وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة | المبشرات | حـ 18 | أ.د علي جمعة

وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة | المبشرات | حـ 18 | أ.د علي جمعة - المبشرات
قال الله رب العالمين والصلاة والسلام على مبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته. حلقة جديدة من حلقات برنامج المبشرات مع فضيلة الإمام الأستاذ الدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية. تحدثنا في الحلقة الماضية عن التوكل على الله وكنا ما زلنا بعض الكلمات عن التوكل ونربطها بالإعداد والاستعداد إن شاء الله، تفضل يا مولانا، تحدثنا عن التوكل، وكنا نريد أن نربط صفات جيل النصر بالاستعداد للقتال "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة"، بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه، أنا لا أريد الجهاد الذي أمرنا الله به في قضية الصدام والقتال مع أعدائنا حيثما اعتدوا علينا، إنما أريد أن أفهم الجهاد في سبيل الله والتوكل على الله سبحانه وتعالى فيه بكل دوائره،
وعلينا أن ننظر إلى ما أخرجه البيهقي في الزهد وهو يقول عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه. وسلم رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر ألا وهو جهاد النفس. سُمِّيَ جهاد النفس جهاداً أكبر لأنه يشمل حياة الإنسان كلها، ولأنه يشمل كل المكلفين سواء من الذكور أو من الإناث، من الأقوياء أو من الضعفاء، ممن قاتل وممن لم يقاتل، في حين أن الجهاد الأصغر خاص بوقت الحرب. فقط ففي الزمن في الزمن هو أصغر من الجهاد الأكبر الذي يشمل العمر كله، وهو أيضاً من ناحية الأشخاص المقاتلين فقط يشمل المقاتلين فقط، في حين أن الجهاد الأكبر يشمل الأمة كلها. ولذلك يجب
علينا أن نفهم مفهوم الجهاد الأكبر، وأن نفهم أن له مفهوماً روحياً، وأن هذا الجهاد الأكبر. لا ينكر ولا يكر بالبطلان ولا ينحي الجهاد الأصغر أيضاً، بل إن الجهاد الأصغر هذا فيه كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية جهاد أكبر. كان شيخ الإسلام ابن تيمية لا يعرف هذا الحديث مرفوعاً فكان يقول إن هذا الجهاد الأصغر يشتمل على الجهاد الأكبر لأن الإنسان يجود فيه. يجود فيه بنفسه وهذا نوع من أنواع جهاد النفس، نعم، وهذا كلام صحيح. إذًا الجهاد الأصغر يعني أصغر في الزمن، يعني أصغر في عدد المنتمين إليه من المقاتلين، لأن الأمة كلها لا تقاتل، إنما الذي يقاتل نفر من الأمة يقومون بفرض الكفاية في صد العدوان ورد
الطغيان ورفع الطغيان. الجهاد "وجاهدوا في سبيل الله وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرسول شهيدا عليكم وتكونوا شهداء على الناس فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واعتصموا بالله هو مولاكم فنعم المولى ونعم النصير" جهاد الجهاد يكون أيضاً في بناء النفس وبناء الأمة وبناء المجتمع، وفي تنمية هذا وذاك جهاد، والاستمرار عليه جهاد، وأحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قلت. "وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين". جهاد رقم ثلاثة
