مجلس الجمعة | 05 - 04 - 2019 | مسجد فاضل | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه مع المحجة البيضاء التي ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك. نعيش هذه اللحظات عسى أن يفتح الله علينا فتوح العارفين به، وأن ينزل الملائكة تحفنا والرحمة تغشانا والسكينة في قلوبنا، إنه على ذلك قديرٌ وبالإجابة جديرٌ ونسأله سبحانه وتعالى أن يذكرنا عنده في الملأ الأعلى وأن يصلي وأن يسلم على سيدنا المصطفى بما يستحقه من مكانة وقامة
عنده سبحانه وتعالى وأن يحشرنا تحت لوائه يوم القيامة وأن يسقينا من يده الشريفة شربة ماءٍ لا نظمأ بعدها أبداً ثم يدخلنا الجنة من غير حساب. ولا سابقة عقاب ولا عتاب وأن يتقبل منا صالح أعمالنا وأن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته آمين. يسأل سائل: هل صيغة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم "اللهم صل وسلم على سيدنا محمد وآله" تستوجب
رد النبي عليها كما ورد في الحديث أنه من سلم علي فإن الله يردّ إلى روحي فأرد عليه السلام، أو أنها قاصرة على من قال السلام عليك يا سيدي يا رسول الله. العام يشمل معه الخاص، فإذا قلت: اللهم صلِّ وسلِّم، فهذا أمر واسع، فقد صليت وسلمت، والنبي يرد السلام. ولذلك فإنه يرد السلام على هذه الصيغة
المباركة بأي صفة كانت وبأي صيغة. كانت سواء كانت واردة أو غير واردة لأن شأن الذكر على الساعة وهذا من الذكر لأنه يتصدر بكلمة اللهم فهو ذكر ولذلك ترى المصريين بعدما شاع فيهم الإسلام وتشبعت به قلوبهم إذا نسي أحدهم قال اللهم صل على سيدنا النبي لكي يتذكر لقوله تعالى واذكر ربك إذا نسيت فإذا نسيت فاذكر الله بطريقة الصلاة على النبي، لأن من صلى على النبي فقد ذكر الله لقوله في أولها
"اللهم"، وكذلك من صلى وسلم على النبي فإنه يوجب هذا الرد. وقال أهل الله والعلماء بحياة الأنبياء في قبورهم، واستدلوا بأدلة منها ما أخرجه البخاري أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مر. على موسى وهو في قبره عند الكثيب الأحمر ليلة ما أُسري به وهو يصلي، موسى يصلي في قبره. وألَّف الإمام البيهقي جمعًا لهذه الأدلة في كتاب أسماه "حياة الأنبياء". فالأنبياء أحياء في
قبورهم، وذلك لكثرة ما يتوارد عليهم في مسألة رد الروح عند السلام، ورسول الله صلى الله عليه وسلم عن الأنبياء بأنه مذكورٌ عالي الذكر على ألسنة الذاكرين في مشارق الأرض ومغاربها كل يوم، لا ينقطع عنه المدد، ولذلك فهو حيٌ في قبره كما أفاد ذلك الحديث، وحديث "الأنبياء أحياء في قبورهم"، وأن الأرض لا تأكل أجساد الأنبياء، وكل هذا هو عقيدة أهل السنة والجماعة. يسأل قائلاً: نويت أداء... عمرة شعبان أنا وزوجتي، ثم
إن صديقاً لي ألمّت به فاقة فاحتاج إلى مال، فأعطيته المال الذي كنت سأعتمر به أنا وزوجتي، وقد وعدت زوجتي بعمرة، فهل بذلك أكون منافقاً لأنني ساعدت صديقي وأخلفت وعدي مع زوجتي؟ قال تعالى: "وافعلوا الخير لعلكم تفلحون"، ونفع الآخرين مقدم عند الله في الثواب. وفي الأجر وفي قيمته وفي درجته على الأعمال القاصرة كالصلاة والعمرة ونحوها، ولذلك فإن
