مجالس إحياء علوم الدين | مسجد فاضل | المجلس 16 | أ.د علي جمعة

مجالس إحياء علوم الدين | مسجد فاضل | المجلس 16 | أ.د علي جمعة - إحياء علوم الدين
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب إحياء علوم الدين للإمام أبي حامد الغزالي الشافعي رحمه الله تعالى، وفي كتاب العلم نعيش معا هذه اللحظات. اقرأ يا شيخ محمد.
قال حجة الإسلام الإمام أبو الغزالي رحمه الله تعالى ونفعنا الله بعلومه وعلومكم في الدارين آمين، وما ذكره الصوفية من فهم خواطر العدو ولمة الملك حق أيضا ولكن في حق من يتصدى له، فإذا كان الغالب أن الإنسان لا ينفك عن دواعي الشر والرياء والحسد فيلزمه أن يتعلم من علم ربع المهلكات ما يرى نفسه محتاجا إليه وكيف لا يجب عليه وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثلاث مهلكات شح مطاع وهوى متبع وإعجاب المرء بنفسه ولا ينفك عنها بشر وبقية ما سنذكره من مذمومات أحوال القلب كالكبر والعجب وأخواتهما تتبع
هذه الثلاثة المهلكات وإزالتها فرض عين ولا يمكن إزالتها إلا بمعرفة حدودها ومعرفة أسبابها ومعرفة علاماتها ومعرفة علاجها، فإن من لا يعرف الشر يقع فيه، والعلاج هو مقابلة السبب بضده، وكيف يمكن ذلك دون معرفة السبب والمسبب؟ وأكثر ما ذكرناه في ربع المهلكات من فروض الأعيان، وقد تركها الناس جميعا انشغالا بما لا يعنيهم. يبقى إذن أن هناك مقررات عند أهل منها لمة الملك ولمة الشيطان وهذا معناه أولياء
الله أو الرحمن وأولياء الشيطان يمثل الشر وهو موجود حقيقة وقص علينا الله سبحانه وتعالى قصة إبليس وذريته والملك هو مؤيد للمؤمن وهو داع للخير فهناك داع خير وهناك داع شر والإنسان مركب فيه الخير والشر وهديناه النجدين وقلب الإنسان له بابان: باب مفتوح على الخلق وباب مفتوح على الحق سبحانه وتعالى، وأحوال الإنسان قد يغلق باب
الرحمن فتجد قلبه قاسيا وتجده مشتغلا بالدنيا وتجده ينسى الآخرة وتجده موغلا في الأشياء وفي الأشخاص، والثاني قد يغلق باب الخلق ويغلق معه باب الحق وهذا أقرب إلى المجانين فإنه لا دنيا يحصلها ولا آخرة يطلبها وهذا يحدث عند اختلال العقل، ولذلك فهو جنون أو هو ضرب من الجنون، والثالث ينفتح باب الحق ويغلق باب الخلق فتراه يستوحش
من الناس والدنيا ويعتزل، لكن قلبه مع الله وفي كثير من الأحوال سمى الناس هذا الصنف بالمجاذيب المحبوبين لله، فتراه طيب القلب وتراه لا يؤذي أحدا لا يحسن أعمال الدنيا ولا يحسن عمارتها وهو عند هؤلاء الناس من أهل الله في درجة منحطة وليست درجة عالية، وهو في الواقع أحسن من هذا الذي أغلق باب الحق وفتح باب الخلق وهو أحسن ممن أغلق عليه البابان أغلقت عليه هذه
الأبواب ولكنه مع ذلك في مرتبة منحطة عن الذي انفتح له باب الحق وباب الخلق فخلوته في جلوته وقلبه معلق بالله دائما وهو يعمر الدنيا وكلما توغل في الدنيا كلما تعلق قلبه بالله وكلما رأى الدنيا رآها من خلال تقواه ومن خلال رؤيته لله وفي بعض الأحيان كان باب الخلق ينغلق على رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس وهو مكلف بالتبليغ ويشعر بالأنس بالله فيستغفر الله في اليوم مائة مرة كيف
أن ينغلق باب الخلق فإذا انسد قليلا هكذا يستغفر ربنا حتى ينفتح لأنه لا بد أن ينفتح لأنه مكلف صاحبنا المجذوب هذا ليس هو حر الحقيقة هو أقل لكن حال كمال سيد الخلق صلى الله عليه وسلم يأبى إغلاق هذا الباب الذي هو باب الخلق فكان يستغفر الله في اليوم مائة مرة لا من ذنب فعله ولا من قصور قصره بل لأن باب الأنوار تدخل فتغلق باب الخلق ولا ينبغي ذلك فيستغفر الله استغفر الله فينفتح باب الخلق ثم من شدة الأنوار يغلق ويصطدم هكذا فيستغفر ربنا أستغفر الله،
