ما حكم من عزم أن يفعل معصية ثم يتوب عنها ؟ | ا.د. علي جمعة

ما حكم من عزم أن يفعل معصية ثم يتوب عنها، فأراد مثلاً أن يشرب الخمر غداً ثم يتوب؟ قال: وبعدها على الفور يتوب إن شاء الله. هو على خطر عظيم لأن الله قد يوقعه في هذا الذنب ويكتب عليه الوفاة وهو يشرب الخمر، ماذا سيفعل حينئذٍ إن شاء الله؟ يذهب إلى الله سكرانًا عاصيًا بكبيرة من الكبائر بأم الخبائث، فإذا أمد الله عمره فهو إيذان ورحمة تبيح له التوبة. أما أن يدبر من الآن أن
يقتحم الحرام فهذا في حد ذاته حرام. نص ابن الصلاح في فوائد رحلته من أنه خمر فبان ماء، ربنا ستر وظهرت مياهًا وليست خمرًا. فإنه يأثم باتفاق لتعديه الحرمة وفي الحد قولان. هل نقيم عليه
حد الشارب أم لا؟ المسألة مبنية على قاعدة أصولية: هل هناك عبرة بالظن البين خطؤه؟ يعني عندي ظن وتصرفت بناءً على هذا الظن ثم تبين خطؤه، فهل هناك إبطال لهذا العمل أو أنه يترتب عليه طبقاً للظن؟ وضربوا. لذلك أمثلة منها: رجل تصرف في بيت أبيه وملك أبيه ظاناً أنه حي، قال له: "أبوك في هذه البلد، هذه العمارة أنا أبيعها"، فباعها. فتصرف بذلك
في ملك غيره، باعها الساعة الثانية عشرة، فجاءه الخبر أن أباه قد مات أمس الساعة الحادية عشرة، فيكون عندما باعها كانت العمارة ملكه. ما هو الوارث الوحيد، إذاً فهل البيع هذا باطل باعتبار ظنه وتجرؤه أو أنه صحيح باعتبار الواقع؟ فذهب الجمهور إلى أنه لا عبرة بالظن البين خطأه، لا عبرة بالظن البين خطأه. فمن شرب ماءً ظناً أنه خمر أثم باتفاق، خلاص
أثم باتفاق، لكن هو في الحد قولان مبنيان على هل... هناك عبرة، هل العبرة بالظن البين خطؤه أو لا عبرة بالظن البين خطؤه؟ فإذا كنت ممن تبنيت "لا عبرة بالظن البين خطؤه" تقول لا يُحد، وإذا قلت لا بل هناك عبرة بالظن إن بين خطأ تقول يُحد، مع اتفاقهما على أنه آثم.