موعظة المؤمنين | باب التشهد | أ.د علي جمعة | بتاريخ 2004/ 07/ 04

موعظة المؤمنين | باب التشهد | أ.د علي جمعة | بتاريخ 2004/ 07/ 04 - إحياء علوم الدين
والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. اللهم يا ربنا يا كريم اشرح صدورنا للإسلام وثبت قلوبنا على الإيمان وأجمعنا على الخير في الدنيا والآخرة، واجعل جمعنا هذا جمعًا مرحومًا وتفرقنا من بعده تفرقًا معصومًا، ولا تجعل فينا شقيًا ولا محرومًا، وافتح علينا فتوح العارفين بك وافتح. علينا من خزائن رحمتك ما تُثبت به أفئدتنا، وانقلنا من دائرة سخطك إلى دائرة رضاك، ومن الضيق إلى السعة، ومن الظلمة إلى النور. اللهم نوِّر قلوبنا، واغفر ذنوبنا، واستر عيوبنا، ووفقنا
إلى ما تحب وترضى، وأقمنا بالحق، وأقم الحق بنا. اللهم يا رب العالمين لا تؤاخذنا بما نسينا وأخطأنا ولا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا وكن لنا ولا تكن علينا وارحم حينا وميتنا وحاضرنا وغائبنا وانصر أمة سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم. اللهم اهدنا واهد بنا. اللهم يا أرحم الراحمين ارحمنا، يا غياث المستغيثين أغثنا. اللهم صل وسلم على سيدنا محمد كما يليق بجلاله عندك يا أرحم قال الإمام الغزالي رحمه الله تعالى ونفعنا الله بعلومه في الدارين آمين: باب
التشهد، قال: ثم يتشهد في الركعة الثانية، يعني بعد ركعتين لأن التشهد قد شُرع بعد الركعتين. وذلك أن الصلاة، كما كانت السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها تقول، شُرعت ركعتين ثم زيدت في الحضر وبقيت كما هي في السفر فأصل الصلاة كان على ركعتين ثم بعد ذلك زيدت على هذه الهيئة التي نحن عليها والصلاة عندما فرضت أول الإسلام ولكن لم تكن على هذه الهيئة المخمسة الصلوات الخمس لأن
عفيف رضي الله تعالى عنه قال جئت إلى مكة في تجارة مع العباس عم النبي صلى الله عليه وسلم فوجدت أمراً عجباً، وجدت رجلاً يخرج من خباء (خيمة) ثم يخرج بعده طفل يقف عن يمينه، ثم تخرج بعدهما امرأة تقف خلفهما، ويفعلون شيئاً يعني يصلون. فسألت العباس يومئذٍ من الرجل وماذا يفعل، قال: هذا ابن أخي محمد صلى الله عليه وسلم يزعم أن الله قد أوحى إليه، ولم يسلم سيدنا العباس بعد، أي أنه ما زال في البداية
تماماً، وهذا ابن أخي أبي طالب تبعه على دينه، وهذه زوجته خديجة، أي أن أبا بكر لم يسلم بعد. يقول عفيف: "وددت لو أنني أسلمت فأكون أول من أسلم من الرجال". إذاً، الصلاة مفروضة منذ زمن، قبل ولكن يعني ليست على هذه الصفة التي أتم الله بها الدين وأكمل بها النعمة وانتقل النبي صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى وتركها خير موضوع وقال العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر، فاللهم يا ربنا اجعلنا من المقيمين للصلاة المؤتين للزكاة القائمين بأمرك في السر والعلانية. ووفقنا
إلى ما تحب وترضى، والصلاة على هذه الهيئة جعل الله التشهد بعد ركعتين، ولذلك تراها بعد ركعتين في الفجر وفي الظهر وفي العصر وفي المغرب وفي العشاء، إلا الوتر فإنك تراه بعد ركعة، وذلك لأن الوتر تمام العدد، يعني الوتر هو الوتر تمامه واحد، والتمام غير الكمال، اكمله ما هل تعلم كم يبلغ أي رقم؟ عندما تقول مئة وواحد، يصبح مئة وثلاثة. وعندما تقول مئة وإحدى عشرة، يصبح مئة وثلاثة عشر. الكل وتر، لكن الوتر الحقيقي عدده هو واحد. "إن الله وتر يحب الوتر". ثم
