ما موقف الشريعة الإسلامية من دعوات التساوي بين الرجل والمرأة في الميراث؟ | أ.د علي جمعة

ما موقف الشريعة الإسلامية من دعوات التساوي بين الرجل والمرأة في الميراث؟ | أ.د علي جمعة - فتاوي
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع المحجة البيضاء التي تركنا عليها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك. نعيش هذه اللحظات عسى أن يمن الله سبحانه وتعالى علينا بفتح من عنده كفتوح. العارفين به ونسأله سبحانه وتعالى أن يجازي عنا نبيه خير ما جازى نبيا عن أمته ورسولا عن قومه وأن ينفعنا به في الدنيا وفي الآخرة وأن نحيا على ملته ونموت على شريعته ونبعث يوم القيامة تحت لوائه ويؤتيه
سؤله ويلهمه حجته ويقوي برهانه حتى إذا سأله أجاب وإذا طلب منه أعطاه، وكان صلى الله عليه وسلم يقول: "أنا منكم مثل الوالد للولد". يسأل سائل: نسمع كثيرًا هذه الأيام عن دعوات للتساوي بين الرجل والمرأة والذكر والأنثى في أحكام المواريث، فما موقف الشرع الشريف من هذه الدعوات؟ هذه دعوات بالإضافة إلى أنها باطلة، إلا أنها أيضًا
جاهلة، وهي أيضًا تستوجب الرثاء. أكثر مما تستوجب الرد فنرثي لحال أصحابها لأن حالهم تضحك منه الثكلى وتسقط منه الحبلى ويشيب منه الأقرع، حالهم يرثى له. فصَّل الله سبحانه وتعالى نظام الميراث في كتابه الشريف في آيات بينات من نوع المحكم الظاهر الذي لا يختلف عليه اثنان ولا يتناطح فيه كبشان، وبيَّنها بنظام
يجهله أولئك. الدعاء الذين يدعون إلى تغيير ما أنزل الله بغير علم والنظام معناه أن الله سبحانه وتعالى وقد خلق الإنسان منه ذكر ومنه أنثى وقال وما خلق الذكر والأنثى فهو سبحانه وتعالى لم يظلم أحدًا ولكن أنشأ نظامًا متكاملًا فيه مراكز قانونية وفيه مراعاة للخصائص الطبيعية وفيه تكليف ومآلات ورؤية للكون. والإنسان والحياة وفيه
تقسيم للعمل ولخصائص الإنسان فجعل المرأة مكلفة ولها حقوق وعليها واجبات إلا أنه قد خلق فيها خاصية أن تخرج منها الحياة فتصير أمًا وجهزها للرعاية والعناية للحياة في طفلها بين أحضانها بما يتلاءم مع هذه الوظيفة التي قسمها بين الرجل والمرأة وبين الذكر والأنثى حتى من سائر. الحيوانات وأقام
الرجل وكلفه وله حقوق وله واجبات وله خصائص وله وظائف وله مراكز قانونية كالمرأة تماماً. قال تعالى: "ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف". هكذا هو، النساء شقائق الرجال، فلم يُخرِج المرأة عن الآدمية ولا عن الإنسانية. وسمت اللغة الإنسان وأطلقته على الرجل والمرأة على حد سواء، فليس في اللغة إنسانة. أول ما تسمع كلمة "إنسانة" تعرف أنها ليست لغة عربية، ربما تكون مترجمة أو شيء آخر. يوجد "إنسان"، ولذلك تسأل
هذا الإنسان: أهو ذكر أم أنثى؟ لأن الإنسان هو ذلك المشترك بين الرجل والمرأة أو الذكر والأنثى. هو الإنسان المكلف الذي استأمنه الله سبحانه وتعالى بالأمانة: "إنا عرضنا الأمانة". على السماوات والأرض والجبال فأبينا أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان الذي هو الرجل والمرأة، وعندما جاء يحاسب حاسب الاثنين آدم وحواء. وعلى عكس ما هنالك في كتب أخرى غير القرآن التي نسبت المعصية للمرأة، نسب الله المعصية إليهما، قال:
"فأزلهما الشيطان"، قال: "فأخرجهما مما كانا فيه"، لم يحمل المرأة. كما حملتها أديان أخرى خطيئة الحرمان من الجنة، بل جعل هذا عبادة لله وعمارة للأرض وتزكية للنفس في مراد الله من خلقه: "إني جاعل في الأرض خليفة". الميراث نظام تأخذ فيه الأنثى مثلما يأخذ فيه الذكر، فالأب يأخذ السدس عند وجود الفرع الوارث، والأنثى تأخذ السدس، الأم تأخذ السدس أيضاً. سدس وسدس وقد
