ما الفرق بين أسماء الله وصفات الله | أ.د علي جمعة

أول الأسئلة يقول: لله أسماء ولله صفات، وإن أسماء الله الحسنى وردت في الحديث كما وردت أسماء لله سبحانه وتعالى وصفات في القرآن، فما الفرق بين هذه الأسماء الواردة والتي منها ما هو للجمال وما هو للجلال، وبين تلك الأسماء الصفات العشرين في كتب العقيدة التي يجب على المؤمن أن يعرفها في باب الإلهيات من العقيدة فهذا هو السؤال الأول. أما أسماء الله فهي كثيرة، وكانت العرب إذا أحبت شيئاً أو خافته أكثرت من أسمائه، ولذلك رأينا أسماء الله سبحانه
وتعالى وأيضاً صفاته كثيرة في القرآن الكريم. قال تعالى: "ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها". وفي القرآن أكثر من مائة وخمسين. أسماء الله وفي السنة أكثر من مائة وستين اسماً لله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن لله تسعة وتسعين اسماً، مائة إلا واحداً، من أحصاها دخل الجنة". وفي رواية أبي هريرة رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وهي قد وردت بثلاث روايات في الترمذي، عدَّ هذه التسعة والتسعين فقال: هو الله الرحمن الرحيم الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن
العزيز الجبار المتكبر الخالق البارئ المصور الغفار القهار الرزاق الفتاح العليم القابض الباسط الخافض الرافع المعز المذل السميع البصير الحكم العدل اللطيف الخبير الحليم العظيم الغفور الشكور علي الكبير الحفيظ المقيت الحسيب الجليل الكريم الرقيب المجيب الواسع الحكيم الودود المجيد الباعث الشهيد الحق الوكيل القوي المتين الولي الحميد المحصي المبدئ المعيد المحيي المميت الحي القيوم الواجد الماجد الواحد الصمد القادر المقتدر المقدم المؤخر الأول الآخر الظاهر الباطن الوالي المتعال البر التواب المنتقم العفو الرؤوف مالك الملك ذو الجلال والإكرام المقسط الجامع الغني المغني المانع الضار النافع النور الهادي البديع الباقي الوارث الرشيد الصبور سبحانه وتعالى، ووردت
الروايات الأخرى بخلافات حتى إذا ما جُمِعَ ما وَرَدَ في الكتاب وفي السنة وفي تلك الروايات وفي الأحاديث، وصلتَ إلى مائتين وعشرين اسماً لله تعالى قد وردت في الكتاب والسنة، لكن رسول الله صلى الله عليه وسلم خصَّ تسعة وتسعين اسماً منها، وإذا تأملنا على مذهب ابن جني في تلك الأسماء الواردة لرأينا أن اسم الله الواحد الله والبقية صفات لأن الفرق بين الاسم والصفة أن الاسم عالم على الذات متى أطلق انصرف الذهن إليه وهذا يحق في هذا اللفظ العظيم الجليل الله لأنه إذا أطلق فإنه
ينصرف إلى الخالق الرزاق المحيي المميت صاحب الأكوان مالك الملك مالك الدنيا والآخرة مالك يوم الدين سبحانه وتعالى والبقية كالرحمن الرحيم كالملك القدوس كالسلام المؤمن كالمهيمن الجبار صفات لأن الصفة في لغة العرب هي معنى قائم بالذات وتلك كلها معانٍ كالرحمة والعفو والرأفة والجبروت والعظموت والرحموت قائمة بذاته سبحانه وتعالى والسؤال هو لماذا سُمِّيَت تلك الصفات بالأسماء سُمِّيَت لأنها قد وصلت إلى الغاية العليا بتمامها وكمالها في حقه تعالى حتى إنك إذا أطلقتها انصرف
الذهن إليه سبحانه كما تقول الرحمن الرحيم فما الذي يتبادر إلى ذهنك؟ لا يتبادر إلى ذهنك أحد من البشر ولا من المخلوقات ولا من الكائنات الأرضية ولا السماوية، ولذلك ينصرف ذهنك إلى خالق الأكوان. ومن هنا سميت بهذا الاعتبار أسماء، قال تعالى: "ولله الأسماء" ولم يقل: "الأسماء والصفات"، فالتقسيم إلى الأسماء والصفات من أمر اللغويين والنحاة، ولكن الأسماء والصفات الربانية التي جاءت على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم أو كانت قد أنزلت في القرآن الكريم هي كلها تسمى بأسماء الله الحسنى، وهذه الأسماء منها ما هو للجمال ومنها ما هو للجلال ومنها ما هو للكمال. أما الجلال فكالجبار