يتشهد في الركعات الثانية التشهد الأول إذا كانت صلاة رباعية أو ثلاثية، والتشهد الأخير. إذا كان هو الفجر أو النافلة ركعتين وبعدما يتشهد أولاً يتشهد، يعني ماذا؟ أول شيء "التحيات"، فأنت تحيي ربنا، والتحيات هذه معناها السلام، فأنت تحيي الله ورسوله. وعندما يحيي المرء، فهل بدايتها خير أم أنه جاء على شر؟ بدايتها خير. وعندما تكون بدايتها خيراً، فهو يطلب
الخير. ولا طالب شرٍّ وقال: يا شرُّ اشترِ. لا، هذه بقيتها خير ونهايتها خير. فالسلام على الله ورسوله. هل السلام على الله معروف؟ وهل السلام على الرسول لا يكون شركاً؟ يهديك، ربنا. فهو الذي يهدي. من هو الله؟ من الذي قال؟ وعندما نقول أشهد أن لا إله إلا الله. وأشهد أن محمداً رسول الله. إذاً، إشراك الله لنبيه أن يكون كلما ذُكر الله ذُكر النبي هو كرامةٌ وفضلٌ وعلوُّ مقامٍ وليس شركاً، لأن ربنا أذن به. أما الشرك المنهي عنه
فهو ما لم يأذن به الله، لكن الله قد أذن بهذا الأمر. علَّمنا هكذا وقال: اسجد تجاه الكعبة. فجاء شخص رأى المسلمين يسجدون أمام الكعبة هكذا فقال: أهم يعبدونها أم ماذا؟ فقالوا له: لا، ولم يخطر ببالنا أننا نعبد الكعبة. وشخص آخر أيضاً رأى المسلمين لهم إمام، والإمام يسجد فيسجدون خلفه، فقال: إنهم يسجدون له! طيب، هو نفسه يسجد. لِمَن للهِ يَكونُ، فَهُوَ غَبِيٌّ، إنَّهُ غيرُ مُنتَبِهٍ أنَّ الجميعَ يَسجُدُ للهِ. إذَنْ، اللهُ بِهَذِهِ الصُّورَةِ أَذِنَ لَنَا أَنْ يَكونَ إمامًا، وَأَذِنَ أَنْ نَسجُدَ تِجاهَ الكَعبَةِ، وَأَذِنَ أَنْ نُصَلِّيَ عَلى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، وَأَذِنَ أَنْ لا يَدخُلَ إنسانٌ الإسلامَ
إلَّا إذا شَهِدَ الشَّهادَتَينِ. فإن شهد شهادة واحدة لا يدخل بها الإسلام، قال "لا إله إلا الله"، لا يدخل الإسلام، بل لا بد أن يقول ماذا؟ "وأشهد أن محمداً رسول الله". ولذلك ترى الإمام أحمد بن حنبل أجاز الحلف بالنبي صلى الله عليه وسلم، قال: لأنه من ركني الشهادة. قال: يعني عندما تقول "والله" إذا قلتَ "والنبي"، قال: ينعقد أيضاً. لماذا؟ قال: هو ذِكْرُه ينعقد لماذا؟ لأنه ركن من أركان الشهادتين، فكذلك الحلف بالنبي صلى الله عليه وسلم ينعقد لأنه ركن من أركان الشهادتين. فلا يجوز "لا إله إلا الله" وحدها. ولذلك
تجد الجهال الآن وهم يبنون المحراب، كان قديماً يكتبون: الله محمد. يقومون بكتابة الآن "الله الله الله"، ونحن نعبد اثنين: هو الله يعني خالق الأكوان، ومحمد يعني هو المبلغ عن رب. لا يصح أن تكتب "الله الله"، لا يصح إما أن تكتب "الله" وحدها هكذا فوق في الوسط، أو تكتب "الله محمد" لأنه ركن من أركان الشهادتين. الناس السابقون كان لديهم حكمة، لكن الناس الجدد مشوشون. تعيش أم بريش؟ مشوشون، ما هذا؟ الله! كيف نحن في المرحلة الثانوية ونعبد اثنين؟ هذا هو دين التوحيد "قل هو الله أحد". لا
يوجد [إله] إلا الله الأحد، ولذلك لا يصح هذا التشويش. نكتب "الله محمد" يعني نشهد الشهادتين. المعنى مفهوم، لكن ماذا فعلنا ماذا يعني هذا؟ الله لا تفعل هكذا. قال لك مع دين الإسلام، إذا فالشهادة تسلم فيها: أين التحيات والبركات والصلوات والطيبات لله؟ السلام عليك أيها النبي. هو حاضر، قال لك: نعم، أنت تنادي هكذا "السلام عليك"، ماذا؟ "أيها" هذه، "أيها" هذه خطاب في اللغة العربية، أيها النبي. كان يسمعك. انظر إلى الارتباك الذي نحن فيه. النبي صلى الله عليه وسلم لا يسلم عليه أحد في أقطار الأرض إلا رد الله عليه روحه فيرد عليه السلام.
