لقاء الجمعة | الحلقة 7 | أ.د. علي جمعة

لقاء الجمعة | الحلقة 7 | أ.د. علي جمعة - مجلس الجمعة
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. اللهم اشرح صدورنا واغفر ذنوبنا واستر عيوبنا وافتح علينا فتوح العارفين بك وعلمنا الأدب معك واسلك بنا الطريق إليك وأعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، مع الأحكام الفقهية المرعية الشرعية، نعيش هذه اللحظات حتى. تتنزل علينا السكينة من عند رب العالمين. يسأل سائل فيقول في مسألة الأضحية والعقيقة:
كانت عندنا بقرة واحدة فاشترك فيها رجل بثلاثة أسهم؛ واحدة أضحية والثانية عقيقة عن ابنه، واشترك أخوه معه بسهمين وجعلهما أضحية، واشترك آخر معهما. البقرة عن سبعة، فالسبعة هذه رقم واحد عاملها ثلاثة ورقم اثنين أنها... لنيات مختلفة؛ واحد جعلها عقيقة وجعلها أضحية، والثاني جعلها نذراً كان عليه، والثالث جعلها لله نافلة. هل يجوز؟ نعم يجوز
في حالة الاشتراك في بقرة واحدة. سؤال يقول: هل يجوز وأنا حائض أن أزور أولياء الله؟ نعم يجوز وأنت حائض أن تذهبي لزيارة المقابر أو زيارة الأضرحة للأولياء. الله الصالحين وهو من شيخ الإسلام البرهان الباجوري الشافعي ينهى عن الوضوء من أجل التوجه، يعني أنت ذاهب لزيارة ولي من أولياء الله الصالحين حياً أو ميتاً، فقال لك لا تتوضأ. طيب، افترض أنني ذاهب إلى المسجد، طيب، لا بد من
الوضوء لأجل الصلاة، فأصبح الوضوء لغرض ماذا؟ لغرض الصلاة. المسجد لأنك عندما تدخل المسجد سيكون عليك تحية ويكون كذا إلى آخره، لكن ليس لأجل غرض الزيارة. والخلاصة أنه يجوز زيارة أولياء الله الصالحين والأقارب في المقابر مثلاً، ولا يُشترط في ذلك لا الطهارة من الحدث الأصغر ولا الأكل، ولكن لا يجوز دخول المساجد في حالة الأضرحة وهي حائض، فستزور. من الخارج فالزيارة غرضها أن ندعو لها وغرضها التماس البركة وغرضها التذكر بالآخرة لأنه قال: "كنت نهيتكم عن زيارة القبور،
فزوروها فإنها تُذكِّر بالآخرة". فأنا ذاهب لكي أتذكر الآخرة، وهذا التذكر على كل حال. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل حال، يعني حتى لو كان... جُنُباً فالحائض هي في قوة الجُنب، تذكر الله وتطلب منه المغفرة وتدعو الله سبحانه وتعالى ويلهج لسانها دائماً بذكر الله، فهذا لا بأس منه. سؤال: هل الحج يغفر جميع ذنوبه؟ الإجابة: نعم، يغفر جميع الذنوب. قال لي: حسناً، ولكن ماذا عليّ؟ لأنني لم أكن أصلي. فهل يغفر عدم صلاتي؟ نعم، يُغفر
عدم صلاتك، ولكن بعدما ترجع من الحج إياك أن تترك الصلاة. تصبح صفحة جديدة مع ربنا، لا ترجع وتقول: "حسناً، سأحج كل سنة، وكل سنة سأترك الصلاة وأذهب لأحج وأطهر نفسي". توجد عقليات كهذه، احذر، إياك، أنت هكذا تستهين بالدين. إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً. نعم، الحج يغفر كل الذنوب بشرط أن ترجع فلا تذنب، أي تبدأ حياة جديدة. وكذلك نفس السؤال سنجيبه من عندنا هكذا: قال: أنا كنت مغتصباً قطعة أرض من إخوتي في الميراث فدانين، وذهبت لأداء
الحج، فهذا الاغتصاب هل يغفره الله لي؟ نعم يا ربنا يغفر لي لكن يجب عليك أول ما تعود أن ترجع الفدانين لإخوانك، لأنك سافرت دون أن تردها. قال لي: حسناً، أنا أحج كل سنة وأبقي الفدانين في حضني ومعي، فيكون مستهيناً بكلام غير جيد. فتصبح القضية يا جماعة قضية ماذا؟ قضية التعامل مع الله. أين قلبك؟ الضارع إلى الله المتعلق به سبحانه وتعالى المراقب لخلجات نفسه له سبحانه وتعالى، فالحج يغفر كل ذنوبه، ولكن عند العودة تبدأ حياة جديدة، جِدَّة حياتك مع الله وتصلي الفرائض.
