددهم ثمانون شخصاً، لكن ليسوا من الستة عشر. بعد مدة ويستمر، مدة تستمر ثلاثة أشهر، أربعة أشهر، خمسة أشهر. ولماذا هكذا؟ لماذا يبحثون عنه؟ انتماءات يقابل أحداً من هؤلاء لا أعرف، أشتبه أنه قد يكون لديه أفكار من هذا القبيل، لكن الغريب العجيب أن الأفكار الإرهابية
لم تصب أحداً من الأزهر إطلاقاً حتى ولو شخصاً واحداً فقط. على فكرة، عدد علماء الأزهر الذين نستطيع أن نطلق عليهم أعضاء هيئة التدريس يقارب السبعة آلاف. في واحد من السبعة آلاف وليس واحداً في المائة، بل واحد من السبعة آلاف اسمه عمر عبد الرحمن. عمر عبد الرحمن ضرير فلم يشترك في ذبح ولا قتل ولا غير ذلك إلى آخره، وإنما بارك هذا وهو - فرج الله عنه - محتجز هناك مع الأمريكان، الأمريكان أهداه الله أنه... ربنا يفرج عنه وينتهي من حبسه، نحن لسنا ضد أحد، ولكن أنا أريك كيف المنهج الأزهري محفوظ
بهذا الحفظ الغريب. ثمانون شخصاً فقط ليس لهم علاقة بالإرهاب، لهم علاقة ربما بالتشدد أو بالجمود، ويخرجون، لكن الستة عشر الذين بقوا، ستة عشر ألفاً الذين بقوا، لم يكن فيهم واحد أزهري. طيب المؤسسات. الدينية التعليمية أنا أريد فقط هنا هذه النقطة، حسناً وماذا يعني هذا؟ أن الأزهر قام بدوره، يعني عندما يكون أولادي لا يستطيع أحد أن يخدعهم، هذه مسألة مهمة جداً، هذه مسألة عظيمة جداً، حتى لا تقولوا دعونا نزيل الوصف لأن لدينا مؤسسات دينية تعليمية، مؤسسات تعليمية موجودة في العالم الإسلامي وخرّجت. أناس من كانت تُصنَّف وهم أصبح لدينا هم متطرفون، فأصبح كما تحدثنا عن سر الوصفة في الأزهر، يعني لا، أنا لدي في العملية التعليمية خمسة أركان وليس ركناً واحداً: من الأركان الأساتذة، ومن الأركان الكتاب، ومن الأركان المنهج، ومن
الأركان الطالب نفسه، ومن الأركان الجو العلمي الذي أنت. تحيط به، تكون أي مؤسسة علمية ترى أن الخريجين فتنوا في مثل هذا، يكون هناك خلل في أحد الأركان يجب أن نراجعه. لماذا؟ لأنه لدينا تجربة وتجربة قوية لجامعة عريقة حصل فيها هذا، فيجب علينا أن نتعلم منها أن هناك خللاً هنا نبحث عنه. ما الخلل لأنني لا أملك القدرة على إحصاء إن كان هذا موجوداً فعلاً أم لا. يعني أنا لا أصدق كل ما أسمعه، أريد شيئاً واقعياً أعيشه لكي أعرفه. ربما يظن أنك تدافع عن الأسهل في ظل الهجوم الكثيف عليه، ربما انتهى دوره هكذا، ربما، ولكن رأينا شواهد قوية بتعدد. من دوره في المرحلة القادمة ولا شيء ربما، فإذا
لم يرَ الناس هذه الأرقام وإذا لم يرَ الناس هذه الحقائق، قد تنكر الشمس ضوء الشمس، قد تنكر العين ضوء الشمس من رمد، وينكر الفم طعم الماء من سقم. المفتي حرفي صنعة طبعًا، وكلمة صناعة مستعملة حتى في كتب الأقدمين، فالصناعة تحتاج إلى دُربة، فما هو الصنايعي معناه؟ أنه متدرب. وفعلاً أنا عندما وضعني الشيخ جاد الحق رحمه الله في لجنة الفتوى في الأزهر تدربت كثيراً وعرفت. كنت حينها أستاذاً مساعداً في الجامعة، ولكن التدريس شيء، والتأليف شيء، والموعظة والخطابة شيء، والإفتاء شيء، لأنك في الإفتاء تتعامل مع هذا الإنسان، لو أفتيته ووجهت له فتوى بأداء معين، أحياناً
