مجالس إحياء علوم الدين | مسجد فاضل | المجلس 11 | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه، مع كتاب إحياء علوم الدين لإمام الأئمة وبدر الأئمة حجة الإسلام أبي حامد الغزالي رضي الله تعالى عنه وأرضاه وجعل الجنة الجنة
مثوانا ومثواه ونفعنا الله بعلومه في الدارين آمين اقرأ يا شيخ محمد الكلأ والعشب الكثير وكانت منها بقعة أمسكت الماء فنفع الله عز وجل بها الناس فشربوا منها وسقوا وزرعوا وكانت منها طائفة قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ فالأول ذكره مثلا للمنتفع بعلمه والثاني ذكره مثلا للنافع والثالث منهما ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يعلمنا
آمين، والعلم لا يأتي إلا بالتقوى واتقوا الله ويعلمكم الله، فالعلوم فتوح وليست مناظرات أبدا لا، أنت هكذا عندما يشرح الله سبحانه وتعالى صدرك تنتفع بما يقوله الشيخ، وإن كان العلم لا بد فيه من التعلم ولا بد فيه من الشيخ ومن الكتاب ومن المنهج إلا أنه في النهاية هو نور يلقيه الله سبحانه وتعالى في القلب فهو مرتبط بالتقوى وهو مرتبط بحالك مع الله وكلما كان حالك مع الله عاليا كلما كان علمك غاليا نعم كلما كان حالك مع الله عاليا كلما كان علمك غاليا ما هو غال وما هو مخلص نعم
وأما الآثار فقد قال عمر رضي الله عنه من حدث حديثا فعمل به فله مثل أجر من عمل ذلك العمل وقال ابن عباس رضي الله عنهما معلم الناس الخير يستغفر له كل شيء حتى الحوت في البحر كلمة الحوت معناها السمك فليس خاصا بالحوت النون الذي هو حوت العنبر الضخم الكبير هذا، نحن عندنا عندما نقول حوت فإننا نذهب إلى العنبر إلى حوت العنبر يستخرج منه، يأتون بالعنبر ولكن الحوت في لغة العرب هو السمك، فعدد الأسماك لا يتناهى، لا يعرفون كيف يحصرونها حتى الآن، نرى أنه لا
نهاية لمن يستغفر بطالب العلم نعم، وقال بعض العلماء: العالم يدخل فيما بين الله وبين خلقه، فلينظر كيف يدخل. الإنسان عندما يعرف أنه هو الواسطة بين الحق والخلق يعني يتطهر، لأنه عندما نأتي نصلي نتطهر في أنفسنا في ثيابنا، ولكن هذا يجب أن يتطهر من الداخل أيضا حتى يكون واسطة خير. نعم، وقال عطاء رضي عنه دخلت على سعيد بن المسيب وهو يبكي فقلت ما يبكيك قال ليس أحد يسألني عن شيء لا إله إلا الله يعني سعيد موجود وهو إمام التابعين
وأخذ عن عشرة من الصحابة ولكن هذا أخذ عن العشرة المبشرين يعني هو أخذ من العشرة المبشرين سعيد فإمام كبير ونفسه يعلم وذهب الناس وانتشروا هنا وهناك، وكان الإمام ابن مالك صاحب الألفية لا تلاميذ له، فكان يخرج أمام بيته بعد العصر ويقول: هل من طالب للنحو أعلمه؟ ولا أحد يسأله. فهذا الإمام إمام الأئمة ابن مالك، انظر من شدة إخلاصه وهو في مرض الموت أحضر ابنه
حتى يلقنه بيتين من الشواهد. لم يحفظهما فقال له أعدهما عليك لكي أحفظهما وهو يموت فما الحاجة إلى ذلك؟ الحاجة أن يلقى الله وهو حافظ لهما فيدخل الجنة إذن هؤلاء الناس كانوا مشغولين مع الله مشغولين مع البشر ابن مالك لم يبق له تلميذ ولا تلميذ ولا واحد من الذي أخذ عنه؟ ابنه فذهب وشرح فسموا شرحه شرح ابن الناظم ما كان إلا هو فقط الذي كان من تلاميذه الباقين كانوا إخوانا له يعني في طبقته ولذلك لما قرأ اليونيني رحمه الله البخاري على ابن مالك قدره العلماء
وأنهوا البخاري في سبعين مجلسا يعني كانوا يقرؤون أيضا كمية كبيرة لأن البخاري ضخم كبير فأصبحت هذه النسخة هي النسخة المحررة وسميت بالنسخة اليونينية، انتهى البخاري ولا يوجد تحرير إلا هكذا. كان الشيخ اليونيني يقرأ وابن مالك يستمع ثم يضبط الكلمات بوجوهها إن كان فيها وجه أو اثنان أو ثلاثة يفعلون هكذا، ولما جاء الشيخ القسطلاني شرح هذه النسخة في عشرة مجلدات وسماها إرشاد الساري في شرح صحيح البخاري إذا تعلم إذا لم تجد أحدا تعلمه فابك وأيضا
هذا كله موجه للسادة الأساتذة في جميع مراحل التعليم من الابتدائي من أول ابتدائي حتى نهاية المطاف والدراسات العليا التي في الجامعة كانت العلاقة لله فكانوا يحبون بعضهم البعض ويحترمون بعضهم البعض ويبذلون الجهد مع بعضهم البعض ويعيشون بعض وهذا جزء لا يتجزأ من منهج العلم عند المسلمين وجوب التعليم نعم وقال بعضهم العلماء سرج الأزمنة كل واحد مصباح زمانه يستضيء به أهل عصره وقال الحسن رحمه الله لولا العلماء لصار الناس مثل البهائم أي أنهم بالتعليم يخرجون الناس من حد
