لقاء الجمعة | 2 | أ.د علي جمعة

لقاء الجمعة | 2 | أ.د علي جمعة - مجلس الجمعة
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع هذا اللقاء المبارك نجيب فيه عن أسئلتكم الواردة إلينا بطرق شتى، داعين الله سبحانه وتعالى أن تحف هذا المجلس الملائكة، وأن ينقلنا ربنا من دائرة سخطه إلى دائرة رضاه، وأن يعلمنا العلم النافع. وأن ينور قلوبنا
وأن يغفر ذنوبنا وأن يستر عيوبنا آمين، وذلك ببركة الحبيب المصطفى والشفيع المجتبى صلى الله عليه وآله وسلم، سيد الخلق وصخرة الكونين ومستند العالمين، عالم الغيب وعالم الشهادة. فاللهم صل وسلم عليه صلاة تليق بمكانه ومكانته عندك يا أرحم الراحمين، وعلى آله الأطهار وأصحابه الأخيار وأتباعه بإحسان. إلى يوم الدين، شابة تسأل وتقول: بلغت من العمر ثمانية وعشرين سنة، وتعلق قلبي بزميلي الذي في العمل، لكنه
لا يهتم بي، أي أنه غير مبالٍ بالأمر. هي تحبه وهو لا يحبها، أو يراها فقط كزميلة ولا يشعر نحوها بالحب. فهل يجوز لي أن أطلب منه الزواج كما كان يحدث والتابعون كانت المرأة تفعل هذا كما ورد في كتب الأخبار والأدب فكانت تلمح أو تصرح بحبها له أو بأنها قد أسندت إليه أمرها، يعني توجد نساء كثيرات تأتي
إحداهن لتقول له: "أنا وكلتك أمري، زوجني لمن شئت"، فيقول: "لا، تزوجتك على بركة الله". ها هي التي بدأت، لكن أنت هذا. فرصة والمرأة التي جاءت إلى سيدنا صلى الله عليه وسلم تعرض عليه الزواج يؤكد هذا، ولكن الأعراف تختلف، وربنا سبحانه وتعالى يأمرنا أن نلتزم بالأعراف حتى لا تترتب عليها بعض المفاسد، فليس كل ما كان مباحاً كان متاحاً. فيقول ربنا: "خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين"، فأمرنا أن نأخذها. بالعرف السائد والعرف
السائد التذت به النساء، العرف السائد أسعد النساء كثيراً. ما الذي أسعدهن؟ وكيف؟ وكلمة "نسوان" هذه كلمة عربية: نسوة ونسوان ونساء، لأن بعض الناس يقولون لك: "نحن نسوان"، نعم أنتن نسوان في اللغة العربية. كن أيضاً يعني في مصر يقولون لك كلمة "نسوان" هذه كانت تحمل... انتقاص يعني لا ليس فيها انتقاص ولا شيء. نسوة جمعها نسوان وجمع الجمع نساء، إذ يوجد شيء اسمه جمع الجمع نساء. فالسيدات هن يحببن كلمة السيدات، وهذه الكلمة "السيدات" من أين أتت؟ أتت من "يا ست جهاتي"، قال: هي ملكت علي أمامي
وخلفي ويميني وشمالي وفوقي وتحتي، إذن هي أول هل تعلم أنها ملكة ست جهات، فعندما تكون سعيدة، فأي سعادة تلك! كلمة "ست" هي كلمة عربية معناها يا مالكة ست جهات، و"سيدة" معناها أن لها سيادة، وفي مقابلها "سيد". فالنساء اللاتي يزهدن في هذا الوصف كأنهن لا يردن أن يكنّ مطلوبات أو مرغوبات، وهذه الرغبة أمر فطري، لكن العرف ما كان عليه العرب الأوائل ولكن بنسبة بسيطة عشرين أو ثلاثين في المائة، ولذلك فنحن نقول لأختنا هذه أن التلميح
أولى من التصريح، يعني عندما تجدينه افتحي له الباب لكي يلتفت، ولعله يؤدي إلى الألفة بينكما، ففي التلميح وفي التصريح، والتلميح هو التورية، أي أنه ليس بالصريح، ليس أن تذهبي وأريد أن أتزوجك، وإذا لم أتزوجك سأفعل بك وسأفعل... لا، دعنا نتجنب هذا. ما معنى التلميح؟ إنه يعني: أنا جاهزة للزواج، أنا فتاة صالحة، أنا أعرف الطبخ، أنا أعرف أن أفعل كذا وكذا. أي أن الكلام هكذا، فما اسمه؟ إنه التلميح، ونحن ننصح بالتلميح لأن العرف ما زال... البنت تكون مطلوبة للزواج، يسأل سائل:
