موعظة المؤمنين | باب في السجود | أ.د علي جمعة | بتاريخ 2004 /06 /27

موعظة المؤمنين | باب في السجود | أ.د علي جمعة | بتاريخ 2004 /06 /27 - إحياء علوم الدين
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه، اللهم اشرح صدورنا للإسلام وثبت قلوبنا على الإيمان وزين الإيمان في قلوبنا وحببه لنا وكره لنا الكفر والفسوق والعصيان واجعلنا من الراشدين ومن المتقين ومع القوم الصادقين، اللهم يا ربنا فتقبل منا صالح أعمالنا واغفر لنا ذنوبنا وكفر. عنّا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار وأرنا الحق حقاً واهدنا اتباعه وأرنا الباطل باطلاً وجنبنا اتباعه، اللهم ارحم ضعفنا واقبل توبتنا ورجوعنا إليك واجعل جمعنا هذا
جمعاً مرحوماً وتفرقنا من بعده تفرقاً معصوماً، ولا تجعل فينا شقياً ولا محروماً، وهب مسيئنا لمحسننا واغفر لنا جملة واحدة، اللهم يا ربنا احشرنا تحت لواء سيدنا محمد يوم القيامة واسقنا من يده الشريفة شربة ماء لا نظمأ بعدها أبداً ثم أدخلنا الجنة من غير حساب ولا سابقة عقاب ولا عتاب، اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم إنك أنت الأعز الأكرم، اللهم يا ربنا آتنا في الدنيا حسنة فاستجب دعاءنا وفي الآخرة حسنة فمتعنا بالنظر إلى وجهك الكريم واجعلنا في زيادة يا أرحم الراحمين وارزقنا رزقاً واسعاً وعلماً نافعاً وقلباً خاشعاً
وشفاءً من كل داء. اللهم يا ربنا صل وسلم على سيدنا محمد كما يليق بمقامه وجلاله عندك يا أرحم الراحمين. قال الإمام الغزالي رحمه الله تعالى ونفعنا الله بعلومه في الدارين آمين. باب في السجود. وهو يتكلم عن الصلاة فإن أهم ركن في الصلاة السجود، والسجود يقول فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أقرب ما يكون العبد إلى ربه وهو ساجد. فالقيام له فضل، والقراءة لها فضل، والركوع له فضل، والذكر
له فضل، إلا أن السجود يلخص ذلك كله، ففي السجود تسجد على سبعة أعضاءٍ تسجد على جبهتك وعلى يديك وعلى ركبتيك وعلى أطراف أصابع قدميك، وبناءً على ذلك لا يجوز أن ترفع عضواً من هذه الأعضاء السبعة وأنت ساجد، فإنك متمكن من الأرض. والسجود نهاية المطاف، فإنك لا تستطيع أن تفعل ما فوقه، فهو كأنه نهاية الطريق. فأنت قائم يمكن أن تزيد. احترامك وأدبك بأن تركع
وأن تُراكع يمكن أن يزيد احترامك، وبأن تجلس وأن تُجالس يمكن أن يزيد احترامك وأدبك، وبأن تسجد وليس بعد السجود إذًا، فالسجود كان أحسن المقام لأن فيه في ظاهره وباطنه في أمره وحقيقته وضوء تام، لأنك بذلك في نهاية الطريق فإنك لا تستطيع أن تفعل شيئًا. بعد ذلك والسجود أوله سجود الأعضاء وفيه وفي أثنائه يتم الذكر "سبحان ربي الأعلى" وكان
يقول "سبوح قدوس رب الملائكة والروح" ولكن فيه أيضاً الدعاء والالتجاء إلى الله سبحانه وتعالى فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم "فقمن أن يستجاب له" يعني حري بمن دعا وهو ساجد وقد وصل إلى... النهاية وإلى الغاية أن يستجيب الله له، ولذلك كان يتحرى الدعاء في السجود، وكان صلى الله عليه وسلم يطيل سجوده في الليل، يطيل سجوده لربه، يدعوه ويسأله ويحمده ويذكره سبحانه
