هل يجوز تكوين جماعة سرية إسلامية؟ | أ.د علي جمعة

هل يجوز تكوين جماعة سرية إسلامية؟ | أ.د علي جمعة - فتاوي
أحدهم يسأل ويقول: هل يجوز تكوين جماعة إسلامية سرية كما فعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بمكة في أوائل البعثة؟ هل رسول الله صلى الله عليه وسلم أنشأ جماعة سرية؟ أين ذلك؟ إن قولك بأنه أنشأ جماعة سرية في مكة لم يحدث، هذه قراءة خاطئة من أحدهم للسيرة النبوية المشرفة المنيفة. شخص يقرأ هكذا، الله المستعان. هذا كان في دار الأرقم بن أبي الأرقم وهذه
اسمها سرية وقد كتبوها في الكتب. نعم، سنجد ذلك في كثير من الكتب، لكن لم يحدث هكذا عندما تقرأ. لقد قرأنا، ومن ضمن ما قرأناه مسند الإمام أحمد، فعندما كنا نقرأ في حديث عفيف رضي الله تعالى عنه وأرضاه. قال عفيف: كانت له مع العباسي تجارة، يعني عفيف ليس من أهل مكة، هذا رجل غريب ويأتي ليتاجر مع سيدنا العباس عم النبي. قال: فجئت فرأيت شيئاً غريباً، رأيت رجلاً يخرج من خباء - والخباء هذا
يشبه الخيمة ولكنه عبارة عن قطعة قماش على عمودين - إنه يختبئ. الذي وراءها يعني، لكن ليست خيمة. فالخيمة تحتاج إلى حبال ووتد وعمود وأدوات وسارية وأشياء كهذه، لكن هذه خباء. وما معنى خباء؟ إنه ستارة مصنوعة بطريقة تستظل فيها هكذا، تجلس في الظل. لأن مكة الجو فيها حار وليس فيها بناء عالٍ أو شيء تستظل به، فكانوا يصنعون هذا الخباء. فعندما خرج... رجل ولستُ أعرف من هذا الرجل، لكنه يراقب هكذا، فخرجت امرأة فوقفت خلفه، فخرج صبي فوقف عن يمينه، فقلت: يا
عباس ما هذا؟ يريد أن يعرف ما هي هذه القصة، هذه العبارة، هذه هيئة غريبة لم نرها من قبل، شخص يخرج ثم يقف هكذا، ثم جاء صبي ووقف عن وقفت امرأة عن يمينه. لماذا هم واقفون هكذا؟ ماذا يفعلون؟ وما الذي يبدو عليهم؟ لم يقل إنه عفيف، لكنني أقول لكم: هذا هو الخشوع، ويبدو عليهم أمر ما، إنهم يفعلون شيئًا. ماذا تعني هذه العبارة؟ ما هذا؟ يقول عفيف: فقال هذا محمد ابن أخي يزعم أنه قد أوحي إليه. إليه وهذه خديجة بنت خويلد زوج
محمد صدقته فيما قال وهذا ابن أخي علي بن أبي طالب اتبعه على دينه، قال عفيف: فوددت لو أسلمت في هذا اليوم فأكون أول من أسلم. ما هذا؟ ما هذا؟ كيف يكون سرًا؟ هل انتبهت؟ كيف؟ حسنًا، إذًا عندما خرج هكذا وصل إليه سيدنا. محمد من عظماء قريش هذا بن عبد المطلب. أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب سيد قريش. عبد المطلب الذي صد أبرهة، وذهب إليه. من المندوب السامي
لمكة؟ عبد المطلب. من هو كبيرنا في مكة؟ عبد المطلب. هذا ابن عبد المطلب، هل يستطيع أحد أن يفعل له شيئًا؟ فعندما أقرأ أنا حديثاً عفيفاً هكذا وتأملوا قوم، يرتكز في ذهني الحال الذي كان عليه النبي في بدء الدعوة، يقول ماذا؟ وددت لو أنني أسلمت هذا اليوم فأكون أول من أسلم، يعني أبو بكر لم يسلم بعد، وبعدها أسلم أبو بكر، وبعده فلان وعلان وتركان وابن مسعود وهكذا الأوائل. هؤلاء ثمانية أسلموا دفعة واحدة، ثم بدؤوا يحتكون بالمشركين، فلما بدؤوا
يحتكون بالمشركين ويأتون للصلاة عند الكعبة، كان المشركون يضربونهم ويؤذونهم ويرفعون أصواتهم عليهم ويلقون عليهم أشياء، وهذه فتنة. حسناً، وبعد ذلك أنا أسير في طريقي وأنت تضربني وأنا أضربك، وهكذا الأمر. فقال لهم: لا، دعونا نبتعد عن الصدام، فتكون هذه. مرحلة البعد عن المواجهة لكن ليس السر أنه لا أحد يعرفني ولا يعرف من الذي معي ولا يعرف كذا إلى آخره، لا، معروف. فذهب رسول الله، سيدنا الرسول لا زال يصلي في الكعبة لأنه معه حماية لأنه ليس سراً ولا شيء. سيدنا حمزة خارجاً،