إلى أين سأذهب؟ أليس مكلفا أن أعيش مع هؤلاء الناس، مكلفا أن يكون لي أزواج وذرية ويكون لي أتباع وأصحاب وأبلغ عن الله، ولكن صلى الله عليه وسلم كان يحدث له هذا فقال إنه ليغان على قلبي أخرجه مسلم فاستغفر الله في اليوم مائة مرة فقال العلماء غين أنوار لا غين أغيار، فهذا الغين الذي هو غين الأنوار يغلق باب الخلق من وحشته وأنسه بالله ووحشته من الخلق وأنسه بالله، ولذلك قالوا يا سائلي عن رسول الله كيف سها والسهو من كل قلب غافل، الله قد غاب عن كل شيء سره فسها
عما سوى الله. فالتعظيم لله يعني وهو يصلي غاب حتى عن أحكام الصلاة وكل ذلك قدره الله سبحانه وتعالى عليه من أجل أن يعلم الأمة لأن الأمة تنسى ولذلك ماذا نفعل إذا نسينا في الصلاة نفعل كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن هذا الذي أيضا تحدثوا عنه قضية المعاملة والمكاشفة وقال أنه هنا سيتكلم في علم المعاملة وليس في علم المكاشفة، علم المعاملة هو إدراك الواقع وعلم المكاشفة هو إدراك نفس الأمر. يبقى لدينا مستويان، مستوى يشترك
فيه الناس جميعهم، فإذا ما تذوقنا الماء رأينا واحدا، يعني أنت لو شربت قليلا من الماء وأنا شربت قليلا من الماء، ما الذي أنت رأيت ماذا لتقول لي والله هذا سائل أحدث لي الري، أكلناه تقول وهذا الطعام أحدث لي الشبع، تعال نفعل مثلك تعال نجد فعلا أنا كنت عطشانا فارتويت وكنت جائعا فشبعت، طيب أنا مثلك عندما نأتي بامرأة تعال نجدها هكذا أيضا، طيب صبي صغير هكذا شاب أنا أجد أنه كذلك أيضا، طبيعي، واحد أسمر وواحد أبيض وواحد، ما هو الإنسان هكذا، فلنعرف أن هذا واقع مشترك فيه الناس منذ آدم إلى يوم القيامة، فماذا نسمي
هذا؟ الواقع، فالمعاملة جارية على الواقع، أما المكاشفة فهي ما وراء الواقع من الحقائق، فما هذه؟ الماء سائل يحدث الري شفاف كذلك لطيف وعذب وكذلك فلماذا لا نحلله حللناه فوجدنا هيدروجين وأكسجين هيدروجين وأكسجين وأن الهيدروجين لما حللناه وجدنا فيه ذرتين والآخر الأكسجين وجدنا فيه ذرة واحدة أين هذا نعم نحن درسناها كذلك وعملوها لنا كان في الزمان شيء
يسمى الكاثود والأنود والكاثود والأنود هذان فعلوها عندنا حين كان هناك مدارس، حين كان هناك مدارس كان فيها مختبر اسمه، وفيه جهاز كذلك اسمه الكاثود والأنود لا إله إلا الله، آه على يميننا نحن الكاثود والأنود ينكسر، فالكاثود والأنود هذا نضع الماء هنا فيتكون هنا وهذا يشتعل وهذا يساعد على الاشتعال، وفي أمان الله، طيب والله هذا هيدروجين وأكسجين هذا نار الله الموقدة نعم هذا نفس الأمر هذا هي الحقيقة الخلط بين المعاملة والمكاشفة يصبح غير شرعي خلط كيف سيأتي أحد يقول لك أنا اكتشفت شيئا خطيرا يا مولانا ما هو قال هذه المياه هي نار الله
الموقدة قلت له نعم وعليه قال لي ماذا ستضع؟ قال لي هذه نار الله الموقدة أنا أراها بعيدا أنا متأكد أنه هيدروجين وأكسجين الأكسجين يشتعل والهيدروجين يشتعل والأكسجين يساعد على الاشتعال هذه نار الله الموقدة ماذا أفعل أنا إذن تقول لي أضع حتى أحترق نعم إذن هذا خلط بين المعاملة والمكاشفة هذه الحكاية المكاشفة هذه ليست كل شخص واحد يعرفها، والذين يعرفونها هم وزراء لا أدري ما هؤلاء الجماعة الذين يعرفونها، الناس أصحاب المختبر الذين يعرفونها، الذين تعلموا هذا الفن، ولكن الذين لم يتعلموه لا، ولكن جميعنا نعلم أن الماء نتوضأ به في أمانة الله وكل شيء، الشريعة في ظاهرها