وهذا قال: "طيب، أنا لست قصدي هكذا". قلت له: "إذاً ما قصدك؟" قال لي: "قصدي أنني لا أريد أن أعيد الذي..." لقد مضى أني حججت وبدأت صفحة جديدة وعدت وصليت وسأنتظم في الصلاة، لكن الثلاث أو أربع أو خمس عشرة سنة أو عشرين سنة الماضية لست قادراً على إعادتها. قلت له: الأئمة الأربعة يقولون هذا دين في رقبتك ويجب عليك أن تعيدها مع كل صلاة، صلِّ صلاة وتزكَّ مع الله لو ذكي تفعل هكذا. قال لي: لماذا؟ قلت له: لأن هذه الصلاة أفضل من السنة، فالفريضة أعلى في الثواب وأفضل
من السنة. "وما تقرب إليّ عبدي بأحب مما افترضته عليه". أنت صليت الظهر وتقوم لتصلي أربع ركعات سنة، هذه الأربع ركعات ستأخذ عليها عشر ثوابات، عشرة في أربعة بأربعين، أما الفريضة عليها ألف في أربعة بأربعة آلاف يعني أنت أحمق أم ماذا؟ والله ما الأربع ركعات هي الأربع ركعات، إنما الأعمال بالنيات. اجعل قلبك الذي يضيف فريضة. قم تأخذ أربعة آلاف وتلك هي السنة. فلماذا أنت غير راضٍ؟ أولاً: سدد ما عليك من ديون، وثانياً: اطلب الأعلى في الأجر. أنت نفسك أجر، لماذا؟ فإذا كان الذكاء مع
الله، فمع من هو واقف؟ مع كلام الأئمة الأربعة. قال له: انظر، أنا بدوي. قلت له: ماذا تعني بدوي؟ هل اسمك بدوي؟ قال لي: لا، أنا مثل البدوي الذي جاء إلى الرسول وقال له: والله لا أزيد عليه ولا أنقص، وأنا لا أصلي خلافاً، أنا أصلي الأربع ركعات بصعوبة التي هي الفرض يعني التي هي الأساسية، فكيف أصلي أربع ركعات سنة أخرى أو أربع ركعات فريضة مما عليّ؟ أنا لن أستطيع أن أفعل ذلك. قلت له: قلّد من أجاز، فهناك علماء في الأمة لهم رأي إسلامي يقولون إن هذه السنن أو حتى ما... ليس صحيحاً أن السنة الماضية ماتت. الأئمة الأربعة يقولون إن ما فات لم
يمت، وهذا مذهب ابن القيم ومذهب أحمد بن حنبل في أحد أقواله. قال البعض: لا، ما فات قد مات، لأن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً. فأنت ما دامت علاقتك مع الله تبنيها وتريد الاستمرار فيها، ونحن استمر في هذا، ودع عنك كلام الأئمة الأربعة، وخذ بكلام ابن القيم لأن لديه أدلة، فقد جمع مائة دليل عليه، والآخرون ردوا عليهم. الراجح والأزكى هم الأئمة الأربعة. لماذا تنبهر الأمة بهم؟ لأنهم منتبهون لما سيحدث من تجارب. هذا رأي موجود، رأي في الإسلام، فلا مانع من أن تأخذ به. لم يجرِ شيء.