من الذي يرد؟ الله. ومن الذي يمكّن محمداً في مستقره أن يسمع؟ الله. ومن الذي يمكنه من أن يرد؟ الله. إذاً... قل هو الله أحد، الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون. إنما هذا واقع، ربنا أعطى النبي صلى الله عليه وسلم هذه الخاصية كرامة له. ما علاقة هذا بالشرك والتوحيد؟ السلام عليك أيها النبي. الله، ها أنت تخاطبه الآن. هذا هو الموروث من الدين، وهذا هو الخلط الذي حدث عند الفاسقين، استحِ يا ولد أنتَ وهو، ودَعْكما من الفسق، فهذا أفضل هكذا. حتى لا تختلط عليهم الديانة، فيقول لك:
"لا، هذا شرك"، ويقفز كالفولة في النار، وهو لا يعرف الشرك من البركة، ولا يعرف أي شيء، وقد طمس الله على قلبه وأغلقه على نفسه، فإنا لله وإنا إليه راجعون. خاصةً الناس في هذا الجدال منذ ثلاثين أو أربعين سنة وهم يخدعون أنفسهم، لا يوجد شرك في دين الإسلام، نعبد الله وحده، لكن الله على كل شيء قدير وما قدروا الله حق قدره. ماذا تظن؟ إن ربنا واسع القدرة، ولذلك مكَّن النبي صلى الله عليه وسلم من أن يسمع ومكَّنه. من أن يرد ومكنه من أن تعرض عليه الأعمال قال تعرض علي أعمالكم فإن وجدت خيراً حمدت الله وإن وجدت غير ذلك من
الشر الذي نحن جالسون طوال النهار نقوم به هذا استغفرت لكم عليه الصلاة والسلام سندنا عند الله أنا منكم مثل الوالد للولد كرامة جميلة ولو أنهم ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيماً فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً يرفع يده هكذا لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً ولذلك عندما تذكر ربنا كثيراً ينوّر قلبك وتفهم عن الله مراده ولكن تجد الشاب من هؤلاء لا يذكر ولا يعمل شيئاً على الإطلاق وبعد
ذلك يجلس متباهياً بكلمات قليلة لا يفقه معناها. اللهم علمنا ونوّر قلوبنا واشرح صدورنا وافتح عقولنا، اللهم يا ربنا يا ربنا اهدنا لمرادك. قال بعد ما تقول أهوَ "السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين". يقول لك: هو عندما نذهب إلى سيدنا الحسين ونقول له: "يا سيدنا الحسين ادعُ لي"، هل ينفع أن يدعو؟ يا بني، وأنت تظن أنه سيستجيب لك، يعني عندما ذهبتُ إلى سيدنا الحسين: "يا سيدنا السلام عليكم. ادْعُ لنا وأنت قريب من ربنا. قُمْ، فسيدنا الحسين سيكون غاضباً منك إن لم تدعُ. وإذا دعا، فإن الله قد يستجيب أو لا
يستجيب، الأمر سواء. من الممكن أن يدعو سيدنا الحسين: "يا رب اغفر لهذا الشاب"، ثم يقول له الله: "اسكت ولا تدعُ مرة أخرى". حسناً، ولماذا قال لكي يُظهِر قهره عليك ما يحدث إلا بإذنه هو سبحانه وتعالى وحده. النبي فعل هكذا، سيد الخلق الذي فوق الذي على قمة الهرم، وقال له استغفر لهم أو لا تستغفر لهم، إن تستغفر لهم سبعين مرة، فلن يغفر الله لهم أبداً. لا يوجد غفران، هذا النبي. الذي استغفر لكم الله أبى قال له اسكت لا تدعُ لهم مرة أخرى. هؤلاء الناس لا تصلِّ على أحد منهم مات أبداً ولا تقف على قبره، لا
