مجالس إحياء علوم الدين | مسجد فاضل | المجلس 45 | أ.د علي جمعة

مجالس إحياء علوم الدين | مسجد فاضل | المجلس 45 | أ.د علي جمعة - إحياء علوم الدين
شكرا بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه مع كتاب
محمد بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه قال الإمام حجة الإسلام أبو حامد محمد بن محمد بن محمد الغزالي رحمه الله ورضي عنه ونفعنا الله بعلومه وعلومكم في الدارين آمين ولا ينبغي أن يفهم منه أنه يجب ألا يفسر القرآن بالاستنباط والفكر فإن من الآيات ما نقل فيها عن الصحابة والمفسرين خمسة معان وستة وسبعة ويعلم أن جميعها غير مسموع من النبي صلى الله عليه وآله وسلم فإنها قد تكون متنافية لا تقبل الجمع فيكون ذلك مستنبطا بحسن الفهم وطول الفكر ولهذا قال صلى الله عليه وآله وسلم
لابن عباس رضي الله عنهما اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل رواه البخاري من حديث ابن عباس رضي الله عنهما ومن يستجيز من أهل الطغيان مثل هذه التأويلات مع علمه بأنها غير مرادة بالألفاظ ويزعم أنه يقصد بها دعوة الخلق إلى الخالق يضاهي من يستجيز الاختراع والوضع على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما هو في نفسه حق ولكن لم ينطق به الشرع كمن يضع في كل مسألة يراها حقا حديثا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم فذلك ظلم وضلال ودخول في الوعيد المفهوم من قوله صلى الله عليه وآله وسلم من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده
من النار متفق عليه، بل الشر في تأويل هذه الألفاظ أتم وأعظم لأنها مبطلة للثقة بالألفاظ وقاطعة طريق الاستفادة والفهم من القرآن بالكلية، فقد عرفت كيف صرف الشيطان دواعي الخلق عن العلوم المحمودة إلى المذمومة فكل ذلك من تلبيس علماء السوء بتبديل الأسماء فإن اتبعت هؤلاء اعتمادا على الاسم المشهور من غير الالتفات إلى ما عرف في العصر الأول كنت كمن طلب الشرف بالحكمة باتباع من يسمى حكيما فإن اسم الحكيم صار يطلق على الطبيب والشاعر والمنجم في هذا العصر وذلك بالغفلة عن تبديل الألفاظ
إذا هناك فارق ما بين التفسير الباطني وما بين الإشاري والفرق بينهما أن الباطني ينكر الظاهر وأن الإشاري لا ينكر الظاهر فهناك تفسير يشعر بظلال الآية بروح الآية بأهداف الآية بما تترتب عليه من حكمة فيسمى بالتفسير الإشاري وهو لا ينكر معنى الصلاة أو الحج أو الزكاة أو الصيام أو البيع أو الزواج أو كذا الأساسي بل يضيف إليه بأنه هذا وإن كان معناه هذه الأشياء المعلومة من الدين
إلا أن يضاف إلى ذلك لو خاطبنا به النفس لوصلنا إلى كذا وكذا من كل ممدوح ومن البعد عن المذموم فالفرق بين الباطني والإشاري أن الباطني ينكر الظاهر ويقول ليس معناه هكذا أنتم تفهمون خطأ ويضلل أيضا من يذهب إليه أما الإشاري فهو يضيف إلى الظاهر مع تثبيته وإقراره والإقرار به والقول به وهذا شأن كثير من أولياء الله أنهم يقولون بالظاهر ويفعلونه ويعتبرونه ويقولون أنه هو الأساس ويضاف إليه أن
هذه الآية تشير أيضا ففيها كلمة أيضا إلى كذا وكذا من الممدوح أصل هذا هو إنكار الدلالة اللغوية فالباطني ينكر الدلالة اللغوية والإشاري يتعمق في الدلالة اللغوية الباطني ينكر الدلالة اللغوية والإشاري يتعمق في الدلالة اللغوية قد يوسع دائرتها لكن هذا هكذا يلغي دائرتها ولذلك فإن الباطني أثناء إلغائه
