موعظة المؤمنين | تابع أسرار الصلاة ومهماتها تابع المقدمة | أ.د علي جمعة | بتاريخ 2004 - 05 - 23

ووحّد قلوبنا على الإيمان، وأحينا مسلمين، وأمتنا مسلمين غير خزايا ولا مفتونين. اللهم نوّر قلوبنا، ويسّر غيوبنا، وسهّل أمورنا. اللهم يا رب العالمين، أقمنا حيث ما تريد، وبلّغ عنا وبنا دينك، واهدنا في من هديت، وعافنا في من عافيت، وتولنا في من توليت، وبارك لنا فيما أعطيت، وأحينا مسلمين، وأمتنا. مسلمين غير خزايا ولا مفتونين وأجمعنا على الحق وانصرنا بالحق وانصر الحق بنا، اللهم افتح علينا من خزائن فضلك ورحمتك ما تثبت به أفئدتنا، وحبب لنا الإيمان وزينه في
قلوبنا، وكره لنا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا من الراشدين، اللهم اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم إنك أنت الأعز الأكرم، نعوذ بك. من الشقاق والنفاق وسوء الأخلاق، اللهم يا ربنا يا كريم استجب دعاءنا ولا تردنا خائبين. قال رحمه الله تعالى ونفعنا: الثناء فيه اعتراف بأن العبد عبد وأن
الرب رب، والصلاة صلة، والصلاة دعاء، وعلى ذلك فلا بد فيها من العطف والحنان، وهو الذي يسمى بالخشوع، لأن العبد يخشع للحنان المنان صفتان من صفات الله سبحانه وتعالى ورد في حديث أبي هريرة في إحدى رواياته الثلاث أخرجه مالك والترمذي وبين فيه أن الحنان المنان من أسماء الله تعالى والحنان والمنان هما وعلى مثلهما تتم التربية والله سبحانه وتعالى رب العالمين
لأنه رب الخلق وأمرهم بالتربية وعلى ذلك فإذا أردت أن عندما تُربي ابنك فلا بد من الحنان، ولا بد من الأمن الذي يأتي من نِعَم الله سبحانه وتعالى. أرشدنا في الصلاة إلى أنها صلة وإلى أنها دعاء، ولذلك يقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هي تسبيح وتحميد ويقول الدعاء هو العبادة ويقول الدعاء مخ العبادة ويقول في شأن الصلاة وفي علو أمرها
عند الله وذروة سنامها الصلاة عماد الدين من ترك الصلاة فقد كفر فالصلاة سر عظيم بين العبد وربه تشتمل على الأذكار وعلى العبادة وعلى الخشوع وعلى العقيدة وعلى الاعتراف بأن العبد عبد وأن الرب واعلم أن هناك فارقاً بين المخلوق والخالق، وأنه يجب على المؤمن فيها الخشوع، ولذلك ترى الصلاة تبدأ بالأذان يُؤْذَن بدخول الوقت ويُدْعَى المؤمنون إلى الجماعة، لأن الله سبحانه وتعالى خاطب أمة ولم يجعلنا أفراداً يجوز لنا أن نعتزل في الجبال
وفي الكهوف وفي الصوامع وفي البِيَع وفي الخلوات، بل جعلنا. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الدين جماعة"، وأشار إلى هذه الأمة في كل العبادات. فمن أسرار الصلاة الجماعة، لأنك فرد، وإن عبدت الله وحدك إلا أنك فرد من جماعة، وهذه الجماعة تشير إلى الأمة، لأن الأمة هي التي كرمها الله وفضلها وأعلى شأنها: "كنتم خير أمة أخرجت". للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله، إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، ولذكر الله أكبر. نعم، تنهى عن الفحشاء والمنكر، نعم، هي قرينة
بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولذلك أمرنا ربنا سبحانه وتعالى بالجماعة في الصلاة إشارة إلى أننا ننتمي إلى أمة، وهي خير أمة أخرجت للناس، وهذه... الخيرية تكليف قبل أن تكون تشريفاً، فافهم الخيرية على أنها تكليف، يعني إذا كنت من خير أمة فلا بد عليك أن تفعل كذا وكذا مما ترك لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، فتبدأ الصلاة بالأذان يؤذن. المؤمنين وأذِّن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر يأتين
من كل فج عميق. فالأذان سنة سيدنا إبراهيم، هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرسول شهيداً عليكم وتكونوا شهداء على الناس. فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واعتصموا بالله هو مولاكم فنعم المولى ونعم النصير. الصلاة تبدأ بالأذان وماذا؟ نقول في أذاننا نكبّر ربنا على الدنيا وعلى أنفسنا وعلى شهواتنا وعلى حاضرنا وعلى مستقبلنا وعلى مصالحنا وعلى قضايانا حتى يخلص العمل في سبيل الله. إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو... إلى امرأة يتزوجها