فك ضيق الصديق أولى من تنفيذ هذا الوعد الذي هو معلق على الإمكانية. فعندما يرزقك الله سبحانه وتعالى بمبلغ آخر، اعتمر حيثما فُتح باب العمر أنت وزوجتك. فتقديم الأفعال المتعدية بخيرها إلى الناس أولى من تقديم... الأفعال القاصرة على الإنسان كالذكر والدعاء وقراءة القرآن والصلاة والعمرة ونحوها على ما في هذه الأعمال من جلال وكمال وثواب، إلا
أن الأفعال المتعدية بالصدقات والزكوات خير من ذلك. إذاً، لا نفاق في هذه المسألة، والوعد معلق على الاستطاعة، وما فعلته هو أولى وأثوب لك ولزوجك. توفي زوجي وترك شقة. تمليك وسيارة في حياة أبيه وأمه فكان نصيب الأم والأب السدس والسدس، فثلث هذه التركة كان من نصيب الأب والأم للمتوفى، ثم إنهما ماتا فحل محلهما الورثة
من أبنائهم أي أعمام الأولاد الموجودين ولهم الثلث، فعندما نتصل بهم حتى ننهي هذه الشراكة ويأخذ كل واحد حقه يرفضون الاستجابة ويرفضون حتى. الحضور عند القاضي يعني هذا يُسمى بالمشاكس، الشريك المخالف أو الشريك المشاكس. فماذا نفعل حينما ذهبنا إلى القاضي فقال: "وماذا أفعل؟". يعني القاضي نفسه تحيَّر في هذا الشأن. هذا معروف في الفقه والقانون تحت
عنوان التعسف في استعمال الحق. حقك الثلث، حقك، ولكنك تستعمله بطريقة فيها تعسف وإيقاع للضرر. بالغير ولذلك فهذه قضية مدنية وليست قضية لمحكمة الأسرة، ومن هنا احتار القاضي في الحكم عليها لأنه ماذا يفعل وهم يأبون الحضور ويرفضون التقسيم والفرز وكذا نذهب إلى القاضي المختص ونرفع دعوى اسمها ماذا؟ التعسف في استعمال
الحق. أنا أمتلك قطعة أرض وأنت جاري وأنا في ملكي أفعل ما أشاء فبنيت حائطاً حتى يحجب الشمس عنك في مِلكك. أنا لم أعتدِ عليك في شيء، ولكن سأمنع عنك النور والهواء. لماذا هكذا؟ إنه تعسف في استعمال الحق. فنذهب لنرفع عليه دعوى ونطلب من القاضي قائلين: يا حضرة القاضي، هذا الرجل يتعسف فيما قد أعطاه الله له من حق، فيستعمله في... الإضرار بالغير واستعمال الحق في الإضرار بالغير ممنوع،
ويحكم القاضي بهدم هذا الحائط المشؤوم الذي بُني من أجل منع النور والهواء عن الجار لأن الجار قد تضرر. وهكذا هنا، وكذلك في كل شريك مشاكس، الشريك المشاكس يُرفع أمره باعتبار أنه قد تعسف في استعمال حقه ولو كان حقاً له لأن... استعمال الحق مشروط بعدم الإضرار بالغير. رجل مع زوجته ولم يقاربها منذ سنة،
فهل عليه النفقة؟ نعم، عليه النفقة، فالنفقة في الفقه من الرجل للمرأة على حق الاحتباس وليس في مقابل الاستمتاع بينهما. ولذلك يجب على هذا الرجل النفقة، قارب زوجته أو لم يقارب، لأن الأمر إنما هو في مقابل... الاحتباس وليس في مقابل العلاقة الحميمة التي بين الزوجين ما حكم من عزم أن يفعل معصية ثم يتوب عنها فأراد مثلاً أن يشرب الخمر غداً ثم يتوب قال