يسأل ويقول: "حسناً، أنا حججتُ هذه السنة وأريد أن أعرف هل تقبّل الله حجتي أم لا؟" اطمئن، الله كريم، قد تقبّل حجتك، خلاص. الدور والباقي عليك أنت. ذهبت وحججت وتُقُبِّلت حجتك، لكن أين أنت؟ أين أنت؟ أين أنت من الذكر؟ أين أنت من الدعاء؟ أين أنت أين أنت من معاملة الناس معاملة حسنة؟ أين أنت من إتقان العمل؟ أين أنت من المداومة عليه؟ أين أنت من التوقف عن سماع الشائعات والكف عن اللغو والكذب طوال النهار والليل؟ أين أنت؟ لا تخف، فربنا في
الحج وقبله غفر لك كل ما سبق، وأنت الآن تفسد ما غفره الله السؤال: ألا يكون هكذا، هل قبل الله حجتي أم لم يقبلها؟ نعم قبلها يا سيدي، قبلها بالنصوص، وأن الحج يغفر كل الذنوب، وأنه يُخرج الحاج من ذنوبه كيوم ولدته أمه. لكن القضية ليست هكذا، القضية أين أنت؟ هذا هو السؤال. يرجع من الحج ثم يسأل ويقول: أختي لا تصلي وتقول كلما بدأت في الصلاة وجدتها ثقيلة جداً عليها
فتتركها وتعود مرة أخرى لتصلي، تستمر يوماً أو يومين ثم تتركها مرة أخرى لأنها ثقيلة عليها، فهي غير قادرة، متضايقة ومختنقة. ماذا نفعل؟ مشايخنا أرشدونا إلى أمرين: قالوا لنا أولاً أكثروا من الصلاة على النبي خارج الصلاة، إن الصلاة تنهى عن الفحشاء ذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ، يَعْنِي كَانَ ذِكْرُ اللهِ أَكْبَرَ مِنَ الصَّلَاةِ، فَتُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ، وَلِمَاذَا الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ؟ لِأَنَّ كُلَّ الْأَعْمَالِ بَيْنَ الْقَبُولِ وَالرَّدِّ إِلَّا الصَّلَاةَ عَلَى الْجَنَابِ
الْأَجَلِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَيَا قَوْمُ، رَبُّنَا سَيَقْبَلُ الصَّلَاةَ، سَيَقْبَلُ الصَّلَاةَ لِأَنَّهَا مُتَعَلِّقَةٌ بِالْجَنَابِ الْأَجَلِّ، مِنْ أَجْلِهِ، مِنْ سيدنا النبي فعندما يقبلها منك يرضى عنك فيوفقك، حسناً، والأمر الثاني، الأمر الثاني هو الاستمرار. وكان يحكي لي شيخي قال: كنت أنزل من البيت متوجهاً إلى المسجد للصلاة - وهو شاب - فوجدت كأن - هذا تعبيره هو رحمه الله - فوجدت كأن كيسين من الأسمنت في رجلي، يعني رجله
الخطوة التي بعدها، رجله الثانية لا يستطيع نقلها للخطوة التي بعدها، كأنهما شُلّتا تماماً. فيقول: "ما هذا؟ أنا لماذا أصبحت هكذا؟" فيلتفت ويوجه وجهه نحو البيت، وهو الآن وجهه نحو المسجد، فيجد نفسه كالحصان السريع يجري. فقال لنفسه: "الله! أنت الذي تفعل بي هكذا يا إبليس؟" طيب أنا ذهبت إلى المسجد، ذهبت إلى المسجد بهمة وتصميم، أمشي فأجد ماذا؟ الإسمنت... إسمنت ليس إسمنت. سأذهب ولو زحفاً، ظل يمشي ويمشي بعناد، وهي الحالة التي كانت عليها هذه الأخت. انفك عنها [ما بها]، ثم جاء أمام المسجد وذهب فانفك
له [ما به]. هذه الأمور يا إخواننا تحدث، تريد أن تصده عن الخير، ففي هذه الحالة النفسية التي تأتيك تصدك عن الخير. ماذا تفعلين؟ أولاً: نستعين بالله، ثانياً: نستمر. أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل. هو استمر في الطريق فوصل، فهذه نقطة مهمة جداً لابد أن تنتبهوا لها. يقول: أثناء فترة الإجازة الصيفية لا. نذهب إلى المدرسة يعني هو مدرس، وفي الإجازة يأخذوننا فيما كنا نسميه ونحن صغار "فسحة". ماذا تعني الفسحة؟ تعني إجازة الصيف، لكن
