لقاء الجمعة | حلقة 1 | أ.د. #علي_جمعة

لقاء الجمعة | حلقة 1 | أ.د. #علي_جمعة - مجلس الجمعة
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم ودينه الحنيف نعيش هذه اللحظات، عسى أن تتنزل على قلوبنا السكينة والرحمة ببركة
سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وعسى أن ينقلنا ربنا سبحانه وتعالى. من دائرة سخطه إلى دائرة رضاه وأن يعلمنا مراده من دينه. يسأل سائل فيقول: أسافر إلى بلد بعيد وهو يقول في السؤال سنغافورة لمدة ثلاث سنوات للعمل والدراسة والضرب في الأرض، فهل يجوز لي طلباً للعفة أن أتزوج في هذه البلاد بشروط الزواج الإسلامي
وإن كنت أضمر في نفسي من أعتقد أنني بعد عودتي إلى الوطن أتركها وأطلقها. وقد نص الأئمة الأربعة على أن الله سبحانه وتعالى أمرنا بالعفاف وحرم علينا الزنا وأجاز لنا الزواج وعظم أمر الفاحشة، وأن الإنسان إذا تزوج كان الزواج لأغراض عدة وليس لغرض التكاثر والتناسل فقط، بل منه
لغرض الأنس والتخلص من الوحدة، ومنها ما الولد ومنهما يكون لغرض التطبيب والتمريض، ومنهما يكون لغرض الصلة والقيام بواجبات المجتمع التي وضعها الله سبحانه وتعالى في أعناقنا، ومنهما يكون للرحمة، ومنهما يكون للحب، وهكذا. فليس الزواج لغرض واحد كما يظنه الناس، فاندثار هذه النية عند الأئمة الأربعة لا يفسد الزواج، والزواج
صحيح. وكان طلاب الأزهر يأتون من... البلدان فيتزوجون طلباً للعفة وطلباً للأنس وعدم الوحدة والقيام بالخدمة وأشياء من هذا القبيل، وهم يضمرون في أنفسهم أنه عندما يعودون إلى بلادهم يتركون من تزوجوهم. وأغلب من فعل ذلك لم يترك، لأن منهم من رزقه الله منها بالولد فتغير الحال وتعلق قلبه وحاله. بالولد فلما عاد منهم من عاد
بأسرته كلها ومنهم من بقي في مصر حتى مات لأن شأن الأسرة عظيم. إذًا، فما أضمره في نفسه لا يؤثر في العقد لأن العقد إنما هو على الظاهر من الألفاظ وليس على ما يعتمل في القلب، فهذا جائز وهذا العقد لا شيء فيه وأقره. الأئمة الأربعة، ولكن هناك نصائح اجتماعية غير الأحكام الشرعية المرعية الدينية. يعني ليست كل الأشياء الحلال ينبغي أن نفعلها،
ليست كل الأشياء الحلال ينبغي أن نفعلها. فهناك مباح قد يكون غير متاح، فهذا الأمر من الناحية العقدية الشكلية الشرعية الدينية حلال، لكن ثقافة العصر الموجودة تعتبر أن هذا الأمر هو ولذلك بعض الناس عندما يرون مثل هذه الفتوى يتعجبون كيف هذا؟ أنت متزوج وتريد بعد ثلاث سنوات أن تطلق؟ كيف يعني؟ إنهم لا يفهمونها، لا يفهمون أن عقد الزواج اتفاق إرادتين، لا يفهمون أن الله أباح الطلاق ولو كان هو أبغض الحلال