وتعالى، وهو أهل للثناء والحمد، لا نحصي ثناءً عليه، هو كما أثنى على نفسه، والسجود علامة نهاية الأحوال عند الإنسان. يشير إليها ذلك السجود كما أنه نهاية المطاف في الجسد خضوعاً، فإن القلب إذا سجد فقد وصل إلى الغاية. قال العارفون بالله: وإذا سجد القلب فإنه لا يرفع أبداً. يبقى سجود القلب حالة يصل إليها العارف بالله، فإذا به يسجد قلبه لله، فإذا سجد قلبه
لله فإنه لا يقوم أبداً. ويظل ساجداً لله دائماً، وهي مرتبة رفيعة قلَّما يصل إليها العارفون بالله، وهو سجود القلب. كيف يسجد القلب؟ كيف تسجد الجوارح؟ إن السجود من الجوارح يتم من الانحطاط من العُلُوِّ إلى السُّفل. فأنت لا تسجد من الركوع، بل لا بد عليك أولاً أن ترفع رأسك "سمع الله لمن حمده". فلما... حتى تتهيأ للهبوط فيتحقق السجود، فإذا سجدت من ركوع لا تُحسب
هذه السجدة ولا يُسمى ذلك سجوداً، بل لا بد عليك أن تقوم أولاً تهيئةً للهبوط من الارتفاع أو من القيام، ولذلك قالوا إن الرفع من الركوع ركن قصير لا يُقصد في ذاته، الرفع من الركوع ركن قصير لا يُقصد في ذاته إنما هو للتهيؤ للسجود، يمكن أن تكون راكعاً وتسجد مرة واحدة من غير قيام، لكن لما كان السجود لا بد فيه في معناه أن يكون هوياً من قيام، فقد قمنا تهيئة للسجود،
فالقلب يكون في حالة علو وإذا به يهبط كما يهبط الجسد، والسجود لله فلا بد. أن يكون هوى القلب لله والسجود يكون على أرض صلبة، فلا بد أن يكون لك مستند صلب في هواك بقلبك لله، ومن سندنا ومن مستندنا الله. إذاً فلا بد عليك أن تسجد بقلبك وأن تتوجه بهواك لله وتعلم
أن مستندك وأن سندك هو الله. جُبِلَ البشر على أنهم لا يدركون لأن من صفاته لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، ومن هنا كانت الواسطة بين الله وبين الخلق، ولا واسطة بين الخلق وبين الخالق. الواسطة بين الله وبين الخلق من؟ سيدنا رسول الله. ما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحياً أو من وراء حجاب. أو يرسل رسولاً فيوحي بإذنه ما يشاء، فلا بد من الرسول
المتلقي عن ربه فهو الواسطة بين الحق والخلق. أما بينكم وبين ربنا، وقال ربكم ادعوني مباشرة هكذا، وإذا سألك عبادي عني فإني قريب. أبداً لم يقل "فقل"، هنا لا يوجد فيها "قل". انظر إلى سيدنا رسول الله قال له الله أحد، يسألونك عن الأنفال قل الأنفال، يسألونك عن المحيض قل، يسألونك ماذا ينفقون قل، يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير، يسأل يقول قل، وإذا سألك عبادي عني ليس هناك قل، لعله نسي، راجع هكذا، ليس
هناك، فإني قريب، أجيب دعوة الداعي إذا دعاني. ليس هناك وسيط بين الخلق وبين الحق، لكن الوسيط بين الحق وبين الخلق، يعني ربنا لا يكلمك مباشرة، من الذي يكلمك؟ سيدنا رسول الله. إذاً سيدنا رسول الله سندنا. ماذا يعني سندنا؟ يعني هو الموصل عنا. ما هو السند في الرواية؟ من الذي روى لنا الكلام عن... ربُّ العالمين، سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم يقول لك: يا سندي، يا سندي، أي يا موصِلي إلى الله تبليغاً، فهو السند الذي به الأسوة الحسنة، الذي به يهوى القلب. يصبح