ثويبة عندما جاء سيدنا. ثويبة مرضعة النبي صلى الله عليه وسلم صعب عليها أن أبا جهل يشتمه، فقالت لحمزة: "ألم تر أن هذا الرجل شتم ابن أخيك محمد؟" فقال لها: "أيشتمونه؟ إنه ابن المطلب وحفيده". وكان حمزة رجلاً قوياً فارساً نبيلاً، فذهب إلى أبي جهل، وقبل أن يتكلم بأي شيء، ضربه على رأسه. فوجد أبو جهل الدم ينزل منه فخاف. قال له: "حسناً يا حمزة، وأنت معه يعني لكي تضربني هذه الضربة؟" قال له: "أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، نعم أنا
معك، ما رأيك الآن؟" فدخل حمزة وبدأ يحضر معهم، وهم يعرفون أن حمزة أسلم، وأن ابن مسعود أسلم، وأن أبا بكر أسلم. وأن خديجة أسلمت وأن النبي. أين السر إذاً؟ حسناً، إنما كان ذلك فترة عدم المواجهة. وبعد ذلك أصبح النبي يدعو: "اللهم أعز الإسلام بأحد العُمَرين: عمرو بن هشام (أبو جهل) لأنه تحرك قليلاً وخدم، أو عمر بن الخطاب". فاستجاب الله في عمر. عمر تقريباً هكذا بالتقويم. الذي ورد أنه كان اثنين متر وثمانين، اثنين متر
وثمانين تقريباً هكذا، ممكن أن يصل إلى ستين يعني لا يحدث شيء، يعني اثنين متر وثمانين يعني ضخم، وكان في العرب اثنين متر وخمسين، هذا موجود، ابن معدي كرب كان هكذا وابن سعد بن عبادة قيس بن سعد بن كان هناك عبادة بهذا الشكل، وكان منهم مَن يركب الفرس فتخط رجله في الأرض، فيكون هذا طويلاً جداً. كان هناك عمالقة هكذا في العرب. وقد أسلم عمر في رواية تعرفونها جميعاً، حيث جاء وقال لأخته فاطمة بنت الخطاب: "أين أجد محمداً؟"، فقالت: "هو في دار الأرقم بن أبي الأرقم". ما كل عارف بالقضية، ليست السر الخاص بالجهاز. حسناً، طرق
عمر الباب فذهب أحدهم ونظر من ثقب الباب، فوجد عمر قد جاء متقلداً سيفه. فقال له النبي: "دعنا من هذه المشاكل الآن. ألسنا جالسين صامتين في أمان الله، ولماذا نتركهم هكذا؟" فرد حمزة غاضباً: "دعني". أخرج إليه يا رسول الله، فإن أراد خيراً بذلته له، وإن أراد شراً قتلته بسيفه. وخرج إلى عمر وقال: ماذا تريد يا ابن الخطاب؟ وأمسكه من الحزام (المنطقة) الذي يلبسه والذي فيه السيف، وهزه هكذا ورفعه على يديه. قال له: ليس هكذا يا حمزة، إنني
جئت لأسلم. قال له: "أنا أريد ماذا؟" قال: "لا، لا أريد شيئاً، أنا جئت لأسلم". ودخل ليُسلم فأسلم، فكبّر النبي صلى الله عليه وسلم. ولأن ليس هناك شيء سري ولا شيء، هذه هي عدم المواجهة، خرجوا في صفين يعلنون ويفرحون ويحتفلون بإسلام عمر. أين إذن الدعوة السرية؟ خرجوا لأننا نقول لكم. ونحن معنا حمزة الذي لن يترك ثأره، ومعنا عمر العملاق الذي إذا اقترب من ضعفائنا سيتصرف معه. وفي الهجرة بعد ذلك بسنوات طويلة، وقف عمر في الوادي وقال: "من أراد أن تذكله أمه
فليتبعني". أي من يريد أن تصوت أمه عليه فليأتني، عيني وراءه، لأنني الذي سيتعرض لي سأؤدبه. هل خرج؟ سيخرجون. ما هذا؟ اثنان متر سيخرجون ليفعلوا ماذا؟ هذا ابن الخطاب وهكذا يا إخواننا. هؤلاء كانوا فرساناً نبلاء، وكانوا إذا اشتد الوطيس في الحرب احتمينا برسول الله صلى الله عليه وسلم. ما هذا؟ التاريخ الصحيح لرسول الله يبين قوة بدنه. قيام الليل فُرض عليه طوال الليل جالساً.
