مجلس الجمعة | 10 - 05 - 2019 | مسجد فاضل | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه مع المحجة البيضاء التي ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك. نعيش هذه اللحظات عسى أن يتقبلنا الله عنده في الصالحين وأن ينفعنا بما علمنا وأن يجعل هذا المجلس مجلس علم تحفه الملائكة وتغشاه. الرحمة وتتنزل فيه السكينة ويذكرنا الله في ملإٍ عنده، فاللهم يا ربنا صلِّ وسلم على سيد الكائنات سيدنا محمد وعلى آله الأطهار وأصحابه الأخيار وأتباعه الأبرار إلى يوم الدين، وآته الوسيلة
والفضيلة والدرجة العالية الرفيعة، واحشره مقاماً محموداً الذي وعدته، إنك لا تخلف الميعاد، آته الوسيلة والفضيلة يا رب العالمين. يسأل سائل: هل تارك صحبة السوء والمستهزئين يُعدّ مُشاحناً؟ لا، يُعدّ مُشاحناً، بل هو يقوم بفرضٍ فرضه الله سبحانه وتعالى على المؤمنين، وأمرنا ألا نقعد مع أولئك الذين يتخذون دين الله هزواً، ويسخرون من أحكام الشريعة، ويسخرون من آيات الله ومن سنة نبيه بجهالة تدل على عمى قلوبهم وعلى...
أنهم في غيهم سادرون ولذلك فهو ينفذ أمر الله فيهم وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم. يسأل قائلاً: ما هي أفضل الصدقات في رمضان؟ فرض الله سبحانه وتعالى في رمضان زكاة الفطر، وقال في شأن وظيفة الأغنياء إزاء الفقراء: "أغنوهم"، أي أغنوا الفقراء عن السؤال في هذا اليوم، وجعل ذلك. مرتبطة بيوم العيد والجائزة، وهذه هي أفضل الصدقات التي تُخرج في رمضان إغناءً للفقير، لأن زكاة الفطر فريضة، وأحب
وأولى وأعلى وأغلى ما يتقرب به الإنسان إلى ربه الفريضة، ثم بعد ذلك تأتي النافلة بثوابها، وافعلوا الخير لعلكم تفلحون. فأول هذه الصدقات هو الإنفاق، والإنفاق طاعة متعدية لنفع الغير، ولذلك أعلى من الصلاة والذكر وأعلى من قراءة القرآن لأن كل هذه الطاعات ولها ثواب عظيم عند الله سبحانه وتعالى إلا أنها طاعات قاصرة، فهذا أعلى منها عند الله أن تنفع الناس وأن تخدم الناس. في رمضان بعض الأئمة يشرعون
في صلاة التراويح قبل إعلان رؤية الهلال فما حكم هذا العمل؟ إذا كان قد عَرَفَ بطرق مختلفة كأن سمع في المذياع مثلاً أن غداً رمضان، وقبل إعلان فضيلة المفتي عن أن غداً من رمضان، فله أن يفعل هذا. ولكن كونه يصلي التراويح دون أن يعلم احتياطاً ثم يتبين خلاف ذلك، فتُعَدُّ له هذه نافلة ولا تُعَدُّ من صلاة التراويح. درج العلماء ليل رمضان والذي يبدأ بدخول أول ليلة نرى فيها الهلال درجوا على أن يسموا ذلك بالتراويح،
فالتراويح هي قيام الليل وسميت بذلك من عهد عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه لأنه كان يراوح بين كل ركعتين، ونص الفقهاء الأربعة على أن التراويح ركعتين ركعتان، يعني لا يصلح أن تصليها. أربعة اربعة بسلام واحد مثلاً بل هي ركعتان باتفاق وكل ذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور". إذا كان في الجو سحاب أو غبار هل يتوجب القول بالصيام يوم الشك؟ يوم الشك
يحرم الصيام من. ستة أيام حرَّم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صيامها: يوم الشك، ويوم عيد الفطر، ويوم عيد الأضحى، وثلاثة أيام التشريق. أما يوم الشك فهو يبني النفسية المسلمة التي تعبد الله عن بصيرة وعن يقين وعن ثبات، لا عن ظن ولا عن وهم ولا عن تشكك وتردد أبداً. فنحن نعبد الله كما يريد ولا نعبد الله كما نريد، ولذلك فيوم الشك يحرم صيامه. يقول: احتياطاً، يعني ليس هناك
احتياط لأنه يوجد نص بأمرٍ نهى عن صيام يوم الشك. خلاص، قالوا: سمعنا وأطعنا، غفرانك ربنا وإليك المصير. وهذا في أساس العلاقة بين العبد وربه، أننا نعبد الله كما يريد لا. كما نريد، ولذلك يفطر المريض الذي أمره الطبيب أو جرت عليه العادة بالإفطار، لأن الله نصَّ على ذلك، ولا يقول أحدهم: "فليلقَ ربه صائماً". قال الإمام الغزالي: "فإذا مات بسبب مرضه مات مفطراً"، يعني لا ينعقد صيامه أصلاً، فكأنه مات مفطراً
