هل ربنا خلق الكون لأجل سيدنا محمد ﷺ ؟ | أ.د. #علي_جمعة

هل ربنا خلق الكون لأجل سيدنا محمد ﷺ ؟ | أ.د. #علي_جمعة - سيدنا محمد, فتاوي
يسأل سائل: هل ربنا خلق الكون لأجل سيدنا محمد؟ قال تعالى: "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون". فبيّن أن هدف الكون إنما هو للعبادة، لكنه سبحانه وتعالى ارتضى النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم لأن يكون الإنسان الكامل، وأن يكون العابد الأول، فهو أول المسلمين وهو سيد العابدين. سبحان الذي... أسرى بعابده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير، ولذلك فرسول الله صلى الله عليه وسلم أول العابدين وأول المسلمين والإنسان
الكامل الذي ارتضاه الله سبحانه وتعالى أسوة للخلق، لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو. الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا ومن هنا جعله سبحانه وتعالى مثالا يحتذى وجعله سبحانه وتعالى ممثلا لغرض هذا الكون في العبادة فرض عليه قيام الليل قم الليل إلا قليلا نصفه أو انقص منه قليلا أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلا ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً فكان مثالاً للعبادة، ومن هنا صحَّ أن يُقال أن الله سبحانه وتعالى إنما خلق هذا الخلق لأجل هذا الإنسان.
﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ﴾، وهذه نصوص القرآن كلها تؤكد هذا المعنى أنه هو المثال الأتم، وأنه صلى الله عليه وآله وسلم قال ربنا فيه. وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا. فانتهى الأمر إلى هذا المثال وجعله الله سبحانه وتعالى شهيداً علينا، وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً. فهو الشهيد الأتم والإمام الأكبر الذي ننظر إليه فنقلده في عبادتنا لربنا التي هي من أجلها خُلقت الأكوان ومن. هنا صَحَّ ما رواه صاحب المستدرك الإمام
الحاكم أمير المؤمنين، والحاكم فيه في الحديث في مستدركه أن آدم عندما خرج قال: "اللهم إني أتوسل إليك بمحمد، اغفر لي ذنبي"، قال: "وهو أعلم، وما أدراك يا آدم بمحمد؟"، قال: "يا ربنا، وجدتك إنك قد قرنت اسمه باسمك على قوائم العرش لأن". مكتوب على قوائم العرش لا إله إلا الله محمد رسول الله، وهي خير كلمة قيلت في تاريخ البشرية، لا إله إلا الله محمد رسول الله، ولذلك يقول الإمام أحمد: ويجوز الحلف بالنبي وينعقد،
وذلك أنه أحد ركني الشهادتين، وبهما يدخل الإنسان الإسلام، وبواحدة لا يدخل، فلو قال أحدهم لا إله. إلا الله وسكت لا يدخل الإسلام، فإذا قال محمد رسول الله وأكمل دخل الإسلام. ومن هنا كان فعل المسلمين أنهم عندما يكتبون على المحاريب يكتبون "الله" دلالة على كلمة التوحيد، و"محمد" دلالة على الشهادتين. والنبي صلى الله عليه وسلم قال: "بُنِيَ الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله". وأن محمداً رسول الله، وليس في هذا تساوٍ، والاقتران لا يقتضي التساوي،
إنما يقتضي المشاركة في الحكم. ولذلك "لا إله إلا الله محمد رسول الله" ليست نوعاً من أنواع الشرك، بل هي مأذون بها ومأمور بها من الله سبحانه وتعالى من أجل أن نعلم أننا لا نصل إلى ربنا إلا بهذا النبي المصطفى قل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وعلى ذلك يأتي حديث آدم فيما أخرجه الحاكم في مستدركه قال وجدت أنك قد قرنت اسمه باسمك فعرفت أنه أحب الخلق إليك قال يا آدم لولا محمد ما خلقتك لولا أن هناك من البشر من سيصل إلى هذه الدرجة العالية
من الطاعة والخشوع والعبادة والالتزام والتوفيق والحب الذي كان في هذا الإنسان والذي استحق به قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي واستحق بأن يقول أنا سيد ولد آدم ولا فخر كل هذا فيما ورد في الكتاب والسنة يؤكد هذا المعنى أنه لولاك لولاك ما خلقت الأفلاك لأن الله لو خلق الأفلاك وعلم في علمه القديم أن أحداً لن يستطيع أن يوفي مراده من خلقه لما خلق الأفلاك، لكنه سبحانه وتعالى لما عرف أن إنساناً هو في
مثال النبي صلى الله عليه وآله وسلم يستطيع أن يمتثل لكل همسة ولمسة وكل أمر وكل نهي يبتعد عنه فيما أقر الله وحكم خلق الكون. والناس من الأنبياء والرسل والأولياء وأصحاب الهمة العالية من أولي العزم من الرسل وما دونهم يحاولون أن يقلدوا ذلك المثال الأتم صلى الله عليه وآله وسلم ويحاولون أن يصلوا إلى هذا الإنسان الكامل وكل بحسب توفيق الله له.