تدعُ له. لو ربنا... ماذا عن حنان النبي؟ فيقول له ماذا؟ استغفر لهم أو لا تستغفر لهم، أنت استغفر لهم سبعين. مرةً ومن حنان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "والله لو علمت أن الله يغفر لهم إذا استغفرت لهم أكثر من سبعين مرة لفعلت". فالله تعالى يقول: "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين"، والنبي يقول: "إنما أنا رحمة مُهداة". فإذا كان للمنافقين سيستغفر لهم، فما بالك بالمؤمنين؟ فالنبي عليه الصلاة والسلام وتعالى فادعُ واسأل الدعاء، اذهب إلى الإمام الشافعي وقل: يا إمام، أنت رجل مكانتك عالية عند
الله، ألقى الله عليك القبول، هكذا فادعُ له، ربما يدعو له وربما لا يدعو، وإذا دعا فالله يستجيب أو لا يستجيب. يسمع ذلك روح الإمام الشافعي ويبتدئ: يا رب اغفر لفلان. فيقوم ويقول: اسكت لن أغفر له، هل الشافعي يملك حولاً أو قوة مع الله؟ هذا هو التوحيد، ليس التوحيد أن أقول لك ادعُ لي وأنت دعوت لي أو لم تدعُ لي حياً أو ميتاً. ما هذا الاضطراب؟ لقد أعطى ربنا إبليس قدرة على أن يسمعنا جميعاً في وقت واحد، إبليس! هل إبليس هذا يعني إبليس أبو ثلاثة ساغ هذا، والله إنه لا يساوي عند الله جناح بعوضة. وهذا الإبليس يسمعنا جميعاً الآن، ويعرف ما نقوله،
وهو ينطق ويعيش منذ زمن آدم حتى يومنا هذا إلى يوم الدين. فلا تُحدِثوا اضطراباً، الله تعالى له الصفات العُلى، وكل ما نحن فيه من أسباب. بما فيهم سيدنا رسول الله مخلوق، هو عندنا مخلوق، فالله قاهر فوقه وفوق البشر. وخلال ذلك اعمل إذاً فلا يوجد شرك ولا غيره، والكلام الذي هو مثل هذا الكلام الفاسد، كفى! كفى بمثل هذا! توبوا إلى الله لأن هذه العقائد الفاسدة قد انتشرت بين الناس، انتشرت بين الناس وهذا حرام
البركة ويُرقِّي الدماء بين المسلمين ويُخرج الناس من نورانية الإسلام. فتوقفوا الآن، يكفي، كفانا سجوناً، أتعبونا بما فيه الكفاية ونحن صامتون، جالسون نُطمئن هذا ونُطمئن ذاك. لا توجد فائدة يا إخواننا. التوحيد أعلى من هذا وأسمى. التوحيد هو ما جاء في الشريعة المكرمة، وليس ما جاء في أذهان المخبولين كما ثم يصلي على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، والصلاة عليه في التشهد الأخير ركن من أركان الصلاة. وهذه الصلاة سُمِّيت بالصلاة الإبراهيمية لأن فيها إرجاع الأمر إلى أصله. هو سماكم
المسلمين من قبل سيدنا إبراهيم، وفي هذا ليكون الرسول شهيداً عليكم وتكونوا شهداء على الناس. قال: واتبع ملة. إبراهيم حَنيفاً وما كان من المشركين. اللهم صلِّ على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم في العالمين. في العالمين يعني تجاوز الزمان والمكان والأشخاص. والأحوال أنك حميد مجيد. قال سيدنا: "أنا سيد ولد آدم ولا فخر". إذاً نقول سيدنا، ولكن هو كان يقول سيدنا؟ هو
متواضع مع ربه. هل الاتباع أولى أم الأدب؟ قالوا: الأدب أولى من الاتباع هنا. والدليل - قالوا الدليل - أن أبا بكر رضي الله تعالى عنه لما أمَّه أم بذلك في مرض الموت فخرج النبي صلى الله عليه وآله وسلم فصفّق الناس وسبّحوا وأحدثوا همهمة. قال الله سبحانه وتعالى: وكان أبو بكر لا يلتفت في الصلاة، فالتفت فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يخط بقدميه في الأرض فتأخر، فقال له سيد الخلق: "مكانك يا أبا بكر"، فتأخر مكانك. يا أبا بكر مكانك، يا أبا بكر. ماذا يعني "الزم مكانك"؟ قف مكانك. لم يرضَ أن يُطيع.