تأخذ الأنثى أكثر من الذكر لأنه لو مات رجل وترك امرأة وعشرة من الأبناء، فإن المرأة تأخذ الثُمن، زوجته تأخذ الثُمن، وكل ولد من الأبناء يا عيني سيأخذ العُشر، يعني كل ولد من أولادها يأخذ أقل منها. أهي هذه امرأة، وهؤلاء عبيد، أهذا ما يحدث أم ماذا الذي... ماذا يغير؟ هذه خمسمائة واثنتا عشرة حالة يخرج منها نحو ستة وثلاثين ألف مسألة. أهذا غباء أم ماذا؟ إنه غبي والله، والله إنه غبي. يعني ألم يعد؟ ردّ رداً علمياً، ردّ. ماذا قال هو؟ إنه يتغابى. فالمرأة تتأذى
مثل الرجل، والمرأة تُؤخذ أكثر من الرجل. لو المرأة تؤخذ والرجل لا يؤخذ فمات وترك زوجة وبنتاً وأختاً وأماً وعماً، العم من الورثة، فالعم وابن العم من أبيه، فاشكر لذي الإيجاز والتنبيه. العم من الورثة، طيب، تأخذ الأم السدس، وتأخذ الزوجة الثُمن، وتأخذ البنت النصف، والباقي يذهب للأخت. الله! طيب والعم هذا، أليس هو ذكراً كالذكر؟ إنما
حجبته الأنثى فأخذت ولم يأخذ. حسناً، أمها على قيد الحياة وستأخذ السدس. قال: أبداً، هي تعصب البنت، والبنت تُعصبها، ويخرج العم. يا حالة العم المسكين، يأخذ أوراقه ويذهب إلى المحكمة منتظراً أن يعطيه القاضي شيئاً لأن المتبقي خمسة من أربعة وعشرين، والرجل ترك أربعة وعشرين مليوناً، فيأخذ له خمسة. مليون فخرج يا عيني، يقولون ماذا؟ خرج خارجاً. خرج خارجاً الطلبة وهم يذاكرون. يقول لك خرج في الشريحة، ما هذه الشريحة؟ يعني أخذ حاجته وخرج، أتفهم؟
كيف يعني؟ لكننا في درس العلم نقول ماذا؟ خرج خارجاً وانتهى الأمر. فما هذا؟ ها هن النساء أخذن والرجل لم يأخذ شيئاً، يا عيني. وقد تأخذ المرأة أقل من الرجل، فالأم تأخذ السدس والابن يأخذ بقية التركة. يعني إذا مات شخص وترك أماً وابناً، فنعطي للابن البقية. هذا نظام وليس ضد المرأة أو الأنثى، بل هو نظام متكامل. وقد تأخذ المرأة نصف ما يأخذه الرجل. فإذا مات شخص وترك ابناً وبنتاً، فالولد يأخذ الثلثين والبنت تأخذ الثلث. الحالة التي هم معك نناهم والذين منذ بدء الدنيا ليسوا معك. طيب،
بعد ذلك آتي في الزواج وأقول للرجل ادفع. يدفع لمن؟ للمرأة. ثم آتي في الأسرة وأقول للرجل ادفع وأنفق. البيت يحتوي على امرأة حامل، والحامل لن تذهب لتبحث عن الموز لتحضره، ولا على بعض التمر لتصعد هكذا على النخلة يا صاعد. النخلة، آه يا صاعد الشجرة، أحضر لي معك بقرة. فهل ستصعد هي على الشجرة؟ أو البقرة هي جالسة متخفية؟ يقول لك: ست، ست البيت، اجلسي يا أختي. قال لك فقط الورق اشتغل؟ أهي التي اشتغلت؟ آه، نحن قلنا لها شيئاً فاشتغلت، لكن في الوقت الذي تذهب فيه إلى القاضي. فإنَّ النفقة
على الرجل ستُغَيِّرُ هذه أيضاً وستجعل يعني إذا أردتَ أن تُهلِكَ المرأة، فهي حامل ولن تُطعِمَ نفسها ولن تُنفِقَ على الأولاد، وكل هذا نظام متكامل. المهر على الرجل والنفقة على الرجل، وأيضاً الكُلفة على الرجل. لو توفي أبي فيجب عليَّ أن أُنفِقَ على أمي. وهكذا هذا النظام عندما يجلس شخص ليتعاطى المخدرات ويجعل زوجته هي التي تعمل، أجل إن هذا ليس النظام، هذه نذالة، إنه شخص نذل، ولها أن تشكوه إلى القاضي. هي ليست متفرغة للشكوى، فهذا