عندما تزوج النبي صلى الله عليه وسلم السيدة خديجة وهي كانت غنية، من الذي كان ينفق عليه؟ وإذا كانت هي التي تنفق، فأين ذلك من قول الله: ﴿الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم﴾؟ يقرأ النصوص أيضاً فرق بين النص وبين مفهوم النص لازم نقولها كل مرة. انتبهوا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأكل من عمل يديه وينفق على السيدة عليه الصلاة
والسلام نفقة البيت. فالنفقة هذه كانت منه، لكن السيدة كانت تنفق على الدعوة وليس على النبي، على الدعوة، وكان ينفق على الدعوة أبو. كان ينفق على الدعوة أغنياء الصحابة، كان ينفق على الدعوة سيدنا عثمان حتى أنه فيما بعد جهّز جيش العسرة، جيشاً بأكمله جهّزه، حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم في شأنه من شدة ما أنفق: "ما ضرّ ابن عفان ما صنع بعد اليوم"، فمات شهيداً وهو يقرأ القرآن. أكثر من
ثمانين سنة هذا العمل أنه واظب على ذكر الله وعلى التلاوة وعلى التقوى حتى مات شهيداً وهو يقرأ القرآن. ما ضرَّ ابن عفان ما فعل بعد اليوم أبداً. الصحابة الكرام أنفقوا حتى أن عائشة رضي الله تعالى عنها من غير قصدٍ منها وكانت تتكلم مع السيدة فاطمة عليها. السلام فقالت إن أبي أنفق ثمانين قنطاراً من ذهب في الإسلام، فالسيدة فاطمة عليها السلام فهمت أنها تُلمح للتضحية التي قامت
بها هذه العائلة الشريفة في سبيل الله. ثمانية قناطير ذهب يعني لو لم ينفقها في ظاهر القول لكان هناك ميراث لهم مثلاً، لكن أبداً ما عند... ما عندكم ينفد وما عند الله باقٍ، إنه ذكي مع الله فأنفق، هذا الكلام كله لله. فالمهم عندما رجع النبي وجد السيدة فاطمة حزينة من هذه العبارة، فسأل: ماذا حدث؟ قالت: يا رسول الله، تقول كذا. فقال: والله إن فضلي عليك وعلى أبيك أكبر من فضل أبي. رواية عن أم زرع، حيث
أرادت السيدة عائشة أن تلطف الأجواء، وليس هذا مقصدها الرئيسي، فقالت: "وما أبو زرع؟ وما أبو زرع يا رسول الله؟" فأجاب: "اجتمعت إحدى عشرة امرأة في الجاهلية وتعاهدن ألا يكتمن من أخبار أزواجهن شيئاً، فقالت الأولى، وقالت الثانية إلى أن وصلت إلى الحادية عشرة" كأنها سيدنا رسول الله، العبارة الأولى من الكلام الذي قيل هي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينفق مما رزقه الله سبحانه وتعالى من التجارة ومن الميراث ومن العمل، ولكن السيدة خديجة كانت تنفق على الدعوة وليس تنفق على سيد الخلق
صلى الله عليه وآله وسلم. يسأل ويقول... أحبُّ الكلابَ كثيراً لأنها من أوفى الحيوانات، فعلاً الكلابُ أوفى الحيوانات بصاحبها، وأكثر الحيوانات وفاءً بصاحبه هو الكلب، فهل يجوز لي أن أقتني كلباً؟ وهل هو نجس؟ الإمام مالك يرى أن الكلب ليس نجساً. قلنا له: لماذا يا فضيلة الإمام؟ ألم يقل: "إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعاً"؟ إحداهن بالتراب، تكون هذه طهارة مغلظة سموها هكذا، فيكون أمام الطهارة المغلظة نجاسة مغلظة. الشافعية يقولون هكذا. قال: لا، لستم منتبهين طبعاً. شيخ شيخنا يكون شيخنا، نحن شوافع، لكن