يخرج فيهدم بيته، أو يخرج ويحاول الانتحار، أو يخرج وذهنه مشغول فيصطدم بسيارة. المعنى الإنساني يأتي في هذا التدريب بأنك يجب أن تهدئ باله، لا بد أن تعيش معه المشكلة، لا بد أن تنزله منزلته. الابن انتبه لو أن ابني ارتكب خطيئة ماذا أفعل؟ إنها مصيبة، ولكن الحنان والشعور بالأمان هو الذي سيبدأ به المفتي. إنه مثل الأب مع ابنه ومع ابنته. قد يكون نعم آتياً إليك مخطئاً أو آتياً إليك في بلاء أو غير ذلك، إلى آخره، لكن هناك
جانب إنساني في الإفتاء هذا. الذي نزع من إفتاء الفضائيات جانب عناية المفتي. نعم، الجانب عناية المفتي يحب صديق الشيخ. في مفتين آخرين غير المفتي الذي ينبغي أن يكون. الذي مكتوب في الكتب أيضاً نموذجي. النموذج، نعم، الذي هو مكتوب في الكتب، الذي مكتوب عند النووي وابن الصلاح، الذي مكتوب عند القرافي، الذي مكتوب أنه. هذا مفتٍ، متى يكون مفتياً؟ فاشترطوا فيه شروطاً. هذه الشروط عندما تأتي، ما اسمها؟ أدب المفتي والمستفتي. ابن حمدان يقول: أدب المفتي. فالمفتي له أدب، الأدب الذي هو اللياقة واللباقة والتدريب الذي نسميه التدريب حالياً. لكن هذا المفتي الذي مكتوب، السلف الصالح تركونا بوضوح أن شروط الإفتاء هي هكذا. طيب فضيلة الشيخ، يعني الفتوى للأفراد تختلف عن الفتوى
في قضايا الأمة وفي القضايا السياسية. الفتوى الأخيرة، وهي فتوى قضايا الأمة والقضايا السياسية، فتوى معقدة تحتاج إلى وضع خاص. المفتي الذي يُفتي بهذه الفتوى، وكما تقول أنت إن المفتي عندما يُفتي يكون أمامه مقاصد الشرع ومصالح الناس والعصر وقضايا العصر. ألا تعتقد أن دور المفتي الفرد انتهى لصالح دور المفتي المؤسسة خاصة في قضايا الأمة وقضايا السياسة؟ ليس لدينا القدرة على أن نُحيل كل هذه الأسئلة للمفتي المؤسسة. المفتي المؤسسة موجود والمفتي الفرد موجود ونحن في حاجة إليهما. قضايا الأمة تُحال للمفتي المؤسسة، وقضايا الناس اليومية التي لا... تنتهي هكذا تذهب للمفتي الفرد، والمفتي الفرد معه من الأدوات ما يستطيع أن يقوم
بالمهمة، لكنها ليست ثنائية نأخذ هذا أو ذاك، لا، نحن نأخذ الاثنين. فمفتي الفرد هذا لا يزال موجوداً ويؤدي وظيفته ويقدم منفعة للناس وخدمة، ومفتي المؤسسة ينبغي أن يتقوى وأن يقوم بمهام الإفتاء. للأمة وأن يتَّحد أيضاً إفتاء الأمة. طيب، الفتوى السياسية تحديداً يعني كما كنت أتحدث معك قلت لك أن الفتاوى التي أحدثت نوعاً من البلبلة في الرأي العام كانت هي الفتاوى المتصلة بقضايا سياسية كبيرة مثل كامب ديفيد، والفتوى في جواز الاستعانة بالمشركين. كيف تنظر للفتاوى السياسية من هذا النوع في خضم الجدل الدائر في العالم الإسلامي، إذ إننا وقد يكون هذا دفاعاً عن دار الإفتاء، فدار
الإفتاء أصبحت مؤسسة، ولذلك لم يصدر منها هذا، لم يصدر منها دخول في ما لا تدرك واقعه. في مرة من المرات أرسل شخص سؤالاً عن تصدير الغاز لإسرائيل، فقلت له. لابد أن أعرف واقعاً ماذا تقصد بتصدير الغاز لإسرائيل؟ فهذا قد يكون لصالحنا، وقد يكون ضرراً لنا. قد يكون لصالحنا الآن وضرراً لنا بعد ذلك. وقد يكون ضرراً لنا الآن لكن لنا مصلحة بعد ذلك. إنها عملية معقدة جداً. قل لي، أفهمني الصورة لأخبرك بشيء، لأنه... كل الشرع مبني على الاتزان بالمقاصد وتحقيق المصالح وعدم الخروج عن النص الشرعي، فلم يُجب له وكانت الفتوى خرجت هكذا أنني لا أعرف، لا أدري.