الشخص أتعبها كثيراً في العمل. نعم، لكن هذا لا نقره، هذه مسألة اجتماعية وليست مسألة متعلقة. بالنظام إذا أردت أيها الجاهل أن تغير المواريث ستغير أربعين قانونًا متعلقًا بالمواريث، وستغير الزواج والطلاق، وستغير النفقات، وستغير الأوقاف، وستغير أشياء كثيرة هكذا. لكنه نظام ليس فيه إثنية عرقية ضد المرأة ولا فيه تحيز مع الرجل، فهذا كله تكاليف وحقوق وواجبات. فالذي يريد أن يهدم، فليأتِ لنا بنظام. ثانياً وكل النظم فيها خلل، إما
خلل فردي أو خلل أسري أو خلل متعلق بالمجتمع أو خلل متعلق بالتاريخ. ففي نظام أنه دعنا من هذا الهوس كله المتعلق بالخمسمائة واثني عشر أصلاً والستة وثلاثين ألف مسألة، دعنا من ذلك. حسناً، ماذا نفعل؟ قال: نعطي الولد الكبير الثروة كلها وانتهى الأمر. حسناً، تعال إذاً. أنظر ما الذي حدث في الغرب لما صاروا على هذا النظام أجيالاً بعد أجيال، تكونت الإقطاعيات. يعني ماذا الإقطاعيات؟ يعني يملك أحدهم الأرض ومن على الأرض، فنشأت
العبودية التي نفر منها، والتي اتفقنا أن نفكها، والتي أمرنا الله سبحانه وتعالى بتقليل مواردها، ثم شجعنا على إنهائها وإلغائها. وملك الإقطاع إلى أن بغى في الأرض إذا مسألة هنا متعلقة بالتاريخ بالمجتمعات. حضرتك تريدني في المساواة المدّعاة أن أجرب ألف سنة أخرى لكي أرى النظام الجديد هذا ماذا نشأ منه من المشكلات. ولذلك كلام فاسد، كلام ليس له رسوخ في
العلم هكذا، والراسخون في العلم ليس فهو يخفي وراءه ليس. الهدم فقط بل الجهالة أيضًا وليس الجهالة فقط بل الفساد. إليك القصة: أن نظامًا إلهيًا مفصلًا مجربًا متصلًا ببقية نظام قانوني يراعي المراكز القانونية والخصائص الطبيعية ويراعي الفرد والمجتمع، كل هذا يريد أن يضرب به عرض الحائط وأن نجرب مرة أخرى. كان مرة عندما ظهرت فلسفة الجندر، والجندر يعني النوع. ماذا
يعني أنه لا يوجد شيء اسمه بإذن الله وما شابه؟ إذن ماذا؟ بإذن من إذن؟ قال نوع وانتهى الأمر. طالما نسير معه على قدميه، يختار ما يريده. سألناه ماذا يعني؟ ماذا يعني أن يختار ما يريده؟ قال: يعني أنت الآن ذكر لكن تريد أن تصبح أنثى، فيجوز لك ذلك. أن تكون أنثى، وإذا كنت ذكراً وتريد أن تكون ذكراً وأنثى في نفس الوقت، فهل يجوز لك أن تكون ذكراً وأنثى؟ وإذا كنت أنثى وتريدين أن تكوني ذكراً، فتكونين ذكراً، لا يحدث شيء. وإذا كنت أنثى وتريدين أن تكوني أنثى، لا يحدث شيء. وإذا كنت أنثى وتريدين أن تكوني ذكراً وأنثى، لا يحدث شيء. أنثى تريد أن تخرب بيوتكم، لقد أقرفتمونا، فليقرفكم الله. ثم تقول هكذا فيقول لك إنك
متعصب ضد الشواذ. هؤلاء الشواذ ثلاثمائة وأربعمائة مليون، ونحن سبعة مليارات على وجه الأرض. اجتمعنا في بلجيكا في التسعينيات ثلاثون ديناً، لم أكن أعرف أن هناك ثلاثين ديناً، أعرف أن الموسوعات ذكرت ثلاثة آلاف دين. لكن يعني اندثرت وذهبت وهكذا، وجدت ثلاثين ديناً عاملة، ثلاثين ديناً، الكل يُجمع على أن الشذوذ حرام. إذاً من الذي يدعو إلى أن الشذوذ... هم قلة في البداية هكذا، يرفعون لك لافتة حقوق الإنسان. لا، حقوق الإنسان هي المتفق عليها وليست هي المختلف فيها. اختلف البشر في عقوبة
الإعدام ما... لا يكون من حقوق الإنسان أنك لا تُعدم المجرم ابن المجرم الذي أفسد في الأرض كل هذا الفساد أبداً. في أمور واضحة، أنا أعدمه، "ولكم في القصاص حياة" من أجل الحياة وليس من أجل الإفساد في الأرض. هذا ليس متفقاً عليه لمجرد أنه خطر في بال بعضهم ويجلسون يُصَمصِمون في شفاههم. هكذا وينظرون إليك من فوق إلى تحت، لا يهمنا ولا ينفعنا لماذا؟ لأنه مخالف للعقل والنقل والواقع والطبع والشرع. هذه هي الحكاية.