سيكون هناك أمر، وماذا في الأمر؟ فيه مخالفة. أليس من العيب أن سيدنا أبا بكر يخالف سيد الخلق؟ إنه عيب عندما لا يفعل ذلك للأدب. عيب! فهو ليس قاسي القلب هكذا مثلنا. هذا هو، إنه يرى الأنوار كلها قادمة، فلا يستطيع، فبعد أن انتهى من الصلاة قال: "ما منعك إذ أمرتك؟" قال: "يا أهل، ما منعك إذ أمرتك يا أبا بكر؟" قال: "ما كان لابن أبي قحافة أن يتقدم رسول الله". يعني فعل هذا أدباً، فقال العلماء: "ومن هنا يُؤخذ أن الأدب..." مقدم على الاتباع، وفي صلح الحديبية فيما أخرجه البخاري، سيدنا علي بن أبي
طالب يكتب الوثيقة. علي كتب "بسم الله الرحمن الرحيم"، فقال له سهيل بن عمرو: "ما نعرف الرحمن ولا الرحيم". كان صعباً في ذلك الحين، إذ لم يُنر الإسلام قلبه بعد. فشطب علي ذلك، وقال له: "هيا نقول...". قال: "باسمك اللهم". قال له: "اشطب يا عم، نحن جئنا هنا لنتناقش في هذا الأمر. انطق 'باسمك اللهم' ما دام ليس فيها شرك وليس فيها أي شيء [محظور]. قُل 'باسمك اللهم'." فقام بالمسح وقال: "باسمك اللهم، هذا ما عاهد عليه محمد بن عبد الله رسول الله". قال... له ما علمنا أنك رسول الله، لو علمنا أنك رسول لاتبعناك. قال له: أتشك
في رسول الله؟ هذه اكتب: هذا ما عاهد محمد بن عبد الله سهيل بن عمرو. قال له: والله لا، أمحوها أبداً. أهذه لعبة؟ ماذا يعني؟ آه، الإخوة إذاً. حسناً، هو محا اسم الله، ولما... جاء عند سيدنا رسول الله أبى أن يمحوها، انظر إلى الكلام، أبى أن يمحوها اسم رسول الله، فيكون بذلك يعظّم رسول الله عن الله، هكذا لا. لكن "باسمك اللهم" تساوي "بسم الله الرحمن الرحيم"، تساوي "بسم الله"، فهذا كله تبركنا وذكرنا اسم الله، لكن "محمد بن عبد الله" غير "محمد الله رقم اثنين، الله جل جلاله معلومة عظمته عند الجميع، إنما سيدنا محمد اختلف الناس فيه، فآمن بعضهم به وكفر بعضهم.
رقم ثلاثة هذا الذي أمامنا الآن، المشاهد الحسي، فلا بد علينا من تعظيمه وتوقيره ونصره والدفاع عنه. ولذلك عاد الرجل مضطرباً وقال له: "والله لقد دخلت على قيصر وكسرى". فما وجدت أحداً من أصحابهما يعظم شأنهما كما يعظم أصحاب محمد محمداً، فوالله ما تنخم نخامة وما تفل تفلة إلا ابتدرها كلهم أيهم يأخذها بيده فيمسح بها وجهه، فاللهم صل عليه. لأن الدم والعرق واللعاب من الناس طاهر لكنه مستقذر، يعني لا يصح أن نأخذ البصاق والنخامة
ونفعل بها هكذا، مستقذر إلا من سيد الخلق فإنه مستطاب طيب، ولذلك كانوا يتركونه ينام هكذا ويحضرون قوارير يضعونها لأجل العرق، فالعرق ينزل ثم يتطيبون به صلى الله عليه وسلم. الدم نجس والبول نجس إلا سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففضلاته المنفصلة والمتصلة طاهرة في نفسها. عبد الله بن الزبير شرب. قال له بعد حجامة أتى بعض الدم: "ادفن هذا". فشربه. سأله: "لماذا شربته؟" قال: "هذا دم رسول الله صلى الله عليه وسلم،
عندما أشربه يدخل جسدي، فلن أدخل النار. سأأتي يوم القيامة وفي بطني شيء منه، كيف ستُدخلني النار؟" فرجع مسروراً هكذا. فسأله رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هل نعم في مكان عميق جداً، قال له: "لا أراك إلا قد شربت، أشربت؟" قال: "نعم يا رسول الله". قال: "هذه بطن لا تُجرجر في النار". وقام فبال، فظنت المباركة من رائحته الطيبة أنه ماء ورد أو شيء مشابه
فشربته، وفي الصباح قال لها الرسول صلى الله عليه وسلم. يا أم بركة ألقي ما في الإناء. قالت: أأُلقيه يا رسول الله؟ ما أنا شربته. فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال قولته هذه: بطن لا تُجرجر في النار لأنه دخلها شيء منه صلى الله عليه وسلم. هذا هو سيدنا رسول الله وهذا هو الوارد الذي نحن... الكلام نحن نقول له إن هذا الكلام الذي نعرضه مأخوذ عن سيدنا رسول الله وعن صحابته وعن كيفية التعامل معه. أي شرك وأي تخليط هذا؟ لقد نزّه الله نبيه عن الشرك فلم يعبده أحد. قال ويضع يده اليمنى، فإذاً نحن أمامنا الآن "اللهم صل
على سيدنا محمد". كلمة "سيدنا" واردة وثابتة، على الاتباع حتى لو لم ترد عنه صلى الله عليه وسلم، فهو من الأدب الذي يُقدَّم على الاتباع في الشريعة. حسناً، هل سيدنا محمد أعظم أم سيدنا إبراهيم؟ سيدنا محمد بإجماع المسلمين، حتى أن البقعة التي تضم جسده الشريف أفضل مخلوق في الكون، فهي أعظم من العرش ومن الكرسي ومن. السماوات ومن الجنة ومن النار ومن الكائنات ومن الملك ومن الملكوت ومن الكعبة باتفاق المسلمين وإجماعهم لا نعرف فيهم مخالفاً أبداً عبر التاريخ ولا
واحد قال أن جسد النبي ليس هو أفضل ما في الكونين الظاهر والباطن هذا باتفاق المسلمين قاطبة لا نعلم أحداً قد خالف أبداً الخوارج الشيعة السنة الذين موجودون من الإباضية، كيف أنه ما من أحد إلا ويقول أن موضع جسده الشريف خير ما في الكونين من المخلوقات بالإجماع، مما اتفق عليه المسلمون كاتفاقهم على صوم رمضان وعلى التوجه إلى بيت الله الحرام. فسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم اختُلِف أيهما أفضل: مكة أم المدينة، ولكن الذي هو فيه جثمان الشريف هذا
هو أفضل شيء، لا الروضة ولا المكان الذي ضم جسده الشريف، بل هي التي هي محل إجماع بأنها أفضل ما في الكائنات قرة. إذن النبي أفضل من سيدنا إبراهيم، هذا لا جدال فيه، ولكن المشبه به عندما أقول لك أنت كالقمر في يضيق أن تكون النون أكثر من القمر، أليس كذلك؟ لماذا شبهوه بسيدنا إبراهيم إذن؟ قال: لا، أنت لم تنتبه، هو لم يشبهه، بل قال: "اللهم صل على سيدنا محمد وآل سيدنا محمد". سيدنا محمد هو خاتم النبيين والمرسلين، فهل الذين ذكرهم أنبياء أو مرسلون؟ أبداً، ليسوا أنبياء ولا مرسلين. سيدنا... الحسين هذا ليس نبياً ولا
