نفحات | حـ #4 | عبادة التفكر | أ.د علي جمعة

نفحات | حـ #4 | عبادة التفكر | أ.د علي جمعة - تصوف, نفحات
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. هذا الطريق الذي سلكه أهل التصوف يقوم على أمرين، تؤخذ هذه الأمور من سورة آل عمران في قوله تعالى: "الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت". هذا باطلاً، سبحانك فقنا
عذاب النار. الذكر والفكر، وأيضاً انظر إلى تطوير العلوم لمثل هذه المصطلحات، وهذا هو فعل أهل الله وفعل أهل التصوف. وعلماء يأتون بألفاظ لها معانٍ، هذه المعاني مبثوثة في الكتاب والسنة، تجعلك أكثر عمقاً لفهم هذا الكتاب المبارك، وتجعلك أكثر تفهماً لسنة سيدنا النبي الحبيب المصطفى. صلى الله عليه وآله وسلم يربط هذا بحالة راقية فائقة من الروح ومن النفس الناطقة التي تترقى
في الهامات الله سبحانه وتعالى حتى تصل إلى أن تكون راضية مرضية وأن تعود إلى ربها مطمئنة كاملة. كل هذه الألفاظ موجودة في القرآن الكريم "ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها" فهي نفس. ملهمة يائيتها النفس المطمئنة، النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي. وقفوا عند كل لفظ، قد لا يتدبر الإنسان هذه المعاني لكنهم تدبروها، قد لا يلتفت إلى معناها عندما يقول فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون، عندما يقول والذاكرين الله كثيرا والذاكرات،
وعندما يقول سيدنا. صلى الله عليه وآله وسلم لا يزال لسانك رطباً بذكر الله، وهل يصاب اللسان بالرطوبة عندما يذكر ويكثر ذكر الله؟ من الناحية الحسية يرى الإنسان نفسه أنه يجف حلقه وريقه، فكيف يقول: "لا يزال لسانك رطباً"؟ ومن هنا بدأنا نلتفت إلى ظاهر الحياة الدنيا وإلى ما هو عند الله ووجدنا... ربنا سبحانه وتعالى ينعي على أولئك الذين وقفوا عند ظاهر الحياة الدنيا يعلمون ظاهراً
من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون وجدنا كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم أن دم الشهيد أطيب عند الله من ريح المسك وجدنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتكلم عن ركن من أركان الإسلام وهو الصيام يقول لخلوف فم الصائم أحب عند الله من ريح المسك. كيف هذا والخلوف رائحة كريهة، رائحة كريهة في ظاهر الحياة الدنيا، رائحة كريهة لو أننا لم نربطها بثوابها، ولكن عندما نرى الصورة الكلية للعالم للدنيا والآخرة فإننا نكون
عرفنا شيئا من الحقيقة. هناك أناس... سيقولون ربنا آتنا في الدنيا وما لهم في الآخرة من خلاق، ولكن القول الصحيح: "ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار". هذا هو الدعاء الصحيح الذي علمنا إياه ربنا سبحانه وتعالى، وعندما نأتي ويقول: "وإن الدار الآخرة لهي الحيوان" أي هي الحياة الحقيقية لو كانوا يعلمون. إذا الحياة الدنيا مع الحياة الآخرة تمثل حياة أرادها الله سبحانه وتعالى، فهذه الحياة الدنيا دار عمل ونكد وشقاء وصبر وابتلاء،
كل هذا ورد، والحياة الآخرة ثواب وعقاب وحساب وجزاء، وتكتمل الحياة، ولكن لا نفصل بين الحياة الدنيا والحياة الآخرة.
    نفحات | حـ #4 | عبادة التفكر | أ.د علي جمعة | نور الدين والدنيا