مَن شيخنا؟ الإمام مالك، فهو شيخ الإمام الشافعي، وشيخ شيخنا على الدوام يكون شيخنا. نعم، فالإمام مالك قال. لا يا جماعة، أنتم لا تنتبهون. تأملوا قليلاً، ألم يُبِحْ الله ورسوله كلب الصيد؟ قلنا له: نعم صحيح، فيكون المرء إذاً يخرج للصيد مع كلب. ألم يُبِحْ كلب الزرع وكلب الحرث وكلب الحراسة؟ قلنا له: نعم. قال: هذه الكلاب لو كانت نجسة، ألم يكن سيأمر الصائد بأن يأخذ... باله لم يمرّ. ألم يأمر الزارع أن يأخذ باله لم يمرّ؟ ألم يأخذ باله صاحب المنزل أن
هذا الكلب الحارس يأخذ باله منه لم يأمر؟ إذاً، هذا تعبّد لغرض آخر. وبعد ذلك في العصر الحديث تبيّن أن التراب يفك التكلس الذي توجد فيه الميكروبات. لُعاب الكلب، أجل هذا يكون للغرض الآخر، ليس أنه نجس، كله حي طاهر عند مالك. فصاحبنا الذي يحب الكلاب حباً شديداً نقول له: قلّد مالكاً، لا تخرج من الإسلام، فهناك رأي الإسلام الذي هو متفق عليه، الذي هو أن الخمر حرام، الذي هو أن الزنا حرام، الذي هو أن... القتل حرام، كما أن الصلاة واجبة، وأن الحج إلى بيت الله الحرام وليس إلى القدس، أي أن هذه أمور متفق عليها. فإذا قال
أحدهم: "أنا لا أرغب في التوجه إلى بيت الله الحرام بمكة المشرفة المعظمة"، نقول له: "إذن أنت لست مسلماً" وانتهى الأمر. أريد أن أتوجه إلى المحيط الأطلسي مستدبراً الكعبة وأتوجه إلى المحيط الأطلسي، حسناً، فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر. أنت هكذا لا شأن لك بنا. قال: أنا فقط أقول إن النبي على حق. قُلْ فقط هكذا، أنت لست مسلماً. لا تقل، فكثير من الناس يقولون إن النبي على حق ولكنها بالإسلام يعني لا يحدث شيء إن لم تكن مسلماً، وهكذا تكفرني. قلت له: لا، هكذا أنا لم أكفرك، أنت الذي كفرت نفسك، لكنني
لم أكفرك. أنا فقط قلت لك غاية المورد من رب العباد أنك لست مسلماً. المسلم يصلي نحو الكعبة الموجودة في مكة، أنت هكذا. مضطرب، هداك الله! تريد أن تقتنع؟ سنحضر لك [دليلاً]. [لكنك] لست راغباً في الاقتناع، فعش حياتك، لكنك لست مسلماً. هذه هي القصة. الارتباك أنه "لا، لا تكفّروا أحداً، لا تكفّر أحداً". هل كفّرنا أحداً؟ هذه أساسيات متفق عليها، هذا رأي الإسلام، لكن [الرأي] الإسلامي: الشافعي يقول الكلب نجس، [ومالك] يقول الشافعي إن الولي في الزواج واجب، وأبو حنيفة يقول لا، ليس واجباً. الشافعي يقول أنه تجوز بيعة ولا يجوز
وجود بيعتين، والآخر يقول لا، يجوز، وهكذا. وما يقوله هذا هو تفسير النص. دعونا نكون متسعي الأفق هكذا؛ فأحدهم يقول امسح رأسك كلها، والآخر يقول لا، يكفي ولو شعرة وهكذا هذا تنوع لكن كلهم لم يقل أحد إننا نتوضأ بعد الصلاة، صلِّ ثم بعد أن نصلي نذهب لنتوضأ، لم يقل أحد هكذا، لم يقل أحد هكذا. نتوضأ باللبن، اللبن أغلى لأنني أحب ربنا كثيراً، لم يقل أحد هكذا. حرام، لن تنفعك صلاة وأنا أنفقت الأغلى وأنت... أنفقت الأغلب، نعم، لأن الطاعة ليس لها علاقة بالأغلب ولا لها علاقة بالأرخص. هذه الطاعة هي التي