لابد أن يكون هناك شخص ما في المدرسة، فقد يأتي أحد ليقدم ورقة، أو ليسأل سؤالاً، أو لأمر آخر، فلابد أن تكون المدرسة فيها حياة، ولهذا حضرت. الناظر أو مدير المدرسة ينظم لهم هذا الأمر، فواحد يقول له: أنا ذاهب لقضاء عطلة أسبوع، وآخر يقول له: أنا مسافر إلى البلد، وآخر يقول له: كذا وكذا، فينظم لهم ويقول: حسناً، أنت تعال في الأسبوع الفلاني، وأنت خذ إذناً لمدة أسبوعين وربع، وأنت كذا. يعني يتساءل: هل راتبي حلال أنا أتقاضى راتباً، فهل التقسيمة التي قام بها المدير هذه حلال أم حرام؟ فلنرجع إلى فقهائنا. ماذا
يقول فقهاؤنا؟ يقولون لك إن العمل على نوعين: لتحقيق نتيجة أو لبذل مجهود. احفظ هذا جيداً، فالعمل أي عمل يكون على نوعين: نوع يُطلب منه بذل المجهود وليس النتيجة. عندما حضر العوام الدروس قام المشايخ بتوضيح ذلك مثلاً، فيقول لك: "هل أنا من يضمن الوضوء للجنة؟ أنا غسلت بالماء، وهذا هو الواجب عليّ. هل أضمن لها الجنة؟ يعني أنا الذي سأضمن لها الجنة؟" إذاً، هذا مطلوب منه بذل مجهود. وضربوا مثالاً بالطبيب، ما الذي مطلوب من الطبيب؟ الشفاء؟ والله الشفاء بيد
الله. الذي بذل الطبيب المجهود ويقولون عليه مجهود الرجل المعتاد، أي الطبيب المعتاد الذي ستؤاخذه النقابة إذا قصر فيه. فنقابة الأطباء تقول له: "أنت لماذا لم تفعل ما هو في الكتاب الذي علمناه لك؟ لماذا قصرت واستهنت هكذا؟" إذا كان قد قصر واستهان. أما إذا لم يقصر فليس عليه شيء. بما يرضي الله وكما علموه، ومات المريض بأجله، ولا يُؤاخذ الطبيب إطلاقاً إلا عند التقصير أو التعدي، لكن بذل المجهود كالرجل المعتاد. ماذا يعني الرجل المعتاد؟ يعني الشخص المعتاد في هذه المهنة. المهندس هكذا،
والمحاسب هكذا. لن يُؤاخذ أحد بقدر الله، وإنما سيُؤاخذ بتقصيره أو تعديه. هذا ما نسميه بذلاً. مجهود والثاني لتحقيق نتيجة وضربوا مثالاً به الفنان الرسام. هذا شخص يرسم لك لوحة أو الخطاط سيكتب لك لوحة هكذا "فلان الفلاني كذا وكذا وكذا". حسناً، جلس شهراً يبذل مجهوداً ويحضر ويكتب ويعمل، وكلما كتب على شيء انسكب عليه الحبر، أو تمزقت الورقة، أو انكسرت الرخامة، وجئت إليه بعد شهر. قال لي: "والله أنا لا أعرف لماذا هذه الأمور مستعصية معي. أنا لم أنجز اللوحة
لأنني كلما صنعتها ظهر فيها عيب". أقول له: "حسناً، وأنت لن تأخذ مني المال، لماذا؟ لأنني أريد تحقيق نتيجة، أريد تحقيق نتيجة ولا أريد مجرد بذل مجهود". يقول لي: "والله لو عرفت التعب الذي..." لقد تعبت في صنع هذه اللوحة كثيراً. إن كنت ستعطيني ثمانية، أقول له: ولكن أين هي حتى أعطيك ثمانية؟ إذاً هنا المطلوب منه ماذا؟ بذل مجهود؟ لا، إنه تحقيق نتيجة. تحقيق نتيجة. فعندما يأتينا سؤال مثل هذا، يجب أن ننظر هل هذا بذل مجهود أم لا. تحقيق نتيجة المدرسين في الصيف، هل المطلوب منهم الحضور
فقط؟ أم المطلوب منهم أن تكون العملية التعليمية على أحسن وجه؟ الحقيقة أنه مطلوب منهم أن تكون العملية التعليمية على أكمل وجه. إذاً ليس المطلوب منهم بذل المجهود فحسب، بل المطلوب منهم تحقيق النتيجة. وأنا أريد أن تكون في المدرسة حياة، يكون بذلك قد حققنا النتيجة، أي يصلح. وقس على هذا، فأنت دائماً تبحث عن بذل المجهود، وكل الإداريين هكذا. انظر، بذل المجهود وتحقيق النتيجة، هذا من صنف بذل المجهود، وبذله يعني أنه لا لوم عليه ولا مؤاخذة، ونحن شاكرون له. أما تحقيق النتيجة فلا بد أن يعطيني شيئاً طيباً، يبذل
جهده وبعد ذلك الأطفال جميعهم ثقته فلا أحقق النتيجة الخاصة بي لأنه هكذا لم يُعلِّم، هكذا لم يُعلِّم. إذا أردنا أن نضبط، نأخذ من هذا السؤال قاعدة: الأعمال على قسمين: تحقيق نتيجة وبذل جهد، ودائماً تقيس الأمور ببعضها. أمي وهبت لي مبلغاً من المال في صورة شهادات بنكية، هل الزكاة منها على الأم أم على أنا؟ الهبة تنقل الملك، فأمه أعطته مائة ألف جنيه في صورة شهادات. "تفضل، هذه الشهادات خاصتك". خرجت من ملكها إلى ملكه.
طيب، وزكاة؟ قال: "الزكاة تجب بالملك التام". ها قد جاءت، وأنت تملكها ملكاً تاماً أم لا؟ من الممكن أن يقول لي نعم، ومن قلت له: "أنت تملكها ملكاً تاماً، يعني يمكنك سحب هذه الشهادات في أي وقت". قال لي: "نعم". قلت له: "هذه الشهادات خاصة بك وفي حسابك؟". قال لي: "نعم". قلت له: "أنت الذي تستفيد من ريعها؟". قال لي: "نعم، ولكن قد يقول لي الآخر: لا، هذه باسمها هي". سلمتهم لي في يدي فقط، حسناً، هل يمكن أن تصيبهم؟ قال: أبداً، حتى لو ذهبت إلى البنك وقلت له: أعطني الربح أو فكها أو اعمل بها، سيقول لك البنك: وما شأنك أنت؟ قلت له: حسناً إذاً، فهي ليست في ملكك، إذاً من
الذي عليه الزكاة؟ صاحب الملك التام. إذاً السؤال أمي وهبتني... طيب، هل هي فعلاً وهبتك أم أعطتك؟ أعطتك تعني أنها سلمتك الشهادات في يديك دون أن تقوم بأي إجراء لنقل الملكية. وهبتني تعني أنها غيرت الملكية. قال: لا، أنا لم أنتبه بشكل دقيق هكذا، أقصد بـ"وهبتني" أنها أعطتني. إذن يجب أن يكون المفتي واعياً ويحلل الكلام بدقة ويقول انتقلت الملكية إليك أم لا؟ لماذا؟ لأن مناط الزكاة هو الملك. الزكاة هذه وجبت على من؟ على المالك. حسناً، أنت لست مالكاً،
إذن المالك هو الذي تجب عليه الزكاة. قرأت عن خصائص الأحجار الكريمة ووجدت منها ما يقال أنه يجلب الحظ وكثيراً من الصفات الأخرى، فهل لهذه الأحجار ولصفاتها... هل في هذا حرام بغض النظر عن الحرام والحلال، فالأمور تقاس بوقائعها. هناك بعض الأحجار تصد طاقات سلبية، من أين أعرف ذلك؟ من التجربة. وإن لم تكن هناك تجربة فهذا يعتبر خرافة، وبذلك تكون حضرتك تدعوني
إلى عقلية الخرافة. أما الإسلام فماذا يقول لك؟ استسلم لعقلية الخرافة؟ لا، بل يقول لي: هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين. أحدهم يقول لي عندما ألبس الياقوت، لا أعرف ماذا سيحدث لأشعة الشمس والقمر وأين يسير. أين البرهان؟ أحضر لي البرهان وأنا أصدق. أين التجربة؟ أين الرصد العلمي لهذا؟ إنما هو حجر له خصائص، كل شيء له خصائص، كل شيء له خصائص، ولكن يجب إثبات ذلك. في الواقع والتجربة، فإن كانت صحيحة فبها ونعمت، والحمد لله أن وفقنا إلى اكتشاف خصائص ما خلق.