القلب يهوى من؟ ربَّ العالمين، متمثلاً بمن؟ بسيد المرسلين صلى الله عليه وسلم، فقد كان قلبه معلقاً بالله ساجداً. له سبحانه وتعالى بالليل والنهار وكان يقظاً لا ينام وكان شأنه مع ربه صلى الله عليه وآله وسلم أنه تنام عيناه ولا ينام قلبه وكان يسمع ما يجري في الملأ الأعلى وكان يعلم صلى الله عليه وسلم بتعليم ربه له ما يجري بشأن القلم واللوح وكان صلى الله عليه وسلم قَدْ سَلَكَ اللهُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا لِنَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا
رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا. فَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ قَلْبُهُ يَنَامُ وَلَمْ يَكُنْ سِرُّهُ إِلَّا مُعَلَّقًا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ، وَلِذَلِكَ لَمْ تَصْدُرْ مِنْهُ مَعْصِيَةٌ قَطُّ لَا صَغِيرَةٌ وَلَا... كبيرة، فهو سندنا وذخرنا ومعتمدنا إلى الله صلى الله عليه وآله وسلم. من ذا الذي ما ساء قط ومن له الحسنى فقط؟ محمد الهادي الذي عليه جبريل هبط، يعني سيد الخلق صلى الله عليه وسلم، منزه عن شريك في محاسنه،
فجوهر الحسن فيه غير منقسم. دع ما ادعته النصارى في نبيهم واحكم بما شئت مدحًا فيه واحتكم وانسب إلى ذاته ما شئت من شرف وانسب إلى قدره ما شئت من عظم فإن فضل رسول الله ليس له حد فيعرب عنه ناطق بفمه يعني إذا مدحته بما شئت من المدائح فقد قصرت في حقه صلى الله عليه وآله وسلم وجود القلب. حالة يصل إليها العارف بالله فلا يرى في الأكوان إلا قدرة الله، ويرى الله وراء كل شيء، ويعلم أنه لا حول ولا قوة إلا بالله. لا يتصرف ولا يفعل ولا يترك إلا لله. وجود
القلب فيه عناء وفيه حلاوة، يحدث مثله في عالم الظاهر عندما تخاف تجد قلبك سقط هكذا. هذا السقوط معناه أن تخاف فيقع قلبك بين رجليك، ألستم تقولون ذلك؟ عندما يكون لله تشعر له بحلاوة وله طلاوة، ويظل هابطاً هكذا أبداً، وهو دائماً نازلٌ إليك، لا تعرف أين هو. القلب هنا تجده عند رجليك، ولذلك تبقى متذكراً ربنا دائماً، وتصبح كل لحظة
من لحظاتك ذاكراً له. فيها ربنا من الساعات وساعات يا رسول الله يعني نكون معك نكون في حالة رفعة وبعد ذلك نخرج فتشغلنا أموالنا وأهلونا. قال: "يا حنظلة، ساعة وساعة". الذي يسجد قلبه لا توجد فيه ساعة وساعة، بل على الدوام، خلاص عرضه مستمر. أعنني يا رب، آمين. حسناً، اهتم بالسجود الظاهر أولاً حتى إلى سجود القلب، ولذلك انظر إلى هذا الرجل من أولياء الله الصالحين الكبار، الشيخ الغزالي، لقد حبس نفسه في مئذنة المسجد حتى فتح الله
عليه، ولم يترك العلم بل درس وعمل وترك لنا كتباً ما زلنا نقرؤها بعد ألف سنة. أفهذا مخلص أم غير مخلص؟ إن الله يقول إنه مخلص، كتابه بعد ألف سنة لماذا لم يُحرق مع ما أحرقه التتار؟ لماذا ما زلنا حتى الآن نقرؤه ونستفيد منه؟ لماذا قلبه منوّر؟ ما الذي ينوّره؟ ما معنى ذلك؟ انظر إلى الكلام، لا تمشِ هكذا تقرأ كالصحافة. باب في السجود "ثم يهوي إلى السجود"، حسناً ما معنى هذا؟ انظر إلى الكلمة ويضع فيها كل شيء ثم يهوي إلى السجود يسقط بكامل طوله. إنه يراعي ربنا. انتبه أنك
لو فعلت هكذا وأنت واقف في الصلاة، ثم من عظمة الله لم تستطع رجلك أن تحملك، فسقطت بكامل طولك في السجود، لم تستطع أن تعبر إلا بهذه الحركة عن مدى تعظيمك وإعزازك لله. فرحت أن سجد له، انظر إلى الكلمة يا إخواننا، ليس بكثرة الكلام. ثم يهوي لم يقل ينزل، لم يقل يسقط، لم يقل يسجد حتى، وإنما يقول ماذا؟