وبعدها على الفور يتوب إن شاء الله هو على خطر عظيم لأن الله قد يوقعه في هذا الذنب ويكتب عليه الوفاة وهو يشرب الخمر ماذا سيفعل الآن؟ إن شاء الله يذهب إلى الله سكرانًا عاصيًا بكبيرة من الكبائر بأم الخبائث. فإذا أمد الله عمره، فهو إيذان ورحمة تبيح له التوبة. أما أن يدبر من الآن أن يقتحم الحرام فهذا في حد ذاته حرام. نص ابن الصلاح في فوائد رحلته من
أن... لو أنَّ شخصاً شرب سائلاً على اعتبار أنه ليس خمراً، فإنه يأثم باتفاق لتعدِّيه الحرمة، وفي الحدِّ قولان. هل نقيم عليه حدَّ الشارب أم لا؟ هذه المسألة مبنيةٌ على قاعدةٍ أصوليةٍ: هل هناك عبرةٌ بالظنِّ البيِّن خطؤه؟
يعني عندي ظنٌّ وتصرفتُ بناءً على هذا الظن، ثم تبيَّن خطؤه، فهل هناك لهذا العمل أو أنه يترتب عليه طبقاً للظن وضربوا لذلك أمثلة منها رجل تصرف في بيت أبيه وملك أبيه ظاناً أنه حي قالوا له إن أباك في هذه البلد وهذه العمارة ملكه وأنا أبيعها فباعها فتصرف بذلك في ملك غيره باعها الساعة الثانية عشرة فجاءه الخبر أن أباك قد مات إحدى عشر، فعندما
باعها كانت العمارة ملكه، فهو الوريث الوحيد. إذًا، هل هذا البيع باطل باعتبار ظنه وتجرؤه، أم أنه صحيح باعتبار الواقع؟ فذهب الجمهور إلى أنه لا عبرة بالظن البيّن خطؤه، لا عبرة بالظن البيّن خطؤه. فمن شرب ماءً ظانًا أنه خمر أثِمَ باتفاق، خلاص، أثِمَ باتفاق. لكن هناك في إقامة الحد قولان مبنيان على: هل هناك عبرة؟ هل العبرة بالظن البيّن خطؤه؟ أم لا
عبرة بالظن البيّن خطؤه؟ فإذا كنت ممن تبنى أنه لا عبرة بالظن البيّن خطؤه تقول: لا يُحد. وإذا قلت: لا، بل هناك عبرة بالظن البيّن خطؤه، تقول: يُحد، مع اتفاقهما على أنه ما الفرق بين الخلع والطلاق على الإبراء؟ هناك فروق دقيقة، وهي أن الطلاق على الإبراء يُحسب من الطلقات باتفاق، يُحسب من عدد الطلقات باتفاق. ولكن الخلع اختلفوا فيه، فقيل هو فسخ فلا يُحسب، وهو القول المرجوح في مذهب الشافعية، وقيل بل هو طلاق يُحسب، وهو القول الصحيح في مذهب
الشافعية. إذا كان عند الشافعية في المسألة قولان: قول بأنه طلاق فيُعد من الثلاث، وقول بأنه ليس بطلاق فلا يُعد من الثلاث. أما الطلاق على الإطلاق فهو منتهٍ ولا يوجد فيه فسق. والخلع بمقابل متفق عليه، لكن الإبراء قد يكون بجزء، فتبرئه من النفقة أو تبرئه من مؤخر الصداق أو... تبرئته من كذا من دين لها في ذمته فهذا هو الطلاق على الإبراء، وكلاهما يتفقان في أنهما انفصال. انظر إلى الكلام، إنه
انفصال، لأن الخلع الذي سيؤول إلى أنه فسخ يكون انفصالاً، وهذا طلاق أيضاً انفصال. في مقابل الاثنين، انفصال في مقابل، إلا أن الخلع مقابل إبراء في مقابل فيه أنه فسخ، لكن الطلاق على الإبراء ليس بفسخ، وعليه من صار أنه فسق لا يُعد من الطلقات، لكن هنا يُعد من الطلقات. هل من يسب النبي صلى الله عليه وآله وسلم يجب قتله ولا تُقبل توبته ولا يُدفن