فهجرته إلى ما هاجر إليه، إذاً فلا بد أن نعرف أن أول العمل هو النية الصالحة، فالعمل لا يقبله الله سبحانه وتعالى إلا إذا كان خالصاً لأمره وشأنه وذاته سبحانه، وعلى هذا يقول المؤذن: "الله أكبر"، أكبر من عملك، فلا خير في عمل يلهي عن الصلاة، خيرٌ موضوعٌ، هكذا يقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيما تركنا عليه من سنته الشريفة المنيفة المكرمة، إذا "الله أكبر" ويقولها أربع مرات كما رآها عبد الله بن زيد في المنام، وكان عبد الله بن زيد يود أن يقولها
وأن يؤذن بها، ولكن رسول الله صلى الله عليه. وسلّم كما علمنا الرحمة علمنا الجمال فكان يحب الجمال في كل شيء، في ملبسه ومأكله وفي الصوت وفي السماع وفي أمره جميعاً، فقال له: "علّمه بلالاً فإنه أندى منك صوتاً". والنبي صلى الله عليه وسلم يستعمل أفعل التفضيل ويجعل بلالاً أندى صوتاً من عبد الله، وكان يحب الصوت الحسن. ولذلك عيّن بلالاً مؤذناً له صلى الله عليه وآله وسلم بالمدينة، فظل يؤذن بلال إلى أن انتقل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى الرفيق الأعلى، فأبى
أن يؤذن لغيره، ولم يطق قلبه أن يؤذن في غير حضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يؤم الناس، وغاب بلال. في الشام ورجع في يومٍ من الأيام واشتاق الناس إلى ما تركهم عليه رسول الله فطلبوا منه الأذان فأذّن فأبكى أهل المدينة لذكراهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب الصوت الحسن وكان لما دخل مكة شكّل لجنة
استماع لما أراد أن يعيّن مؤذناً لمكة بعد رحيله عنها فشكّل لجنة استماع وعرض بعضهم واستمع إليه يؤذن ثم اختار أبا محذورة رضي الله تعالى عنه لأنه كان أحسنهم صوتاً. إذاً في الظاهر والباطن، في الشكل والمضمون يعلمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الجمال والجلال، فنكبر أربعاً ونشهد الشهادتين لأنهما يمثلان قضية الكون. لا إله إلا الله محمد رسول الله،
فانسدت كل الأبواب إلى الله تعالى إلا باب سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، فلا يقبل الله عدلاً ولا يقبل الله حكماً إلا إذا كان قد جاء في هذا الدين الخاتم الذي ارتضاه للعالمين. أهل التبشير يبشرون ويدعون إلى التسامح ويدعون إلى المحبة. ويدعون إلى خلاص الإنسان من خطاياه ويدعون الناس ألا تجاهد وأن يظلوا هكذا حتى يأتي الاستعمار بجنوده فيتحكم فينا وفي مواردنا وفي ثرواتنا، وهذه الفضائيات تعمل ليلاً نهاراً في تمثيليات لا نهاية لها تدعو
الناس إلى الخمول والكسل بدعوى المحبة. موجودة عندنا: "قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم". الله الرحمة موجودة عندنا بسم الله الرحمن الرحيم الراحمون يرحمهم الرحمن تعالى ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء إنما بعثت رحمة مهداة وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ولكن عندنا طلب العلم فريضة على كل مسلم قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون اقرأ باسم ربك الذي خلق الإنسان من علق، اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم. الرحمن علم القرآن، خلق الإنسان
علمه البيان. عندنا ليست الرحمة والمحبة وخلو الإنسان عن الخطيئة التي يقول فيها الحديث القدسي: "يا ابن آدم لو جئتني بتراب الأرض ذنوباً ثم جئتني تائباً لغفرت لك" ولكن نعلم. وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأخرجوهم من حيث أخرجوكم والفتنة أشد من القتل ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم فاقتلوهم. إذاً هناك قوة تحمي الحق وتحمي الخير وتحمي الجمال من غير طغيان ولا عدوان. شهادة. أن لا
إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ترقق القلوب وتغفر الذنوب وتجمع الناس على الخير، ولكن الناس قد صدوا الناس عن الله وعن الإسلام. إن الدين عند الله الإسلام ومن يبتغِ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه. قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفؤاً أحد سبحانه وتعالى جل جلاله الرحمن على العرش استوى. إذا ربنا الكريم أرسل لنا ديناً هو الخاتم يشتمل على كل ما سبقه من الأديان. "إنما بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ مكارم الأخلاق". "إنما مَثَلي ومَثَلُ الأنبياء من قبلي صلى الله عليه وآله وسلم كمثل رجل بنى بيتاً فدخله الناس فاستحسنوه".
إلا موضع لبنة. قالوا لو تمت هذه اللبنة، فأنا هذه اللبنة وأنا خاتم النبيين. فبه تمت مكارم الأخلاق، وبه تم دين الله الذي كان من عهد آدم إلى خاتمهم سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم. ولذلك كانت شهادة رسول الله والشهادة له بالرسالة من تمام الإيمان، وكان حبه ركن. الإيمان: لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين. فحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض وواجب، وهو ينوّر القلوب. حبه لا تُسأل عنه. أحبِب
رسول الله، وعلّم أبناءك حبه، وعِش في حبه، وأحبِب من أحبه، فإنه سيد الكونين وسيد الخلق أجمعين. لا تنتهي عجائبه حياً ومنتقلاً، فما زالت معجزاته تترى، نرى المؤمنين به أكثر خلق الله عدداً، ونرى السفهاء يعتدون عليه إلى الآن، حتى يصله من الثواب للصبر على ذلك، ولصبر المؤمنين عليهم ما الله به عليم، كما أطلق ألسنة المشركين الفاجرين الفاسقين في حياته يؤذونه، أطلق ألسنتهم إلى يوم الدين غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
الأذان هو أول الصلاة، بعد ذلك ندعو الناس إلى الصلاة وإلى الفلاح. فالفلاح في هذه الصلاة التي تنهى عن الفحشاء والمنكر، والفلاح في أنك تبدأ هذه الصلاة بالذكر وتنتهي بالذكر وفي أوساطها ذكر. وعندما تواجه الناس فماذا تقول؟ السلام عليكم ورحمة الله. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. فتبدأ العالمين بالسلام، والسلام اسم من أسماء الله سبحانه وتعالى، واسم للجنة، وتحية المسلمين. وقولوا للناس حسناً وأقيموا الصلاة، إذ قدّم القول
الحسن على إقامة الصلاة. ونحن إذا كنا من المسلمين نحسن الجوار بيننا وبين الناس، ونصبر على أذاهم، ونتمثل رسول الله صلى الله عليه. وآله وسلم فينا ثم بعد ذلك تنتهي بالتكبير وبالتهليل إعلاناً للبدء لأننا كما بدأنا بذكر الله ننتهي بذكر الله إلا بذكر الله تطمئن القلوب إذاً فمن أول الأذان أراد الله لنا أن تطمئن قلوبنا بذكره "فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون" "والذاكرين الله كثيراً والذاكرات" "واذكروا الله كثيراً لعلكم تفلحون" والله سبحانه وتعالى أمرنا بذكر أسمائه الحسنى العُلى، "ولله
الأسماء الحسنى فادعوه بها". كل ذلك يذكرنا الأذان ونحن نسمعه بأن نترك أعمالنا ونهرع إلى الصلاة حتى يرضى الله عنا، فالصلاة ركن الدين وعماده، وهي التي تمنع الإنسان من الفاحشة والإثم إن وقع فيها، وتجعله قريباً للتوبة، وتبعد الإنسان عن الرشوة. وعن الفساد وعن السرقة وتُبعِد الإنسان عن التكاسل الذي كان يستعيذ منه رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: "اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل". إذاً، سرٌ من الأسرار هو الأذان، يجب عليك أيها المؤمن أن تلتفت إليه.