بنيت على المعاملة وليس على المكاشفة ولا يجب عليك أن تجر المكاشفة إلى المعاملة، يحدث للإنسان وهو يعبد ربه هكذا تحدث له أحوال معينة لا شأن له بها، لا تبن عليها شيئا، ولذلك سيدنا عبد القادر الجيلاني كان جالسا في خلوته يذكر، حدث كما يصف أن امتلأت الخلوة بنور حتى أصبح كالأمواج فحدث له حالة رعشة أخذ هكذا في موجة من النور، تخيل أنك غريق النور، جاءك في الخلوة وغطاك وأنت تسبح فيه فأصبحت الآن نورا. قال فسمعت
صوتا لم أسمع أحلى منه، صوت حلو جدا أحسن من صوت الشيخ محمد وسامي وشيء حلو تماما. قال يا عبد القادر، قال فذبت. كما يذوب الملح في الماء، فور أن سمع كلمة "يا عبد القادر"، شيء جميل جدا، تخلل الصوت فيه، يعني هو شيء لا يوجد بعده، قال "لبيك"، قال "لقد قربناك يا أهل وأحببناك"، قال فبكيت، دخل في حال، فما هو الأفضل أن يكون هذا ربنا يكلمني أم شيء آخر ربنا أقربناك وأحببناك أم ما الحكاية وأحللنا لك الحرام
قلنا لك الحرام لا تفعل هذا فأنت بهذا تجر المكاشفة إلى المعاملة فقال الله له اذهب يا ملعون فانطفأ النور وسمعت صوتا لم أسمع أقبح منه كحشرجة وهو يقول علمك نجاك يا عبد القادر هذه هي المعاملة والمكاشفة أي أن النور والأسرار وما لا أعرف ما هو، ما يحدث شيء وبعد ذلك ماذا يعني هذا الآن ستجرها لي هنا وتقول لي لا لن أصلي فيصبح خلط بين المكاشفة والمعاملة ولذلك سيدنا الشيخ هنا قال إن هذا الكتاب معد للمعاملة أما المكاشفة
فلها قواعد من ضمنها أن تعرف ولكن تجرأ أن تعرف أن هذه نار الله المقدسة، والمياه هذه تعرفها وهذه حقيقة ولكن لا تجرأ ألا تتوضأ، إياك أن تفعل ذلك. هذا مثال للواقع ونفس الأمر للحقيقة والظاهر والحقيقة للمعاملة والمكاشفة وبني الدين على هذا وجمع المسلمون بين كتاب الله المسطور وكتاب الله المنظور الذي هو الكون جمعوا بينهما جمعوا بين الواقع ونفس الأمر بين علم المعاملة ولم ينكروه لأنه شرع شريف وبين علم المكاشفة ولم ينكروه لأنه من الوجود وقالوا العلم دائر بين الوحي والوجود واستدلوا على ذلك بقوله تعالى اقرأ
باسم ربك الذي خلق الذي هو الوجود خلق الإنسان من علق اقرأ مرة أخرى قراءتان وليس قراءة واحدة وربك الأكرم الذي علم بالقلم الذي هو الوحي، إذا فالوحي والوجود والمعاملة والمكاشفة والواقع ونفس الأمر الظاهر والحقيقة كلها مكتملة في دين الله، لا ننكر حقيقة ولا نخلط بين الأمور بل نسير كما أرادنا الله سبحانه وتعالى أن نسير، الحقيقة لا نهاية لها لأنه بعد ذلك نكتشف أن الهيدروجين نواة وحولها إلكترون واحد وأن الثانية هذه حوالي ثمانية وثلاثين إلكترونا وأنه هذا سالب وأنه هذا معتدل وأنه هذا بداخله الموجب عمله كل فترة تكتشف شيئا في الحقيقة كل
فترة تكتشف شيئا في الكشف ولكن إياك أن تأتي لتقول لي أن التكاليف سقطت أو تقول لي أنه يكفي هذا أو تقول لي كذا وكذا احذر أن تفعل ذلك وما هو إلا هيدروجين وأكسجين لماذا تخاف مسكين لا لعل أحدا يقول عنها إنها نار وما يتوضأ فأنكر الحقيقة فأنكر الحقيقة لا يا عم لا تنكر هذا ولا تنكر هذا ولا تخلط بين الأمرين هذا هو العلم هكذا وهذا هو ينكرون التصور هذه هي قزمتهم أنهم ينكرون الحقيقة ينكرون الوجود ينكرون شيئا هو موجود فعلا
ولذلك علينا أن نعود مرة أخرى إلى سيدنا من السلف الصالح رضي الله تعالى عنه والله تعالى أعلى وأعلم