نعم، بعض الكاتبين يكتبون في حرب، هم أحرار، هذا حقهم وعليهم أن يحاربوا بهذه الطريقة التي هي عرض الآراء، وهذه الآراء يلقاها رأي. ثانياً ويقول لا، إنني أرى وأرى وأرى وأرى، ولكن المفتي يتدخل هنا ويحكم بأن هذا حكم الله سبحانه وتعالى سواء لهذا الطرف أو لذاك الطرف أو لأمر آخر، فلا بد إذا أردنا منه هذا أن نطلعه على حقيقة الأمر، وحيث أنه لم يطلع فإنني لا أدري ومن حرم. لا أدري وتجربتي في مقتله، ولذلك كانت هذه الفتوى قوبلت كثيراً جداً بالقبول والاستحسان، وأنه نعم، هذا المفتي قال: "لا أدري". فهناك فرق أيضاً بأن نسمي
كل واحد مفتياً، فستأتي أيضاً مشكلة أخرى، يعني أنا أريد المفتي لا بد أن يكون معه الأدوات التي يدرك بها المصادر الشرعية، فصاحبنا... الذي يعمل - مع احترامي الشديد للمهن جميعها - يعمل طبيباً ويعمل مفتياً بعد الظهر، أو يعمل سباكاً أو يعمل بقالاً ويعمل مفتياً في التلفزيون، هذا لا يُقبل لأنه تخصص وتقسيم للعمل، وليس هناك شيء اسمه "أنا أعرف". حسناً، المفتي الذي يعمل في العلوم الشرعية، نعم العلوم الشرعية إن... يأتي فيطرح مشكلة متصلة بمشكلات الطب، نحن نقول له: أنت مريضك لا تعرف ولا تستطيع أن تتوقف عند أحد حتى يأتي الطبيب. أنا أقول لك الثلاثة: إدراك المصادر وإدراك الواقع، ولذلك في المجامع وعندنا حتى في دار الإفتاء عملنا بروتوكولات كثيرة مع المركز القومي للبحوث لأجل المسائل الكيميائية والفيزيائية والطبية. عقدنا مع جامعة عين شمس
بروتوكولاً، كما عقدنا مع البنك المركزي بروتوكولاً لفهم الاقتصاد. فعلنا ذلك لأنني عند وصف الواقع لا بد أن أستمع للخبير وأن أحضره وأقول له: "حسناً، سأفتي بكذا، هل سيحقق المصالح أم لا؟" فيجيبني بنعم أو لا، فأعود وأتراجع إذا كان هذا هو نهج المؤسسية التي تراجعت عن... كم فتوى نعم تراجعت عن كم فتوى؟ أنت بالتحديد أفتيت فتوى معينة ثم تراجعت عنها. أنا أتذكر أنني تراجعت عن فتوى لأنها أصلاً لم تصدر إلا بعد هذه الإجراءات الطويلة العريضة، وهذا تراجع عن الفتوى. قد يحدث التراجع عند تغير الزمان وتغير القضايا التي سُئلنا فيها قبل ذلك بوجه آخر. لكن صدرت مني فتوى عامة ومنظمة وهكذا ثم رجعت عنها، لم يحدث ولم
تصدر فتوى، وتغير الزمان تغيراً ينبئ بأن هذه بهذا الشكل. أما المقارنات فلو حاسبتني بما ينشر، نعم هذه مسألة مثل التماثيل، هذه تماثيل، لم أقل هكذا إطلاقاً، أو مثل نقل الأعضاء، أنا لم أقل. ما قالوه هذا مثل لا أعرف ماذا أبداً، لم يحدث، وكل هذه الأشياء جمعتموها لتكون مستندات. المستند الأصلي هنا، والمستند المحرف هنا، والمستند الذي رددت فيه على المحرف إحالة للأصلي هنا. وقد عملت أرشيفاً ليكون فيه توثيق، لأن المسلمين في الحقيقة اهتموا بالتوثيق جداً، وثّقوا القرآن ووثّقوا السنة. ووثقوا
