مجالس إحياء علوم الدين | مسجد فاضل | المجلس 17 | أ.د علي جمعة

مجالس إحياء علوم الدين | مسجد فاضل | المجلس 17 | أ.د علي جمعة - إحياء علوم الدين
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه مع إحياء علوم الدين للإمام الأعظم وبدر الأمة حجة الإسلام الغزالي نعيش هذه اللحظات اقرأ يا شيخ
محمد في كتاب العلم بسم الله الرحمن الرحيم قال الإمام العالم حجة الإسلام أبو حامد محمد بن محمد بن محمد الغزالي رحمه الله تعالى ونفعنا الله بعلومه وعلومكم في الدارين آمين، بيان العلم الذي هو فرض كفاية: اعلم أن الفرض لا يتميز عن غيره إلا بذكر أقسام العلوم، والعلوم بالإضافة إلى الفرض الذي نحن بصدده تنقسم إلى شرعية وغير شرعية، وأعني بالشرعية ما استفيد من الأنبياء صلوات الله عليهم وسلامه، ولا يرشد العقل إليه مثل الحساب، ولا التجربة مثل الطب، ولا السماع مثل اللغة. العلوم التي ليست بشرعية
تنقسم إلى ما هو محمود وإلى ما هو مذموم وإلى ما هو مباح، فالمحمود ما ترتبط به مصالح أمور الدنيا كالطب والحساب، وذلك ينقسم إلى ما هو فرض كفاية وإلى ما هو فضيلة وليس بفريضة أما فرض الكفاية فهو كل علم لا يستغنى عنه في قوام أمور الدنيا كالطب إذ هو ضروري في حاجة بقاء الأبدان وكالحساب فإنه ضروري في المعاملات وقسمة الوصايا والمواريث وغيرهما وهذه هي العلوم التي لو خلا البلد ممن يقوم بها لحرج أهل البلد وإذا قام بها واحد كفى وسقط الفرض عن الآخرين فلا يتعجب من قولنا
إن الطب والحساب من فروض الكفايات فإن أصول الصناعات أيضا من فروض الكفايات كالفلاحة والحياكة والسياسة بل الحجامة والخياطة فإنه لو خلا البلد من الحجام لتسارع الهلاك إليهم وحرجوا بتعريضهم أنفسهم للهلاك فإن الذي أنزل الداء أنزل الدواء وأرشد إلى استعماله وأعدد الأسباب لتعاطيه فلا يجوز التعرض للهلاك لإهماله إذ الفرد منه فرض عين كالصلاة والصيام ومنه فرض كفاية إذا قام به بعضهم وهذا هو تعبير الأصوليين وليس إذا قام به واحد ويجب علينا أن نحمل كلمة واحد على من به الكفاية يعني
واحد به الكفاية فإذا كان لا بد من وجود مهنة الطب ووجد طبيب واحد ولكن القاهرة بها ستة عشر مليونا فلا يصلح طبيب واحد لعلاج مرضى من ستة عشر مليونا إذن نحتاج إلى طبيب معه فلا يصلح اثنان إذن ثلاثة لا يصلح ثلاثة هذا لا بد أن يكونوا عدة آلاف حتى يقوموا بواجب فانظر حتى اسمه ما هو كفاية يعني كفى القائمون بالأمر كفوا غيرهم فمن هنا سمي كفاية ولذلك فإن تعبير شيخ الإسلام بواحد معناه الواحد الذي به الكفاية
يعني مراعى فيه قيد الحيثية يعني من حيث كونه به الكفاية يسمونه قيد الحيثية ما يقولون بعد ذلك أخطأ الإمام لن يقولوا لك لا يخطئ فيجب أن تأتي له بكلمة تجعل كلامه متفقا مع كلامه أيضا، فهو مؤلف المستصفى وهو الذي قال هذا الكلام وهو عارف، ولذلك انظر إلى الأدب مع العلماء فهو جزء من العلم وجزء من الفهم وجزء من عدم التسرع، أما التسرع فهو سمة المغفلين أهل الغفلة، فإذا قال أحد أي أن واحدا من حيث كونه يملك الكفاية
