هل يجوز الذهاب إلى السينما؟ | أ.د علي جمعة

يرسل ويقول: "أنا أحب السينما حباً كبيراً، وأحاول اختيار أفلاماً محترمة". انظر إلى الكلام، وانتبه: أي أفلام محترمة؟ يعني لا تحتوي على... يعني تحتوي على فكرة، فيها فكرة ولها قيمة. فهل يجوز النظر إلى الأفلام؟ السؤال هكذا. نعم، يجوز النظر إلى الأفلام، ولكن يجب عليك أن...
تتمتع بنفسية رسول الله صلى الله عليه وسلم في رؤية الحياة وتصنيفها ونقدها، لا تأتي لتسألني هذا السؤال ونفسيتك خالية من هذه النظرة. كيف كان ينظر رسول الله صلى الله عليه وسلم للمشركين؟ كيف كان ينظر إلى الأصنام في الكعبة؟ كيف كان ينظر إلى الملاهي التي توجد في الليالي؟ مكة كيف كان ينظر وهكذا يبقى نريد أن نقرأ السيرة لكي نرى النظرة النقدية لكي نرى ماذا نفعل وعندما نشاهد
بأي عين نشاهد وكيف لم يكن يدعونا إلى شهوات الدنيا ومن دعاء الصالحين الذين فهموا سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول اللهم اجعل الدنيا في أيدينا ولا تجعلها في قلوبنا وهو ينظر ينظر إلى الخير الموجود أمامه، إلى المعاني الكامنة وراء المشاهدات، فيخبرنا صلى الله عليه وسلم أنه كان مسروراً جداً من حاتم الطائي الكافر المشرك. خذ هذا الجزء الغريب، المتكبر، حاتم كان متكبراً بكرمه،
فلما جاءت سفانة ابنة حاتم قال إن أباك كان يحب. مكارم الأخلاق، والله يحب مكارم الأخلاق ويكره سفسافها، هكذا يقول لنا ويعلمنا، لكنه قال لسفانة بنت حاتم، ماذا قال لها؟ إن أباك كان يحب مكارم الأخلاق. أهو في الجنة يا رسول الله؟ قال: لا، إنما كان يفعل ذلك لسمعة يتسمعها، مجد، كبرياء، علامة تجارية، اسم، هكذا هو الأمر. الذي هو
إنما كان يفعل ذلك لسمعة يتسمعها، فالنبي عليه الصلاة والسلام كان يرى ناساً إنما كان يرى فيهم الخير، يرى فيهم جزء الخير، إن وُجد خيره فلا مانع، أهلاً وسهلاً. يرى الخير، إن وُجد خير عبد الله بن جدعان من كرماء العرب، كان يضيف الحجيج بمكة، فكان كلما ذُكر أمامه فتبسم ورجع بذكرياته هكذا، فقالت عائشة: "كلما ذُكر ابن جدعان تبسمت". قال: "كان عنده قصعة يصعد إليها بالسلالم، يثرد فيها الثريد، يفت فيها الفتات". أي
صار هناك أرز وخبز ومرق وقطع من اللحم، ولكن لا تخبر عدوك عليه. يضيف الحجاج في مكة، حجاج مكة، يطعمهم كلهم. الكرم هذا وما هذه النفقة، سُرَّ منه كثيراً ابن جدعان وتحدث عنه كثيراً في دار الندوة وفي حلف الفضول، وأخيراً بعد ذلك ها هو في الجنة. ما شأننا بالجنة، هذه الجنة في الآخرة خاصة بربنا، هي ليست خاصتنا نحن، ما شأننا نحن، لدينا علاقتنا في الدنيا، نرى ابن جدعان والصور الخاصة به وهو. مشرك مشرك وثني، ونأخذ منها الشيء هكذا نصفيها، ونأخذها كقيمة،
قيمة الكرم، قيمة الحب، ولا نسد على المشركين بما فيهم، "خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام إذا فقه"، أي يكون ينظر إلى المعاني، ينظر إلى المعاني. تشاهد الفيلم هكذا في مساخر، في عري، في محرمات، في حرام، صورة للحرام. يعني لا يوجد فيلم مصري لا توجد فيه خمور أبداً، خذها مني هكذا، فلا يوجد فيلم مصري لا توجد فيه خمور، لكنني أتجاوز هذا الكلام وأنا أعرف أن الخمر حرام وهذا الكلام، هذه المفاسد ما فائدتها إذاً؟ ماذا يريد المؤلف
