ما معنى قول أبي سعيد الخراز : رياء العارفين أفضل من إخلاص المريدين؟| أ.د. علي جمعة

يسأل سائل ما معنى قول أبي سعيد الخراز: "رياء العارفين أفضل من إخلاص المريدين"؟ الرياء هو أن تظهر الأعمال، والإخلاص هو أن تُبطن هذه الأعمال فتجعلها في السر بعيداً عن أعين الناس. وسُمي الرياء رياءً لأن الناس تراه، فسُمي رياءً أتى من الرؤية. فمعنى كلام أبي سعيد أن العارفين بالله... سبحانه وتعالى إذا أظهروا أعمالهم أظهروها من أجل أن تتعلم الناس ومن أجل أن يعرفوا أحكامها ومن أجل أن ينقلوا
هذا الدين لمن بعدهم بصورة لافتة للنظر، ولا يعني أن قلبه قد توجه لغير الله، لأنه لو توجه لغير الله خرج عن كونه من العارفين، وهذا الذي نتكلم عنه رجل. تعلق قلبه بالله لكنه يرى الإنسان والناس عمله فيكون رياء العارفين منهم هو يريد طبقاً لمرادات نفسه أن
يعتزل وأن يبعد عن الناس أن يبعد عن الناس ولكن الله سبحانه وتعالى يريد منه شيئاً أعلى وأخرج البستي في العزلة عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من اعتزل الناس فهو خير، ومن خالطهم وصبر على أذاهم فهو أفضل. إذاً، العزلة قد تكون خيراً يفر الرجل بدينه من الفتن، ولكن حال الأنبياء المخالطة والصبر على أذى الناس وعلى تعليمهم وعلى تبليغهم. "بلغوا عني ولو
آية"، فهذا هو رياء العارفين أن يُرَى الناس. عباداته حتى يتعلموا منه حتى ينقلوا هذا الدين لمن بعدهم، فينظر إليه الصغير والكبير ومن جعله حجة ومن ظن فيه الولاية، فيتعلم إخلاص المريدين وهو منكف عن الناس لا يريد أن يظهر، إلا أنه قد يعجب بنفسه ويقول: "نعم يا ولدنا، اليوم قمت الليل وأديت الأوراد كلها مائة مائة" ويعمل. لروحه هكذا، والعجب يكون درجة أقل من مراد التعليم والصبر على أذى الناس،
فيكون رياء العارفين بهذا المعنى حتى تتسق كلمة رياء التي تعني الرؤية، والعارفين الذي يعني تعلق القلب بالله هو أفضل وأعلى من إخلاص في الخفاء قد يختص بنفسه حتى من غير رياء ولا عجب إلا أنما كان. نافعاً للناس فهو أولى مما كان قاصراً على نفسه، فهذا هو معنى قول أبي سعيد رحمه الله تعالى في هذا الشأن.