ما معنى " الفوضى الخلّاقة " ؟ | أ.د علي جمعة

تفضل. يسأل عن الفوضى الخلاقة. الفوضى الخلاقة مبنية على نموذج معرفي وهو أنه ليس للكون إله، وما دام ليس للكون إله وانتهينا، فإننا نريد أن نفسر ما يحدث أمامنا في الفلك وفي البحار وفي الأشجار وفي الأنهار وفي الأبقار (جمع بقرة) وفي الأحجار، وكل هذا. ففي بعض الأحيان لا نستطيع أن نفسر، فخذوا. من هنا الخطوة الثانية أن هذا الكون فوضوي،
كله فوضى، ما هو لا يوجد إله، فما فائدة أن يطلع القمر وينزل؟ ما هذا؟ هم لا يفهمون، فتصبح الدنيا بُنيت على أساس أنه لا توجد أمانة الله، لا يوجد الله ولا شيء. والله، إنه كلام مجانين، لكن هكذا حدث، لا يوجد شيء. يا الله! حسناً وبعد ذلك، إذا لم يكن هناك يوم قيامة ستكون مصيبة. سيأكل الناس بعضهم بعضاً. لو تخيلت هكذا أنه لا يوجد إله ولا يوم قيامة، فلماذا لا يقتل الناس بعضهم بعضاً؟ بل يوجد الله ويوجد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ويوجد يوم قيامة. هذا أمر لازم وإلا أصبحت الدنيا سوداء. قالوا إن الدنيا سوداء
وساروا في هذا الطريق المظلم، فوجدوا أنهم لا يستطيعون تفسير أشياء كثيرة. فوق كل ذي علم عليم، ومن المحبرة إلى المقبرة. هل أنت منتبه؟ "وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً" و"قل رب زدني علماً". إذاً العلم لا يعرف الكلمة الأخيرة، فقالوا نحن لا نستطيع التفسير ونحن... حسناً، نعلم أنه إذا لم يكن هناك إله فستكون الدنيا فوضى. قالوا: طيب انظر إلى التناقض، ما الذي ينجح مع الفوضى؟ الفوضى! لماذا أنت متنبه؟ أنت الآن تميل إلى التوازن
عندما تكون الدنيا في حالة فوضى، فلا تجعلها فوضى لكي تصبح فوضى، لكن إذا واجهت الفوضى بفوضى، فأنت معترف بالتوازن ومدرك له في داخلك. السعيد لسعيدة، آه، إذاً أنت تنقض فلسفتك أصلاً. ما علينا، قالوا إذا كانت هذه الفوضى، لا بد أن يأتي أمامها فوضى حتى تنجح، وخلصوا على هذا القدر. التقط هذه الكلمة شاب مهندس، ما هذا؟ مهندس، وكان تخصصه الغسالات التي هي الـ(ووشر)، الغسالة
يعني. هذه الغسالات، الغسالة فيها شيء اسمه الحلة. هل انتبهت إلى أن حلة الغسالة، ذلك الشيء الذي بداخلها والذي تضع فيه الملابس، لها برنامج؟ الغسالة الأوتوماتيكية، الحلة التي بداخلها لها برنامج. ماذا يفعل هذا البرنامج بها عندما تشغلها؟ يهزها أو يجعلها هكذا أو يجعلها هكذا، تعمل مثل البندول وهكذا أنواع. فهذا المهندس قال: ما دامت الدنيا فوضى، يجب أن نجعل هذا البرنامج. فوضى، دعنا نجعل برنامج الغسالة فوضى،
فأنا سأجعلها تتحرك بطريقة فوضوية، ليس هكذا ولا هكذا ولا هكذا، بل مرة هكذا ومرة هكذا ومرة هكذا ومرة هكذا ومرة هكذا. هكذا ليس لها عقل ولا نظام ولا ترتيب، فصنع هذه الحلة، هل انتبهت؟ وقال أنا أحضرتها من "الكريتيف كيوس". التي هي الفوضى الخلاقة، فوضى لكنها أعطتني فكرة، هي فوضى نعم لكنها ألهمتني بفكرة. ووضع فيها الغسيل والغسيل لونه أبيض فصار أكثر
بياضاً، أصبح أكثر بياضاً. قال: ألم تروا الآن وصدقتموني؟ فعندما أصبح أكثر بياضاً وكتب في هذا، وفعلاً بدأت الغسلات تنزل ببرنامج ليس له ترتيب، ثم انتقلت الفكرة. إلى عالم السياسة، انتبه أنني ذكرتها لك منذ البداية، انتقلت إلى عالم السياسة. فأهل السياسة قالوا: ما دام العالم ليس فيه الله، اتفقنا يا جماعة. قالوا: اتفقنا، وأيضاً ما دام لا يوجد إله، فالأمر فوضى، نعم إنها فوضى. انتبه إلى اسم الفيلم لأن هؤلاء جميعهم.