أن يقول؟ يريد أن يقول لك إن الشر لا ينفع، لا والله. كنت خيراً أريد أن أقول إن طريق الانحراف يؤدي إلى البلاء وضياع الدنيا، لا، حسناً، أريد أن أقول إن الإدمان يدمر الشعوب، لا، نحن معه، أريد أن أقول إن الكرم يبقى إلى سبعة أجيال، نعم والله هذا كلام جميل، أريد أن أقول إن الأمم إنما هي الأخلاق وما بقيت، فإن ذهبت أخلاقهم ذهبوا. لا، هذا جيد وحسن. يريد أن يقول لي إن العنف ضد المرأة ليس من مكارم الأخلاق، ونحن معه في ذلك، فنحن نقول هذا الكلام. يريد أن يقول إن الإرهاب ليس له أرجل، ونحن معه أيضاً، فنحن طوال النهار نجلس ونقول إن الإرهاب ليس له أرجل. نحن معه في هذا الجانب، وماذا عن بقية الحياة؟ نحن... ليس معه، نحن
نقول الخمر حرام والمنكرات حرام وما لا نعرفه حرام، وكل المحرم نقول عنه حرام، لكن الذي أمامك هذا ماذا تقول عنه؟ تقول إنك تبحث عن الخير فيه، ابحث عن الخير فيه. حسنًا، أنا ليست لدي هذه القدرة. لا تشاهد، وأنت تشاهد أو تُشاهد أولادك، علمهم. النظرة النقدية ليست تحريماً لهم لأنهم سيذهبون ليروه، فرأوه وليس هناك فائدة، لأننا ونحن في مكة، لم يحرم النبي الناس من البيت لأن فيه ثلاثمائة وستين صنماً. ليست هذه هي الطريقة النبوية، الطريقة النبوية أننا ندخل ونصلي في الحرم. حسناً، والثلاثمائة والستون صنماً، هكذا ستسجد أمامها؟ صنم أنا أسجد لله والصورة الخارجية هذه ستتغير إن شاء الله وهكذا
يا رب اهدِ قومي فإنهم لا يعلمون. اليوم توجد مساخر، وغداً لن تكون هناك مساخر. حاول أن تبحث وأنت هناك في سداسية نجيب محفوظ رحمه الله، من هو الفتى كمال؟ من هو هذا الفتى كمال الصغير؟ هو نجيب يحكي عن... مشاهداته طبعاً، إنه يعطيها بعض الدراما، لكن هذا الفتى كمال، هذا هو كمال الصغير، وهو نجيب محفوظ. فالرجل يواجه السيد عبد الجواد، وفي المقابل سيدنا الشيخ. انتبه الآن إلى الحوار، انظر إلى هذا الحديث. من هو سيدنا الشيخ هذا؟ إنه ممثل الديانة. ومن هو السيد عبد الجواد؟
إنه الرجل الذي نسي نفسه. قال له: أين كنت يا سيد عبد الجواد؟ قال له: أنا عائد من سهرة. إذا لم يخف من الشيخ فلن يعلق له المشنقة، يتكلمون رجلاً لرجل أنه عائد من سهرة سيئة ملعونة مليئة بالانحراف والفساد وغير ذلك إلى آخره، لكن هذا لم يمنعه من أن يقول للشيخ. هذه العلاقة، ما هي؟ علاقة حب. علاقة أن سيدنا الشيخ لا يعلق المشانق لأحد. ليس هذا النوع الذي ظهر بعد ذلك ويقول له هيا في
سنة ألف وتسعمائة وعشرين حيث توافر العلماء. كانت هذه علاقة العالم بالشعب، علاقة حب. قال له: "يا سيد عبد الجواد، تكون في سهرة وتغضب؟" الله وتترك ابنك عند سيدنا الحسين يدعو، الولد أحسن منك يا سيد عبد الجواد. فذهب السيد عبد الجواد ودخل إلى مقام سيدنا الحسين ووقف وراء الولد وهو يقول لسيدنا الحسين: "أيرضيك هكذا يا سيدنا الحسين؟ أمي تأتي لزيارتك فتنكسر رجلاها، وأبي يظلمها عند أمها ويتركها. أيرضيك أنت هكذا يا سيدنا؟" الحسين السيد