قائم يصلي وفي الصباح يجاهد في سبيل الله، ما هذا؟ ما هذا الجسم الذي يتحمل؟ هكذا تقرأ السيرة؟ نعم، ليس هناك مثل هذا. أين يكون سيدنا النبي عليه الصلاة والسلام؟ أين السرية؟ هل نكذب ونصدق أنفسنا ثم نضل العالمين؟ أكان يعمل سراً؟ كيف يكون النبي والله؟ لم يكن يصنع سراً. هذه العملية واضحة منذ اليوم الأول وواضحة في كل يوم، وهذا الأمر كان أمر عدم الصدام والمواجهة لأننا في بلد يكرهنا وفي بلد في مكة لا يرغبنا. "وادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن"، ولذلك
عندما جاء خباب بن الأرت وقال استنصر. لنا تعبنا استنصر لنا فتمعَّر وجوه غضباً وقال: "ألا إني رسول الله، ولينصرني الله حتى تسير الظعينة من مكة إلى الحيرة لا تخاف إلا الله والذئب على غنمها، وأن الرجل ممن كان قبلكم كان يؤتى فيوضع المنشار في مفرق رأسه فيشق ما بين لحمه وعظمه، لا يصده ذلك عن دينه". الله شيئًا، يعني اصبروا. ولما جاء الأنصار قالوا: "إن أمرتنا مِلنا على أهل الموقف غدًا نقتلهم حتى يكون الدم على العقبات
التي هي مرمى الجمرات هذه". قال: "ما أمرتُ بهذا". إذا كنتم تريدون أن تتعلموا من سيدنا النبي، فسيدنا النبي وهو في مكة كفَّ يده عن الناس ولم يواجه الأذية بالأذية. ولم يواجه الكفران إلا بالتوكل على الله سبحانه وتعالى وكان يصلي في الكعبة وفيها ثلاث مائة وستين صنماً وكان يقلل من النزاع والصدام لأن القصد هو الدعوة إلى الله وهو
وسمع الله وسمع الله وسمع الله وسمع الله وله مؤمن كوسمع أرقم نحن في دار الأرقم بن أبي الأرقم الآن. النبي يقول لهم ماذا؟ أكان يُحضِر سلاحاً؟ ماذا كان يُحضِر من سلاح؟ أكان يعيّن عليهم شخصاً اسمه عبد الرحمن الساند لكي يعملوا تدريبات في حلوان؟ أكانوا يرسلون الناس إلى المساجد حتى يغتالوا المشايخ وهم داخلون من
الباب؟ أكانوا يرتبون شيئاً في الخفاء يفعلونه؟ الله! لماذا أنتم تفعلون هكذا مدّعين والعياذ بالله؟ تعالى بخلاف الشريعة أنكم تجاهدون، أنكم في الحقيقة خوارج، والخوارج كما أفاد رسول الله كلاب النار. وقلنا كنا نتعجب في شبابنا كيف الخوارج وهم مسلمون هم كلاب النار، لأنهم ينقلون صورة مشوهة مشوهة عن الإسلام للعالمين. الإسلام يقول: اذبح كما تذبح داعش، فجر كما تفجر القاعدة، اقتل كما اقتل أنصار. بنو المقدس وأنصار ما يدري أي هذه الدول وهم
جميعًا يخرجون من تحت جماعة الإخوان الإرهابية. الإخوان بدأت فقلنا لهم: لماذا تجمعون السلاح؟ قالوا: لقتال الصهاينة في فلسطين ولقتال الاحتلال الإنجليزي. حسنًا، الإنجليز خرجوا، فمن تقاتلون؟ قالوا: لا. ثم أين القتال الذي قاتلتموه؟ ذهبوا إلى فلسطين. فعملوا شيئاً اسمه التبة ستة وثمانين، وهذه التبة ستة وثمانين كان عليها -الله يرحمه- محمود عبده ميّة وانصرفوا وانهزموا والإنجليز. وطلعت تقتلون لماذا أحمد ماهر والخزندار، ولماذا تقتلون النقراشي، ولماذا تقتلون
عبد الناصر، ولماذا تقتلونهم؟ حسناً، لماذا هؤلاء يُصلّون والنبي عليه الصلاة والسلام قال: "لا ما صلّوا إذا". أنت رجل بعيد عن الحق متطرف تُكَفِّر المسلمين وتفسقهم وتتهمهم بالشرك، ومن اتهم أخاه بذلك فقد باء بها أحدهما. والواضح هكذا أن الذي أسال الدماء وظلم الناس سيُحاسب في هذه القضية. وها نحن نعرف الآن ونرى غباءً منقطع النظير وعناداً لا ينتهي في مخالفة نهج رسول الله صلى الله عليه وسلم. هل يجوز تكوين جماعة إسلامية
سرية؟ لا يوجد شيء اسمه هكذا ولا في جماعة النبي صلى الله عليه وسلم. يقول: "إذا رأيتم اختلافا فعليكم بالسواد الأعظم، ومن شذ شذ في النار"، وتكلم عن هذه الأمة المعصومة إلى يوم الدين وأنها لا تجتمع على ضلالة: "لا تجتمع أمتي على ضلالة"، وكان... ابن مسعود وهو ينقل لنا كلام رسول الله يقول: "ما رآه المسلمون حسناً فهو عند الله حسن". أين الجمهور؟ أين الكلمة العامة؟ ها هم المسلمون البالغ عددهم مليار وسبعمائة مليون، إلا قلة شذت وذهبت.