عندما تحدث عن حج المرأة وسماه أنه جهاد وقال. وجهاد المرأة حجها، فكان حج المرأة جهاداً. وقال: "كلمة حق عند سلطان جائر"، وجعلها من الجهاد. خير الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر. إذاً هناك جهاد نفس، وجهاد قتال، وجهاد حج، وجهاد أمر بالمعروف ونهي عن المنكر، ورقابة ومسؤولية تقوم بها الأمة. كل هذا جهاد جميل. ما شاء الله، فجيل النصر الموعود ليس هو جيل نصر قاصر في ميدان الوغى، وما أكثر البؤر التي استُدرج
فيها المسلمون واعتُدي على أوطانهم في فلسطين وفي العراق وفي أفغانستان وفي غيرها في العصر الحاضر وليس في الماضي، وما أشد حاجتنا إلى الجهاد بصد العدوان ورفع الطغيان في القتال في الله الذين يقاتلوننا الذين أخرجونا من ديارنا الذين يعتدون على نسائنا وأعراضنا وأموالنا وأطفالنا وهويتنا وخصوصيتنا وديننا، فهذا أمر مُسَلَّم به، لكنه ليس هو الوحيد، بل هو دائرة من الدوائر المتعددة معنا من معانٍ كثيرة، كلها مرتبطة بالإنسان. ومعروف عندنا في دين الإسلام أن الإنسان قبل البنيان، قبل البنيان، وأنها قدَّمتُ السَّاجِدَ على المَسَاجِدِ ما شاءَ اللهُ، فإذَا
الإنسانُ وبِنَاءُ الإنسانِ وجِهَادُ الإنسانِ هو الأساسُ، وهو معنى قولِنا قبلَ ذلكَ وبعدَ ذلكَ: جيلُ النصرِ المنشودِ، النصرِ على أنفُسِنا حتى تستقيمَ لنا أحوالُنا، والنصرِ في عِمارةِ الدنيا، والنصرِ في عبادةِ اللهِ، والنصرِ في تزكيةِ النفسِ، والنصرِ أيضاً على الأعداءِ في الميدانِ. الوغى. كل ذلك نرجو نصر الله وتأييد الله ودفع الله لنا ودفعنا بالناس ودفع الناس لنا، وهكذا. فينبغي علينا أن نركز في هذا حتى لا ينحصر الذهن كما ينحصر الآن في كثير من الشباب وكثير من الطيارات، القول بالصدام فقط والقول بالجهاد
بمعناه الضيق الذي هو القتال في سبيل. الله من الذين يقاتلوننا والذين أخرجونا من ديارنا فقط، بل إن هذا يأتي في ظل بناء الإنسان وفي ظل هذا الإنسان الذي فتح نفسه على التوكل على الله من ناحية، وعلى أمة الدعوة التي هي كل البشر من ناحية أخرى. جميل أن يرى فيها مبتغاه وأنها هي محل دعوته ومحل لكلمة الله سبحانه وتعالى، يعني إذا يا مولانا فضيلتك أوضحت لنا أن إعداد القوة ليس فقط أن نحضّر سلاحاً، أعِدّ النشء يعني أعِدّ الإنسان. قبل البنيان، والإنسان قبل البنيان، والساجد قبل المساجد. نعم، جميل. وحامل السلاح قبل السلاح. صحيح، السيف يحتاج يداً تحمله طبعاً، وإلا فلا فائدة، ولذلك هذا. اليدُ
التي تحملُ يمكنُ أن تحملَ سيفاً وأن تحملَ قلماً، والقلمُ أحدُ لسانين جميل، والقلمُ أحدُ السلاحين. ما هو القلم؟ هذا يُبلِّغُ ولهُ قوةٌ، إنَّ من البيان لسحراً كما قال رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم. "نون والقلم وما يسطرون"، هذا أقسمَ اللهُ به، وأقسامُ القرآنِ تحتاجُ إلى أن نعيشَها. معه الجهاد له علاقة بالتوكل ما شاء الله. سؤالك في أول الحلقة سؤال مهم، يقول: ما علاقة التوكل بالإعداد؟ فأردت أن أبيّن أن الجهاد له معانٍ واسعة ومتعددة، وليست مقصورة كما يتبادر الآن أو
يُراد أن يتبادر إلى الذهن معنىً واحد، وهو اختزال الجهاد في القتال. جميل ما شاء الله. لأنه يتلو عملية ثانية وهي اختزال القتال في القتل. نعم، يذهب ليقتل! أجل، ويقع في الخوارج حقاً، الذين قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم: "من خرج على أمتي يقتلها، لا يفرق بين مؤمنها وفاجرها، فهو في النار". لا إله إلا الله، ثم يجلس يضع لي أمثلة. هنا ويضع لي تفجيراً في وسط ماذا يا بني؟ هذا قتل. نحن نسميه قتالاً وجهاداً، وبعد ذلك يسمي القتال جهاداً. فاختزل الجهاد في القتال، واختزل القتال في القتل، قتل الأبرياء. فبدلاً من أن يوجه وجهه للجنة، وجّهها للنار. وهذا ما نحذرهم منه ونكرر التحذير ولا نمل. لأننا نأمرهم بالمعروف
وننهاهم عن المنكر ونقول لهم أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض؟ فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما تعملون. اتقوا الله ولا تكونوا ممن قد أخذ بعض الكتاب وترك بعضًا، بل اقرؤوا المسألة في... كلها في الجهاد ما دام الله سبحانه وتعالى جعله كذلك فلا تختزل، وما دام القتال له شروطه وله مبادئه ومنتهاه وجعل الله له أحكاماً فلا تختزلوا، فأنت تختزل الجهاد في القتال وتختزل القتال في القتل، ثم بعد ذلك لا ينتج عملك إلا الشر وإلا التدمير وإلا التفجير وإلا هذه الأمور تُفكر في دين الإسلام بالسوء لا بالحسن كما أراده الله سبحانه وتعالى
أن يكون. إذاً، يا مولانا، حفظك الله وبارك فيك، لقد وضحت لنا أن الجهاد دوائر متعددة وليس فقط قتالاً، حتى لا ينتج عنه قتل الأبرياء. سنخرج للفاصل ثم نعود لنستكمل الحوار مع فضيلتكم. فاصل... نعود إليكم، فابقوا معنا. نواصل، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، عدنا إليكم من الفاصل، حلقة من حلقات المبشرات، برنامج مع فضيلة الإمام الدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية. نتحدث عن الجهاد وأن الجهاد له دوائر، وعن الإعداد، إعداد القوة لهذا الجهاد. تفضل يا مولانا، كنا نريد أن نتساءل يا مولانا، كان بعض العلماء قسموا... الإعداد يكمن في أن الإنسان يُنشأ أو يُربى على حب الله وحب الرسول وطاعة الله والرسول وطاعة أولي الأمر، ثم إن صلاة الجماعة تعوّد على الطاعة، وبالتالي عندما ندخل في الجهاد وفي القتال يكون هناك نوع من أنواع التعبئة، أو إذا جاز التعبير، تعبئة استراتيجية إسلامية. ما رأي فضيلتكم في هيا بنا نتأمل آيتين من الآيات التي لها تعلق بهذا المعنى الجميل ما
شاء الله، ونعيش معها وليس فقط أن نقرأ رسمها ولا أن نقف عند ألفاظها، بل أن نتصور حدوثها ما شاء الله، نتعايش معها، نتصور حدوثها ونعيشها، جميل ما شاء الله. الأولى: وقاتلوا في سبيل... الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين، أي أنه لم يقل اقتل القاتل. فالقتال لا يلزم منه القتل، لا يلزم منه القتل صحيح، لأنني يمكنني أن أقاتل وأكسر له سيفه فيُسلم، ويمكن هو عندما يُسلم أن يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله،
صحيح ويمكن أن تنتهي الحرب دون قتال، كما حدث في الهزيمة وكل شيء دون قتال، لكن يكون قد قاتلنا نعم، ولكن دون قتل أو قتال أو سفك دماء نهائياً، بدون سفك دماء، وأغار على بني المصطلق وهم غارون، يعني قبض عليهم هكذا فقط يا فتى. وهو ذهب وقبض عليهم جميعاً كما هم، فلم يحدث هكذا، اسمها غزوة، نعم، عنصر مفاجئ، فلم يستطع أحد أن يلحقه، لم يستطع أحد أن يلحقه من شيء، نعم لم يستطع أحد أن يلحقه من شيء، إذاً هي "قاتلوا" وليست "اقتلوا"، صحيح، جميل، ما شاء الله، طيب، "وقاتلوا" لكن "في سبيل فيكون ليس في سبيل المصالح، وليس في سبيل استعمار الأرض وأخذ خيراتها وظلم أهلها وبناء بلادنا كما حدث في المرحلة الاستعمارية، وليس