عبد الجواد على الدوام في ذهنه حاضر وجاهز، قال له: "يا لك! أنت عزيز جداً هكذا عند سيدنا الحسين، لأجل أن يقابلني الرجل ويقول لي ويدفعني لأن أدخل. الله، الله، الله! كل هذه الأشياء ضُربت، ضربوها لنا. احذر أن تزور سيدنا الحسين، احذر أن تقول له، لئلا يهدمكم الشرك، يعني نحن..." الآن يشركون مع الله برسوله وآل بيته وأوليائه الصالحين والعلماء المفكرين. ما هذه المصيبة؟ ما هذه المصيبة يا سيدي؟ الله يحفظك! نحن نقول لهم ادعوا لنا ربنا فربنا يستجيب. فسيدنا الحسين عندما جاء الولد ودعا ربنا في الملأ الأعلى، هل سيحدث شيء؟
ها هو قد أحضر له السيد عبد الجوان وجهاً لوجه. هكذا تقرأ الفيلم، هكذا ترى العلاقة بين العالِم وبين الشعب، ترى العلاقة والعقيدة الراسخة عند الطفل الصغير. ماذا يفعل إذاً؟ لقد وضع الكيروسين في القهوة للسيدة الضيفة، ووضع ملحاً زائداً في الطعام للسيد عبد الجواد. ماذا كان نصيبه؟ أنه نال الضرب وعُلِّق في الفلقة، فذهب إلى سيدنا الحسين غاية الآمال. يا سيدنا الحسين، هذا ليس وضعاً مناسباً. إننا نأتي إليك لزيارتك وقراءة الفاتحة لك والدعاء لك، وهكذا تقوم بفعل هذا بنا وتتركنا في حالنا مع هذا الرجل السيئ؟ فيرق قلب السيد عبد الجواد ويأخذ الولد ويذهب
ليحضر أمه. حب وحنان وأسرة التي يُراد الآن تفكيكها. آه، إذاً... نأخذ الخير من هنا، حسناً، والراقصة التي توجد في الفيلم وَجِّه وجهك إلى الناحية الأخرى، لا تنظر إليها ولا تركز معها. هذه هي القصة، لأننا في زمن لن ينفع فيه إلا أن نقلد رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما كان يفعل، وعندما كان في مكة أو عندما كان. في المدينة أولاً أو عندما كان الصحابة في الحبشة كانت لهم وضعية مختلفة عما كانت عليه عندما كان الصحابة في المدينة أخيراً، حين خرج اليهود منها وأصبحت خالية من المشركين
وغيرهم، ولم يبق إلا المنافقون الذين أجاز الله له قتلهم، فقال: "لا يُقال أن محمداً يقتل أصحابه". نريد أن نفهم. سيدنا لكي نفهم كيف نعيش، إذا فهمنا سيدنا سنفهم كيف نعيش. وعندما نذكر ربنا سيكون للذكر لذة، وعندما نعبد ربنا ستكون للعبادة لذة، وعندما نرى ما حولنا وننتقي منه الخير سيكون لذلك لذة. نقطة ثانية متصلة بما نقول وهي أن الناس خائفة، أساس البلاء كله، وربنا
جعل الإيمان من الأمن. من مادة آمنة وماذا جعل منها الإيمان؟ الناس خائفة من بعضها، الدول خائفة من بعضها، الإنسان خائف من نفسه وخائف من الغد وخائف من الناس وخائف من الله وخائف وهكذا. هذا المدخل يجعل الناس قلقة. ادخل من جانب الحب واحمل عليه الخوف، ولا تدخل من
جانب الخوف وتحمل. عليه أي شيء لأنه لن يتحمل. ادخل من جانب الحب، فإذا دخلت من جانب الحب ستنفتح لك الدنيا، وستشعر بطمأنينة، وستتلذذ بحياتك، وستصبح شيئاً آخر. فلا تستخدم مدخل الخوف يا إخواننا، اجعلوه مدخل الحب. أحبب حياتك، أحبب عملك، أحبب دينك، أحبب عبادتك، أحبب جارك، أحبب أهلك، أحبب ربنا، أحبب رسوله، أحبب. أحبب أحبب كن محباً قوياً، أحبب كل شيء، أحبب هذه الدنيا لأنها من خلقه، من خلقة الله، لماذا تكرهها؟ أحبب
سيدنا النبي لأنه بلّغ عن الله، أحبب ربنا لأنه أغدق عليك النعمة، أغدق عليك الفضل. عش حياتك ولكن عشها بمبادئك، عش حياتك بدينك، عش حياتك بنهج نبيك. صلى الله عليه وسلم، ولذلك دائماً أقول يا جماعة لازم تقرأوا السيرة قراءة واعية، تقرأوا السيرة قراءة واعية بحثاً عن كيف كان النبي يراها. "لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً".