هل يجوز للمسلم أن ينتقل من مذهب إلى مذهب أخر؟ | أ.د. علي جمعة

هل يجوز للمسلم أن ينتقل من مذهب إلى مذهب آخر؟ سيدنا الشيخ بخيت المطيعي مفتي الديار لغاية سنة ألف وتسع مئة وعشرين كان مالكيًا ودرس المالكية وحفظها، كان حافظًا للشيخ الدردير وحافظًا للدسوقي وحافظًا لكل كتب مالكية هكذا هو. فالشيخ بخيت رحمه الله جلس مع واحد من أصحابه فقال: له يا شيخ بخيت أنت تحب أن تصبح ماذا بعد أن تنال العلمية وتتخرج؟ قال له: أحب أن أصبح قاضياً، أحب أن
أصبح قاضياً. قال له: يا شيخ بخيت، القاضي لابد أن يكون حنفياً وليس مالكياً. قال: حسناً، توكلنا على الله، وانتقل من المالكية إلى الحنفية، فحفظ كتب الحنفية حتى قيل فيه: لو ضاعت. سأملؤها من ذهنه، يعني لو المبسوط للسرخسي ثلاثون جزءاً ضاع، فالشيخ يرتجل ويقول لك: حسناً سأمليه لك. المبسوط للسرخسي، كان السرخسي معتقلاً فوضعوه في بئر، فأملاه من البئر، يعني الثلاثين مجلداً هذه أملاها السرخسي من البئر من ذاكرته، وتلاميذه فوق البئر يكتبون خلفه وهو في الأسفل حتى فرَّج الله
عنه. عليه فالشيخ بخيت انتقل من المذهب المالكي إلى المذهب الحنفي، وابن دقيق العيد كان مالكياً فانتقل إلى المذهب الشافعي، كان إماماً في المذهب المالكي فصار إماماً في المذهب الشافعي ابن دقيق العيد، وهكذا. والمنتقلون من المذاهب عبر التاريخ كثيرون. المذاهب طريقة دراسية ومنهج دراسي، فيجوز بعدما تتم وقبل أن تتم أن تغير المذهب، طيب والعامي. العامي لا مذهب له، مذهبه مذهب مفتيه. ذهب وسأل واحداً مالكياً فأفتاه، ثم ذهب وسأل في مسألة ثانية واحداً حنفياً فأفتاه، وفي مرة ثالثة سأل شافعياً فأفتاه. لا
يحدث شيء، لا مذهب له. طالب العلم هو الذي له مذهب، هل له أن يغير؟ له أن يغير. واحد قال لي: طيب أنا طالب. تعلمت في الأزهر ودرسنا، ولكنني أتعرض للضيق فيقال لي هذا رأي أبي حنيفة، وأتعرض للضيق مرة ثانية فيقال لي هذا رأي الشافعي، وأتعرض للضيق مرة ثالثة فيقال لي هذا رأي أحمد، وأنا واقعي وأعرف وقد درست، فهذا يسمونه التلفيق، وقالوا يجوز التلفيق بشرط، ويبقى الشرط هنا في هذه الحالة ألا ينكر عليك. الأربعة يعني تخيل هكذا أن أبا حنيفة جالس وأنه ملك جالس والشافعي جالس وأحمد جالس،
النتيجة تقول ماذا الآن؟ الشيخ يظن أنهم كانوا في زمن واحد، ما هو الغباء انتشر، أجل والله! تخيل من الذوق، فقد قالوا لسيدنا علي: "يا سيدنا علي، ما أصعب شيء عليك؟" قال: "تفهيم من..." لا يفهم تفهيم من لا يفهم، أولئك النابتة يمنعون [التواصل]، وكأن مندوباً من الأئمة الأربعة يجلس عندك ويراك وأنت تمارس عمل التلفيق. كلهم أنكروا ذلك، هذا أنكر لسبب، وذاك أنكر لسبب، وهذا أنكر لسبب، وذاك أنكر لسبب آخر، فيكون هذا العمل باطلاً لأنهم اتفقوا. على رفضه، لكن
لو كان أحدهم يقول "جائز"، خلاص يصبح جائزاً، فأنت قلدت فلاناً. هو منتبه وضرب المثال، يعني عدم ضرب المثال أولى حتى يفهم الناس.