لدائرة المدلول يذهب إلى الاسم دون النظر إلى المسمى ما فائدة هذا ينظر إلى الاسم دون النظر إلى المسمى وهذا كما يقول الإمام ضلال مبين وضرب مثلا بالحكيم الحكيم يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا وما يذكر إلا أولو الألباب ما الحكمة وضع الشيء المناسب في المكان المناسب في الوقت المناسب وفي الحال المناسبة يكون ذلك حكيما، والحكيم هنا أصبح يطلق على الطبيب في بلدنا نقول:
هل ذهبت إلى الحكيم أم لا؟ أي ما معنى ذلك؟ إنه الطبيب، وهذا الطبيب قد يكون مسلما أو غير مسلم، قد يكون فاسقا أو ملتزما، قد يكون أي شيء ولكنه حكيم لأنه يعمل بالطب أي وفي عصر الإمام كان أيضا الشاعر يطلق عليه حكيم لأنه يقول حكما ومواعظ والشعراء يتبعهم الغاوون فإذن ليست هذه هي الحكمة المقصودة التي فيها الخير الكثير كما ذكر الله أين الخطأ هنا التلاعب بالاسم دون النظر إلى المسمى النبي عليه الصلاة والسلام حذر من هذا فقال يسمون الخمر بغير اسمها يستحلونها بذلك
سموا الخمرة بيرة وبعد ذلك قال لك البيرة هي خمر بيرة حلال ما دامت ليست خمرا لا هكذا لعب هكذا الاسم لا يجب أن ينخدع بالك من أنه مسكر أم ليس مسكرا يجب أن تذهب إلى الإسكار لأن الخمر معناه أن اسمه يطلق على شامبانيا وويسكي، طيب وبعد ذلك أقول له لا تشرب الخمر، فيقول لي هذا ليس خمرا، هذا ويسكي وهذه شامبانيا وليست خمرا، فيصبح الأمر كأننا نلعب بالأسماء. إذا كان التلاعب بالأسماء يؤدي إلى تغيير أحكام
الله، فعندما نأتي ونسمي صنف الخروف خنزيرا وسميناه كذلك، فهل يوجد أحد يمنعنا؟ سمينا الخروف خنزيرا حرام هو يقول ماء أيضا حرام، ما العلة التي حدثت هنا؟ العلة أننا قد سمينا الشيء بغير اسمه فحرمناه بناء على هذا، فوقعنا في الضلال حيث إننا قد حرمنا المباح. نعم لماذا؟ لأنه من نعم الله وسمينا الخنزير خروفا وشاع ذلك فينا وأصحاب الحيوان كتبوه وساروا عليه حرام
ولذلك تحدث الناس فقالوا من أين جاء هذا التغيير في الأسماء، فقال المحرم إنه من قوله تعالى "إنما النسيء زيادة في الكفر"، هل تنتبه إلى ما كان النسيء؟ كانوا يسمون محرم صفرا ويأتي صفر فيسمونه محرما، فيحل القتال في محرم الأصلي الذي سماه صفرا بسبب الاسم، ونأتي في صفر فيحرمه لأنه واستراح قليلا من الأمر وكانوا يفعلون ذلك دائما حتى اختلت الدنيا وقال إن الزمان قد استدار كهيئة ما خلق الله، خلق الله السماوات والأرض اليوم، ولذلك سيدنا النبي حج في الحجة لأنه انضبطت الأزمان
وقيل إن أبا بكر حج في ذي القعدة التي هي الحجة الأولى التي نزلت فيها التوبة هم يسمونه كذلك وكان عندهم كهنة يمارسون هذه اللعبة التي هي النسيقة، ما العلة؟ سمى الشيء بغير اسمه فإذا كانت تسمية الشيء بغير اسمه ستؤدي بنا إلى إحلال الحرام وتحريم الحلال، فالباطنية يحبون هذه الحكاية يحبون أن يسموا الأشياء بغير أسمائها، يقفون عند الاسم ويتركون المعنى لأن المعنى إنهم لا يريدونه ويلعبون به وهذا
حادث إلى يوم الناس هذا وكثير كثير من الفتن بين المسلمين هي بتسمية الأشياء بغير أسمائها يسمون الأشياء بغير أسمائها ويتخاصمون مع بعضهم البعض حتى تشيع وتستقر وتتعمق وتتجذر وتنتشر وبعد ذلك ما هو هذا خنزير أنت يعجبك أن مائة واحد يشهد أن وسأحضر لك مائة كتاب تقول إنه خنزير، إنا لله وإنا إليه راجعون. حاول الناس بعد الحرب العالمية الثانية أن يقيموا تجارة ويوحدوا التجارة ويخدموها، فقالوا: يا جماعة، قضية أننا في يوم واحد من يناير، أي