إذا كان واحد فقط يكفي في بعض الأشياء الغريبة العجيبة النادرة، مثل معرفة طبائع النمل مثلا، وواحد يحصل على دكتوراه في طبائع النمل وعدة شهادات في طبائع النمل، فعندما يحتاجونه حين يهاجم النمل قرية، يحتاجون إلى هذا الرجل، فكم نحتاج إليه؟ أي لم نسمع حتى عن قرية هاجمها في بلادنا، ولكن في بلاد أخرى نحتاجه. يجب أن يكون هذا الصنف موجودا وهذا يكفي واحدا، لأنه حينئذ سنتصل به ونقول له النمل هاجم فماذا نفعل، سيعطينا الإرشادات لأنه يحفظ سلوك النمل وكيف
طبيعته، وكيف خلقه الله في الهجوم. لا طبعا غير ذلك الأطباء الذين يعالجون البشر نحتاج منهم آلافا إذا كان فرض الكفاية لا بد فيه من عدد كاف والجهاد من فروض الكفايات فيجب أن يكون جيشنا بعدد بحيث أنه يؤدي مهمته وهي حماية الأوطان فيجب أن يصل إلى عدد يحمي الأوطان نصف مليون جيد ولكن نصف مليون لا يكفي لا يبقى خلاص ليس جيدا لا بد أن يعلم ثلاثة أربعة ملايين جيدين لكن لا يكفون يبقى مليون وهكذا إذن فلا بد في الكفاية
أن يكفي المهمة الموكولة إليه هنا ضرب يقول هكذا ولذلك سيدخل الهندسة ستدخل الفلك سيدخل الطب سيدخل أشياء كثيرة جدا من العلوم ومن من فروض الكفايات نعم وأما ما يعد فضيلة لا فريضة إذن الرقم الثاني بقي فريضة والثاني فضيلة قريبان من بعضهما البعض فريضة وفضيلة ومن هنا أخذوا يقولون لك أهذا فرض أم فضل قال هكذا لأنه مقسم رقم واحد الفرض وهذا الفرض إذا لم يفعله أحد أو إذا لم يفعله الكفاية إثم الأمة إثم
الأمة كيف طيب وأنا الآثم المتهيئ إثم الأمة يعني كل الأفراد المتهيئين من الأمة يأثمون أنا صغير في السن لا أقدر أن أحصل على علوم الطب إذن أنا خارج هذه القضية أنا رجل متخصص وقائم في مكان آخر إذن لست مكلفا بهذا إذن من المكلف مكلف المتهيئ لدراسة الطب ولم يدرس ذهب يدرس الشعر وهذا لا يصلح وحرام عليه حينئذ بالرغم من أن الشعر أمر جليل وجميل وحسن ولكننا نريد الآن أن نقوم بالطب ولذلك من الخلل الذي حدث في تعليمنا أن الناس
تركت مساحات كبيرة من العلوم وذهبت إلى مساحات أخرى من العلوم أيضا فتكدسوا هناك إذا كان الخلل يبقى كل هؤلاء في إثم عندهم لأنهم لم يختاروا ما فيه الكفاية فيما أردنا، نعم وأما ما يعد فضيلة لا فريضة فالتعمق في دقائق الحساب وحقائق الطب وغير ذلك مما يستغنى عنه ولكنه يفيد زيادة قوة في القدر المحتاج إليه يصل من المعلومات إلى درجة الحكمة. الفلسفة يتفلسف في الأمور فلا يعود طبيبا بل يصبح طبيبا وفيلسوفا أيضا والله إن هذه فضيلة جيدة أن يكون حكيما وفيلسوفا ولكن ليس هو الذي سيعالج لنا
الأولوية الأولى هذا يعني في احتياج أول هذه الفريضة وبعد ذلك عندما يربط هذا الكلام ببعضه البعض يضع نظريات فيصبح هذا فضيلة نعم وأما المذموم منه فعلم السحر والطلسمات وعلم الشعوذة والتلبيسات في معلومات يستطيع بها أن يصل إلى والعياذ بالله السحر، هذا مذموم ولا يجوز تعلمه إلا للقاضي أو المفتي، القاضي والمفتي هو الذي يدرس السحر لماذا؟ حتى يتبين له من قتل به، حضرة القاضي هو الذي يفعل ذلك، أما عموم الناس تدرس السحر لتعمل به، أي علم لا ينفع والجهل