نتوجه بها إلى الله سبحانه وتعالى في حياتنا. هذه هي الفكرة. ولذلك نقول لأخينا هذا: نعم، لا مانع من أن تعتبر الكلب طاهراً على مذهب الإمام مالك، ومن ابتلي بشيء من المختلف فيه من أجاز. انظر الآن، مشايخنا، الشيخ الباجوري يقول في حاشيته هكذا: "ومن ابتلي بشيء من المختلف فيه" - وها هي معنا، مختلف فيها، واحد يقول لي نجس والآخر يقول طاهر، وأنا قلبي متعلق به، ابتليت بهذا الحب - فليقلد من أجاز مباشرةً، وليتبع سيدنا الإمام مالك، لن يصيبه شيء. انظر إليك أنت، لا تأتي بالمعلومات
ولا تقول لك ماذا. لا، يجب أن تقلد. ما شأنك أنت؟ ما شأنك؟ حسنًا، قلبي مع الشافعي، دعه مع الشافعي. الناس متنوعة، فهذا هو التنوع الذي نتحدث عنه، ونقول إن المسلمين عاشوا هكذا طوال الوقت. كنا في الأزهر ندرس هكذا، وبعد ذلك هيا نذهب لنتناول الغداء ونحن سائرون. الذي يمشي معي حنفي أقول له: "أليست البسملة ركناً عندكم؟" فيقول: "لا، ليست ركناً". والله... ويتمتم هكذا الشيخ من هؤلاء. هذه عندنا ركن، ونحن ذاهبون لنأكل الفول المدمس هذا. فإذا كان هذا تنوعاً، لكن الحق هو ما يراه أخونا. هذا ويجلس ويفعل ويحول الذي لا يعرف الشرطة وهكذا، هذا
لا يرضي ربنا. يقول: أريد أن أشعر برضا الله عني، فهل هناك علامات يطمئن بها الإنسان لرضا الله؟ العلامات: التوفيق، عندما تكون تصلي، قم ربنا يحفظك، تستمر في الصلاة، هذا هو التوفيق، فتكون أنت في رضا الله. والنقطة الثانية الزيادة. هو جعلني أصلي وكل شيء لكن ليس هناك زيادة، وبعد ذلك زدت ركعتين هكذا، ثم استمررت على هاتين الركعتين. هذا يعني أنني في رضا الله. آه ها قد بدأت، أدخل في أذكار هكذا، فالله سبحانه وتعالى
جعلني أزيد فيها ثم أستمر. أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قلّت، ركعتان لكن انقل هنا، لكن أيُّ الأعمال أحبُّ؟ أدوَمُها. وكان عمله صلى الله عليه وسلم مستمراً، وقال: "لا تكن مثل فلان، كان يقوم الليل ثم تركه". ولذلك قال: "إن هذا الدين متين، فأوغل فيه برفق". ليست الكثرة هي المهمة، بل المهم هو الاستمرارية، فالاستمرارية هي علامة الرضا. ثانياً أو ثالثاً: استجابة كلما كان ربنا سبحانه وتعالى راضياً عنك قالت: "أرى الله يسارع في هواك" عليه الصلاة والسلام. رضاً صحيحاً. إذا دعوت
ربنا ولم يستجب، فهذا ليس علامة غضب، لكن الاستجابة علامة رضا. لأنه لم يستجب لي ربما لأنه كان من الأفضل تأخيرها أو كان من الأفضل ادخارها، والله يعلم وأنتم لا تعلمون إلا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير. إنما استجاب وبعد ذلك استجاب وبعد ذلك استجاب وبعد ذلك استجاب. الحمد لربي، لك الحمد. فأكون في رضاه. من العلامات التي تدل على أن الله راضٍ عني: الديمومة والزيادة واستجابة الدعاء. من علامات الرضا أن يمنعك ولو قهراً من المعصية. تذهب لتفعل أفعل المعصية، فتنفجر عجلة
السيارة فجأة وتصاب بثقب. لماذا يحدث هذا الثقب؟ لأن الله يمنعك ويحبك. بالطبع، ربما تكون غاضباً لأنك فُوِّتَ عليك هذه المعصية. هل هذه المعصية فيها لذة أو شهوة أو أي شيء أو مصلحة؟ لا، ولكنه يحبك. وهنا يقولون عنها ماذا؟ أصبحت المنحة التي في صورة محنة شيئاً يحزن، ولكن هذا الشيء الذي يحزنك قد أنقذك. هذا الشيء الذي يحزن هو في الحقيقة أعطاك ولم ينتقص منك. هذا الشيء المحزن هو شيء حسن جميل، منحة