والمتكبر والعظيم ومالك الملك وذو الجلال والإكرام. وهذه لا يتخلق بها الإنسان، بل هي فقط للرحمن. وإنما يتعلق بها عندما يشعر بمظلومية أو عندما يشعر باحتياج أو بنقص فإنه يلجأ إلى الله بهذه الأسماء. أما صفات الجمال كالرحمن الرحيم العفو الرؤوف الغفور فإنها يتخلق بها الإنسان، وقال بعض أهل الله: "تخلقوا بأخلاق الله"، يعني كن رحيماً عفواً غفوراً، وهكذا. هذه الأسماء كلها. هناك أمر آخر وهو تقسيم
هذه الأسماء، قسمها العلماء إلى نوعين: ما نفيه لا يلزم منه نقص، نفيه لا يلزم منه نقص. فإذا قلت أن الله لم يخلق لي حفيداً أو لم يرزقني زوجاً أو لم يعطني مالاً لم يكن ذلك نقصاً؛ لأن الله هو المعطي وهو المانع وهو المحيي وهو المميت، وهذه تسمى بصفات الأفعال. فتعريف صفات الأفعال أنها الصفات التي لا يلزم من نفيها نقص، لا يلزم من نفيها عن... الله سبحانه وتعالى لا ينقص وكان بالمؤمنين رحيمًا
ولا يرحم المشرك، ليس في ذلك نقص. إذًا، فالرحمة والرزق والإحياء والإماتة ونحوها مما لا يلزم من نفيها نقص في حق الله تعالى تُسمى بصفات الأفعال. صفات الأفعال، احفظ هذا الكلام. فأنت ترسم الخريطة هكذا: تكتب على يدك اليمنى ماهية صفات الأفعال، وتكتب تحتها. ماهي؟ لا يلزم من نفيها نقص، هذا تعريفها، وتعطي المثال في: الرزاق، التواب، الرحمن، الرحيم، المحيي، المميت، الرازق. ها الرزاق والرازق، وهكذا كل هذه: الخالق،
البارئ، المصور. كل هذه الأشياء لا يلزم من نفيها نقص حيث أن الله يفعل ما يشاء، وهي صفات أفعال، ولذلك فالله لا يُسأل. عما يفعل لا تقولوا لمَ لم ترزقني بالولد، لمَ لم ترزقني بالمال، لمَ لم ترزقني بالذكاء، أنا غبي فلمَ لم ترزقني بالذكاء. سبحان الله المعطي، يعطي هذا ويعطي ذاك. لماذا لم تُعطني عناية؟ ما شأنك؟ لأجل أن تدخل الجنة. ليس لك أن تدخل، فهو فعّال لما يريد. لا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون. أحدٌ لن يسألوه:
أنت فعلت هذه لماذا ولم تفعل هذه؟ لأنه حكيم، لأنه عادل، لأنه الله جل جلاله. وهناك صفات أخرى هي صفات ذاتية، أي صفات تتعلق به سبحانه وتعالى وليست متعلقة بالأفعال، فنفيها يلزم منه النقص، نفيها يلزم منه النقص. الله موجود، حسناً قُل. أن الله ليس موجوداً هذا وهمٌ كما يقول بعض الفلاسفة، إن الإنسان هو الذي اخترع هذه الحكاية، هذا وهمٌ كاذب. الله موجود ولا يصح ولا ينفع أن تقول الله ليس موجوداً، وهذه صفة تتعلق بذاته تعلقاً شديداً
فسميت بالصفة النفسية، بالصفة النفسية، ثم هناك صفات مدلولها العدم. مدلولها العدم، أي ماذا تعني كلمة الأول؟ تعني لا بداية له. وماذا تعني كلمة الآخر؟ تعني لا نهاية له. وماذا تعني كلمة الواحد؟ تعني لا ثاني له. الله سبحانه وتعالى كل هذه الصفات فيها "لا" يا أخي، نعم
كلها فيها "لا"، إذاً نسميها الصفات السلبية، أي ماذا تعني؟ القيوم يعني لا احتياج له لأحد من الخلق، لا احتياج له، قائم بذاته، هكذا ليس محتاجاً لأحد. أنا محتاج، محتاج إليه لكي أستمر في الخلق، هذه المخلوقية، أستمر باقياً في المخلوقية. طيب افترض قطع عني الإمداد، أنا أصبح عدماً، لست أموت، لا، هو عندما أموت يقطع عني الحياة فأموت، لكن لو قطع. عني الإمداد، إمداد هذا الجسم. هذا الجسم مخلوق إذا تبخر هكذا لا يبقى موجوداً. أنا عدم، عدم. طيب وهو لا، إنه قائم بذاته ليس محتاجاً أحداً ليفعل هكذا.