رسولاً، وقال إبراهيم ومن معه إسماعيل وإسحاق ويعقوب ويوسف وداود وسليمان كلهم أنبياء، فالتشبيه هنا تشبيه جملة على جملة. سيدنا محمد في وسط آله، صلِّ عليه كما صليت على إبراهيم في وسط آله، فإذاً هذا فيه إكرام لمن؟ لآل البيت لأنه تصلي. عليهم كما صلى ربنا على أنبياء بني إسرائيل لأن الأنبياء أعلى قدراً من الأولياء وآل البيت من الأولياء، ويضع يده اليمنى على فخذه اليمنى ويقبض أصابعه اليمنى إلا المسبحة. هذه يسبح بها
المرء أي يشير بها، أي يقول لا إله إلا الله، فأنت تقول وتشهد أن لا إله إلا الله، عندما تأتي رافعاً إصبعك هكذا، فإن إصبعك يُرفع عند لفظ اسم الله (لفظ الجلالة) من قوله: "لا إله إلا الله". أفاد الشيرازي في المهذب، قال هكذا: أول ما نأتي نقول "وأشهد أن لا إله إلا..." كل هذا ماذا؟ الإصبع ما زال تحت، الله، وتأتي وتتعامل معها هكذا، هو آلاف رأوها بأعينهم هكذا أن الصحابة فعلوا هكذا والتابعون فعلوا هكذا والناس فعلت هكذا فيقولون عنها أنها منقولة بالتواتر الجملي حتى لو لم يكن لها سند لأن الناس يرونها عبر
العصور ويشير ولكن هي لها سند لها إسناد لكن هذا أنا أقول لك حتى لو لم يكن لها سند هي مأخوذة عملاً ويشير بها عند قوله إلا الله. هذا الرجل علّام وهو كبير، والشيخ الغزالي ذكرها، وليست موجودة في المهذب فقط بل هي موجودة أيضاً في الإحياء. ويجلس في هذا التشهد على رجله اليسرى كما بين السجدتين، وفي التشهد الأخير يستكمل الدعاء المأثور بعد الصلاة على النبي صلى الله عليه. وآله وسلم ويجلس فيه على وركه الأيسر لأنه ليس مستعداً للقيام بل هو مستقر ويضع رجله اليسرى خارجة من تحته وينصب اليمنى ثم يقول السلام عليكم ورحمة الله عن يمينه وعن
شماله وينوي بالسلام من على يمينه من الملائكة والمسلمين وينوي مثل ذلك في الثانية ولا يرفع صوته إلا بقدر ما يَسمع نفسَه إذا بدأنا بذكر الله وانتهينا بذكر الله، لأن السلام اسمٌ من أسماء الله. دخلنا الصلاة بالتكبير وخرجنا من الصلاة بالسلام. على مَن السلام؟ السلام سلام. هذا يعني فيها سلام. ستبدأ، أي ستبدأ حياتك على التي قوية. حسناً، فرّق، كنت تصلي وحدك فيكون السلام على الملائكة، وهؤلاء الملائكة موجودون عباد الله موجودون يعبدون ربنا هكذا ويباركون الدنيا ويقومون بمهامهم، فيكون السلام هذا سلام
نفسك والسلام مع الكون والسلام مع الناس. بعد ذلك هذا السلام كله، نحن كلما نخرج من الصلاة ونستقبل الناس يجب أن نقول السلام عليكم وليس طبتم للصلاة، على فكرة، لأن السلام ركن من. أركانُ الصلاةِ تعني أنه يجبُ عليكَ بعدَ السلامِ أن تُحسِنَ معاملتكَ مع الناسِ وتُعمِرَ الأرضَ وتُزكِّيَ النفسَ، "وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ"، أي أنَّ القولَ الحسنَ قبلَ الصلاةِ، وماذا في آخرِها؟ السلامُ. إذاً القولُ الحسنُ قبلَ الصلاةِ وبعدَ الصلاةِ، "ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ، وَهَلْ
يَكُبُّ النَّاسَ عَلَى وُجُوهِهِمْ فِي النَّارِ اللهمَّ يا ربَّنا نقِّ ألسنتَنا من كلِّ ما يُغضبُكَ، وأقِمْها في ذِكرِكَ وفي تلاوةِ كتابِكَ، وفي الصلاةِ على نبيِّكَ، وفي الدعاءِ إليكَ، وفي الأمرِ بالمعروفِ وفي النهيِ عن المنكرِ، إنَّكَ على كلِّ شيءٍ قديرٌ.