ما حكم من أنكر فرضية الحجاب؟ | أ.د. علي جمعة

أشك بأن إحدى صديقاتي تنكر الحجاب وأنه فرض، وهو مجرد شك بسبب جمل عابرة سمعتها منها، ولست متأكدة فهل نحكم بكفرها واستهزائها بالدين إلى آخر ما هنالك؟ أم ماذا نفعل في هذه الحالة؟ أولاً، صديقتي تنكر فرضية الحجاب من الجهل. المكفرات لا بد من توفر ثلاثة أشياء فيها، أن تأتي بال... يكفر قاصداً عالماً مختاراً مكفرات مثل ماذا؟ السجود للصنم.
لنفترض أنني أصلي وذهب أحدهم ووضع أمامي تمثالاً أو شيئاً ما، فأنا لست كافراً، وما شأني بذلك؟ كان سيدنا الرسول يصلي في الكعبة وفيها ثلاثمائة وستون صنماً، لكنه كان ينكر هذه الأصنام ولا يعبد الصنم. إنما الذي يسجد للصنم لأنه يعتقد فيه اعتقاداً [هو الكافر]. الوثنيين، هذا هو الكفر. فأول شيء أن يكون قاصدًا، والأمر الثاني أن يكون عالمًا. حسنًا، وما هذا إلا جهل. الجهل هذه مشاعر، وهذا الجهل رأيناه عبر السنين. نص الإمام اليوسي في عقيدته أنه كان وهو صغير مع
بعض عجائز مدينته، كان عمره ست أو سبع سنوات تقريبًا، وامرأتان تتحدثان مع بعضهما. فقالت إحداهما للأخرى: "إن شاء الله"، فردت عليها أختها قائلة: "إذا شاء من خلقه". الأولى قالت: "ماذا يحصل إن شاء الله؟" فالثانية قالت لها: "لا، عندما يصبح الذي خلقوا الذي خلق ربنا يشاء، فهو يشاء إن شاء الله". يعني هي تتصور تسلسلاً في الألوهية في ربنا وفي رب. ربنا وفي ربٌ ربٌ ربٌ ربنا وفي ربٌ ربٌ ربٌ ربٌ ربنا هذا
التصور الساذج لم يكفّرها به الشيخ اليوسي وعمل في عقيدته فصلاً لهذه الجهالة إلى هذا الحد حكى لي الأستاذ زكريا علي يوسف وكان صاحب مطبعة تُسمى بمطبعة الإمام وكان خادماً للشيخ رشيد رضا محمد رشيد رضا والشيخ محمد رشيد رضا من كبار العلماء وتلميذ الإمام محمد عبده. قال: كنتُ مع الشيخ رشيد وأنا أحمل له الحاجيات من السوق، بعض الخضار وبعض الأشياء الأخرى، وكان عمر الولد
اثنتي عشرة سنة، وهو الأستاذ زكريا، مع من كان؟ كان مع الشيخ رشيد، فجاء أحد علماء الأزهر وقبّل. وقف الشيخ رشيد وزكريا عن شماله والعالم عن يمينه، وساروا معاً في السوق الذي خلف الأزهر ليسألوا ذلك الرجل العالم. إنها فرصة ليسأل الشيخ رشيد عما يريد أن يسأله وبذلك يستفيد منه. وبينما هم يسيرون، كان هناك رجل يسب الدين لأخيه في السوق، وكان ذلك شخصاً يبيع البطاطس والطماطم. كان في السوق والثاني تشاجر معه فسب له الدين، فقال
له: يا مولانا ماذا نفعل في هذا الأمر؟ هذا رجل سب الدين لرجل آخر، هل نكفره ونفرق بينه وبين زوجته ونحكم عليه بعدم الدفن في مقابر المسلمين؟ فالشيخ رشيد رد الرد الخاص بالعلماء، قال له: حسناً، ألا تعلمون الإسلام أولاً؟ هو... الرجل عندما يسب الدين لا يدرك أن هذا يعني أنه كشخص يشتم الآخر، لا يعلم أن ذلك مكفر، ولا يعلم أنه لا يصح، ولا يدرك أنه خطأ. هو لا يعلم ذلك لأنه اعتاد على هذه الكلمة الخبيثة وكأنها شيء
عادي لا يترتب عليه شيء، يعني أنا أغضبك فحسب. نوعٌ من أنواع الغضب يمكن أن يكون أشد أنواع الغضب هو أن أسب أباك أو أمك، ويمكن أن يكون أشد نوع أن أسب بلدك، ويمكن أن يكون أقصى نوع أن أسب دينك لكي أنتقم منك. لكنه لا يريد أن يسب الدين ولا يريد - على فكرة - أن يسب أباك وأمك، إنما هو يقول لك. أنت هكذا يعني ليس عندما يقول شخص لآخر يا ابن الكلب، ليس أبوه كلباً، بل هو بشكل عام هكذا هو ابن كلب. يريد أن يقول هكذا، يريد أن يسبه هو شخصياً لأنه هو نفسه. هو يقول له يا ابن الكلب. فجاء الأب هذا ليقول له:
ألحقنا يا حاج، ألحقنا يا حاج. الله! يعني أنت... أحبه طبعاً، هذا أبي. فأجاب قائلاً: قلت له إنه جاءت في هذا. قال: لا، أنا لم أقصد هذا إطلاقاً ولا خطر على بالي. أنا أريد أن أسب الذي أمامي، وهو ذات الشخص الذي أمامي. فالناس تظن أن الدين هكذا، أنه يغيظ من أمامه. هو لا يريد أن ينتقل ولا... كذلك إلى آخره، إذا كان الأمر الأول: لا نستطيع أن نكفّر أحداً من المسلمين، فالمسلم من الصعب جداً أن يُحكم عليه بالكفر، ولا يمكن للقاضي أن يحكم عليه إلا أن يأتي بما يوجب الخروج عن الملة، وهو قاصد عالم مختار، وإلا فلا يستطيع القاضي نفسه الذي ينفذ حكمه ظاهراً أمام الناس وباطناً عند الله أن يكفّر مسلماً. لكن
عندما يأتي ويقول له: "نعم، أنا أقول إن الصلاة ليست فريضة، وأن هناك نبياً بعد النبي، وأن هذا القرآن باطل"، حسناً، لماذا تُسمي نفسك مسلماً إذن؟ أنت لا تريد أن تكون مسلماً! فقال: "نعم، أنا لا أريد أن أكون مسلماً". فحكم القاضي أن هذا الشاب ليس مسلماً. هكذا يعني يعني يعني شيء ليس سهلاً أو قالوا لا أنا أريد أن أصبح مسلماً لأصنع لكم فتنة هكذا ويصبح واحد من المسلمين قال هذا الكلام يقول له لا أنا لن أسمح لك بهذا وكل هذا عند حضرة القاضي وليس عند حضرة الأخت السائلة، فالأخت السائلة ليس لها علاقة بالقصة. جاء الصحابة مرة إلى ابن مسعود وقال له أحدهم: "جاري يهودي ويتعامل
بالربا وماله حرام، لكنه يدعوني للغداء وطعامه لذيذ، هل أذهب أم لا؟" فقال له: "لتهنأ بدعوته وعليه إثمه، ما شأنك بمصدر أمواله، فهو يحصل على المال منا والطعام وصل إليك عن طريق حلال، نعم الدعوة حلال ويجوز قبولها." إن أنا دُعيت عند يهودي، أو بالطبع، فليكن، أفعل ذلك. لا تجلس تفتش إذن من أين أتى بالدرهم والدينار الذي اشترى به هذا الطعام. ما هذا؟ هذا تنطع