يوم هو؟ قال: والله يختلف باختلاف السنين. قال: حسنا، نريد أن نصنع شيئا لا يختلف السنين نجعل الأول من يناير يصادف يوم السبت، والثامن من يناير كل ثامن من يناير في العالم يوم السبت، والخامس عشر من يناير يكون يوم السبت هكذا، هل نفعل ذلك؟ قالوا والله يمكن أن نفعل هذا الأمر بأن نجعل الشهر ثمانية وعشرين في اثني عشر بثمانية وأربعين، السنة فيها اثنان شهر يبقى السنة تأتي بشهر زائد وبدلا من الاثني عشر يصبحون ثلاثة عشر وتثبت هذه الحكاية أمام الأسبوع فعلى الفور أقول لك سأقابلك في الخامس عشر من
يناير فتقول لي نعم إنه يوم سبت على الفور هكذا فماذا يفعل هذا يجعل يوم الجمعة ليس يوم الجمعة سيحول يوم الجمعة خاصتنا إلى يوم آخر ليس الجمعة، فستجد أنه سيكون يوم ثلاثاء مرة واحدة فقط اسمه جمعة، ويوم خميس مرة واحدة فقط هو اسمه جمعة، فقد أطلقنا عليها نحن هذا الاسم. يقول لك الله ليس فيها مصلحة، فمتى أصلي إذن؟ لقد أربكتني بهذا، فهي نفس قضيتك ولكن النسيء زيادة في الكفر أنا أحج في ذي الحجة وأصوم رمضان هكذا وأحتفل بالنصف من شعبان أنت الآن لا تدعني أصوم شوال ستسميه
اسما آخر وتجعلني أحج في المحرم وتجعلني أصلي في يوم السبت صلاة الجمعة يعني يوم السبت يصبح خلطا ولذلك رفضنا هذه الأشياء والله من عنده أفشلها لكن موجودة في الكتب المحاولة لتثبيت الزمن مع أسماء الأيام تسهيلا لحركة البنوك وللاتفاقات وللمواعيد ولحركة الطيران قالوا عنها فوائد كثيرة، لكن هذا يخل بالتطبيق الخاص بالباطنية ما يهمهم الذي يكسبه العبد، فالرجل هنا وهو يبين لنا علاقة الباطنية بتغيير الأسماء إزاء
المسميات هذا عميق جدا، كيف جاء بها هذا حقا هكذا فإن الله قد فتح عليه وأرسل إليه أن هؤلاء الناس يغيرون الأسماء قبل المسميات، هذه الحكاية يا إخواننا لا تأتي بالذهن، بل تأتي بالنور الذي يلقيه الله في القلب، فهذا الرجل منور، الشيخ الغزالي هذا منور لأنه يكتشف أشياء ويضع - تبارك الله - ما علاقة الأسماء بالمسميات بالحكاية ندرسها الآن وهذا هو عمل الباطنية العامل في تحويل الأسماء عن مسمياتها إلى مفاهيم أخرى تكون خارج الشريعة، نعم قال رحمه الله اللفظ
الخامس وهو الحكمة، فإن اسم الحكيم صار يطلق على الطبيب والشاعر والمنجم حتى على الذي يدحرج القرعة على أكف السوادية في شوارع الطرق، والحكمة هي التي أثنى الله عز وجل عليها فقال تعالى يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا وقال صلى الله عليه وآله وسلم كلمة من الحكمة يتعلمها الرجل خير له من الدنيا وما فيها فانظر ما الذي كانت الحكمة عبارة عنه وإلى ماذا نقل وقس به من بقية الألفاظ واحترز به عن الاغترار بتلبيسات علماء السوء، فإن شرهم على الدين أعظم
من شر الشياطين، إذ الشيطان بواسطتهم يتدرج إلى انتزاع الدين من قلوب الخلق. ولهذا لما سئل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن شر الخلق أبى وقال: اللهم غفرا، حتى كرروا عليه فقال: هم علماء السوء. الحافظ العراقي الحديث رواه الدارمي بنحوه من رواية الأحوص بن حكيم عن أبيه مرسلا وهو ضعيف، ورواه البزار في مسنده من حديث معاذ بسند ضعيف. فقد عرفت العلم المحمود والمذموم ومثار الالتباس، وإليك الخيار في أن تنظر لنفسك فتقتدي بالسلف أو تتدلى بحبل الغرور وتتشبه بالخلف. فكل ما ارتضاه
السلف من العلوم قد اندرس وما أكب الناس عليه فأكثره مبتدع ومحدث وقد صح قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء فقيل ومن الغرباء قال الذين يصلحون ما أفسده الناس من سنتي والذين يحيون ما أماتوه من سنتي وورد من أحيا سنتي قد أحياني فاللهم
اجعلنا منهم يا أرحم الراحمين وإلى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته