مخطوبة لشخص وتحب أخر فما الحكم؟ | أ.د علي جمعة

مخطوبة لشخص وتحب أخر فما الحكم؟ | أ.د علي جمعة - فتاوي
سؤالٌ وردَ من أختٍ فاضلةٍ تقول إنها تحب شخصاً وأنه تقدم لخطبتها شخصٌ آخر وهو غاية في الاحترام لا يُعاب عليه، فهل يجوز لها أن تتزوج هذا الخاطب بالرغم من أن قلبها قد تعلق بالأول؟ وفي هذا السؤال أمورٌ منها أن امرأة قد تعلق قلبها برجل أو أن رجلاً قد تعلق قلبه. بامرأة فما
حكم هذا الحب؟ هذا الحب أمر خارج نطاق التكليف، الحب ليس فيه تكليف، أي أنه يأتي إليك أو لا يأتي إليك، هذه حال، والحال لا تكليف فيها. التكليف هو افعل أو لا تفعل، ولذلك فهذا الذي قد وقع في القلب يجب أن نضبط سلوكه. هذا هو التكليف إذًا، ما دام هناك سلوك. إذن يجب علينا ضبط السلوك، فالحب في حد ذاته ليس موضوع جواز أو عدمه، بل هو أمر واقع. حتى كلمة "جائز" هي من الأحكام
الشرعية، لكن هذا أمر حاصل. بعد ذلك ماذا نفعل؟ نقف عند حدود الله ولا نرتكب المعصية، ابتداءً من النظر إلى الخلوة وغيرها. نقف عند حدود الله ولا نخرب البيوت. لأنه رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من عشق فعف فكتم فمات، مات شهيداً". من عشق، والعشق تملُّك الحب من القلب حتى يصير كالشيء الواحد. في الكرسي هنا، هذا مركب. يقال لك: عاشق ومعشوق.
ماذا يعني؟ الخشب هنا صار كالشيء الواحد، هو كرسي، لكنه قطع ركبها النجار، فسُمي. الحب الذي تمكن من القلب بالعشق لأنه تركب مع القلب فلا ينفك عنه، وهنا تصحيح لبعض من اعترض على كلمة العشق الإلهي؛ لأنه حب تمكن في القلب حتى غلب صاحبه، وما ذكره بعضهم من أن العشق مختص بالزواج خطأ، وهذا الحديث حديث عظيم، يقول يحيى بن معين وكان يضاعف هذا. الحديث
من أجل سويد في راوٍ اسمه سويد بن سعيد ويقول لو أن كان لي خيل ورمح لغزوت سويداً. لماذا هكذا؟ إن سويداً هذا أخرجه له في الصحيح. الكلام لم يعجب السيد أحمد بن الصديق الغماري. كيف سويد وهو من الأشخاص الذين في الصحيح تقول لي سأغزوه لأجل هذا الحديث؟ الحديث هذا لا بد أنه وارد من غير طريق سويد، فجمع تسع طرق للحديث هذا من غير طريق سويد بن سعيد، وألَّف كتاباً مات عن إتمامه رحمه الله تعالى "درء الضعف عن حديث
من عشق فعف". يعني درء الضعف أي إزالة الضعف الذي نسبه بعض الناس مثل سيدنا يحيى بن. مُعَيَّن ما السُّقَاة به، قال له: "لا". وهذا يُبَيِّن لك حرية علماء الإسلام، بعضهم يرد على بعض. وكذلك يحيى بن معين، هذا من الأكابر، كان مع أحمد بن حنبل. وأحمد بن الصديق توفي سنة ألف وثلاث مائة وثمانين، ألف وتسع مائة وستين، يعني هو مات بالأمس، ولكن لا يزال العلماء يقومون بالتحرير. والتحقيق والتنقيح يتحدثون بقواعد، والفكرة أن هناك قواعد. أما الأشخاص الذين يقدمون برامج الحوار فيتحدثون بدون قواعد، ليس من عند أنفسهم هكذا. فقال: درء الضعف عن حديث "من عشق فعف"، وأورده من تسع
طرق. "من عشق فعف" هذا هو الشرط الأول، هذا هو التكليف. فكتم، افترض أنه... حب امرأة متزوجة، حسناً وماذا سنفعل؟ فليكتب عفواً، وليكتب أنه لم يستطع. مات، مات شهيداً، انظر إلى العلو من العفة والطهارة، مات شهيداً. لم يفعل مثل الفيلم الذي قالت له: "لا، أنا أحبه" وجرت وراءه. هل انتبهت؟ لا يصلح هذا الكلام، فليس فيه عفة، ليس فيه شيء. العفة
والطهارة غير موجودتان فيه، فنحن نعلّم الناس بطريقة خاطئة بهذه الأفلام. "من عشق فعف فكتم فمات، مات شهيداً". فالجواب على السؤال أنه نعم ينفع طالما الطرف الآخر غير جاهز، ينفع أن تتزوجي هذا. وكان سيدنا عمر يقول: "ليست كل البيوت بُنيت على الحب"، يعني ما يسمونه. الآن زواج الصالونات، زواج الصالونات، معارف وما شابه، لا أعرف ماذا، وبعد ذلك يتزوجون ويعيشون معًا ويتزوجون. لم تعد هناك قصة حب كالتي كانت بين قيس وليلى،
والحب أمر متغير، حتى أن ليلى عندما تزوجت قيس انفصلا. بالمناسبة، أكمل أنت القصة إلى النهاية، ليلى عندما تزوجت بعد كل القصة. الحب الذي جنّن ليلى وليس مجنون ليلة أطلقوه، فإذاً يعني هذا الحب عارض، والحب له ضوابط، والحب أمر قلبي وحالة، ومن الممكن أن تتحول طاقة الحب إلى الخير، فنحن نحب سيدنا رسول الله ونحب الله سبحانه وتعالى ونحب الوالدين، أي أن الحب مقبول ولكن لا يدفعك إلى شيء من الخروج عن العفة. والطهارة والرقي والجمال والحياة