ثم يهوي. الهاوية كيف شكلها؟ ألقِ بنفسك هكذا من المئذنة من أعلى. انتبه، لا تفعل هكذا وأنت نازل. اشعر هكذا وأنت نازل هويتُ أو تهوي به الريح في مكان صحيح تهوي به الريح، فانظر إلى الكلمة. يكون هذا الرجل من أولياء الله لأنه يصف الشيء الذي حدث له، لم يقل "ثم ينزل" أو "ثم يسقط" أو "يذهب من أعلى إلى أسفل"، بل قال "ثم يهوي إلى السجود". اقرأ كلمة احذر
أن يكبّر عند الهوي إلى السجود، ثم يهوي إلى السجود مكبّراً. ولكن ما فائدة التكبير؟ ألا يمكنه النزول للسجود مباشرة والانشغال بالسجود؟ قال: هذا التكبير في غاية الأهمية، وأضاف أنه يُحدث توازناً. إنه يهوي وليس يصعد، ولو كان يصعد وليس يهوي، ماذا يقول؟ "الله أكبر". فبدلاً من أن يصعد، ينزل في... الهاوية لا يعرف كيف يخرج منها، فيتكبر لينقذ
نفسه في الهاوية من أن يسقط فيها إلى أن يذوب. سيدنا رسول الله علّمنا التوازن، علّمنا أن نعبد ونخشع وتتعلق قلوبنا، وعلّمنا أن نضبط أنفسنا لأن علينا تكاليف أخرى. إذا سجد المرء من غير تكبير فلعله لا يرفع رأسه. إطلاقاً، لو سجد من غير تكبير في حالة الهوي لحصلت له الحالة، يمكن أن ينسى الدنيا وما فيها ويريد أن يسكت هكذا دائماً. إذاً متى سيأكل؟ متى سيشرب؟ متى سيجاهد؟
متى سيرعى أولاده؟ متى سيعمر الأرض؟ فهل سيجلس سيادته ساجداً ولا يرضى أن يقوم؟ قم يا أخانا، يقول. حسناً، لقد فهمت. أنا منجذب، فماذا أفعل الآن؟ هل هناك من يجد هذه الحلاوة ثم يقول أهل الله. فعندما كان القلب يسجد بدون تكبير لم ينهض. ما معنى هذا؟ سرٌ من القلب عندما سجد لم يتحرك لأنه لم يكبر، وعندما كان الشخص يسجد بتكبير، ينهض ويقوم. كل هذا لو حدث حالة السجود، نعم يا رب، ثم يهوي إلى السجود مكبراً. انظر إلى هذا الكلام الجميل، لا يمكن
لأحد أن يكتب هذا الكلام إلا إذا كان قد حدث له، من أين سيأتي به؟ فيضع ركبتيه على الأرض، انظر وتأمل هذا الكلام، فيضع ركبتيه على الأرض. هل هذه الأرض صلبة أم مياه إلى مُستند رِجلَيه على الأرض من البداية، فيضع ركبتيه ليصبح داخلاً واحدة تلو الأخرى، وليعلم أن هذا الدين متين فليتعمق فيه برفق، ويضع جبهته وكفيه معاً أي مكشوفة بحيث لا يكون هناك حائل بين جبهته وبين الأرض، فالسجود يتحقق تماماً عند كشف الجبهة،
ولذلك لا يجوز عندهم السجود على كوّر العمامة لم تنزل، هذه العمامة هكذا هي، واسجد عليها، لا يصح. كوّر العمامة يعني ماذا؟ لفّفت العمامة. الكور والحور فكتها. اللهم نعوذ بك من الحور بعد الكور، يعني اللهم نعوذ بك من أن نبطل أعمالنا بعد أن فعلناها، فالإنسان عندما يلف العمامة ثم تأتي وتفك منه - والعياذ بالله ماذا فعل؟ هل سيلفها مرة أخرى أم لم يفعل شيئاً؟ فقالوا: "اللهم نعوذ بك من الحور بعد الكور"، أي من فك العمى بعد لفه. انظر إلى المشايخ الآن: "اللهم نعوذ بك من الحور بعد الكور"،
يعني نعوذ بك من إبطال الأعمال التي نقدمها بعد أن فعلناها وقدمناها. ما هو توجد أمورٌ تُسمى مُحبِطاتِ الأعمال، فإذا رفعتَ صوتك فوق صوت النبي حبِطَ عملك، إذا قلت "يا ولد" فيكون "إذًا"، ونحن تحت لا نفعل ماذا؟ رفع اليدين هذا هو الراجح الذي رجَّحه الإمام البخاري في كتابه "جزء في رفع اليدين"، ويُجافي مرفقيه عن جنبيه، مرفقيه لا