البهيمية إلى حد الإنسانية الذي هو الحسن البصري كما سبق وذكر نعم، وقال عكرمة إن لهذا العلم ثمنا. قيل وما هو؟ قال أن تضعه فيمن يحسن حمله ولا يضيعه. وقال يحيى بن معاذ: العلماء أرحم بأمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم من آبائهم وأمهاتهم. قيل وكيف ذلك؟ قال لأن آباءهم وأمهاتهم يحفظونهم من نار الدنيا وهم يحفظونهم من نار الآخرة قالوا العلم رحم بين أهله فيكون مثل الرحم شيخك يكون مثل أبيك العلم رحم بين أهله وفي الحديث إلا رحما نصلها بصلالها يعني وفي ذلك علاقة طيبة وصلة
الرحم قوم يدخل فيها العلم لأنه قال صلة الرحم والعلم رحم بين أهله فيكون خلاص فيكون العلم أيضا ينزل منزلة مثل الجيران هكذا يقول لا يزال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه فسيعده إذن من الورثة أم ماذا نعم وقيل أول العلم الصمت ثم الاستماع ثم الحفظ ثم العمل ثم نشره قال لك اجعل أذنك أكبر من لسانك اسمع أكثر لأن أول العلم التلقي وليس الأداء بعد التلقي سيأتي الفهم، بعد الفهم يأتي الحفظ، بعد الحفظ يأتي الاسترجاع، بعد الاسترجاع يأتي الأداء. وفي
الاسترجاع تتم حاجة غريبة عجيبة في العقل البشري وهو الربط، ربط المعلومات بعضها مع بعض، وهو الاستنباط، وهو توليد المعاني من بعضها البعض. فالتلقي أول شيء وبعد ذلك الفهم وبعد ذلك الحفظ وبعد الاسترجاع وبعد ذلك الأداء هذان خلاصته، لكن التفاصيل كثيرة فأقول هذه العبارة مرة أخرى: أول العلم الصمت، أول العلم الصمت حتى تسمع، أما الذي يتكلم كثيرا من البداية هكذا ويناقش كثيرا يحرم بركة العلم، نعم يحرم بركة العلم. كان هناك واحد
من تلاميذ سيدنا ابن عباس كان ذكيا لكن كان أطول من أذنيه وليست أذناه أطول من لسانه يجب أن تكون الأذنان هما الأطول من اللسان كان اسمه مطرف بن الشخير قال فمن كثرة جدالي مع ابن عباس حرمت علمه يعني هو أدرك لما كبر أنه حرم علم ابن عباس مطرف هذا رجل كبير إمام يعني ولكن ابن عباس أعظم وأمكن فلما كان يناقشه كلمة بكلمة كان يفسد عليه أنه يأتي له بالحاجة كاملة فأول العلم الصمت، من أجل التلقي ثم الاستماع بعد أن تصمت وتستمع، الاستماع معناه الاستجابة
تضع في عقلك إذن وتستجيب تصدق تفهم وتصدق نعم ثم الحفظ ثم الحفظ احفظ إذن رقم ثلاثة نعم ثم العمل ثم الاستذكار فالأداء يعني ستعمل دائما والعمل يجعلك تأتي لتتذكر الكلام لأنك عملت به نعم وقيل علم علمك من يجهل وتعلم ممن يعلم ما تجهل فإنك إذا فعلت ذلك علمت ما جهلت وحفظت ما علمت هذا خلاصة الكلام هكذا نعم وقال معاذ بن جبل رضي الله عنه الله عنه في التعليم والتعلم ورأيته أيضا مرفوعا تعلموا العلم فإن تعلمه لله خشية وطلبه عبادة ومدارسته
تسبيح والبحث عنه جهاد وتعليمه من لا يعلمه صدقة وبذله لأهله قربة وهو الأنيس في الوحدة والصاحب في الخلوة والدليل على الدين والصابر على السراء والضراء والوزير عند الأصدقاء والقريب عند الغرباء ومنار سبيل الجنة يرفع الله به أقواما فيجعلهم في الخير قادة سادة هداة يقتدى بهم أذلة في الخير تقتفى آثارهم وترمق أفعالهم وترغب الملائكة في خلتهم وبأجنحتها تمسحهم وكل رطب ويابس لهم يستغفر حتى حيتان البحر وهوامه وسباع البر وأنعامه والسماء
ونجومها لأن العلم حياة القلوب من العمى وحسن التوفيق هذا الحديث في أوله عليه ملامح النبوة يعني في السطر الأول والثاني مع
طوله خرج عن سنن الأحاديث النبي عليه الصلاة والسلام لم يكن يتكلم كثيرا جدا هكذا نعم ولكن في أوله يقول ماذا فإن تعلموا العلم فإن تعلمه لله خشية وطلبه عبادة ومدارسته تسبيح فقط انتهى هكذا هو يقول هكذا لكن إذا زدنا عن ذلك فإننا ندخل في كلام معاذ نفسه، فمعاذ طبعا تربى على يد النبي عليه الصلاة والسلام ويقال عنه أنه أعلم الصحابة بالحلال والحرام، فلا مانع من أن يأخذ من كلام النبوة ويقول في كلامه، والله تعالى أعلى وأعلم.