مع المسلمين؟ يجب قتله عند المالكية وتاب، فلو أنه فعل هذا الجريمة الشنعاء، ثم قال: "تبت إلى الله"، قُبلت توبته وصُلي عليه ودُفن مع موتى المسلمين، كالمرتد يعود إلى الإسلام تائباً نادماً. وكان ابن حجر العسقلاني رحمه الله تعالى، وكان قاضي قضاة مصر وهو الملقب بالحافظ، وهو إمام أئمة الحديث في الزمان والمكان، كان رضي الله تعالى عنه إذا أُحيل إليه. رجلٌ سبَّ النبي فأحالوه إلى القاضي المالكي، لأن
مذهب الشافعية أن من تاب، وكذلك أبو حنيفة وأحمد يرون أن من تاب لا يُقتل. لقد ارتكب جريمة وتاب وأصبح تائباً. الإمام مالك قال له: "ما لنا بتوبتك، قَبِلنا توبتك إن شاء الله، هيا خذوه إلى الإعدام" إجلالاً لمقام النبي صلى الله مَنْ سَبَّ وهناك مَنْ يُسِيءُ دون السَّبِّ، حَذَّرَ العلماءُ ورَدُّوا شهادةَ مَنْ أساءَ وحَكَمُوا عليه بالتعزير. فَأَلَّفَ الإمامُ السيوطي "تنبيه السفهاء في
تنزيه الأنبياء"، وسَمَّى هذا الذي يقعُ في الإساءةِ دون قصدٍ، وإنما لم يُراعِ ألفاظَهُ عند الكلام، سَمَّاهُ بالسفيه ويُؤَدَّبُ، وكلُّ ذلك إعلاءً لمقامِ سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم فإن مقامه خطير وكبير وحدثت حادثة في قلعة الكبش أن رجلاً أبوه يرعى الغنم قد تشاجر مع آخر فقال له ذلك الآخر في شجارهما: "يا
ابن الغنّام". فقال له: "أتعيّرني بأن أبي كان يرعى الغنم وسيد الخلق صلى الله عليه وسلم رعى الغنم؟" فرفعوا الأمر إلى العلماء فألّف السيوطي. الرسالة، وقال إن هذا تشبيه للأنبياء بعموم الناس وفيه إساءة. حال النبي وهو يرعى الغنم كانت حالاً أخرى ليست كحالك الذي لم يذهب إلى المدارس ولم يجلس في مجالس العلم ولم تكن له كذا، فاشتغل برعاية الغنم.
ومثلها: "أتعيرني أنني أمي" وقد كان النبي أمياً. أمية النبي كانت فيه معجزة. ولكن في الأبعد إنما هي خسة وقلة علم وقلة ديانة وهكذا، وقد جمع السيوطي نصوص العلماء من المذاهب الأربعة في هذا الشأن، ووضع قواعد نادرة وعجيبة في كيفية الاستفادة من المذهب الذي لم ينص على المسألة إن لم ينص عليها، في كلام عجيب لا يصدر إلا من أمثال الإمام السيوطي
الله تعالى وعنوان الرسالة في خلاف تنبيه السفهاء في تنزيه الأنبياء أو تحذير السفهاء من تشبيه الأنبياء، وكلها تدور في المعنى الذي ذكرناه. وعلى ذلك فإن الإساءة إلى النبي صلى الله عليه وسلم توجب التأديب إذا كانت بهذه الكيفية. وحدث في المغرب أن بعضهم ادعى أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعلى سبيل
المعجزة قد وُلِدَ من جنب السيدة آمنة، أي كأنها شُقَّت بالعناية الإلهية بطن السيدة آمنة، فخرج سيد الكائنات، وأنه لم يولد كسائر المخلوقات، فأنكر بعضهم هذا لعدم وروده، لأن هذا الكلام لم يرد وليس فيه لا سنة موضوعة ولا سند صحيح ولا شيء أبداً، فتكلموا وتحدث بعضهم أنه وُلد من كذا فرأوا في ذلك إساءة وعدم مراعاة للأدب الرفيع