العلوم في شيء يسمى السند، ولذلك أنا أريد إرجاع ثقافة السند هذه، أن تخبرني من أين أتيت بهذا الكلام. جميل، معروف عنك أنك متصوف، يعني لديك طريقة صوفية وتلتزم بها، وعندما يأتي أحد من الاتجاه الآخر، وليكن عنده توجه سلفي مثلاً، أولاً يقف بينه وبينك، يعني كمفتي أنك... متصوف وهو سلفي وأنك تهاجم السلفية باستمرار. الحقيقة أن السلفية التي عرفناها فيها التصوف قديمة شديدة، ظننت نعم قديمة يعني قديمة جداً. حسناً، أنا أعرف الآن ما هي هذه السلفية. أهي ذكاء قديم أم حديث؟ يعني الآن السلفية حينما مثلاً... لا لا، عند السلفيين المعاصرين يرفضون التصوف جملة وتفصيلاً.
كيف؟ السعودية لكن... أيام ابن تيمية لا غبار عليها، يمكن أن يكون كلامك طيباً. وفي السعودية عندما أصدر الشيخ عبد الرحمن قاسم، رحمه الله تعالى، سبعة وثلاثين مجلداً بأمر الملك عبد العزيز، وما زالت تُسمى "فتاوى ابن تيمية"، الجزء العاشر في السلوك والجزء الحادي عشر في التصوف، وهم يسمونها هكذا، "التصوف" مكتوب عليها هكذا، وهناك أحد. ألّف الإخوة كتاباً لطيفاً عن أقوال أئمة السلفية في السادة الصوفية، وجمع النقول وذكر المفسرين وسادتنا الصوفية وكذا وكذا وكذا. هذا الذي نعرفه تصوف تاريخي. كيف يكون تاريخياً؟ يعني لا يضر التصوف الحقيقي. لا، دعني أخبرك لأريحك: لأنهم قد يُشددون على الطرق وليس على التصوف نفسه. لا أحد... لم أرَ أحداً يتشدد على التصوف الرشيد، التصوف السني، التصوف الشائع
عندنا هذا بأنه هو العلم الذي حمى مرتبة الإحسان "اعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فهو يراك". أظن أن أحداً لا يعترض عليك، يعني لا يوجد شيء، لكن نعم لا يوجد شيء كما لا يوجد شيء. وإنما لكن قد يكون الاعتراض من بعضهم على قضايا الطرق في طرق تُظهر التصوف ضدها لأنها طرق دنيوية، وهناك طرق تُظهر معتمدة وطرق طيبة. والانتقاد الداخلي هذا ما بين أهل الطرق هو انتقاد ذاتي موجود، وهناك طرق تنعى على طرق أخرى وتقول: لا، أنت هكذا تسير بشكل خاطئ لأنك المقياس. هو الكتاب والسنة، فإذا كنت تتبع الكتاب والسنة فطريقنا مقيد بالكتاب والسنة، وإذا كنت بعيداً عن الكتاب والسنة فلا نقبلك تحت أي اسم. هذه
القضية واضحة جداً. حتى عندما يأتي شخص متشدد وينكر التصوف بالجملة، فهذا له سلفيون وله صوفيون ولا علاقة له بنا إطلاقاً، فهو غير مدرك للأمور. العالم الإسلامي الآن هناك حديث عن الإعجاز العلمي في القرآن الكريم، البعض يعتقد أن ذيوع مثل هذه المدارس ما هو إلا لون من ألوان التعويض النفسي، بمعنى أن تأخر المسلمين عن الحضارة المعاصرة مع الاكتشافات والعلوم جعلهم يلجؤون لمثل هذه المدارس كلون من ألوان التعويض النفسي، يقول لك إذا كان أصلاً أنت هذه النصوص موجودة، هذه الاكتشافات موجودة في القرآن، لماذا أنت منتظر حتى يأتي الغربي ويكتشف وأنت تقول إن هذه المسألة بنصها موجودة في القرآن الكريم؟ هذه المسألة لها
