موقف الإسلام من الفنون | أ.د علي جمعة

موقف الإسلام من الفنون | أ.د علي جمعة - فتاوي
ما موقف الإسلام من الفنون؟ حسنها حسن وقبيحها قبيح. الفنون التي تعبر عن مشاعر الإنسان الراقية أهلاً وسهلاً بها، فإن الأنصار يحبون الغناء. قالت: "فماذا أقول؟" قالت: "أتيناكم أتيناكم فحيونا نحييكم، ولولا الحبة السمراء ما سمنت عذاريكم، ولولا الحبة الحمراء ما حلت بواديكم". سيدنا النبي علّمها أن تغني وتقول هذه الأشياء. الفنون حسنها. حسن، إنما عندما يأتي إليّ أحدهم يغني ويقول لي: "قدر أحمق خطاه"، لا، غلط، غلط،
هذا الكلام. "قدر القدر" ليس أحمق. إنها كلمة شاعر، وكلمة الشاعر والشعراء يتبعهم الغاوون. ولذلك تأتي في العربية هنا، غيّروها، غيّروا هذه العبارة من الأغنية التي كان يغني بها عبد الحليم رحمه الله. وما هو منتبه لما يقول، فغيروا العبارة من "قدر أحمق خطاه" إلى "قدر" وما أعرف الجديدة ماذا، نعم، ولكن تغيرت، تغيرت. هل تنتبه كيف تسمعها الآن في العربية؟ لقد غيّروها. إنها غلطة لا تجوز يا إخواننا، هذا كلام خاطئ. فلا تقل لي إن الفنون فنون. ماذا؟ استيقظ صباحاً، قال. أعبدك؟ تعبد؟
تعبدين؟ من خيّبك؟ الله تعبدين؟ أعبد ربنا، لكن يعني هذا ينكر على كل الفنون بالبطلان؟ لا، الصوت صوت، منه حسن ومنه قبيح، الشكل شكل، منه حسن ومنه قبيح، الرائحة منها ذكية ومنها كذا إلى آخره. لكن هو المسلم الذي بنى الحضارة هذه كلها وأبدع هذا الإبداع. كل هذا، أبدعنا ما لم يبدعه أحد في العالمين. لقد رأينا الشكل الهندسي الكامن في الكون. الشكل الهندسي الكامن في الكون لم يلتفت إلا إلى بعضه في سهورس فكان من الإلهيين. ما هو الشكل الهندسي الكامن في الكون؟ هذا الكون فيه شكل هندسي وعلاقات
هندسية غريبة. عجيبة لا تكون إلا أن يصدر هذا الكون من الحكيم. من ضمنها، لكي نقرب الكلام لأنه كلام صعب قليلاً، الدائرة فيها شيء اسمه النسبة الإلهية الفاضلة. ما هي هذه النسبة الإلهية؟ الإلهية لأن الله هو الذي خلقها. نأخذها في المدرسة النسبة الطبيعية. طبيعية؟ لا، هذا خطأ. هذه هي النسبة الإلهية الفاضلة اثنين. وعشرين على سبعة وهي النسبة التي توجد في كل دائرة مهما اتسعت أو قلت أو كثرت أو كبرت، كيف يكون هذا نظاماً هندسياً داخل الكون؟ هناك هذه
الأصوات والمرئيات، لدينا الوحدة واحد ونصفها وربعها وثمنها وثلثها وسدسها وثلثها وثلثيها، هذه تسمى النسبة الطبيعية التي هي النسبة الإلهية الفاضلة عندما تقسم الواحد إلى النصف إلى كذا إلى آخره، فيخرج رقم واحد وستة من عشرة، ثم وجدوا أن هذا الرقم في المسموع كما هو في المرئي، فلما أدرك ذلك في صغره هكذا اندهش وقال: لا إله إلا الله، وتساءل: مَن الذي يربط ما بين المرئي راحة والمسموع نغمة؟
هذا لازم. أحد خارج هذه الدنيا - الله - فانسحب هو وجماعة الفيثاغوريين وأصبحوا من القائلين رياضياً بالإله. هذه الهندسة التي توجد في الكون اكتشفها المسلمون، وزادوا يقول ابن حيان: "ولقد أوحى الله إلى ابن مقلة تسديس الخط كما أوحى إلى النحل بتسديس بيوتها". ما هذا؟ ما هذا الكلام؟ ماذا يعني قال لك؟ أي توجد آلية تسمى المسدس الدائري الذي يُرسم داخل الدائرة بستة أضلاع، وهناك ما يسمى بقطر الدائرة. فقد لاحظ ابن مقلة هذا من ذاك واستخرج هذا
من ذاك، فرسم الحرف العربي وميزانها الألف، وجعل القطر ثماني نقاط، أربعة وأربعة، حيث النقطة التي فوق خط المسدس والتي تحت خط المسدس. المسدس نقطة، ففي بعض الأحيان تجد في بعض الكتب أن الألف عند العربي ست نقاط، وأحياناً تجدها ثمانية لأن أحدهم أخذها كلها، وآخر أخذ ما داخل المسدس، ورسم من تلك النقاط بتلك المعايير بقية الحروف. وقال ابن مقلة أن الله قد أنزل القرآن على نسبة إلهية فاضلة، فلا بد أن يُكتب بنسبة. إلهية فاضلة حتى يوافق
الخط النظر، فكُتِب القرآن على تلك القاعدة. عندما يرى الأجانب الخط العربي يقولون لنا: "هل توجد هندسة فيه؟ نحن نرى هندسة فيه من ورائه، ما الذي يوجد فيه؟" إذا لم تكن تعرف حكاية المسدس الدائري، فلن تستطيع التجاوز. أرى شيئاً، كيف صنعتموه؟ أي؟ لا نعرف كيف صنعنا المسلمون الحضارة، كما كان أستاذنا الدكتور محمود زازوي يقول: إنها فريضة إسلامية. كل هذا جاء لأننا احترمنا هذا الأمر ولم نفرط في ديننا في شيء، إلى أن ظهر الإرهابيون وداعش وأمثالهم، فحطموا
الحضارة كلها، ليس الحضارة الإسلامية فحسب بل والإنسانية أيضاً.