عند الله. الطلاق في ثقافة العصر مرتبط بالدوام دائمٌ بلا شك بدوام عقد الزواج، فيعتبرون هذا يعني نوعاً من النقص، وقد يكون ذلك كذلك عندما نتعامل مع ثقافة عصر بهذه الكيفية. وعلى ذلك فالعفاف أولى، أي الصبر، أي أن يعف المرء نفسه عن أن يتزوج زواجاً هو مقرر منذ البداية أنه بعد ثلاث سنوات سوف يطلق، حتى ولو يكون كلامنا منقسماً إلى قسمين: قسم يتعلق برأي الشرع في مثل هذا العقد، وهذا عقد حلال باتفاق، وقسم آخر
هو من باب النصيحة الاجتماعية التي تبني صورة الإسلام في العالمين، وليس فيها الحلال والحرام، بل رفعة شأن صورة الإسلام. فلتصبر، لقد أحزنتني وحيرتني، أأتزوج أم لا أتزوج؟ ليس هكذا، لا تعامل الله بهذه الطريقة. ليس كل شيء تريد أن تعامل الله به بهذا الأسلوب. هناك فضل عندما جاء الأعرابي إلى النبي وقال له: "قل لي الفرض فقط"، فقال له: "حسناً، صلِّ الخمس، وصم رمضان، وحج البيت"، وكما قال:
"والله لا أفعل سواها". هكذا هو، هذا أعرابي على ليس هو المثال الذي تركه لنا النبي عليه الصلاة والسلام، المثال الذي تركه لنا النبي عالٍ جداً، إنه شيء آخر. لكن هذا إنسان يصلح، لن يفعل إلا هكذا، فقال: "أفلح وأبيه إن صدق"، يعني كان النبي عليه الصلاة والسلام في نفسه تساؤل عما إذا كان هذا سيصدق أم لا. لنفترض أن شخصاً تشهد وصلى وصام وحج وأدى الزكاة فقط، ولم يزد عن ذلك شيئاً، فسيدخل الجنة، حسناً، ولكن احذر أن
تنسى، ولا تنسوا الفضل بينكم. صحيح أن هذه الآية وردت في موضع آخر، لكنها قاعدة عامة، ولذلك هذا الإنسان ننصحه، وليس نأمره، انتبه، هذه الأمور يجب عليكم حفظها. هناك فرق بين الأمر والنصيحة، وبين الفرض والفضل، حتى نفهم الدين، لأنه كلما نقول فرض، يعتقد الناس أن هذا هو الفضل، وطالما أنه فضل فيجب أن أفعله. لا، هذا الفرض يجب أن تفعله وتزيد عليه أيضاً، وهذه الزيادة هي النافلة. "وما تقرب إليّ عبدي بأحب مما افترضته عليه ولا..."
لا يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها. هذا عبدٌ ربانيٌ، أي يكون عبداً ربانياً يقول للشيء كن، يعني مستجاب الدعاء، فليستجيبوا له وليؤمنوا به. انتبه أن هناك فرقاً بين... الفرق كبير بين ما هو متاح للفرد وما هو مباح وما هو أفضل. هكذا انتبه لهذا، احذر أن يفلت هذا من يديك. وإلا مرة جاء
سؤال: هل المرأة عليها واجب الغسيل والطبخ والتنظيف وما إلى آخره من أعمال البيت أم لا؟ لا، ليس هذا مكتوباً في كتبنا، ليس هذا مكتوباً تدعو النساء إلى التمرد؟ لا، ليست القضية هكذا. الإمام النووي يقول: "وتلك سنة حسنة صارت عليها نساء المسلمين"، سنة حسنة لها أجرها وأجر من اتبعها إلى يوم الدين. هذا العمل في الظل، كما قلنا من قبل، يأخذ مائة وستين ألف دولار في السنة، كل هذا في ميزان حسنات المرأة التي... قاعدة تقوم بعمل شيء، لكن هذا المفهوم الفقهي سيفيدك في ماذا؟ يفيدك أن تنظر إلى
