هل موجة التشويش الفكري الحالية طبيعية؟ | أ.د علي جمعة

لو سمحت يا مولانا، هل ما يحدث الآن من تشويش في الفكر من خلال وسائل الإعلام وبعض المثقفين أمر طبيعي؟ نعم طبيعي، فقد كان هكذا دائماً، لكن مصيبة عصرنا هي الانتشار، إذ لم يكن هناك في الماضي تلفزيون يدخل كل بيت، فكان من يرغب في إحداث هذه الضوضاء يقوم بذلك. في مجلس العمدة يعقدها تحت شجرة الصفصاف، ويصبح معه خمسة عشر شخصاً تقريباً، لكن اليوم الناس كثيرون. لكنه هو نفسه، بنفس العقلية ونفس الكيفية ونفس الخطة الموجودة المستمرة عبر القرون، ومنها خرجت الخوارج والقدرية والمعطلة والمرجئة. خرجت كل الفرق من
هذه المصيبة، وهي أن كل شخص يريد أن يتكلم من غير. أهم علمٍ تفهم به الشريعة هو اللغة العربية، واللغة العربية هذا علمٌ وليس فصاحة. الفصاحة هذه شيءٌ آخر. قطري بن الفجاءة كان فصيحاً لكنه كان إماماً للخوارج الأزارقة، وبه سُميت قطر. قطر هذه نسبةً إلى ماذا؟ إلى قطري بن الفجاءة. فقطري بن الفجاءة نزل قطر فأصبحت الخوارج في قطر، والغريب... أن المهلب بن صفرة الذي قاتل الخوارج كان من الإمارات، أمر غريب كأنها
جينات تتوارى، وفي هذا التاريخ يعيد نفسه، فذهب الحجاج وأرسل له رجلًا فقتله في طبرستان. كان فارسًا وكان فصيحًا وكان شاعرًا، قطري بن الفجاءة هذا، وسميت قطر على اسمه لأنه فر إليها من العراق، كانت... جزيرة ليس فيها أحد وهو أصل الثاني هؤلاء، نعم فأشفق عليهم يا عيني، إلا أنهم يكونون أبناء قطري وهكذا، وسنرى يوم القيامة جماعة الخوارج هؤلاء الذين أتعبوا الدنيا من سبعة وثلاثين إلى واحد وثمانين
هجري، وقُضي عليهم تماماً. الرجل قطري هذا مات سنة تسعة وسبعين هجرية، وبعد سنتين قُضي على. الخوارج تماماً، فأمامنا سنتين هذا قطري، هذا قطري، أي ابن الفجاءة يعني ذهب، ذهب في داهية، قطري ابن الفجاءة، احفظه، احفظه، احفظه لأننا سنرى ما هذه الحكاية. فالذي يحدث الآن طبيعي جداً جداً، وأبشركم أنه كان في كل الأديان، كان في اليهودية والمسيحية نفس هذه الوضعية الكلام. بغير علم يُنشئ فرقاً، هذه
هي الحكاية. وهناك فرق بين العلم وبين الكفاءة. يوجد شخص كفء هكذا، فصيح، لطيف، لا أعرف ماذا، نعم، هذا لا يفعل شيئاً، هذا ليس عالماً. يوجد فرق بين العلم وبين الكفاءة. لديه كفاءة، ظريف، لطيف، لكن ليس لديه علم.