ما معنى الاسرائيليات؟ وكيف نتعامل معها؟ | أ.د علي جمعة

ما معنى الاسرائيليات؟ وكيف نتعامل معها؟ | أ.د علي جمعة - فتاوي
سائل يتساءل عن ماهية الإسرائيليات، وهل جُمعت في كتاب، وهل نمتنع عن قراءتها. الإسرائيليات هي تفاعل المسلمين مع الأقوام الأخرى التي دخلت الإسلام في مصر وفي الشام وفي العراق وإلى آخره. تفاعلنا معهم ولم ننكر ثقافتهم، فعندهم روايات وحكايات. نحن لكي تكون لدينا روايات وحكايات عن سيدنا الرسول. الله لها سند، القرآن له سند، والسنة لها سند. عندما دخلنا قلنا له: "ما يا جماعة، أين
سندكم إذن؟" قالوا: "سند ماذا؟ نحن لا نفهم". الله! هل أنتم متروكون هكذا؟ قالوا: "نحن متروكون، روايات شفوية غير موثقة". الله! ما هذا؟ حسنًا، هذا يمكن أن يكون صحيحًا ويمكن أن يكون خاطئًا، فهي ليست بحجة. حسناً، أنا وجدت فيها معلومة والمعلومة صحيحة، آخذها لأن الحكمة ضالة المؤمن فهو أحق بها متى وجدها، وجدت لكنها ليست حجة. ماذا يعني أنها ليست حجة؟ يعني أرفضها، نعم أقول لا، هذا الكلام كله لن آخذه، لن أجعله حجة عندي وبناءً عليه، لأن ثقافتنا مفتوحة ولأن...
في بعض الأحيان لا توجد رواية حول موضوع معين، ثم كنا نقول: قيل رُوي كذا، قالوا كذا. أين الذي قالوه هذا؟ يعني هو أصلاً ليس حجة، دع عنك هذا. هل أنت منتبه؟ هذه هي الإسرائيليات، وعندما سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نروي قال: "حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج". لكن دعوها لهم وإنْ كانت هذه إسرائيليات، فمن الممكن جداً أن تكون مفيدة، ومن الممكن جداً أن تكون ضارة، ومن الممكن أن تظهر أنها
تافهة لا معنى لها. ميزة بني إسرائيل أنهم كان يأتيهم أنبياء كثيرون جداً، وكل نبي يقول شيئاً، لكن هذه الأشياء حُرِّفت ونُسيت وتُلوعِب بها كل ملعب، ولذلك لم تعد محل ثقة. ومحل الحجية ليس فيها حجة أبداً، فنحن نعرض الأمر على الحس وعلى العقل وعلى المصلحة، فما وافقه رويناه ونسبناه. نقول هذا إسرائيلي جاء من الإسرائيليات يعني عن الأنبياء لكن بدون توثيق، نحن لا نعرف، وهناك احتمال كبير جداً أن يكون خطأً. هذه هي حكاية الإسرائيليات عندما نذهب إلى قصص الأنبياء للثعالبي.
قصص الأنبياء للثعالبي مليئة بالإسرائيليات المنقولة من أخٍ لأخيه. هل انتبهت كيف أنه يصف شكل آدم، وما فعله موسى، ومن أين جاءت عصا موسى؟ هل يعرف أحد من أي شجرة كانت عصا موسى مثلاً؟ يعني هل كانت عصا موسى من القاس، من شجر اسمه القاس؟ طيب، أنا رأيت عصا موسى! والله ما رأيتها. طيب لنفترض أنها... طلعتْ ليست من الآس، يعني تخرج من الآس، تخرج من القلقاس. ماذا يعني هذا؟ ما الأحكام الشرعية التي ستُبنى على ذلك؟ لا شيء، لا توجد أحكام شرعية مبنية على ذلك. هذه معلومة طريفة. وشجر الآس هو
شجر الجوافة، حسناً، فتكون عصا موسى من الجوافة. هذا كلام عجيب! هل رأيت؟ عصا موسى يا مولانا والله ما رأيتها، أتعرف عصا موسى؟ والله لا أعرفها. قال: الكلام الذي هذا نوعه لا يُعدُّ علماً نافعاً، والجهل به لا يضر، وحينئذٍ تجوز الرواية بهذه الشروط، وكلها ليست بحجة، ولا نأخذ منها أحكاماً ولا مواقف ولا عقائد ولا غيرها.