زوجتك هكذا وتعتبرها صاحبة فضل عليك، لا أن تنظر إليها باحتقار وتقول لها: "أصلي أنا ذكر وأنتِ أنثى". لا، بل أنت تنظر إليها وأنت تقول لها كل صباح: "كفر خيرك، شكراً والله". الواحد ما هو... يعرف ماذا يفعل لكن لكي يشكرك قم بما يُسعدها وتكون في سعادة، يقول لك الدين هذا سعادة الدارين، لكننا نسير بالمقلوب دائماً، لا يصلح هذا الكلام، فانتبه، فرِّق بين الفرض والفضل، فرِّق بين المباح والمتاح، فرِّق، قلنا قبل ذلك ماذا مرة في حلقة سابقة، لقاء سابق. يقول ما الفرق بين النص وتفسيره وتطبيقه؟ اجعل عقلك دائماً
عقلية مميزة تفرق بين الحلال والحرام والقضاء والحياة. الحياة أوسع مما يحكم به القاضي عندما نتنازع، ولا تنسوا الفضل بينكم. افرق بين الأمر والنصيحة، فهذا الأمر مرده إلى الفقه والشريعة والقضاء، حسناً. والثاني النصيحة، فالدين هو النصيحة، وهذا مرده إلى الحياة وإلى الحب وإلى الود. أسئلة كثيرة جداً نعالجها بهذه الحكاية. تأتي إليّ امرأة وتقول لي: هل فُرض عليّ أن أخدم حماتي؟ أرجع
إلى الكتاب فيقول لي: لا، ليس فرضاً عليها أن تخدم حماتها. حسناً، والتي تخدم حماتها ليس بينها وبين الجنة تدخل الجنة مباشرة عندما توفيت، قلت لها: لا، الكتاب يقول لا. فذهبت وأخبرت حماتها. يا له من يوم أسود من قرن الخروب! أي يوم أسود هذا من قرن الخروب؟ لماذا نحن في صراع ونزاع دائماً هكذا؟ ألا يمكن أن تجعلها طيبة، وكن صاحبة فضل، واخدمي زوجك، لكن كل شيء فيها... غاضبة وفيها خصام وفيها صدام وفيها غير ذلك، على فكرة أنا أضيع على نفسي، أنا
لست على الآخرين. إذن إذا نقول للشخص الذي سيسافر إلى سنغافورة ويمكث ثلاث سنوات: انتبه أن عقد الزواج بنية الطلاق في المضمر. احذر أن تقول في... اللسان، لو تحول في اللسان فماذا يكون؟ يكون متعة ويكون حراماً باتفاق، يكون اسمه الزواج المؤقت وهو حرام. وما الفرق؟ الفرق أنه بعد الثلاث سنوات أحبها وأنجب منها، وقرر الإقامة في سنغافورة، فقررت الذهاب معه. توجد صور كثيرة أن يتزوج ويمضي، وهذا حسن وكل شيء، لكن هذا حلال. ولكن افعلوا ذلك بطريقة لا يكون فيها نوع من أنواع ولا نوع من أنواع الخصام والصدام
ولا نوع من أنواع أن يكر على صورة الإسلام بعلامة الاستفهام التي موجودة الآن في العالمين من تصرفات المسلمين بناءً على أنهم لا يفرقون بين المباح والمتاح، وأنهم لا يفرقون بين الفرض والفضل، وأنهم لا يفرقون ما بين النصيحة وبين الأمر، وأنهم لا يفرقون. بين النص أو بين تفسير النص أو تطبيق النص، إنهم لا يفرقون بين الدين والتدين إلى آخره، فالصورة أصبحت سيئة. لابد أن نعيد مرة أخرى ما كان عليه الصحابة. لم يكونوا هكذا، والتابعون لم يكونوا هكذا، والسلف الصالح لم يكن هكذا، وأئمة المسلمين الكبار لم يكونوا هكذا، وكتبهم... موجودة ومفهومة وواضحة أنه يجب علينا أن