عاصياً، ولو أفطر لأطاع. وكذلك المرأة الحائض إذا داهمها. الحيض: أفطرت طاعةً لله وعبادةً له. الله هو الذي يقول متى نصوم ومتى لا نصوم، ولذلك يجب أن نجعل الصيام طاعة. وسبب عدم إدراكنا للرؤية قد يكون السحاب، وقد يكون الغبار، ولذلك قال: "فإن غُمَّ عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين يوماً". وقد يكون سبب عدم الرؤية ضعف البصر،
وقد يكون أو عدم مكثه في الأفق فترة يستطيع الراصد أن يرصدها، وقد يكون ضياء الشمس يخبئه ويخفيه. وهكذا يقول: في رمضان أيهما أفضل للمسلم في مكة قراءة القرآن أو الطواف أو التنفل بركعات أو التسبيح؟ كل ذلك حسب ما يجد قلبه، فعندما يجد الإنسان قلبه في شيء يفعله، ونوع الله العبادات. بهذه التنوعات من صلاة ومن صيام ومن طواف ومن ذكر ومن دعاء ومن قراءة ونحو ذلك وتعلق
القلوب بها، فهناك قلوب ترتاح وتجد نفسها في القراءة، وقلوب في التسبيح والذكر، وقلوب في الطواف، وقلوب في التنفل إلى غير ذلك، فليفعل أكثر ما يجد قلبه فيه. يقول: أخاف ألا يتقبل الله. ثق بالله فإن الله كريم، وما دمت قد قدمت العمل فاعلم أن الله عز وجل هو الذي وفقك أن تعمل، وما دام قد وفقك للعمل فهو مقبول منك إن شاء الله، فلا تخف. هل يجب على المرأة صلاة الجمعة في المسجد، ولو صلت في البيت هل صحيح؟ إنه يجب عليها عدم القيام بأي
شيء حتى تنتهي صلاة الجمعة، لم يرد في ذلك شيء. المرأة ليست من أهل الجمعة، فإن حضرت صلت ركعتين مع المسلمين والتزمت بالإمام، لأن الإمام إنما جُعل ليُؤتم به، ولذلك فإنه يصلي ركعتين فتصلي وراءه ركعتين. أما إذا صلت منفردة في بيتها فتصلي أربعًا أن تعمل ما شاءت كشأن كل الأيام، والمرأة لم تكن من أهل حضور الجمعة لأسباب منها أنها تعمل في بيتها لأهلها وترجو بذلك ثواب الله سبحانه وتعالى، ولذلك فليس فيه هذا التصور أنها تنقطع عن
العمل حتى تنتهي الجمعة وهي في بيتها أبداً، فالجمعة كسائر الأيام في شأنها يُسأل. هل ثواب سماع القرآن مثل ثواب القراءة إن شاء الله، ولكن كل حاسة لها أجر، فالسماع له أجر، والقراءة بالعين لها أجر وهو نفس أجر السماع، والقراءة باللسان دون السماع ودون النظر لها أجر. أما لو قرأ من المصحف بعينه وبصوت عالٍ يسمعه، أخذ ثلاثة ثوابات للحرف الواحد عشرة، كما في
كلام طويل منسوب إلى من يسمون أنفسهم بالسلفية المحدثين والعياذ بالله تعالى نابتة يعني ويقول أنهم مخالفون للإمام الأشعري إلى آخره يقول يعترضون فيقول كيف تنسبون الكلام النفسي لله ولا تنسبون الحروف الحادثة هذا أضل من البقرة يريد أن يتكلم عن حوادث قائمة بذاته العلية فهذا حمار موكوف. خلاص سقط الكلام معه. اعلموا أن الرب رب وأن العبد عبد، وأن هناك فارقاً بين المخلوق والخالق. فالله سبحانه وتعالى
ليس محلاً للحوادث باتفاق العقلاء من أهل الديانة ومن غيرهم. والذي يقول هذا يقول بالجمع بين المتناقضين، وهو من أسس أقسام حكم العقل أنه يستحيل الجمع بين النقيضين. حكم العقل لا محالة هي الوجوب ثم الاستحالة ثم الجواز ثالث الأقسام فافهم منحت لذة الأفهام. وهذا لأنه لم يعرف هذا عندما ظهر هؤلاء السلفيون المحدثون، سألنا مشايخنا: "ما هذا الذي يحدث؟ وكيف يتكلمون بهذه الجرأة وبهذه"
- كما يقول المصريون - "الغلاظة والوقاحة والجهالة؟" ماذا نسميها؟ قالوا: "لأنهم لم قلنا لو يتعلمون ماذا قالوا. يتعلمون قول الشيخ الدردير في الخريدة: أقسام حكم العقل لا محالة هي الوجوب ثم الاستحالة ثم الجواز ثالث الأقسام، فافهم من احتلت ذات الأفهام. يعني لو عرفوا هذه ما كانوا ليقولوا هذا الكلام، والله ما يقولونه، وكانوا استحيوا من أنفسهم. الله قديم والحروف تقول حادثة، يكون قديماً حادثاً إلا في عقلك وعقل الذين أنجبوك،
كيف هذا؟ يعني كيف يجتمع أن يكون شيء هو عالم ولا عالم، حادث ولا حادث، موجود ولا موجود؟ لا يتصوره عقل. حاول هكذا أن تجمع بين النقيضين من جهة واحدة، ستجد أن عقلك لا يستطيع أن يستوعب هذه المسألة. حسناً، إذا لا يعرف كيف يركبها، كيف ستؤمن بها؟ وقعَت مصيبة، يقول: "وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون". هل المصيبة هي الموت فقط أو كل مشكلة من مشكلات
الدنيا؟ بل كل مشكلة من مشكلات الدنيا إذا أصابت المؤمن فإنه يقول: "إنا لله وإنا إليه راجعون" والحمد العالمين