ما حكم أخذ المال عن التبرع بالدم ؟ | أ.د علي جمعة

مع حكم أخذ المال عن التبرع بالدم، الدم عند المسلمين نجس، ولذلك إذا أصابت الجندي الذي يقاتل في سبيل الله جراحات والجرح ينزف دماً فإنه يكون من المعفو عنه. يبقى الدم ما زال نجساً لكن لأنه من الصعب ألا أصلي وأغير ملابسي كل فترة وجيزة وأحبس الدم في نزيف مستمر. فالدم يُعفى عنه، ماذا يعني "يُعفى عنه"؟ يعني أنه موجود
ولكن لا يُلتفت إليه. ومثل ذلك مثل الذباب الذي يقف على النجاسة ثم يقف على ثيابك فيطير. قالوا: هذه نجاسة لا يدركها الطرف، لا تدركها العين، ولذلك فهي معفو عنها. هل علقت النجاسة برجل الذبابة؟ نعم علقت. هل الذبابة تركتها على... قد تكون تركت ثيابه على ثيابه، حسناً يجب أن أغير الملابس كل فترة لأن الذباب يقف عليها. وبعد ذلك، نحن لن نسير في الحياة الدنيا بشكل مثالي دائماً، فهناك ما يسمى بالمعفوات، مثل طين الشوارع. ربما كان الطريق موحلاً فمرت سيارة ورشت بعض الطين
هكذا وأنا ذاهب إلى المسجد، فهذا معفو عنه، وكذلك الغبار. ما يتعلق بالطريق أو ما يتعلق بالبرد الذي ينزل في الشتاء وأنا أمشي أتحدث فيدخل في فمي وأنا صائم، أنت معفو عنه. اشتدي أزمة تنفرجي، قد آذن ليلك بالفجر. الأمر إذا اشتد انفرج. إن مع العسر يسراً، إن مع العسر يسراً، ولن يغلب عسر يسرين. فالشريعة مبدؤها اليسر، فهنا يذهب. يتبرع بالدم لكنه هل يجوز له بيعه؟ يقول له: أنا آخذ منك نصف لتر دم في مقابل عشرة جنيهات. قالوا: لا، لا يجوز
له بيعه. لماذا؟ لأن المبيع نجس، والنجاسة لا يجوز بيعها. قال: طيب، وماذا نفعل؟ قال: الآن أنا محتاج إلى العشرة جنيهات، أذهب بها، ومحتاج إلى العشرة جنيهات ضروري، وهنا... عرض أنه من أخذ مني نصف لتر دم، له عشرة جنيهات. قالوا إذا على هيئة أخرى، كيّفوا لها نظرية لكي تكون موافقة للشريعة وموافقة لمصالح الناس. كيف تأتي؟ كيف؟ قال: رفعوا اليد عن الاختصاص. قال له: هذا غير البيع يعني. قال: نعم. قال له: لكن في النهاية هو. هو قال له هو هو هو هو لكنه موافق للشريعة ومحافظ على مصالح
الناس. هؤلاء الأتقياء الأنقياء الذين واصلوا ليلهم بنهارهم وقاموا بالليل سجداً لله. هذا الإمام الشافعي. هؤلاء الناس الذين اتصلوا بالقرآن الكريم، ليس وقت النابتة الذين لا يعلم بهم إلا ربنا، الذين يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم الناس. الذين تعلموا اللغة العربية فقال الإمام الشافعي برفع اليد عن الاختصاص، قلنا له: لا نفهم لأن هذا أصبح كالإنجليزي، أي يجب أن نفسر ما معنى رفع اليد عن الاختصاص. فقال: يعني أن الدم الخاص بك مختص أنت به، هذا الذي أنت مختص به ممسك أنت يدك هكذا حتى لا يأخذه أحد منك. الدم، ارفعي
يدك وإليك عشرة جنيهات لبيع وشراء الآن. لا، فرفعت يدي هكذا وأخذت العشرة جنيهات هكذا. مقابل ماذا؟ العشرة جنيهات مقابل رفع اليد عن ماذا؟ عن الشيء الذي أنا مختص به، والذي هو ماذا؟ الذي هو دمي. رفع اليد عن الاختصاص، عندما تركت يدي هكذا وذهب أحدهم. دخلت فيها الحقنة بالنظام الطبي المضبوط وتم سحب نصف لتر الذي يريده وانتهى الأمر، فأنا بعت نصف لتر بعشرة جنيهات. لا، يعني لو أخذ لتراً سأحاسبه على عشرين. لا، لأن نصف اللتر ليس مقابل العشرة هذه، بل العشرة مقابل