نكون بعقلية فارقة وأن نلتفت إلى أن الدين ليس ضد الحياة إنما الدين هو جزء من الحياة. يقول: هل يجوز لي أن أعمل في البنوك؟ مصر انتهت من قضية البنوك هذه وناقشناها كثيراً عندما أُنشئ البنك. له مفهوم وهو أنه وسيط. بين الادخار والاستثمار يدخر كثير من الناس أموالهم ثم يعيدون استثمارها، وهذا البنك أصبح ضرورياً مع وجود عملة الورق (البنك نوت) في التعامل بين الناس وعدم التعامل
بالنقود السلعية، ولذلك سميت بالنقود الائتمانية. وتجد محافظ البنك المركزي موقعاً عليها، وفي الماضي كان أول بنك ظهر في مصر هو البنك المركزي، هكذا نضج الجهاز المصرفي وتطور عندما فهموا الشيخ المهدي العباسي كما يقول طلعت حرب وهو ينشئ بنك مصر، فهّموه الادخار والاستثمار وما هو حلال وما هو حرام، فقال: حلال. وتكلم بهذا طلعت باشا حرب في أول افتتاح لبنك مصر ونقل فتوى الشيخ المهدي العباسي رضي الله تعالى عنه بأن البنك فيها ولما سُئل الشيخ محمد عبده وعرف حقيقة
ما هنالك وكان السؤال من السودان فإنه أجازه، ثم بعد ذلك توالت التفسيرات والأحداث والتدخلات. ولأن البنك ليس من إنشائنا في حضارتنا، وإنما نحن مستعيرونه من الغرب ومن الشرق، فإننا نأخذ بالتطورات، فكل يوم تظهر صورة جديدة، فحدث خطأ في الترجمة وخطأ المفاهيم وخطأ في التطبيق وخطأ وهكذا، وجلس العلماء يبحثون في هذا ويقولون: هل هذا حلال أم حرام؟ وجلسنا في جدل مع الجهاز
المصرفي إلى سنة ألفين وأربعة، وفي سنة ألفين وأربعة صدر القانون الموحد للجهاز المصرفي المصري. انتبه! سنة كم؟ ألفين وأربعة، وأصلح كثيراً من الخلل فلا يسمي العلاقة. بين البنك وبين المودِع المدخر ولا بين الآخذ المستثمر قرضاً بل يسميها تمويلاً، فانضبط الحال بين الواقع وبين مصطلحات الفقه الإسلامي، وأصبح الجهاز المصرفي المصري يعمل طبقاً لهذا القانون، والأصل فيه الحل إلا
إذا خالف مدير بنك هذا القانون أصلاً، وحينئذ يكون خطأً محدداً محدوداً في واقعة بعينها كمخالفة للقانون. وعليه فيجوز أن نضع أموالنا في البنوك وأن نأخذ منها أرباحها وأن نموّل من البنك ما يمكن أن نخدم به الزراعة والصناعة والتجارة والخدمات، وأن نأخذ من البنك ونعطي ونعمل به وفيه وله، لأن الأصل تعدّل في سنة ألفين وأربعة قبل هذا، وفي الثمانينيات خرجت فكرة إنشاء بنك يسير على
ظهرت بنوك تسمى البنوك الإسلامية وهي لا بأس بها لأنها تعمل تحت هذا النظام المصرفي نفسه، ويجوز وضع الأموال فيها وتدويرها وهكذا إلى آخره. ولكل واحدة منها رقابة شرعية تبحث في تفاصيل ما يُجريه البنك من عقود أو ما يقوم به من استثمارات، وعلى ذلك فيجوز لك أن تعمل. في البنك والعمل في البنك ليس حرامًا، وكل ذلك إنما نتكلم عن الجهاز المصرفي المصري الذي بُذِل فيه كل ما بُذِل مما ذكر. أحدهم يسأل ويقول أنه
