ما علامات قسوة القلب؟ | أ.د علي جمعة

ما علامات قسوة القلب؟ | أ.د علي جمعة - فتاوي
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه مع المحجة البيضاء التي تركنا عليها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نسير عليها وإليها وبها عسى الله سبحانه وتعالى أن ينقلنا من دائرة سخطه إلى دائرة رضاه وأن يحيينا على سنة النبي المصطفى والحبيب المجتبى صلى الله عليه وآله وسلم حتى نلقاه. يسأل سائل: ما علامات قسوة القلب؟ قسوة القلب معناها
عدم التأثر. هناك من الناس من رقَّ قلبه، فإذا ذُكِر النبي المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم دخل في حالٍ مع الله، وشعر بانجذاب في قلبه إلى السيد المصطفى، وحدث له. خبوت وخشوع وخضوع يدل على أن قلبه ما زال حياً. هناك من الناس من إذا رأى الكعبة وكأنه يدهش من رؤيتها، فيرى فيها أنوار التنزلات والتجليات الإلهية، ويرى
فيها محلاً لنظر الله سبحانه وتعالى. ينظر إليها فتبكي عينه، ويرتجف قلبه، ويشتاق إلى أن يطوف بها وإلى أن يسجد لله إليها. في اتجاهها كما أمرنا ويرى فيها رحلة للقاصدين إليها الحاجين والمعتمرين وقبلة للمسلمين وقد أرشدنا الله سبحانه وتعالى إلى هذه المعاني وخص بها أمتنا فهي من الأسرار المعلومة فليس عندنا سر مخفي بل هي أسرار بمعنى أن الله سبحانه
وتعالى هدانا إلى يوم الجمعة وهدانا إلى المصطفى وهدانا إلى الكعبة فهدانا بذلك إلى القرآن الكريم، فهناك من يرق قلبه عندما يسمع ذكر الله، ألا بذكر الله تطمئن القلوب، والقسوة عكس ذلك. القسوة هي عدم التأثر، أي يرى الكعبة كأنه يرى أي شيء آخر. نقول له صلِّ على النبي، فيقول: اللهم صلِّ عليه، أي لا يتأثر ولا يحدث له شيء. الأول عندما يُذكر أمامه الله تعالى لا
يشتاق قلبه إلى شيء، ورجل قلبه معلق بالمساجد أي بأوقات الصلاة التي فيها السجود. إذا كانت هناك قسوة للقلب، أدرك الصحابة هذا، فقد ورد عن عمر رضي الله تعالى عنه: "اقرأوا القرآن وابكوا، فإن لم تبكوا فتباكوا". إذاً هذا علاج القسوة التي فيها. مشكلة الخشوع علاجها أن تبدأ بتشغيل عقلك، إذا كان قلبك مشغولاً استمر في تشغيل عقلك، أي أن
يتسلط عقلك على قلبك ويحركه قليلاً هكذا فتبكي، أي ادخل في حالة الخشوع بعقلك. فإذا فعلت ذلك وتدربت عليه لأن قلبك مجرد، وهناك أيضاً كثرة الصلاة على الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم. حيث إنها من الأعمال المقبولة، فإذا صليت عليه ولم تجد قلبك يتحرك، فداوم على الصلاة عليه. ولذلك تعلق الناس بدلائل الخيرات وبكنوز الأسرار وبتلك المجاميع، لماذا؟ لأنهم وجدوا فيها أنفسهم ولانت لهم
قلوبهم بعدما استمروا في المداومة على الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، فخرجوا من القسوة إلى اللين. وبذلك عرفنا أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم والإكثار منها لأن الله لما أمرنا بالذكر لم يأمرنا بمرة، قال: "فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون". لكن قال: "والذاكرين الله كثيرا والذاكرات" و"اذكروا الله كثيرا". يبقى العلة أين والسر أين؟ "كثيرا" هذه هي التي ستلين القلوب بذكر. بالله وبالصلاة على النبي المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم تلين القلوب ويتعدل
الحال. في البداية قد لا تجد ليناً للقلوب حتى تدمن الصلاة على النبي ولا تستطيع أن تتركها، بل هي تغلب عليك وتحيط بك فتحصنك حتى من الذنوب التي يحار الإنسان في القضاء عليها، فأكثروا من الصلاة. على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فإن فضلها عظيم وجليل