ما هي ضوابط العلاقة مع شاب ينوي خطبتي؟ | أ.د علي جمعة

ما هي ضوابط العلاقة مع شاب ينوي خطبتي؟ | أ.د علي جمعة - فتاوي
ما الضوابط الشرعية المسموح بها للخطاب مع شاب هناك مشروع خطوبة فيها؟ قال تعالى: "خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين". عاش المسلمون في بساطة من غير تعقيد ولكن في عفة، فإذا تركنا البساطة أو تركنا العفة انحرفنا عن طريق الصحابة الكرام. الصحابة عاشوا في عفة، أي
بشكل عفيف. يفعلون الفاحشة الشنيعة فلا بد أن تضبطنا أصول ما هو عيب وخطأ وحرام وما لا يليق. حينئذ فإن السيدة عائشة أم المؤمنين في خلال العفو والبساطة كان يأتيها الوافدون من الأقطار، من مصر وفد، ومن الشام وفد، ومن اليمن وفد، ومن العراق وفد، ومن هجر وفد، فتحدثهم من وراء حجاب. كلموها وتكلمهم، تجلس لمجلس الحديث وتتكلم ويسجلون وراءها: قال رسول الله، قال رسول الله، قال رسول الله، فعل رسول الله. وهكذا بينها
وبينهم خادمة تدخل عليها الخادمة الخاصة بها وتخرج لهم، تقدم لهم أشياء. كانوا لا ينصرفون إلا عن ذواق، لابد أن يتذوقوا شيئاً ما، ولو شربت ماءً كانوا لا ينصرفون إلا. عن ذواق، ذواق يعني تذوق الذي نحن الآن صنعناه. في أيامنا كوب شاي تشرب شاي، انتبه، تشرب كوب قهوة أو فنجان قهوة. كانوا لا ينصرفون إلا عن ذواق. تأخذ حلوى أو قطعة شوكولاتة أو شيئاً ما، أي واجب. يقول لك هذا هو الواجب الخاص بك. فكانوا لا ينصرفون إلا عن ذواق، وكلمة ذواق. أيضاً تُظهر أنه لا يوجد إسراف ولا بهرجة ولا ما شابه ذلك إلى آخره، ولا تكليف للبيت بما لا يطيق، فالموجود
هو رزقنا. فعندما كانت هؤلاء الخادمات يخرجن لخدمة الضيوف، كان الضيوف عندما يعودون إلى بلادهم، سواء ذهبوا إلى مصر أو إلى الشام أو إلى العراق، كانوا يرسلون هدايا للسيدة عائشة ولهؤلاء الجواري. كانت الخادمات هؤلاء يُرسَل إليهن الهدايا. عرفوا أنني عندما أذهب إلى مصر أُرسِل لهن ملابس، إذ كانت مصر مشهورة بالملابس. وعندما أذهب إلى الشام أُرسِل لهن فاكهة، وعندما أذهب إلى العراق مثلاً أُرسِل لهن كذا. يعني عندما تتطور الأمور ويصبح هناك فيسبوك ووسائل التواصل الاجتماعي وما شابه، لا نستطيع أن نُحرِّم، وإذا حرَّمنا فلنُحرِّم. لغيره لا له ليس
لأن الفيسبوك نلغيه أو نجعله لا، لأن الاتصال من غير عفاف ومن غير أصول يؤدي إلى السخرية وقلة الديانة. فالذي نعيبه ليس اتصال الفتاة بالفتى، لا، بل أن ترسل له رسالة، يرسلها الرسالة بالمعروف بالتي هي أحسن، بالعفاف، بالأصول. من غير ذلك يقع الخطأ هنا. في تدهور الحالة بين الفتى وبين الفتاة والوصول إلى عدم العفاف وإلى الفاحشة وإلى الخروج عن حد الأدب ثم الخروج عن حد الدين والوقوع في المعصية، ينبغي علينا إذاً
أن نُرجع هذا الأدب. فإذا شعرت الفتاة أو الفتى أن هناك خروجاً عن الأدب، خروجاً عن العفاف، استدراجاً، فليسحب نفسه. فوراً وبقوة وتسحب نفسها فوراً وبقوة وتحجبه، ليست تقول له هكذا، ألا تسمونه حجباً أو ما شابه؟ تحجبه على الفور. لماذا؟ لأن هذا خطأ، لأن هذا لا يصح. إذاً القضية ليست الحلال والحرام، بل القضية هي معرفة كيف نطبق هذا الحلال وكيف نبتعد تطبيقاً عن هذا الحرام.
    ما هي ضوابط العلاقة مع شاب ينوي خطبتي؟ | أ.د علي جمعة | نور الدين والدنيا