نفحات | حـ #17 | أقسام التصوف | أ.د علي جمعة

نفحات | حـ #17 | أقسام التصوف | أ.د علي جمعة - تصوف, نفحات
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. يسأل بعض الناس عن أقسام الصوفية، هل لهم من أقسام؟ العلماء الباحثون يقسمون الصوفية إلى ثلاثة أنحاء عظيمة كبيرة: الأول يسمى بالتصوف السلفي، ويمثله الإمام مالك والفضيل بن عياض ومالك بن دينار والحسن البصري. وأمثال
هؤلاء الأكابر في القرن الأول والثاني من الهجرة. بعد ذلك أصبح هناك ما يسمى بالتصوف السني، وهذا ظهر مع أولئك الذين كتبوا في الزهد وكتبوا في التصوف وكتبوا في مكاشفات القلوب، وكان على رأسهم الإمام الغزالي وعبد الكريم القشيري وأبو طالب المكي في "قوت القلوب" وغير هؤلاء من هذه. الطبقة وظلَّ هذا يُسمونه بالتصوف السُّنِّي لأنهم التزموا أهل السنة والجماعة في عقائدها، وفي هذا التصوف السُّنِّي شاعت
السند الذي كان يهتم به المسلمون في الحديث، ويهتم به المسلمون في القراءات، ويهتم به المسلمون في رواية الدفاتر والكتب، ويهتم به المسلمون أيضاً في التصوف، ومن هنا وبتعدد الأسانيد ظهرت الطرق. فظهر عبد القادر الجيلاني وظهر الرفاعي وظهر الشاذلي وظهر الدسوقي وظهر مجموعة كبيرة من أولياء الله الصالحين الذين رووا هذه الطرق والبرامج الدراسية والبرامج التدريبية وطبقوها في حياتهم وانجذب الناس إليهم لِما رأوا فيهم الصلاح ورأوا فيهم الفلاح أيضاً. بعد
ذلك قسم ثالث هو التصوف الفلسفي ويمثله العفيفي التلمساني وابن. الفارض ومحيي الدين بن العربي وابن سبعين ونحوهم ممن تحدثوا في المسائل الفلسفية، كثير منهم أراد أن يرد على فلسفة العالم التي ليست من الإسلام كما فعل محيي الدين بن العربي، وكثير منهم تحدث بطريقة أقرب ما تكون إلى مصطلحات المسلمين مثل العفيف التلمساني والقونوي وغيره، إذاً هناك ثلاثة أقسام. كبرى للتصوف: التصوف السلفي والتصوف السني والتصوف الفلسفي. التصوف الفلسفي يحتاج
إلى دراسة لهذه الفلسفة بمصطلحاتها وأغراضها، ولذلك محيي الدين بن عربي في الفتوحات المكية كتب عقيدته في أول الكتاب وقال: أي شيء يُشكل عليك في كتبي ارجع إلى هذه الورقات وهذا هو المعتمد. جعل لنا معياراً نقيس به الكلام. ولا نؤول الكلام على ما ترتضيه أذهاننا أو نفهمه من أول وهلة، بل نؤوله في اتجاه هذه المعيارية وهذا الضابط والرابط لنا. ولذلك كان كثير منهم، لما رأوا أن الناس تفهم فهماً خاطئاً، يقولون: "المكنون به على المصون
به"، يعني المكنون به عن غير أهله. ويقولون: "كلامنا حرام على غيرنا". إذا كان هذا الكلام في ذهنك مخالفاً للشريعة فاترك هذا الكلام وتمسك بالشريعة. ومن هنا تأتي فائدة التصوف الكبرى، وهي أنها تحمي الناس من الزيغ ومن الضلالة، وتحمي الناس من الفلسفات القديمة والحديثة، وتجعل الناس مهيئين لأن يعيشوا مع ربهم ويعيشوا في عصرهم ويعيشوا بدينهم. كل ذلك يتهيأ عند منهج. التصوف السني الذي انتشر وشاع في الأرض
    نفحات | حـ #17 | أقسام التصوف | أ.د علي جمعة | نور الدين والدنيا