للهيمنة والسيطرة وأخذ آبار البترول وإحداث فوضى خلاقة - وما كانت الفوضى يوماً خلاقة حقاً - وليس لأي معنى من المعاني التي فيها طغيان وبغي وعدوان، بل هو إذن لا بد من قضية ندافع عنها، ولا بد من حق يكون هناك من أجل أن نسعى لتحصيله. ما شاء الله "وقاتلوا في سبيل الله"، هكذا هو. أبداً، "الذين يقاتلونكم". ما شاء الله جميل. حسناً، وما فائدة "الذين يقاتلونكم" هذه؟ أليس "قاتلوا في سبيل الله" وكفى؟ "ولا تعتدوا"، نعم. هو لم يقل هكذا عن هداية القرآن، ليس كذلك. فالقرآن يقول "الذين يقاتلونكم". إذًا ماذا
أفعل؟ القرآن هو الذي يقول هكذا، لست أنا. ليس من هوايتي ولا من إرادتي أن أستكين أو لا أقاتل أو ما إلى ذلك، كما يقول بعض المتصدرين للإفساد. لا، وإنما هذا... نص القرآن الكريم الهادي إلى الصراط المستقيم: "الذين يقاتلونكم" حسناً، "ولا تعتدوا" حسناً، وبعد ذلك "ولا تعتدوا" هذه تعني ماذا أفعل؟ قم بالسنة والقرآن أيضاً يفسرها "وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله"، ما شاء الله، يعني إذا استسلموا، قال: حسناً، إذا أراد أحد السلام، قم لنتوقف، نتوقف، ما قتلوا منّا ثلاثة من كبار قواتنا، نتوقف بعد أن أصبحت أيدينا هي العليا عليهم
ونقطع رقابهم. نتوقف بعد ما حدث هكذا. أنا واقف، سبحان الله، سيطر عليها. ويأتي في السنة وأسامة بن زيد حبيب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخالد في مرة أخرى في روايات يقتل من شهد. أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فيقول له: هل شققت عن قلبه؟ يقول: يا رسول الله، قالها تقيةً وقالها خوفاً من السيف. يقول له: هلا شققت عن قلبه. فيقول: والله وددت أن أكون لم أسلم قبل اليوم. يعني تمنيت أن أسلم الآن لأن هذه مصيبة كبرى من. غضب رسول الله، حسناً، وكيف يتم ذلك إذاً؟ عِشْها إذاً! أنا رجل قوي وانتصرت على خصمي. الذي ما زال قاتلاً
لأخي، فتكون الحياة هكذا حياة في رغبة للثأر بداخلي. نار من غير الكبت، أريد أن آخذ بثأر أخي. نار بداخلي، آه نار! القائد قال لي: توقف! هذا ليس لا شيء، إنه ربنا ونعم بالله. إنه يقول لي: "أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله". أنا أخوك في الإسلام الآن. نعم، أسلمتُ للتو. ما شاء الله، حقاً أنت يا فتى تتلاعب. بعد أن تلعب تقول لي المائتين. أنت قتلت أخي الآن. كنت تضربني. أنا الآن ومجروح كما ترى، طيب أنا منتصر ومكلوم، أخي ميت وقوي وقادر، وبعد ذلك يقول لي: احذر أن تقترب منه. نعم، أجل والله. حسناً، لقد أطعت هذا ولم أقترب منه. من أنا إذاً؟ ما شاء الله،
هذه هي الحياة! من أنا؟ إنه عبد لله، مقاتل في سبيل الله، إنه كثيراً، حسناً، وهذا، وصلت إليها كيف؟ هذه العسكرية هم موجودون في العالم كله في جميع الجيوش. اسألوهم ماذا يشعر العسكري وهو يقاتل وينتصر ويهيمن، إنه شعور فظيع بالجبروت وما إلى ذلك. لا، يجب أن يكون قد تربى منذ صغره على أن يقول: سمعنا وأطعنا، غفرانك ربنا وإليك المصير، حسناً وكيف هذا يعني أنه يجب علي أن أضع مناهج تعليم ومناهج تربية ومناهج تدريب لتربية أولادنا على الفارس النبيل. يجب أن أعرف صفات الفارس النبيل، وأعرف المناهج التي تؤدي