وإذا لم تكن صحيحة وكانت مجرد كلام فارغ وليس له واقع، فإنها خرافة، وسنكون بذلك نتبع كلاماً خرافياً ليس له أساس. إذن، عندما يقدم لنا أحدهم معلومة، فماذا نفعل؟ نلجأ إلى التوثق والتوثيق هكذا أننا نتثبت ولذلك تجد الإمام الدميري يؤلف كتاب "حياة الحيوان"، اسمه هكذا، يقول لك الحيوان هذا، الجزء الفلاني منه لو أخذته وسحقته وصنعته وهيأته، يذهب السعال. من أين أتى بهذا؟ من التجربة. كتاب "حياة الحيوان" الذي ألفه الدميري مهم جداً عندنا، لماذا؟
لأنه يعطيني خصائص الأشياء في تجربة علمية. بشرية كاملة في شخص واحد ويقول لي إن الكلام الذي فيه قديم خرافي، فقلت له: "نعم هو قديم لكنه ليس خرافياً". قال لي: "لكن هناك أشياء فعلناها لم تنجح". قلت له: "تفقَّد شرطها، كن واسع الأفق". سيدنا النبي يأتي ويقول لي إن من عنده عرق النساء، هذا العرق... عندك ينسى الإنسان نفسه. عِرْق النساء... قم وكُلْ إلية شاة أعرابية. هذه الشاة الأعرابية التي ترعى في البراري،
ماذا تفعل؟ تذهب وتأكل العرفج، فالعرفج يتشبع في الإلية الخاصة بها التي نطلق عليها الإلية. هل تنتبه؟ يتركز فيها، يتركز فيها. وبعد ذلك يقرأ في الكتاب أن النبي قال هكذا، انظر إذاً. المواقف غير العلمية يظهر فيها طبيب ويقول: "من يشرب هذا الشيء - والعياذ بالله تعالى - يصاب بالكوليسترول ويهلك وهو سليم"، ويقول الآخر: "كيف لا يكون هذا حديثاً؟ فالنبي حقاً قال ذلك"، ويقول الثالث: "انظروا ماذا يقول النبي، ولذلك أنا لا أؤمن بنبيكم هذا".
