هل يأكل الناذر من نذره؟ | أ.د علي جمعة

نظرة خروف يذبحه هكذا يمكن أن آكل منه واتفقت مع الجزار على ذبح خروف وأشتري منه اللحم بالكيلو أفرقها. هل باقي الأشياء: الرأس والأرجل والأحشاء يمكن أن أخرج ثمنها لله بدلاً من أن آخذها ولا أعرف كيف أتصرف فيها؟ يصبح هذان سؤالان. من ذبح خروفاً لله هل يجوز له أن يأكل منه؟ فالشافعية قالوا... لا الشافعي قالوا: إن ما نذرته لله يكون كله لله، ولا تأكل منه ولا قطعة صغيرة، ولا تعطِ الجزار شيئاً منه كأجر. أحياناً الجزار يقول لك: "حسناً، آخذ الجلد مقابل الأجرة"، لا، يجب أن تعطيه
نقوداً في يده، قلَّت أو كثرت، وإذا كان يأخذ الجلد فليأخذه أيضاً من... قبيل الصدق إذا كان محتاجاً لها من غير مقابل يعني يصبح إذا النذر لا يجوز أن يأكل منه الناذر ولا أهله أي شيء. سادتنا المالكية قالوا لا. هو قال ماذا؟ بحثوا قليلاً عن ماذا؟ عن سيدنا الشافعي. سيدنا الشافعي أغلقوها بالضبة والمفتاح، خلاص نازل، يعني لا يوجد شيء. المالكي قال. ماذا قال هذا الناذر؟ قال: "هذا الخروف للفقراء"، فيحرم الأكل منه. أو قال: "لله"، فلا يحرم الأكل منه. انتبه للفرق
بين هذا النذر: إن كان لله - أي للخلق - وأنا من الخلق، فأكل منه. لكن إذا كان قال للفقراء، فلا يأكل منه؛ لأنه هو الذابح أو هو الناذر. حسناً، وعلامَ نسير؟ نسير على مذهب الشافعي احتياطاً. المسألة الثانية جاءت في صورة أخرى: جاء الجزار وقال له: "أنا لا أعرف أشتري ولا أبيع، اشترِ لي أنت خروفاً باسمي، وسأحضر بعد أن تقوم بهذا الأمر لأشتري منك اللحم الخاص به، وسأشتريه كله وتضعه في
أكياس لي، حسناً؟ كي أوزعه للفقراء". فلما ذهب وجد أن هذه اللحمة ليس فيها الرأس ولا الأرجل ولا العظم السفلي ولا الكرش ولا الأجزاء الخاصة بها، فقال: "الله، هذا الخروف ناقص، أين بقية الخروف؟" فقالوا: "هذه الأشياء نحن لا نحضرها، أي أننا نستهلكها. غاية المراد من رب العباد، الكبد والقلب وما شابه موجودون عندك". لكن هذه الأمور نتركها فيما بقي، فيقول: "هل يصح هذا الكلام؟ أنت أصلاً لم تذبح، بل ذهبت واشتريت لحماً من عند الجزار. ولو كان النذر هكذا: يا رب،
سأذهب وأشتري خروفاً كاملاً من عند الجزار"، فيكفي هذا من غير بحث ومن غير أمر زائد أو نحو ذلك. التي أخذتها تخرجها للفقراء من غير الرأس والأرجل والكرش وما شابه ذلك، فأنت أصلاً لم تذبح، وإنما اشتريت لحماً في هذه الحالة.