فهذه الخمسة يسمونها ماذا؟ صفات ماذا؟ صفات سلبية. أصبحنا كم صفة؟ أصبحنا ستة: الوجود والخمسة هؤلاء. وبعد ذلك هناك سبع صفات وسبع أخرى. تعلقات بالصفات هذه سبعة في سبعة هكذا، أي سبعة في سبعة يكونون أربعة عشر، ومع الستة يكونون عشرين، الذي هو يتحدث عن... يمكن أن نجعلهم ثلاثة عشر، أليس كذلك؟ فالصفات يسمونها المعاني، والصفات يسمونها المعنوية، سبعة معاني وسبعة معنوية: علم، إرادة،
سمع، بصر، علم... لا، لكي نزن البيت فقدرة. إرادة سمع بصر علم حياة كلام استمر سبعة فقدرة إرادة سمع بصر علم حياة كلام استمر. ماذا يعني كلام استمر؟ يعني ما زال متكلماً. إذاً هذا القرآن هو بعض كلام الله. كلام الله هذه صفة من صفاته وهو ما زال متكلماً. لا يوجد زمن حوله ليكون هناك بداية ونهاية
وغير ذلك، ففي زمن. معيننا أنزل لنا بعض الكلام، وهو إنما هو متكلم دائماً؛ قدرة منها قدير، علم منه عليم، إرادة منه مريد، سمع سميع، بصر بصير، حياة حي قيوم، كلام متكلم سبحانه وتعالى. فالمعاني هي: قدرة، إرادة، سمع، بصر، علم، حياة، كلام. استمر، هذه هي المعاني، ومن أنكرها... لا يكفر، اسمع
الكلام، مَن أنكر السبعة هذه فهو ما زال مسلماً. يتولد منها أيّ؟ المعنوية التي هي: أنه قدير، مريد، سميع، بصير، عليم، حي، متكلم. ومن أنكرها فقد كفر. إذا جاء أحدهم وقال لك: "لا، أنا الرب الذي أعبده ليس قديراً"، فقد كفر ولا علاقة له بنا. من الذي يكفره؟ حضرة القاضي. ألم تقل له إن هذا كفر؟ إن ما تقوله له هذا، قد درسنا في الأزهر أنه كفر، أي أنني كافر. سنأخذك إلى القاضي وهو الذي سيحقق معك، لعلك مغفل، أو لعل عقلك مضطرب، أو لعلك متخلف عقلياً. معدل ذكائك الذي هو معامل الذكاء ضعيف، معدل الذكاء الذي
هو... الرمز التعبيري "إيموشن" غير موجود. سبحان الله! ومن الذي يحكم على ذلك؟ حضرة القاضي، قلنا إنني أنا الذي أقول له، ماذا أقول له؟ أقول له هذا كفر الذي أنت تقوله. لماذا قلت أن إنكار المعاني ليس كفراً وأن إنكار المعنوية كفر؟ الأصل هو الذي ربما لم... لم ينكر أحد من المسلمين المعنوية، وإنما جاءت المعتزلة لتشغل أذهاننا، فقالوا: "إنه سميع بذاته وليس بصفة زائدة على ذاته". هذه فلسفة، لكنه سميع. قالوا: "لا، هو سميع بذاته فقط وليس بصفة زائدة على ذاته كما يقول الأشاعرة رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم". إذًا فالعشرين هؤلاء ستجدهم.
عند مَن؟ عند الأشاعرة، والأشاعرة يقولون لك هكذا: إن منكر المعاني غير كافر، ومنكر المعنوية كافر باتفاق. يعني ما من أحد من المسلمين قال أن ربنا ليس سميعاً، ليس بصيراً، ليس قديراً، ليس عليماً، لم يحدث هذا أبداً. إذن أسماء الله الحسنى، عرفنا أن المائتين والعشرين اسماً يمكن أن تكون حسنة رواية. سيدنا أبو هريرة فيها ستة وثلاثين خلافاً ما بين الثلاث روايات، وفيها تسعة وتسعين منصوصين حافظينهم. قلناهم تصنيفهم: تخلق، تعلق، تصدق، تصديق، جمال، جلال، كمال. تصنيفهم
الثاني: صفات أفعال، صفات نفسية، صفات سلبية، صفات معانٍ ومعنوية. وهؤلاء يشكلون كم؟ الصفات الذاتية هذه تشكل عشرين. أفهمت ما الحكاية؟ حسناً، جيد. الحمد لله