إليها، وأعرف كيف أطبقها، وأدرب المعلمين في المدارس على التدريب عليها أو التربية بموجبها. يا له من مجتمع بأكمله في هذه الآية، جميل، هذا لأصل إليها ولأصل إلى هذا الرجل الذي يمتثل إلى قوله، فإن بعد ذلك يقول ربنا سبحانه وتعالى: "فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين"، "فإن انتهوا فإن الله غفور رحيم". ما هذا؟ كيف أصل لهذا؟ هذا يتطلب تربية، حسناً، أين هي التربية؟ إذاً يجب أن تكون هناك مناهج، أين هذه المناهج؟ لابد من بحث وعلم ومعرفة إبستمولوجية. أين هذا؟ هذه حياة، هذه حضارة، هذا عمل جميل جداً لكي أُنفّذ هذه الآية. هذه التي أقصد بها معيشتي مع القرآن. يجب أن أعيش معه، أعيش
فيه، أرى كيف تُطبّق هذه الأشياء. الآية الثانية: "وأعدوا لهم". ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم. أعدوا لهم ما استطعتم من قوة. حسناً، هذا الإعداد للقوة التي هي من أي شيء؟ قوة ليست مُعرَّفة بـ"ال" بل هي نكرة "من قوة"، "من قوة" نكرة وليست معرفة، والنكرة تعم الإثبات أنها تشمل القوة النفسية والقوة المعنوية والقوة الاقتصادية والقوة العسكرية، وقوة المجتمع وترابطه وانتماؤه، وقوة التربية. نعم،
لأن الإنسان الذي ليس له أسرة وليس منتميًا ويأخذ الأمور باستهانة كيف سيدافع عن وطنه؟ الذين يقولون الآن: "لا داعي للأسرة، لا داعي للدولة، لا داعي للغة"، هذا كلام فارغ. حسناً، فهو إذن لن يدافع عن الدولة حقاً، وهذا يعني أن هناك غرضاً آخر وراء هذا الكلام، وهو أن لا أحد يستطيع المواجهة، ولا أحد يستطيع الدفاع عن نفسه، ولا أحد يستطيع أن يقول لا، بل يصبح الناس مجموعة من البشر تقول نعم فقط للقيادة المهيمنة التي لا نعرف إلى نعم، فإذا قال: "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة، من قوة"، حسناً، والذي ليس في استطاعتنا "لا يكلف الله نفساً إلا وسعها، لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت". ما شاء الله. حسناً، وعندها ماذا يحدث؟ يكون الله وكيلنا.
"الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم، جمعوا لكم". فاخشوهم فزادهم إيماناً وقالوا حسبنا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل، ما شاء الله. طيب، فليتدخل ربنا إذن في تلك الساعة لأن هذا قد فعل ما يقدر عليه والبيع يتوقف. هذا فعل ما يقدر عليه، والله سبحانه وتعالى هو فعّال لما يريد، أي وكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن فيصبح الإنسان لا يخاف، ويكون الواحد منا قادراً على التغلب على عشرة، ولا نخاف. "ترهبون به" هذا ما نسميه في لغة عصرنا الحالي بالردع. هل من الممكن يا مولانا أن نؤجل الحديث عن الردع "ترهبون به عدو الله وعدوكم" إلى الحلقة القادمة إن شاء الله. اسمحوا لي باسم حضراتكم أن نشكر الدكتور علي جمعة على هذا الجهد وعلى هذا العلم وعلى وعدٍ باللقاء إن شاء الله في الحلقة القادمة والحلقات القادمة. إلى ذلك
الحين أستودع الله دينكم وأماناتكم وخواتيم أعمالكم، والسلام عليكم ورحمة الله