في صورة محنة. فعندما يفعل الله سبحانه وتعالى فيك هذا، فهو راضٍ عنك. النبي عليه الصلاة والسلام أمرنا بأوامر، وهذه الأوامر يقول فيها: "لا يزال لسانك رطباً بذكر الله"، فمن رضا الله عنك أن يظل لسانك رطباً بذكر الله. قال: "لا تغضب ولك الجنة"، فمن رضا الله عليك أن تسيطر على نفسك حين الغضب. من السرعة عندكم؟ قالوا: "الشديد". قال: "ليس الشديد". بالسرعة، ولكن من ضبط نفسه عند الغضب سيطر
على نفسه. وانتبه كيف تسيطر على نفسك، فهذا من رضا الله عليك. من رضا الله عليك أن تنفع الناس. قال تعالى: "وافعلوا الخير لعلكم تفلحون". كلما كنتَ نافعاً للناس وأقامك الله في هذا النفع، كلما كنتَ أنت محل الرضا. من رضا الله عليك أن تتوكل عليه حق توكله، والتوكل أن ترضى بالمقصود، ترضى رضي الله عنه ورضوا عنه، يعني أن تكون في تسليم ورضا، وأن تكون مسروراً بما أنت فيه، لا متضجراً، ولست دائماً ضد ما يحدث لك، فما يحدث لك الحمد لله رب العالمين، نحمده،
هذا الذي... يقولها المصريون: ما المشكلة في الرضا؟ هل يجوز الصوم في فترة الاستحاضة وليس الحيض؟ عندنا المرأة ترى نوعين من الدم: دم يسمى الحيض، وهذا مرتبط بالرحم، ودم استحاضة. الاستحاضة تعني النزيف، وهذا ما نسميه في أدبياتنا الحديثة بالنزيف. أما الحيض فهو دم نسميه دم طبيعة، هكذا خلقت الطبيعة. وهذا هو الذي تترك فيه المرأة الصلاة وتترك فيه الصيام، إلا أنها تعيد الصيام ولا تعيد الصلاة أبداً. أما
الاستحاضة فهي نزيف مثل الرعاف عندما ينزف الإنسان من أنفه، فهي لا تمنع صومه ولا تمنع صلاته ولا تمنع أي شيء. يعني يجوز للمرأة المستحاضة التي ينزل عليها النزيف أن تطوف. بالبيت الحرام وأن تصلي وأن تصوم وأن يقربها زوجها، كل هذه الأمور مباحة مع وجود النزيف. هذا النزيف هو علة ومرض، لكن الحيض ليس مرضاً، الحيض عبارة عن طبيعة. والسؤال: المرأة التي عندها نزيف تصوم، إلا إذا كان الصيام يسبب لها فقر الدم (الأنيميا) أو كان الصيام يضرها، فهذه قضية ثانيةً خالصةً، لكن شرعاً إذا صامت في رمضان أو في غير
رمضان وأدت ما عليها، أو كان عليها قضاء فصامته، فلا مانع من ذلك، أو كان ذلك صياماً نافلةً فلا مانع أيضاً. وهكذا فالاستحاضة لا شيء فيها ويجوز الصوم معها. طيب، أما الحائض فهل يجوز لها أن تمسك الآيباد وتقرأ؟ له طهارة لأن ما فيه من محملات ليست بمصحف كما نص على ذلك القرافي، وقد ألف في هذا الشيخ محمد بخيت المطيعي، فعندما ظهرت الأشرطة والأسطوانات وهذه الأشياء، سُئل هذا السؤال، فأجاب بأن هذه الومضات الموجودة على الآيباد ليست هي المصحف المكتوب بالمداد
في الصحف. الذي يبدأ ببسم الله الرحمن الرحيم الفاتحة وينتهي بالناس ما بين الدفتين هو الذي تكلم عليه الفقهاء في اللمس والحمل وكذا إلى آخره. القراءة تكون بصوت مسموع أم بالنظر؟ أفضل بالنظر خروجاً من الخلاف. أفضل بالنظر خروجاً من الخلاف لأن بعض الناس أباح حتى الكلام مثل ابن حزم. السيدة مارية. القبطية يسأل سؤالاً: هل كانت رقيقاً أم كانت حرة؟ النبي صلى