مدير في شركة كبرى أو صغرى، لا يهم ذلك، ولكن السؤال: هل يجوز تعيين سكرتيرة امرأة له؟ النبي صلى الله عليه وسلم... نهانا عن الخلوة، والخلوة كما نصَّ عليها العلماء إنما هي انفراد رجل بامرأة في الحياة الخاصة، انفراد رجل في الحياة الخاصة. وما هي الحياة العامة؟ الحياة الخاصة هي ما يطلب فيه الاستئذان
بالنظر والدخول، غرفة مغلقة عليك وعلى امرأة أجنبية. انفراد رجل بامرأة أجنبية في الحياة الخاصة. ما هي الحياة يَسْتَأْذِنُ لِلدُّخُولِ إِلَيْهِ لِلنَّظَرِ إِلَيْهِ، هَذِهِ هِيَ الْحَيَاةُ الْخَاصَّةُ، وَلِذَلِكَ فَإِذَا كَانَ هُنَاكَ غُرْفَةٌ مُغْلَقَةٌ بَيْنَكَ وَبَيْنَ هَذِهِ الْمَرْأَةِ الَّتِي يُفْتَرَضُ أَنْ تَكُونَ صَاحِبَةَ حِجَابٍ وَأَنْ تَكُونَ مُلْتَزِمَةً بِشَرْعِ اللهِ وَأَنْ تَكُونَ أَنْتَ كَذَلِكَ، فَلَا يَجُوزُ إِغْلَاقُ الْبَابِ، بَابٍ وَاحِدٍ عَلَيْكُمَا. قَالَ رَسُولُ اللهِ: "مَا
خَلَا رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ لَا تَحِلُّ له إلا كان الشيطان ثالثهما، وما هي الحياة العامة التي لا تحتاج إلى الإذن والنظر إليها في الدخول؟ مثل ماذا؟ مثل التاكسي، رجل يسوق وامرأة يوصلها أمام الناس جميعهم، لا يوجد أحد يضع ستائر في التاكسي حتى لا يرى أحد من الذي بالداخل أو من الذي بالخارج، مثل المصعد (الأسانسير). ركبت المصعد فركبت امرأة معي. أي شخص يستطيع إيقاف المصعد في أي طابق من الطوابق لكي يركب، تماماً
مثل المسجد. أنا إمام مسجد وجاءت امرأة لتصلي ونحن وحدنا في المسجد، ولكن الشيطان ليس له شأن بنا، لا شأن له، لأن أي شخص يمكنه أن يأتي ويدخل المسجد، أي شخص في انتبه، لا يوجد سر، لا توجد خصوصية، لا يوجد استئذان بالنظر. السوبر ماركت أنا واقف عند صندوق السوبر ماركت هذا أو الكاشير أو الخزينة، وامرأة داخلة لكي تشتري. أي شخص يدخل في أي وقت فهذه تعتبر حياة عامة، حتى لو حدث فيها انفراد فإنها لا تستوجب التحرز، مثل المسجد والطريق. والأماكن
المفتوحة وما إلى ذلك وإلى آخره، كل هذا ليس فيه خلوة شرعية منهي عنها. فصاحبنا يريد أن يكون له سكرتيرة وهو في شركة كبرى، حسناً، يجب أن تكون ملتزمة بالآداب الإسلامية. ثانياً، لا يجب ولا ينبغي ولا يجوز إطلاقاً أن تنفرد بها في حياة خاصة، تجلس معها وبعد ذلك الحمراء لمبة الحمرة تعني ماذا؟ تعني ممنوع الدخول. نعم، هذا يحتاج إلى إذن. أصبحت هذه تحتاج إلى إذن، فتكون حياة خاصة. لكن إذا لم تكن هناك حياة خاصة، فيكون
هناك زواج. لهذا يقول: أو يظل رجلاً دفعاً للشبهة. حسناً، فليظل رجلاً دافعاً للشبهة. أنت بالذات، لأنك هذا سؤال، فيكون هناك شيء في ذهن أحدهم لا يخطر في باله مطلقاً، وآخر لا يدفع الشبهة أبداً. حسناً يا أخي، لقد أثبتت المرأة دقتها وقدرتها وعطاءها في كثير من الوظائف أكثر من الرجل. فلماذا توظف رجلاً ثم بعد فترة تفصله، وتذهب لتوظف امرأة، ثم تقول: لا، إنه حرام أن تفصلها وتوظف رجلاً؟ رجل! خرباً لبيتك، وكفى. يعني، كف عن هذا، دعنا نبقى مع الله بقلوب متضرعة ولا نفكر
هكذا يا إخواننا. الأسئلة نفسها أسئلة تجعل، يعني تجر الفقيه إلى دوائر أخرى غير التضرع إلى الله سبحانه وتعالى. والله لو تعلق قلبك بالله لعشنا كما عاشت الصحابة في مكة وفي المدينة وفي... القرون الأولى الفاضلة، وكان ابن حجر العسقلاني لديه اثنان وخمسون شيخًا كان يدرس عليهم. كيف كان يجلس عندهم؟ في المسجد أم في البيت أم في غير ذلك إلى آخره. قلوب متضرعة إلى الله، ولذلك فتح الله عليهم. أصبح ابن حجر أمير المؤمنين في الحديث، شيء عجيب غريب في تتبعه. في دقته في النور الذي ينظر إليه فينظر
به فيكتشف تلبيسات الرواية والأسانيد، اكتشفها يقول لك هذا يوجد هنا كذا، لا يوجد هنا إلا ماذا، هذا النور هذه تمر على أي شخص، لا ولكن يوجد هنا قلب متضرع لله سبحانه وتعالى، عندما نقول هذا الكلام الشباب المتشددون أدخلوا الناس. في، نعم، لا، حلال، حرام، يجوز، لا يجوز، حتى، عندما، أصبح، عندما، هذا، الكلام، ليس، راضيًا أن يصل إلى قلوب الناس. يا جماعة، القلوب الضارعة هي التي تتلقى ما أنزله الله سبحانه وتعالى فتحسن تطبيقه. لا ينجو إلا القلوب الضارعة
لله، المتعلقة بالله، كثيرة الذكر بالله. إنما فضلنا أن نجزئ حتى صارت مجموعة من الأحكام لا رابط بينها وبين تقوى الله. لاحظ أريدك أن ترجع إلى القديم، من القرن الخامس والسادس الهجري. الإمام الغزالي توفي سنة خمسمائة وخمسة للهجرة، يعني في أوائل القرن السادس، فأنشأ كتابه المسمى "إحياء علوم الدين"، وكانت علوم الدين قد بدأت تخبو وتموت، فأنشأ لها إحياءً ما هذا التضرع لله؟ كن بالقلب المتضرع. هذه الأسئلة جيدة لأنها تمكننا ليس في الإجابة عنها وإنما في البحث عن ضوابطها،
نبحث عن تطبيقها، كيف نطبقها. وسيرجع الأمر كله إلى الذكر والفكر، إلى طريق الله، إلى مرتبة الإحسان: أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فهو يراك. المراقبة إذا فعلتَ هذا هانَ عليك الأمر وقلَّ سؤالُك. "لا تسألوا عن أشياءَ إن تُبدَ لكم تَسُؤكم". اتركوني ما تركتُكم. سمَّى السورة سورة البقرة، لماذا؟ ما خصوصية البقرة؟ لماذا لم يُسمِّها التوحيد؟ لماذا لم يُسمِّها بني إسرائيل أو مثلاً كان سمَّاها الشريعة أو سمَّاها مثلاً الإسلام؟ يعني شيء مميز. سورة يلفت نظرك إلى أن تعاملك