به لا يضر، إذن فالقاضي يدرس علم السحر لا ليعمل به بل ليحكم بموجبه من أجل أن يحكم، إذا جاء أحد وقال هذا قتل هذا بالسحر، هل هو فعلا كذلك أم لا؟ فيجب أن يكون لديه من العلم ما يقول له يمكن أن يحدث هكذا أو ذاك نعم يمكن أن يحدث هكذا يجب أن نحقق وننظر تعال أنت فعلت كذا أنت فعلت كذا أين الدليل أين كذا إلى آخره نعم وأما المباح منه فالعلم بالأشعار التي لا سخف فيها وتواريخ الأخبار وما يجري مجراه فهذا علم لا يضر ولا ينفع
فهو به لا يضر، لكن العلم به لا ينفع، فإذا جعلته ينفع ترى أنه إما من الفضيلة وإما من الفريضة، وكيف ذلك؟ بأن تجعله خادما للقرآن، أليس الشعر ديوان العرب، فإذا جعلت الشعر خادما للقرآن حينئذ تبقى أنت تدرس الشعر وتحفظه محافظة على لغة القرآن، محافظة على علم القرآن، يبقى الإنسان والحاجة في ذاتها هكذا قد تكون مباحة وتتحول من المباحة إلى الندب أو إلى الفريضة أيضا حسب
الحال فإذا كان الشعر ركيك الكلام وما إلى ذلك أو الكلام الفارغ فماذا سنفعل به عندما يقول له ما شئت لا ما شاءت الأقدار فاحكم فأنت الواحد القهار فالشاعر أحمق والآخر أكثر ما معنى ما شئت لما شاءت الأقوال مدحا سخيفا أم لا يتمام الثاني يقول إنما الحيزبون والدردبيس والطخا والنخا والعلطبيس لغة تنفر المسامع منها حين تتلى وتشمئز النفوس منها طخ ماذا ونخ ماذا وهذا الكلام هي هذه لغة القرآن أبدا ورد يعني أبدا ولا ردت ولا شيء إنما الشعر الذي القرآن ويعني
أقول لك مثلا المعلقات "قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل بسقط اللوى بين الدخول فحومل" قال وقف واستوقف وبكى واستبكى وذكر الحبيب والدار في شطر بيت ما هذا إنها شيء عميق جدا وقف واستوقف وبكى واستبكى وذكر الحبيب والدار فيكون ستة أفعال في شطر بيت قال له حسنا ما معنى أنه قال له شيئا بليغا جدا، إنه شيء جميل، قال له: طيب، قال: ماذا في الشطر الثاني؟ ولا شيء
بسقوط اللوى بين الدخول فحومل الدؤ المهندسين شبر مبابا، يعني ماذا؟ ماذا أدق المهندسين شبر مبابا هذه يعني ماذا؟ لم يجد شيئا يا عيني، نفسه انتهى فوقف واستوقف وبكى وذكر الحبيب والدار في شطر به وجه في الشطر الآخر انتهى ذهب قال عتاب بسقوط اللوى مكان بين الدخول مكان وحوالي مكان يعني ولكن عندما تأتي لتقول قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ما هذا
ما ليس فيه هذا غير راض، هذا محكمة جدا. الله إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر إن شانئك هو الأبتر. هذا غير راض غير راضية تختل، هذا كل شيء له قصة وحكاية ورواية وأحكام وشيء غريب. هذا كلام البشر، المتقنون لم يعرفوا كيف يكملون أنفسهم يتقطعون، لكن انظر هذا شيء. جميلة جدا، والله ترى روث الظباء في ساحاتها ومنخفضاتها كأنه حب الفلفل، روث ظباء، ما هذا؟ لا أعرف كيف يأتي بهذا، يعني انتهى انتهاء، هذه الظباء يعني الغزلان، يعني
ما معنى روث الظباء؟ لكن كلام ربنا عندما... ما الذي جعل العرب هكذا يفتنون بالكلام الجميل هذا ليس كلام بشر، فالبشر لا يعرفون أن يفعلوا هكذا، لا يعرفون أن يكونوا كل هذا، يجب أن يلين الأمور بشيء من الكلام الفارغ، لكن هذا ليس فيه ولا كلمة فارغة، هذا كله مملوء، ولذلك حينئذ يصبح للشعر ماذا؟ تصبح له قيمة لأنك جعلته مدخلا للمقارنة ببلاغة القرآن وإعجازه. القرآن هو الذي يمنحك إيمانا أكثر عندما تقوم بالمقارنات، إلى لقاء آخر
نستودعكم الله والسلام عليكم.