مع سيدنا صلى الله عليه وسلم، وألَّف فيها الكتاني كتاب "تنبيه الأجياد في أن النبي صلى الله عليه وسلم وُلد من المحل المعتاد". إلى هذا الحد كانوا يراعون الكلام عن سيد الكائنات، ويختارون الألفاظ التي فيها لأنه يستحق للكمال مع
الذهب لأن نصابه عشرون مثقالاً، والمثقال أربعة جرام وربع. عشرون في أربعة وربع يساوي خمسة وثمانين، وقيمة الخمسة والثمانين جرام من الذهب هي هذا النصاب. فبدأت العام ومعي
قيمة مائة جرام، وبعد ستة أشهر أصبحوا ثمانين، وبعد خمسة أشهر أصبحوا مائة مرة أخرى. إذاً نبدأ من حيث صاروا مائة، ابدأ عاماً جديداً. يبقى إذا حدث خلل، فإننا نبدأ بعام جديد. هل يجوز أن أرى مخطوبتي عن طريق وسائل الاتصال الحديثة؟ يجوز لأن هذه صورة معبرة وإن لم تكن بالرؤية الشرعية
للوجه والكفين. هم يتخاطبون عن طريق الفيستايم أو الفيسبوك أو غيرها من الأشياء التي... أنتم تعرفون هذه المسألة، لا بأس. هل يوجد حل لأن يبقى حق الطلقة الثالثة بيد حَكَمَين من خارج الأسرة لأنني عصبي وتصدر مني الطلقات دون أن أدري؟ إذا صدرت منك الطلقات يا مغفل دون أن تدري فأصلاً هي غير محسوبة لأنه لا طلاق في إغلاق، والإنسان إما أن يكون لا يملك، فإذا فقدتَ
الإدراك فباتفاق الأمة لا يقع الطلاق، وإذا فقدتَ الإملاك ففيها قولان، والمفتي به أنه لا يقع الطلاق. يبقى إذن شرط الوقوع أن تكون مدركاً وأن تكون مالكاً، وأنت تتكلم عن أنك فقدت الإملاك حتى لو كان هناك إدراك، والإدراك عندنا يُدرك بسؤال حول أمور أربعة: الزمان... والمكان والأشخاص والأحوال، فتسأل المستفتي متى كان الأمر؟ قال: كنت في الليل. أين؟ قال: في الشقة. في أي مكان؟ في الصالة. ها، مكانه.
هل هو واعٍ هكذا؟ من الذي كان حاضراً؟ كان فلان وعلان. كيف كنت حينما نطقت؟ أكنت واقفاً أو جالساً؟ قال: بل كنت واقفاً. أين؟ عند باب الغرفة. خلاص، هذا فيه إدراك ولكن خرجت التطليقات مثل الرصاص لا يستطيع أن يمسكها، فهذا ليس فيه إملاك. فإذا وجدناه مدركاً انتقلنا إلى الإملاك، فإذا وجدناه مدركاً ومالكاً انتقلنا إلى كيفية النطق بها، ثم إلى حملها على الكناية أو الصريح طبقاً
لما صدر منه، فإذا كان من قبيل الكناية كما أفاد. النووي وغيره أخذنا به وسألناه سؤالاً ثالثاً عن نيته، فإذا قال أنه شاك أو أنه لا يعرف أو أنه كذا، فالطلاق عقد يُبنى على اليقين وليس على الشك وهكذا. ولذلك فإن الإفتاء يرفع كثيراً من الحرج عن الناس، ولكن الناس قد تعجلوا فيما لهم فيه أناة وانحرفوا عن صراط الله. وتلاعبوا بالطلاق كل ملعب، ولذلك يجب عليهم أن يعرفوا أنَّ الفقهاء إنما تحرّوا في أمرين: في الدماء والفروج. ولذلك
فليتقِ الله أحدكم في هذا المجال، وإذا أراد أن يطلق فليطلق في مجلس فيه سكينة وحِلْم وأناة. يقول رسول الله لأشجِّ عبد قيس: "فيك خصلتان يحبهما الله ورسوله: الحلم والأناة". فلازمٌ. يكون هادئاً هكذا، فيذهب ليطلّق عند المأذون بوعي وهدوء ومقصد ومصلحة، وليس بالتلاعب ولا بالمشاجرة ولا بهذا الحال الذي شاع وذاع حتى أصبح سيئاً ومسيئاً مشوهاً ومشوّهاً، وإنا لله وإنا إليه راجعون.