مع الدين هو قصة "البقر خليها سهلة"، لا تجلس تبحث وتتتبع وتسأل أسئلة تلو أسئلة، وكلما سألت شدد عليك "اجعلها سهلة هكذا مع الله". ومتى ستكون سهلة؟ والله بالقلوب الضارعة عندما يتعلق قلبك بالله، ومن غير ذلك سنتحول إلى أمر لا يريده الله لنا. يُرِيدُهُ اللهُ سبحانه وتعالى، لم يُرِدْ اللهُ سبحانه وتعالى منا الإكثارَ على أنفسنا من السؤال ومن التشدد ومن التعمق، لم يُرِدْ ذلك، إنه أمرٌ سهلٌ للغاية. اذبحوا بقرة، فيذهبون ليذبحوا بقرة، ولكن لا، ما هي؟ ما لونها؟ ما هي؟ وفي كل مرة يُشدِّد عليهم،
فهذا سرُّ التسمية. التفتوا إلى... أن دينكم تتعاملون معه بمفتاح وهو أن هذا الدين على الحنيفية السمحاء، فإن مع العسر يسراً. سواء "إنما بُعثت بالحنيفية السمحاء"، فهو شيء جميل هكذا، شيء سهل وليس شيئاً صعباً. وهذه السهولة هي العميقة، هي التي فيها مفهوم الطاعة الصحيح وفيها مفهوم العبادة الصحيح. هكذا يكون الأمر. سائل يسأل: هل ظلم الرجل للمرأة عقوبته أشد من أي ظلم آخر لأحد من الناس،
وما معنى حديث سيدنا النبي "رفقاً بالقوارير"؟ هذا السؤال لو كان مطروحاً من رجل لكان جيداً، لكنه يبدو أنه مطروح من امرأة ظلمها رجل. "الظلم ظلمات يوم القيامة" و"إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً". الثقافة التي نعيش فيها الرجل في الحقيقة يتعالى كثيراً على المرأة ويتقوى عليها، فيأتيه كلام سيدنا النبي "رفقاً بالقوارير"، لا تتقووا. الذي يتقوى، هناك من هو أقوى
منه في الدنيا والآخرة، فلا تفعلوا ذلك. اعبدوا الله سبحانه وتعالى بالرفق بالمرأة. كان سيدنا النبي حينما استلقى السيدة ترى أن الحنان على لا يصح أن يفعل الأولاد ذلك، فكان يقول: "ما لكم وما لي، زهرة اسمها على السيدة فاطمة عليها السلام. ما لكم وما لي، زهرة اسمها الزهرة". ماذا يحدث بعد ذلك؟ يقول لك: "الزهر حين تقول الورد يُشم
ولا يُفرك". العرب تقول هكذا: "شمّوا فقط ولا تفركوه". إذا فركتموه ماذا سيحدث؟ ولا يفرِك، فـ(فرك) هذه ما معناها؟ أي حطمه، خسره، فركه. ولذلك يستعملها النبي: "ملعون من فرّق بين امرأة وزوجها". يعني ماذا فعل؟ أحدث فتنة لكي يطلق الرجل هذه المرأة. إن هذا ملعون سواء كان رجلاً أو امرأة، أن يفرق بين الرجل وامرأته، أي يُحدث فتنة، يُحدث تحطيماً للأسرة. فإذاً المطلوب... ما
من رجلٍ يظلم المرأة إلا لأن الله وضعه في موضع المسؤولية والرعاية والعناية. ولكن في الختام أقول: على المرأة التي تشعر بالحنان والأمان من زوجها أن تقدر له ذلك، وأن تعلم أنه جاهد من أجل ذلك فيحترمه، لأن كثيراً جداً من النساء تأخذ راحتها. وعندما تأخذ راحتها وتُعامَل معاملة غير لائقة، فعلى المرأة أيضاً أن تتقي الله سبحانه وتعالى في زوجها، وأن
تعلم أنه وقد أمرته الشريعة أن يكون مصدراً للحنان والأمان، أن تكون هي أيضاً ريحانته. إلى لقاء آخر، أستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله.