نفحات | حـ #13 | التصوف والعقل | أ.د علي جمعة

نفحات | حـ #13 | التصوف والعقل | أ.د علي جمعة - تصوف, نفحات
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. يتهم بعض الناس التصوف بأنه يجعل أتباعه لا يتكلمون بالمنطق وأن أغلب أتباعه من الجهلة، وهذا أمر فيه ظلم وحيف وكذب لأن سادة الأمة مثل الإمام النووي
والإمام الغزالي وعبد الكريم القشيري. مثل إبراهيم بن أدهم مثل الفضل بن عياض، أمثال هؤلاء عبر القرون يجمع بعضهم أبو نعيم في حلية الأولياء. كلهم كانوا من الأئمة الكبار الكبار الذين أثروا الفقه الإسلامي، ولكن شاع التصوف مع الإسلام الذي نشر الإسلام في آسيا بأكملها، في جنوب شرق آسيا وفي شرق آسيا، هم أهل التصوف. الذي نشر الإسلام في إفريقيا هم أهل التصوف الذين أدخلوا الناس في دين الله أفواجاً في أوروبا وفي أمريكا هم أهل التصوف، ولذلك فإن هذه الخريطة الضخمة التي دخل
فيها الإسلام تلك البلاد من غير أي نزاع ولا أي قتال ولا أي جهاد، بل كان من أهل التصوف جعل التصوف. يسير مع الإسلام في كل مكان فانتشر، ولأن التصوف قريب عهد بالله ويجعل الإنسان أقرب إلى ربه، يشعر بلذة الدعاء ولذة العبادة، يشعر بالأخلاق وبالقيم، فإنه شاع في وسط الجاهل وفي وسط المتعلم. ومن هنا جاء الذي يصد عن سبيل الله ويتكبر على الناس ليتكبر على هؤلاء الضعفاء ويصفهم
بالعقلية. الخرافية أو بالجهالة أو كذا إلى آخره والحقيقة غير ذلك. الحقيقة أن التصوف انتشر انتشاراً واسعاً لم ينتشره غيره من المذاهب، خاصة تلك التي لا ترجو وجه الله، وخاصة هذه التي خلطت بين الأمور وأفسدت على المسلمين حياتهم.