الله عليه وسلم عندما ولدت سيدنا إبراهيم قال: "أعتقها ولدها". وكلمة "أعتقها ولدها" تعني أنها كانت ماذا؟ كانت جارية في البداية. المقوقس أرسل إلى النبي صلى الله عليه وسلم هدية: مارية وأختها سيرين التي نسميها الآن شيرين. وسيرين. هذا اسم شخص عند العرب، وأرسل لحيته. ضبطها صاحب القاموس هكذا "بَنْهَا"، فتكون النسبة إليها ماذا؟ "بَنْهَاوِي". وهي بنها التي نعرفها هذه. بنها في القاموس، ماذا يقولون عنها؟ بنها ذات
عسل وفير حتى يومنا هذا. بارك الله في عسل بنها هذا، فهي إلى اليوم تجد فيها أفضل عسل الذي هو هذه هي أو بنها - يعني التي نطلق عليها بُنَه (يجوز الفتح والكسر) - وبغلٌ أُطلق عليه دُلدُل. فهذه عندما وردت، عرض النبي صلى الله عليه وسلم الإسلام على مارية وسيرين، فشرح الله قلب مارية للإسلام فاختصها النبي لنفسه، وأبت سيرين فلم يُكرهها أبداً، وأعطاها لأحد الصحابة، لا أعرف من لست متذكراً، والآن حسان بن ثابت، نعم حسان، بن
ثابت رضي الله تعالى عنه. فالسيدة مارية أنجبت إبراهيم على غير المتوقع، وتوفي منذ سنتين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أعتقها ولدها"، فأصبحت حرة، وقد كانت في ملك يمين رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. شخص يقول... هل يجوز دفع الزكاة لبناء المسجد؟ الفقهاء لديهم رأي أن الإنسان قبل البنيان، وأن الساجد قبل المساجد، يقولون هكذا، وأن البشر قبل الحجر.
ولذلك ما دام هناك أناس محتاجون فينبغي أن تذهب إليهم الزكاة. المسجد مقدور عليه، حيث "ما أدركتك الصلاة فصل"، "جُعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً"، فإذاً إذا كان وهي الأرض وأيضاً تصلح لأن أتيمم بها إذا احتجتُ إلى الماء أو لم أجد الماء، فما الموضوع؟ لماذا أبني مساجد؟ أبني مساجد عندما يكون معي بعض المال الزائد، أبني بهما مسجداً وأُجمّله. وكما ورد: "من بنى لله بيتاً ولو كمفحص قطاة"، حتى لو كان صغيراً هكذا، بنى الله له بيتاً. في الجنة، إنما الزكاة ليست ملكي حتى أذهب وأبني بها مسجداً، هذه الزكاة
هي ملك للفقير، فيجب أن تصل إلى يد الفقير علاجاً وطعاماً وتعليماً وسداداً للديون وقياماً بالحياة إلى آخره. معنى ذلك أنها للاستهلاك، سيأخذها الفقير ويستهلكها لكي تدور عجلة السوق، فيذهب ليأكل ويشرب، فتعمل مصانع الطعام والشراب. تعمل يذهب ليتعالج عند الطبيب ومستلزمات الدواء يعملون، يذهب ليبني بيتاً أو ما شابه فجماعة البنائين يعملون، لكنك إذا لم تستهلك - بعض الناس يقولون لك نريد أن نجمع هذه الأموال ولا نستهلكها - لا، احذر، إذا لم تستهلك سينام السوق، وقديماً قالوا في الأمثال: احفر بئراً
واطمر بئراً ولا أجير يعني أحضر مجموعة من الناس وقل لهم احفروا بئراً هنا. حفروا، وعندما انتهوا قالوا: نعم. فأعطهم أجرهم، ثم استدعهم في اليوم التالي. هم يظنون أنهم سيحفرون بئراً آخر، فتقول لهم: ردموا هذه البئر. يا إلهي! هل هؤلاء عبيد أم ماذا؟ ذهبوا فردموا البئر وأغلقوه ثم أخذوا أجرهم. من يقول من زمان اللورد كينز عندما حدث خراب البيوت في أوروبا وأمريكا في سنة تسعة وعشرين، قال: "هذه سهلة، فأنت لكي تفعل ذلك اذهب وابنِ جسراً ثم اهدمه، وابنِ عمارة ثم اهدمها. الله! بعد ألف سنة تقولون..."