أتعلمون ما أقوله هذا؟ إنها فوضى، والفوضى نواجهها بماذا؟ بالفوضى. قال: حسناً، نريد أن نعيش حياتنا في فوضى لكي نلهم الأفكار المبدعة التي تجعلنا كما جعلت الغسالة الملابس أكثر بياضاً، أكثر استقراراً، أكثر رفاهية، وهكذا. قالوا: حسناً، ما الشيء الذي يجعل الناس ليسوا في فوضى؟ ما هذا الشيء الذي يجعل... الناس ليست في فوضى،
فقالوا خمسة أشياء هي التي تجعل الناس مستقرة هكذا. إن ما كان بالأمس هو ذاته اليوم، وما هو اليوم هو النظام. وماذا يعني هذا النظام؟ قالوا إنه خمسة أشياء في النظام، إذا أزلناها كما تزيل مسامير عجلة السيارة، ماذا يحدث؟ تسير بك مترين ثم تنقلب خارجاً هكذا. فنحن نريد... ننزع النظام، تنزع النظام بماذا؟ بقلب الكريتيف كايوس، بالفوضى الخلاقة التي هي ماذا؟ بعد الشرق ماذا ستفعلون؟ قال خمسة، أسمعني شجين، قال خمسة رقم واحد الذي يضبط هذه الدنيا كلها، ما
هي الأسرة؟ لماذا يوجد باب ويوجد أم، والأم تجلس تقول: أدباً، كُلْ يا ولد، ماذا أفعل؟ دع... لم يخلق الله الناس لتعيش كما يريد، فالسلطة الأموية والسلطة الأبوية لا بد أن تزول. فنادى: من الأسرة؟ كيف ستكون الأسرة؟ رجل يتزوج امرأة وينجبان أطفالاً، ماذا ستفعل؟ تحدثوا كثيراً كثيراً، وكل الكتب على فكرة موجودة باللغة العربية وليست موجودة باللغة الإنجليزية، فتحدثوا عن عمود النسب الذي استقوه من علم الأنثروبولوجيا. خاص بالبدائيات الذي كنا لا زلنا نتحدث فيه، وقالوا
إنهم يريدون هدم عمود النسب هذا. هذه الأفكار الموجودة في الروايات التي تنتقل إلى السينما، ثم إلى الصحافة، ثم إلى الجامعة، ثم تُتخذ بها قوانين. دائماً عندهم هكذا تبدأ المسائل بروايات وتنتقل من الروايات إلى السينما، ويقيس نبضك أو يغير ذهنك. عندما تشاهد الفيلم، سواء اقتنعت به أم لم تقتنع، انظر ما يحدث وكيف ينتقل من السينما إلى الصحافة، ومن الصحافة إلى الإعلام، ومن الإعلام إلى الجامعة، ومن الجامعة
إلى البرلمان. حدثت هذه الرواية تسعين أو تسعمائة مرة. الشيوخ الجنسي فعل كذا، والإجهاض فعل كذا، والذي كذا والذي كذا. بدأ ذلك في سنة أربعة وسبعين. الروايات عن الجندر، ماذا يعني جندر؟ يعني نفر، يعني نوع. ماذا يعني جندر؟ إنسان توصيف كذا، يعني جندر توصيف ماذا؟ إنسان يعني ماذا؟ يعني جندر، يعني أصبح شخص هكذا كم. أنت تُخفي شيئاً، أنت بهذه الكلمة تُخفي شيئاً. لماذا أشعر هكذا؟ قال: أتشعر أنني أُخفي شيئاً؟ نعم، ماذا؟ التي هي قال: أنا أريد أن أزيل المذكر والمؤنث، الرجل والمرأة، الذكر والأنثى. قلت له: كيف تزيلهم؟ يعني لست أفهم، يعني كيف ستزيلهم؟ هذا ربنا خلق الدنيا هكذا، رجل وامرأة، والرجل فرح