مداخل كثيرة ولها تنوعات في الكتابة، وقد حاول مجمع البحوث الإسلامية أن يُشكل لجنة للإعجاز العلمي حتى يدرس هذه القضية. بحالها وجد هناك أكثر من مائتين وخمسين كتاباً مؤلفاً في الإعجاز العلمي وصنّفهم، والتصنيف بيّن أن مفهوم الإعجاز العلمي ليس واحداً في أذهان الناس بل هو مفاهيم مختلفة، الذي يعني لَيّ النصوص من أجل موافقة نظرية ما أو من أجل القول بأن كل مخترع وجديد ومكتشف إنما هو موجود في القرآن الكريم هذا مرفوض ومن سلك هذا المسلك هو سلك مسلكاً خاطئاً، أيضاً هناك من يتأوّل النصوص جداً من أجل أن يخرج منها شيئاً، ولكن الذي
حاصل هو أن الإعجاز العلمي في القرآن يتمثل في مرونة الصياغة، الصياغة القرآنية لا يمكن أن تكون من عند بشر وذلك لأنها تشتمل على كل الأسقف المعرفية عبر التاريخ، سأعطيك مثالاً واحداً نظراً لضيق الوقت. قال تعالى: "والشمس تجري لمستقر لها". البدوي عندما يسمع هذا لا يكذبه لأن الشمس لها حركة ظاهرية، ترتفع أمامنا. وحتى الآن عند جميع البشر، تشرق من المشرق وتذهب إلى المغرب، فهي تتحرك ونراها بأعيننا هكذا أنها تتحرك، ولكنها حركة كما يقول. أهل الهيئة والفلك يميزون بين الحركة الظاهرية والحركة الحقيقية. فالحركة الحقيقية هي أن الأرض هي
التي تتحرك حول نفسها، والشمس تجري لمستقر لها. عند سقف معرفي معين، سيفسر المرء ذلك بأن الشمس تتحرك، لكن عندما اكتشفنا أن كرة الأرض في مكان ما تدور حول الشمس، وأن الشمس هي الثابتة، وأن هناك دورة يومية قدرها أربع وعشرون ساعة وسبعة. عشر دقائق وأربع وعشرون ساعة إلا سبع عشرة دقيقة عبر السلاح إلى آخر ما هنالك، أصبح الكلام له معنى آخر. في ذات الوقت اكتشفنا أن الشمس تدور حول نفسها وتجري حول نفسها، وفي ذات الوقت اكتشفنا أن الشمس تأخذ مجموعتها وراءها وهي متجهة إلى نجم فيجا بسرعة اثني عشر ميلاً. في الثانية أصبحت الشمس تجري أيضاً في سقف المعرفيين، آخر الغريب أن النص لم يتغير، فمن
الذي أنشأ نصاً قادراً على استيعاب الأسقف المعرفية كلما ارتفعت وما زال كما هو؟ قضية الخمسة من الغيب وعنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب وما تدري. نفس بأي أرض تموت فتلاحظ أنه عبّر هنا بأنه يُنزِل الغيث وبأنه يعلم، ثم جاء السونار فعرفنا ما في بطن المرأة، ثم جاء المطر الصناعي أو التنبؤات الجوية والتوقعات المستقبلية، كل هذه الأشياء يحتملها النص. لو نظرت إلى شيء آخر أو صياغة أخرى تجد أنك أمام صياغة مبهرة. إعجازية لا يمكن لبشر أن يأتي بها لأنها
