هل يجب تكرار النية في كل يوم من أيام رمضان بالصيام ؟ | أ.د. علي جمعة

يسأل بعض الناس عن تكرار النية في الصيام كل يوم، ومنشأ هذا أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: "من لم يبيت النية بالليل فلا صيام له". واختلف العلماء في هذا النفي المتوجه إلى الصيام، هل هو نفي صحة أو نفي كمال؟ فالذي قال أنه نفي صحة قال أن النية ركن من أركان الصيام لا يتأتى الصيام إلا بها، وأما الذي قال أن ذلك ليس شرطًا في الصيام فإنه يرى أن فلا صيام له، أي لا صيام
كامل له وإن كان الصيام يقع في نفسه، وهذا يسمى عند الفقهاء بشرط الصحة أو شرط الكمال. ذهب الإمام الشافعي إلى أنه من شروط الصحة وذلك حملاً على الحديث على ظاهره وذهب الإمام أبو حنيفة إلى أنه من شرط الكمال وذلك أنه يكفي عنده للصائم أن ينوي شهر رمضان كله وتنسحب هذه النية على الشهر كله وكان مشايخنا رضي الله تعالى عنهم وهم يعلمون دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم عند الإفطار في كل يوم:
"اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت، ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله". يقولون: نويت صيام غد من رمضان. فلما تعودنا عليها خرجنا من هذا الخلاف وطبقنا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وسرنا على كل المذاهب حيث أننا نوينا لكل يوم مع. كل إفطار أن ننوي اليوم الذي بعده كذلك ولا يحدث أي شيء من النسيان، إلا أنه في الحقيقة أن النية التي تكون عند المؤمن هي نية شاملة تمتد، وأن اللفظ
ليس ضرورياً. فالإنسان يقول لك: "سألقاك غداً بعد الإفطار"، إذاً هو ينوي أن يصوم، أو يقول لك: "أنت مدعو عندي". على الفطور غداً إذا نوى أن يصوم وأن تصومي وهكذا، فجو رمضان هو في ذاته نية حتى عند الإمام الشافعي، ولكن اللفظ ليس ضرورياً وإنما هو لاستحضار النية. وعلى ذلك فنطمئن الناس ألا يدخلوا في وسواس ولا في تشكيك، وإنما هم في حالة صيام في هذا. في الشهر الكريم إلا أن أنوي الإفطار فآتي بالليل وأقول غداً لا أصوم
لأنني مريض أو لأنني مسافر أو لأنني في ظرف طارئ وأنا لا أصوم غداً، ثم تغير في عملية سأجريها غداً فقلت أنا غداً لا أصوم، ثم أتاني الخبر أن العملية قد أُجِّلت، فهنا لا بد أن أنوي مرة ثانية أنني أصوم. هذه هي قضية النية في الصيام، لا بد علينا أن نتفهم هذا دون شك ولا تردد.