أنه رجل، والمرأة فرحة أنها امرأة. قال: هذا ما يفسد الدنيا. قلت: حسناً، تريدها أن تكون ماذا؟ قالوا... الرجل يريد أن يعيش كامرأة؟ كيف يعيش كامرأة؟ يلبس مثل المرأة ويتصرف تصرفات المرأة ويتكلم مثل المرأة. حسناً، هذا أمر مقزز، قال: مقزز عندك، لكن دعنا هكذا. والمرأة تريد أن تعيش كرجل! تعيش؟ قلت له: حسناً، بهذا أصبح لدينا أربعة أنواع، رجل يريد أن يصبح... رجلٌ ورجلٌ يريد أن يكون امرأةً وامرأةٌ تريد أن تكون امرأةً وامرأةٌ تريد أن تكون رجلاً. قال: لا، أنت أيضاً هكذا، ذهنك ليس جيداً. قلت له: حسناً، وما الجيد؟ قال: الجيد أن هناك رجلاً يريد أن يكون
رجلاً وامرأةً، وهناك امرأةٌ تريد أن تكون رجلاً وامرأةً. قلت له: آه، هكذا سنزيد قليلاً أنتم. تضحكون على هذا الكلام، لكنه حاصل من قبل أن تولدوا. هذا الكلام يعمل منذ أربعة وسبعين، يا إخواننا، ونحن الآن في أربعة عشر، أي مضى عليه أربعون سنة ولم يصلكم بعد. ليس فقط هو في الطريق قادم، بل هو في الطريق بالفعل. افهموا الكلام. فهم يريدون هدم عمود النسب، وهدم الأسرة، فلا ذكر ولا أنثى. وجعلوها حسب إرادة الإنسان. قلت له: "حسناً، وماذا سيحدث إذن؟ ما كانت هذه الأسرة شيئاً". قال: "نعم، قبل... قبل... ماذا يعني؟ زوجان
اثنان". طيب، وهذان الاثنان ما شكلهما إذن؟ إحدى وعشرون صورة: رجل وامرأة بما يرضي الله، ورجل وامرأتان، وامرأة ورجلان، وامرأتان ورجلان، ورجل متزوج رجلاً فقط. منهم واحدة امرأة والآخر رجل، ورجل متزوج رجلاً، أي اثنان من الرجال والنساء، لا، الاثنان واحدة امرأة وواحد رجل. فكلما نقرأ ونفهم
نقول: ما هذا! الله يخرب بيوتكم! الله يحرقكم! من الصدمة يقول: انظر كيف أنه متخلف، أرأيت؟ أنت غير متقبل لوجهة النظر الأخرى. يا سيدي، أنا لست متقبلاً لها، لست متقبلاً. وجهة النظر الأخرى هذه، الله يحرقكم، الله يخربكم. انظر كم أنت عنيف! نعم عنيف يا صديقي. أنا لست عنيفاً ولا أي شيء، ها نحن نتحدث عن السلام والتعايش وكل شيء من هذا القبيل. إلا ما اختر واحد أنت، لأنك تتحدث عن السلام وترفض هذه الأمور التقدمية. قلنا لهم حسناً على كل حال. نحن اقتربنا من الموت بعد عمر طويل، بعد عمر قصير، اقتربنا من
الموت، اقتربنا من الموت، لن نعيش بقدر ما عشناه، فالبركة فيكم، لكن يجب أن نضع لكم قواعد تتعاملون بها مع هذا الهم الثقيل، إنه هم ثقيل. حسنًا، هكذا أنت قضيت على الأسرة وعلى سلطة الأب وعلى سلطة الأم وجعلت الأبناء يخرجون من غير أب وأم، طيب، الرجل الذي تزوج رجلاً، والمرأة التي تزوجت امرأة، كيف سينجبون؟ قالوا: يتبنون. من أين يتبنون؟ قال: هناك أناس يزنون ولا يريدون بناء أسر، فيتركون أطفالهم ليأخذهم هؤلاء كأسر بديلة. حسناً، إذن قضينا بذلك على الأسرة. قال: نعم، هل ارتحتم؟ قال: لا، نحن نريد
القضاء. النقطة الثانية على الدولة، ماذا عن الجيش والشرطة والقضاء والتعليم والإعلام والحكومة؟ ما هذا؟ لقد خنقتمونا. ماذا سنفعل إذن؟ قال: ألغِ كل هذا الكلام، كله يُلغى. الشرطة تصبح قوات خاصة، ومعه مسدس لكي يجري وراء اللص، وراء كذا إلى آخره، لأن الذي سيخالف القانون أيضاً سنعاقبه، لكن لا تكون هناك دولة. لا توجد سلطة تنفيذية ولا سلطة تشريعية ولا سلطة قضائية، لا لا لا، هذا الكلام كله يضغط على عقولنا فلا نريده، وهناك ظلم وفساد. حسناً،
من الذي سيدير شؤون الناس إذن؟ قالوا إن منظمات المجتمع المدني ستديرها. منظمات المجتمع المدني هي التي ستحل محل الدولة، نعم، وستتولى التعليم والصحة والمرافق. وكذا إلى آخره عن طريق منظمات مجتمع مدني التي سيمكنها القانون في قيادة البلد. حسناً، أرضاكم هذا؟ قال: لا، لم نرتح. حسناً، ماذا تريدون؟ نريد أن تُزال كلمة "الأصول" هذه من عندنا تماماً. "يصح وما لا يصح" هذه لا تقولوها، أي الموروث والعيب. لا يوجد شيء اسمه عيب، لا
يوجد. شيء اسمه خطأ. الخطأ والعيب نحن الذين نصنعه. قلت له: "يعني مثلاً، أنت تريد أن تمشي عارياً في الشارع؟" قال: "نعم، ليت ذلك يحدث". قلت له: "هذا عيب أم ليس عيباً؟" قال لي: "لنسأل عبر الإنترنت الآن، ونسأل الناس مثل الشيخ مُقشر داع، كما تسأل الناس: كيف نقتل الطيار الأردني؟ ما هي كيفية قتله؟" كيف أن سبعين شخصاً يقولون اقتلوه حياً هكذا، اذبحوه وشرحوه، فيصبح هذا هو الحق؟ فلو أن سبعين بالمئة قالوا لنا امشوا عراة، أنمشي عراة؟ وإذا قال سبعون بالمئة نحن لسنا عراة، فيقول: حسناً، هذا يعني أن الآلي مخطئ، ونسأل في السنة القادمة. نعم،
يستمر إلى أن يقتنع الناس أو... ليس لنا علاقة ولكن السبعين في المائة هو ما نتبعه عن طريق هذا السؤال، ولذلك تجدون دائماً على الإنترنت استفتاءات واستطلاعات واستبيانات، لماذا؟ تدريباً للناس على هذه القصة التي ستحدث بعد قليل، والتي سيُسألون فيها هل الصدق مفيد أم غير مفيد؟ سبعون في المائة قالوا إنه غير مفيد، انتهى الأمر. إذاً لا يصلح. احذر أن تصدق. أنت تتكلم بجدية يا مولانا؟ نعم، هذا الكلام يا مولانا. أأنت واعٍ؟ ماذا تقول؟ أنا واعٍ وموجود يا مولانا. نعم موجود، نعم موجود. كانت هناك مجلة ونحن صغار كنا نقرؤها اسمها "ميكي"، ميكي ماوس الخاص بوالت ديزني. نعم، كان
في ميكي هذه شخصية. اسمها "الثعلب الماكر"، ابنه ثعلوب، ابنه ماذا؟ ثعلوب. الثعلب والرجل الكبير ثعلب، والولد الصغير ثعلوب. وثعلوب يصاحب الخنازير الثلاثة الذين يحاول ثعلب أبوه أن يأكلهم، ودائماً عندما يكون مدبراً أن يأكل الثلاثة، يأتي الخنزير الصغير، الخنزير الصغير، فيذهب ليأكلهم فيفسد عليه ويقول له: اذهب، قل له، اذهب، قل، اذهب. يقول لهم ثعلب ضجِر من ابنه الثعلب لأنه يُخرب عليه ويُضيع عليه