استوعبت وتحملت كل الأسقف المعرفية عبر التاريخ، فهذا هو معنى الحقيقة العلمية، حقيقة متغيرة والنص القرآني نص ثابت. يُدخلنا مثل ورود مثل هذه الأبواب في هذه الإشكاليات، هو في الحقيقة اتفق العلماء من أهل العلم أن الحقيقة لا تتغير وإنما يُضاف إليها. قوائم المثلث مائة وثمانون درجة، أي قائمتان، فقال أحدهم: "لا، يمكن أن تكون أكثر"، وقال آخر: "يمكن أن تكون أقل عندما يكون الضلع ليس مستقيمًا، إما أن يكون مقعرًا أو محدبًا". هذا كلام آخر، هذا أضاف إلى الحقيقة، لم ينقض الحقيقة، ما زال المثلث زواياه مائة. وثمانين درجة وهذا أضاف كل ما ذهب إليه إقليدس
في الهندسة. لم يأتِ نيوتن ليهدمه، بل أضاف إليه قوانينه، ثم لم يأتِ أينشتاين ليهدمه، بل أضاف إليه بُعداً آخر وهو بُعد الزمن والنسبية. لا توجد حقائق ينقض بعضها بعضاً ما دامت وُصفت بأنها حقائق، فالاكتشافات والأفكار الجديدة توسّع الدائرة. وما زالت الدائرة الأصلية موجودة، وما زلنا نبني بناياتنا بأساسيات إقليدس إلى الآن. يعني ما تخاف أنت من توسع نشاط لم يحدث. عندما ترى مثلاً في تاريخنا الفكري من يفسر الطير الأبابيل بمرضى الجدري، هذا مرفوض لأنه هو نوع التأويل الذي ذكرته لك فضيلتك يا شيخ في... الختام: أنا عندي سؤال أخير. هناك اهتمام كبير جداً بالحوار، الحوار مع
الآخر. قد يقول قائل: "يا أخي، أنتم في البداية حاوروا أنفسكم، حاوروا أنفسكم كجماعات وكطرق وكمذاهب فكرية، بعد ذلك تعالوا إلى حوار الآخر". في الحقيقة، هذا المفهوم الخطي مفهوم غير واقعي، أن نفعل هذا أولاً ثم ذاك بعده. هكذا هذا مفهوم غير واقعي. العالم كله انفتح وأصبحنا في الجوار، أصبحنا في جوار أمريكا وفي جوار اليابان، ولذلك نحن نعمل. لا بد أن يكون الحوار داخلياً، ولا بد أن يكون الحوار خارجياً، ولا بد أن ندرك قضية الشبكة، شبكة فيها علاقات كثيرة ومتنوعة، وفي نفس الوقت لا أحد قال. إن نحضر خيطاً مثل هذا ونستخدمه لكي نصطاد السمكة. ترتيب الأولويات طبقاً للجهات، أي الحوار الداخلي، نقوم بالحوار الداخلي ونرتب فيه الأولويات، والحوار الداخلي الخارجي ونرتب فيه
الأولويات. فكلمة "ترتيب الأولويات" ليست كل هذا، فهذا كله مبني على مفهوم غربي وهو الثنائية، أي الليل والنهار، صفاء الشتاء الأبيض. والأسود، ليس ثنائيًا، فهو مجموعة من الخيارات وليست ثنائية أبدًا في هذا المجال، والحياة مبنية على ذلك. شكرًا جزيلًا فضيلة الشيخ الدكتور علي جمعة، ساعدنا بالحوار معك. شكرًا للسادة المشاهدين، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.