هل هناك علاقة بين المضاربة والمقامرة؟ | أ.د. علي جمعة

هل هناك علاقة بين المضاربة والمقامرة؟ | أ.د. علي جمعة - فتاوي
ما المقصود بالمضاربة في الفقه الإسلامي أنني آتي بشخص يعمل في السوق (بيع وشراكة وما إلى ذلك) وأقول له: خذ هذه المائة ألف، وأنا موظف لا أذهب إلى السوق ولا أفهم فيه. فأنا ماذا أُسمى؟ صاحب رأس المال. أنا صاحب المال، وصاحب المال يذهب لينام في بيته ويعمل في وظيفته. الذي هو فيها وهذا الذي يضرب في الأرض فسُمي بالمضارب. أخذ المائة ألف، باع واشترى وعمل وسوّى، وفي النهاية أنتجت المائة ألف خمسين ألفاً. ونحن متفقون على أنني
سآخذ عشرين في المائة من الربح وهو يأخذ ثمانين في المائة من الربح. إذاً أنا سآخذ عشرة آلاف وهو يأخذ أربعين ألفاً. أو النص بالنص، أنا سآخذ خمسة وعشرين وهو خمسة وعشرين، أو الثلث والثلثان وهكذا. يعني إذا كنا نتفق في البداية على توزيع النسبة، وإذا لم نتفق فيكون النصف بالنصف. إذا لم نتفق فإننا نحملها على النصف بالنصف. فهذا معنى المضاربة في الفقه الإسلامي. يقول: وما مدى جوازها؟ جائزة، لكن كلمة... وما مدى جوازها تذكّرني بفوضى الترجمة. في الترجمة ترجموا "الاسبكيوليشن" إلى
"مضاربة". "الاسبكيوليشن" ليست مضاربة، بل هي مقامرة. فأصبح مستعمل لفظ المضاربة مقابل معنى المقامرة. إنك تقامر على البورصة على الشاشة هكذا، وهو ما تشاهدونه في الأفلام القديمة حيث يقال له: السهم ارتفع، السهم انخفض، وهو جالس يقامر على هذا فيتخرب بيته. من الارتفاع والانخفاض المفاجئ وشراء آلاف مؤلفة من السهم فيخسر خسارة لا قوة إلا بالله، يكسب اليوم مكاسب لا يتصورها عقل ويخسر نفس هذه المكاسب غداً فيما لا يتصوره عقل، فهذه المضاربة
حتى محرمة قانوناً وممنوعة وعليها رقابة ويقولون لك أنت تتلاعب بالبورصة، فهذا محرم لكن للأسف يسمونه. ما هي المضاربة؟ لا، المضاربة التي نعرفها ليست كذلك. المضاربة لدينا هي تعاون رأس المال مع العمل من أجل السعي في الأرض لتحقيق ربح. هذا الربح يُقسم بينهما، جزء منه يذهب للعمل في صورة الأستاذ المضارب، وجزء منه يذهب لرأس المال في صورة الأستاذ صاحب رأس المال. هذه هي الحكاية، فيكون هذا حلالاً. وتسعة أعشار الرزق في التجارة