صيد الخنازير الثلاثة، فأخذه إلى المدرسة. هذا الكلام كله مُثبت وموجود. أخذه إلى أي شيء؟ إلى مدرسة تعلمه سيئ الأخلاق، المدرسة تعلمه سيئ الأخلاق. فالأستاذ يكتب في المدرسة على السبورة، يكتب، فضربه أحدهم من الخلف بطباشيره، بشيء، بحجر أصابه في... فنادى قائلاً: "من الذي فعل ذلك؟" فالولد الذي ضرب قال: "ثعلوب هو الذي فعل ذلك". فقال له:
"أحسنت يا ثعلوب أن تؤذي الأستاذ، فماذا يعلمهم؟ إنه سيئ الأخلاق، لك جائزة". فثعلوب كان صادقاً فقال له: "يا أستاذ لكنني لم أضربك". قال له: "لا تخف، لقد فعلت الصواب". ضربت أستاذك وهذا صحيح. قال له: لكن أنا لم أضربك، الذي ضربك هو الولد الذي كذب هذا. قال له: يعني أنت ارتكبت جريمتين. قال له: نعم، هو ارتكب جريمتين، فأعطى له جائزتين: جائزة للكذب لأنه أرشد على شخص لم يفعل، وجائزة لأنه ارتكب الجريمة. هذا الكلام قرأته. وعندما كان عمري عشر سنوات،
كانت نفس الأفكار مستمرة. طبعاً كانوا يمدحون ثعلوب في المجلة. أقصد أن الفكرة ما زالت موجودة، مدرسة الشر موجودة، ومدرسة المشاغبين، والقول بأن هؤلاء أطفال مضحكون لطيفون طيبون وهكذا. فالأمر الثالث أنهم لا يريدون كلمة صح وعيب وخطأ، ولا يصح أن تخاصم زميلك، فلنترك هذا الأمر. إذا حدث هكذا فاهدأوا والله يهديكم. قال: لا، الله مَن؟ لقد قلنا لا يوجد إله. حسناً، إذاً مَن؟ ماذا؟ ماذا ستفعلون أيضاً؟ قالوا: الدين، دعوا حكاية الدين هذه. هذا
الدين هو سبب كل بلاء، ونحن تخلصنا منه في أوروبا منذ زمن، مئتين ثلاثمائة سنة، مئتي سنة من. أيام التنويريين لكننا نراه ما زال له آثار حتى الآن وموجود، فوضعناه في الخمسة وتهدؤوا وكونوا ساكتين. قالوا: لا، لن نهدأ ساكتين. الله! إذاً ماذا ستفعلون أيضاً؟ حطمتم الأسرة وحطمتم الدولة وحطمتم الدين وحطمتم الموروث الأخلاقي والثقافي. ماذا تريدون أيضاً؟ تريدون أن نحطم اللغة؟ هذه اللغة هي الأساس في كل ذلك. كيف تهدمونها؟
قالوا نزيل كلمة العائلة ونضع كلمة الرابطة، نزيل كلمة ميل ونضع مِيل، ونضع كلمة النوع الاجتماعي. لا يوجد ذكر وأنثى بل نوع، ولا توجد أسرة بل مجموعة، ولا زوج بل قرين، وكل فترة نطور في اللغة هكذا. حسناً، ألن ينتهي التواصل بين الناس بهذه الطريقة؟ قال: لا، سنفعل ذلك على مراحل. انتقالية، دعونا نجعلهم يفهمون بعضهم أيضاً. كل شيء عرفت معنى "الفوضى الخلاقة". حسناً جداً، حاضر. طيب وهل سيتم هذا فجأة؟ قالوا: لا، لأن النظم القانونية الحاكمة
للعالم لا تتحمل هذا الوضع فجأة. يعني تخيل أنه غداً لا توجد أسرة، لا توجد دولة، لا يوجد... النظم القانونية نفسها لا تتحمله، لا. في أمريكا أو في اليابان، حسناً، ماذا نفعل؟ نمشي خطوة خطوة، لكن ليكن في ذهنك الخريطة والهدف، وهو أن يعود الإنسان إلى حريته حتى فيما خلقه الله وفيما لا يوجد فيه ربنا، وأن يفعل ما يشاء دون أي نوع من أنواع السلطات، وأن هذا لن يتحقق إلا بالفوضى، وأن الفوضى لازمة. تُضْرَبُ هذه العناصر الخمسة الأساسية حتى يُبْدِعَ الإنسان نهضته الثانية.
أين النهضة الأولى التي أنكروا فيها الدين وضيعوا فيها الدين؟ حدثت نهضة من ألف وثمانمائة وثلاثين إلى ألف وتسعمائة وثلاثين، اخترع الإنسان خلالها ما غيَّر به وجه الأرض في الاتصالات والمواصلات والتقنيات الحديثة، فأصبح هناك كهرباء. في ميكروفون وفيديو وأشياء كثيرة، كل هذا كان في ألف وثمانمائة وثلاثين وألف وتسعمائة وثلاثين. كل شيء: التلفزيون والراديو والقطار والطائرة والسيارة. نحن لم نصنع شيئاً من ألف وتسعمائة وثلاثين حتى الآن. نركب ونطور ما اخترعوه في المائة سنة التي سبقت ذلك، فصنعنا الهاتف. المحمول الذي فيه تسجيل، الذي فيه فيديو، الذي يصور، التي كلها مصنوعة ولكن
وضعناها في مكان بهذا الحجم. الاتصالات والمواصلات والتقنيات الحديثة والكهرباء وما إلى ذلك والتكييف وغيره، غيرت حياة الإنسان. أعطت صورة مظلمة للفوضى الخلاقة. حسناً، ألا تشفقون على البشر؟ قالوا: لماذا نشفق عليهم؟ لا يصعب عليك إلا أنكم أخذتموها الآن منذ ظهور الإنسان منذ نصف مليون سنة، وأنتم تسيرون في هذا النظام. دعونا نجرب نصف المليون سنة القادمة في نظامنا، ونرى أيهما أفضل، وإذا حدث في نصف المليون سنة القادمة أننا كنا مخطئين، صححوها يا سيدي وعودوا مرة أخرى إلى النظام.
هذا ربما يمكن أن يقوله شخص متمسك بعقله، نعم، لكنه غير متمسك بدينه. نعم، هو عاقل، لكن ليس لديه ديانة أو ليس لديه دين. ليس لديه... هذه هي القصة وهذه هي الرواية. نعم، لا، لا، هذا الإلحاد هذا شيء... أي يعني أنه لا يتقدم، هكذا، هذا هو، لا يتقدم. له قبل الخطوة الأولى... الخطوة الأولى هي الهبل الذي أدخلونا فيه، وها أنت ترى ليبيا، وها أنت ترى السودان، وها أنت ترى العراق، وها أنت ترى سوريا، وها أنت ترى اليمن. هذه هي الخطوة الأولى، ولذلك عندما
وقفنا ضد هذا البلاء لم يكن أحد يتذكر شيئاً، وقلنا أيها الجيش. من اعتدى عليك فاضرب فيه بقوة. قاموا وذهبوا ليحضروا "اضرب بقوة". إخوان الشياطين موجودون على ألفين وخمسمائة موقع، والفيديو الكامل على أربعة مواقع فقط. قال رسول الله: "ثم يفشو الكذب". هل انتبهت؟ لماذا وقفت يا شيخ علي ضد التغيير؟ أي تغيير؟ ستغيرون أي شيء؟ ماذا تريدون أن نخرج؟ من ديننا وبلدنا وأنفسنا وتاريخنا ومستقبلنا نريد أن نخرج من ربنا، هل أنت تعرف شيئاً؟ هل أنت سمعت شيئاً؟ هل أنت قرأت شيئاً؟
وصرخنا في هذا من فوق منبر السلطان حسن سنة ألفين وأربعة ولم ينتبه أحد. نعم، والموجات الخمسة والموجات الستة وكل شيء قلناه ولا توجد فائدة ولا أحد. اسمع، إليك الحكاية، والعاقل خصيم نفسه، فلينظر كل واحد منكم في علاقته مع ربه.