ما معنى غربة الإسلام؟ | أ.د علي جمعة
يقول سيدنا: "بدأ الإسلام غريباً وسيعود كما بدأ، فطوبى للغرباء". ما معنى غريب؟ وكيف يكون غريباً؟ يعني الإسلام كان في قلة: سيدنا النبي، السيدة خديجة، سيدنا علي، وبعد ذلك آمن معهم أبو بكر، ثم آمن معهم الثمانية، وكان معهم ابن مسعود. وكل هذا الكلام قلناه ونحن نشرح السيرة، وبعد ذلك كثروا. صاروا قليلاً ثم أصبحوا عشرين ثم أصبحوا كثيرين، فذهبوا إلى دار الأرقم بن أبي الأرقم. وبعد ذلك انتشروا عندما دخل سيدنا عمر وسيدنا حمزة في الإسلام، فبدأ ينتشر
شيئاً فشيئاً. فبدأ الإسلام غريباً. قال عفيف: كانت لي تجارة مع العباس فجئت إلى مكة فرأيت عجباً. هذه هي الغربة، عجباً! وجدت رجلاً يخرج من خيمته. خيمة كذلك ثم تخرج امرأة فتقف خلفه ثم يخرج صبي فيقف عن يمينه فقلت يا عباس ما هذا؟ ما الذي يحدث هنا؟ شيء غريب! هذا الغريب! شيء غريب يفعل له هكذا! كيف؟ ما هذا؟ قال: هذا ابن أخي محمد يزعم أنه قد أوحي إليه وهذا ابن أخي علي صدقه فيما يقول وهذه
زوجته خديجة بنت خويلد آمنت به. قال عفيف: فوددت لو أني أسلمت حينئذ فأكون أول من أسلم. يبدو أن الكلام هذا حدث قبل إسلام أبي بكر. فوددت أن أسلم في ذلك الوقت فأكون أول من أسلم. هذا هو الغريب، الغريب أن الناس تستغرب الإسلام كثيراً الآن، يستغربونه. الحمد لله في... بلادنا لأنها بلاد المسلمين لم تستغرب الأذان بعد، ولم تستغرب الصلاة بعد، ولم تستغرب الحج بعد، ولم تستغرب التكبير بعد، ولم تستغرب أشياء كهذه، أما عندما
تذهب إلى أمريكا فإنهم يُحضرون أطفالاً من المدارس ليشاهدوا المسلمين في المركز الإسلامي، فيجدونهم يصلون فيتعجبون جداً: "ماذا تفعلون على الأرض؟" لأنه ليس معتاداً على هذا السجود، ما هذا السجود؟ لماذا تفعلون هكذا؟ طيب، لماذا تسجدون؟ استغراب. ثم بعد ذلك يُمكَّن في الأرض، فيصبح عند النبي كان غريباً ثم مُكِّن في الأرض وسيصبح غريباً، وبعد ذلك يُمكَّن في الأرض والناس تدخل في دين الله أفواجاً.