كل هذه المواقف غير علمية. أما الرابع فيقول ماذا؟ ذهب وأحضر معزة من تلك التي تأكل ورق الجرائد، وشرب آليتها (دهن ذيلها)، فأصابه ارتفاع في الكوليسترول ودخل في غيبوبة ومات. نعم، لأن هذه ليست هي المقصودة. الشلقة العربية رقم اثنين، هذه الشلقة العربية التي تأكل هذه النباتات المعينة التي نفتقدها أخذها وقد تغير الزمان، والملابس تغيرت. كانوا يركبون الخيل فيذهب الكولسترول، وكانوا يركبون الإبل. يجب أن تفهم الشيء في بيئته
وليس أن تفصله فتكذب الله ورسوله. إخواننا، يجب عليك وأنت تفهم أن تفهم في بيئة هذا الشيء، كيف كان شكل الإنسان، وما هي إمكانياته، وما هو وضعه، وليس أن تذهب أو ينظر إلى مثل الأحجار الكريمة هكذا النباتات الطبية عند تذكار داود الأنطاكي. طب اليوم أصبح في اتجاه يجعل الشيح أو يجعل كذا المادة الفعالة ستة في المائة وهي كانت ستة من عشرة في المائة، يعني أعطها مائة مرة، بمعنى أنك لو أخذت نفس الوصفة التي لداود تأتي إليك. اسم تسمى، إذن كل
عصر له أذان، وهذا الأذان لا يقول إن داود كاذب، بل يقول قام بواجب وقته، وينبغي علينا أن نقوم بواجب وقتنا. داود تذكرته فيها مائتان وخمسون نباتاً. لم يزد اليوم، الأمم المتحدة عندما عملت الستة مجلدات الكبيرة للنباتات الطبية، أحصوا ستة آلاف. ابن رسول في... المعتكف ألف وخمسمائة يكونون بقدر ست مرات داود وستة آلاف يعني بقدر أربع مرات ابن رسول في المعتمد. فإذن يا جماعة، يجب علينا أن نقوم بواجب عصرنا كما قاموا بواجب عصرهم بعيداً
عن عقلية الخرافة وإيماناً بأن كل شيء له خصائص ووظائف وطريقة للمعاملة، وهكذا نستفيد من خلق الله. سبحانه وتعالى بما وضع الله سبحانه وتعالى فيها من هذا. إذا لم نفعل هكذا فهذه هي عقلية الخرافة. أريد معرفة رأي الدين في اتباع الصوفية، وهل قراءة الأوراد أمر حسن يرضي الله ورسوله، لأنني سمعت أنها يمكن أن تكون فيها بدعة. والله هذا التشويش لا داعي له، ربما ويبدو اسأل العلماء، دخل
جبريل في حديثه الذي جاءنا ليعلمنا أمر ديننا، فسأل عن الإيمان وعن الإسلام وعن الإحسان، وأخذ وسأل أيضاً عن الساعة وعلاماتها. فسأل عن أربع قضايا كبرى، فقام من قام لحماية جانب الإيمان وتكلموا فيه بالتفصيل وبرد شبه المشتبه على الخلق. وصلنا إلى الأندلس ووصلنا إلى الصين. وهذه مساحة كبيرة من الأرض كان كل واحد فيها له أسئلة من أين أتينا وإلى أين نذهب وماذا نفعل هنا وأجابها الإسلام. دخل
الإسلام وقام أناس من أهل العقيدة لحماية التوحيد الخالص الذي بُنيت عليه قضية الإيمان؛ أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره، ست أركان. للإيمان والإسلام قام الفقهاء لحماية حوزة الإسلام بشهادة أن لا إله إلا الله ومحمد رسول الله وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والحج والصوم إلى آخره، والإحسان الذي هو التصوف، فقاموا وقالوا: لا بد أن تُخَلِّي قلبك من القبيح وأن تُحَلِّي قلبك بالصحيح، فألَّف الإمام الغزالي كتاب إحياء علوم الدين، المنجيات والمهلكات. الربع الثالث
والرابع: مُهلكات الحق والحسد، والمنجيات التواضع والحب. وهكذا اشتغل على نفسك، هذا هو التصوف. هل ينفع إذن أن أتخذ مرشداً لي يرشدني في الطريق إلى الله؟ هذا هو الأدب مع الله. إذاً، إذا كانت الصوفية هي مرتبة الإحسان، فهل هي بدعة؟ هل كل شيء فيها بدعة؟ البدعة هي كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولذلك تمسكوا بهذه الثلاثة لأن جبريل جاء ليعلمكم أمر دينكم، ثم أضيف لها رابعة وهي الاستعداد ليوم الميعاد، مالك يوم الدين. إلى لقاء آخر، أستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.