يُلصقهما. يمشي بجانبها هكذا، المرأة تفعل ذلك لأن الشأن فيها الستر، ولا تفعل المرأة ذلك. انظر إلى الرجل، أو أجاب: "والله ما رأيتها". إنني أقول هكذا، وبعد ذلك الرجل جلبها. الله، هذا يكون منيراً يا مولانا. إنه يكتب ليس من هذا ولا من ذاك، بل يكتب من قلبه ويفرج بين رجليه، المرأة ذلك لأن الأصل فيها الستر ويرفع بطنه عن فخذيه ولا تفعل المرأة ذلك. حسناً، ولماذا لم يذكرها مرة واحدة؟ وفي النهاية يقول: "ولا تفعل المرأة ذلك". قال لك يحدث خلاف هل تفعل للأخيرة أم للثلاثة؟ انظر إلى الوضوح، انظر
إلى التبليغ. فقد كان النبي يحب البيان والوضوح عليه الصلاة على الأرض حِذَاءَ المنكبين، ولا يُفرِّج بين أصابعهما بل يضمهما. قالوا: لأن الرحمة تتنزل حينئذٍ، فلتتنزل على يده كلها. انتبه، الرحمة تتنزل، فلتتنزل على يده وهي مضمومة هكذا. يا رب أعطني، فينزل لك، فلا تفرِّقها. لا تفعل هكذا فتسقط الرحمة. كن وفياً وناصحاً. كل هذه أسرار لا يعرفها الناس المسلمون. يعرفها بعض الناس ويستهين بها، هذه كلها أسرار علمنا إياها ربنا. افرح بأنك مسلم لأنك تعرف
هذه الأسرار. ها نحن نقول هذه الأسرار في الميكروفون، لكن مَن يسمع؟ ها، لا أحد يرضى أن يسمع. يضربوننا. ولا يفترش ذراعيه على الأرض، لا يضع الذراع على الأرض هكذا، بل يجعلها فوق ويقول: أقل ما فيها يعني قال ويوضح النون، لا تقل سبحان ربي يعمل، سبحان ربي يعمل، سبحان ربي، لا، لكي تأتي بالخشوع، تأتي بالنون، سبحان، النون تخرج هكذا: سبحان ربي الأعلى. فإن زاد عن الثلاثة فحسن، لا يوجد مانع أن يقول المرء أحد عشر، وعندما تكون إماماً لا
تتصرف بسذاجة سبعة جيدون، لا تدخل في الأربعين أو الواحد والأربعين، وتجعل الناس الذين خلفك يقولون: "لو صليت وراءك مرة أخرى، نعم، أنا المخطئ". كان النبي يراعي الناس ويراعي المرأة ويراعي الطفل، ويطيل السجود ويقصره طبقًا لحالة الناس، فإذا سمع الطفل يبكي أسرع في الصلاة، إلا أن يكون إمامًا ثم يرفع. من السجود فيطمئن جالساً معتدلاً فيرفع رأسه مكبراً ويجلس على رجله
اليسرى وينصب قدمه اليمنى ويضع يديه على فخذيه والأصابع منشورة ولا يتكلف ضمها ولا تفريجها كما هي هكذا ويقول رب اغفر لي وارحمني وارزقني واهدني واجبرني وعافني واعف عني ويأتي بالسجدة الثانية كذلك ويصلي الركعة الثانية كالأولى ويعيد. التَّعَوُّذُ في الابْتِداءِ "أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ" يَقُولُها في الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ وَفي الثَّالِثَةِ وَفي الرَّابِعَةِ وَهَكَذا. إِذِ السُّجُودُ هُوَ نِهايَةُ المَطافِ وَهُوَ عَلامَةُ الخُضُوعِ وَهُوَ رَمْزُ الهُوِيِّ
إِلى اللهِ وَفِيهِ اسْتِجابَةُ الدُّعاءِ وَقَبُولُ الذِّكْرِ وَإِعْلانُ الإِسْلامِ وَفِيهِ الهُوِيُّ لِرَبِّ العالَمِينَ وَلا يَكُونُ إِلَّا لَهُ فَفِيهِ مُفاصَلَةٌ بَيْنَ المُسْلِمِ وَبَيْنَ... الناس لأن المسلم إنما يُوحِّد ربه، وهو الآن من خصائص الأمة المحمدية الأحمدية المصطفوية، فلا يسجد أحد لربنا إلا المسلمون، والحمد لله رب العالمين أن جعلنا من الساجدين الراكعين التالين لكتابه المؤمنين به سبحانه. اللهم يا ربنا أحينا مسلمين وأمتنا مسلمين غير خزايا ولا مفتونين.