رفع اليد عن الاختصاص، والعشرة مقابل أنك تسمح له بإدخال الحقنة عندك. فلو أخذ ستمائة جرام بدلاً من خمسمائة، أي نصف كيلو، قليلاً هكذا لا يحدث شيء، ولا تأخذ مقابلاً لذلك لأنك لست تبيع ولا تشتري. أجل، هناك فرق كبير الآن بين رفع اليد عن الاختصاص وبين البيع. لو كان البيع، وأخذ ستمائة، لكنت أخذت أيضاً اثني عشر جنيهاً. سيأخذ سبع مائة، أخذ أربعة عشر جنيهاً، سيأخذ لتراً، إذاً أنا سآخذ عشرين جنيهاً. لا، هذا ليس بيعاً، هذا رفع اليد عن الاختصاص. حسناً، وبعد ذلك قال له: نحن أيضاً في بلدنا هكذا، كان في البلد تبرم الدم. قال له: لا، عندي حظيرة -
أعزكم الله - للبهائم، وهذه الحظيرة... فيها ما تُخرِجه البهائم من روث، هل هذا الروث نجس أم لا يا صادق؟ حضرة الإمام الشافعي، سيدنا الإمام الشافعي يرى أنه نجس لأنه خرج من مأكول اللحم. هل البقرة يُؤكَل لحمها أم لا؟ نعم، يُؤكَل لحمها، فيكون الخارج نجساً. حسناً، فهذا السماد للأرض وقد أصبح وقوداً في البلد، نجعله وقوداً. ونضعه في الموقد لكي نطبخ به ونعمل وندفئ الفرن وتصبح شيئاً جميلاً، وأنا لا أسامح نفسي أنني أعطي، يعني أنا لدي الآن غرفة مليئة بهذا الشيء. قال لي لا يجوز أن تبيعه لأنه نجس، فقلت له: يعني تريد أن
تقهرني؟ يعني فضيلتك تريد أن تقهرني؟ أيكون معي كل هذه الثروة وهذه المنفعة؟ وما أخذ شيئاً في المقابل، قال: "لا، دعها ترفع الكمية على وجه الاختصاص". قلت له: "حسناً، سررت لك. ماذا تريد؟" قال لي: "ها نحن سننزل الآن لنشتري سماداً كيماوياً يضر بالأرض وندفع فيه ألف جنيه". قلت له: "طيب، لماذا لا تأخذ هذا السماد الطبيعي الجيد الذي خلقه ربنا في..." مقابل انظر لا يوجد بيع وشكل مقابل خمسمائة جنيه فأعطتني الخمسمائة جنيه مقابل ماذا؟ أعطيك مفتاح الحظيرة، فأخذت أنت مفتاح الحظيرة وغبت ولم تأتِ. مرّ السبت ومرّ الأحد، وبعد غد يوم الثلاثاء. كيف لا تعرف؟ لأنه عندما
يمر السبت ويمر الأحد يصبح بعد غد نعم لا. مضى يوم السبت ومضى يوم الأحد، وبعد غدٍ يوم الأربعاء. بما أن ذلك قد مضى، فأنا الآن في يوم الاثنين، إذن سيكون يوم الأربعاء. لكن هو يريد ذلك هكذا، المغنواتي يريد ذلك، أو مؤلف المغنواتي. مضى يوم السبت ومضى يوم الأحد، وبعد غدٍ يوم الثلاثاء. حسناً، أمرنا لله. لا، نحن نتجاوز كثيراً. لقد أتيت. يوم الثلاثاء وجدت أن الحظيرة قد احترقت، فجاءتني تقول لي: "لقد احترقت الحظيرة، أعطني الخمسمائة جنيه". فقلت لها: "ليس لك حق، لقد أعطيتك المفتاح منذ يوم الجمعة، لماذا لم
تذهبي وتأخذيهم يوم الجمعة؟ ما الذي جعلك تتأخرين حتى يوم الثلاثاء؟ نعم، شيء ما قلته... أنت قلت إنك حر، هؤلاء كانوا..." في حيازتك أو تحت تصرفك منذ يوم الجمعة ليست ملكي أصلاً، فعندما احترقوا كانوا تحت تصرفك، فيجب أن تقول أنها تحت تصرفك لأن كلمة "ملكك" تعني البيع والشراء، قل "تحت تصرفك" أي تابعة لك، يعني لديك سلطة عليهم، ولذلك عندما تركهم ليوم السبت وأنا أخذت خمسمائة، ذهب وأعطاهم الواحد مرة أخرى بألف، يفعل هو. حرٌّ فيما هو في اختصاصه، لا يجوز له. وأنا إذن أقول له: ما هذا؟ أنت لم تأخذهم بعدُ،
والنبي يقول: "لا تبع ما ليس عندك". فيقول: "يا إلهي، هذا ليس بيعاً". فتكون هذه الأحكام تختلف إذن يا أخي، فيكون رفع اليد عن الاختصاص غير البيع لأن... البيع له أحكام ورفع الاختصاص له أحكام أيضاً. كيف نعرف هذه الأحكام؟ إذا كنت لا تعرف، فاسأل الشيخ، والشيخ سيخبرك لماذا. لا تتحير وتذهب. لماذا نحن جالسون نذاكر ونفعل ما نفعله؟ إنه لهذا السبب.