والله أعلم| الدكتور علي جمعة يوضح لماذا يتمسك الأزهر بعدم تكفير جماعات التطرف؟ | الحلقة الكاملة

بسم الله الرحمن الرحيم وقل رب زدني علماً يا أرحم الراحمين يا أرحم الراحمين يا أرحم الراحمين افتح علينا فتوح العارفين. أهلاً بكم في "والله أعلم" لنسعد دائماً ودوماً بصحبة صاحب الفضيلة مولانا الإمام الأستاذ الدكتور علي جمعة، وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف. مولانا الإمام، أهلاً بفضيلتكم، أهلاً وسهلاً ومرحباً. فضيلتكم، هناك تساؤلات كثيرة، ربما تبدو كمطالب من بعض التنويريين من أصوات مختلفة، حول لماذا لا يكفِّر الأزهر
وعلماؤه تلك الجماعات التكفيرية التي تعيث في الأرض فساداً، وليس في أي أرض، بل في أرضنا، في محيطنا، في المجتمع المسلم. بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا. رسول الله وآله وصحبه ومن والاه صلى الله عليه وسلم. سبب هذا هو أننا أصحاب عقيدة واضحة. ثانياً: إننا أصحاب منهج علمي رصين. ثالثاً: إننا أصحاب تجربة واسعة مدتها ألف وخمسمائة سنة. والناس الذين يدّعون هذا يختزلون كل هذا في رغبة للتبرؤ من هذا الفعل. المجرم الذي تقوم به داعش أو القاعدة
الإرهابية أو أي قاعدة إخوانية أخرى، من شدة غضبهم على هذا التصرف الهمجي الدموي الدنيء الذي يفعلونه، فيريدون أن يصفوه بأقذع الألفاظ، وليس هناك في هذا، خاصة عند الشرعيين وعند المسلمين وعند العلماء، من كلمة أشد من "يا كافر"، فهي مسألة عاطفية لكن موقف. الأزهر بهيئة علمائه الكبار وأساتذته العظام وبمجمع بحوثه وبدفاعه عن أهل السنة والجماعة لديه منهج علمي ولديه تجربة تاريخية ولديه إدراك عميق للواقع
ولديه استشراف عميق للمستقبل. يعني هذا المنهاج يقوم على فضيلة لأكثر من ألف سنة يا مولانا. نعم، وأهل السنة لا يكفرون أحداً من أهل القبلة صلى أو... صام أو شهد أو كذا إلى آخره وإن وصفوه بأنه من المجرمين وإن أقاموا عليه العقوبات الدنيوية والحدود المرعية وإن حاربوه بالسلاح ولكن لماذا إذاً من الناحية العلمية لا يجوز أن نكفر الدواعش والقاعدة والإخوان وأمثال هؤلاء المجرمين لأننا لو كفرناهم لحققنا مرادهم انظر أول شيء كيف كيف إذاً يا مولانا، لقد انتهى الأمر، كفَّرني
وكفَّرك. إنه مجرد لعب أطفال، هذا ما يريدونه، هذا ما يريدونه. أنت لا تكفرني، حسناً، فأنا أكفرك أيضاً. دع هذا، وأنا سأدعه، إنه لعب أطفال في الشوارع. لكن المنهج العلمي يقول: هل شهد الشهادتين؟ نعم، شهد الشهادتين وصلى إلى... قبلتنا وصام شهرنا وزكّى زكاتنا وحج بيتنا، نعم هكذا يكون المسلم. كيف نكفّره إذن؟ لن نكفّره، بل سنجرّمه ونحاربه ونقتله ونقيم عليه الحد، وقد نصلبه في جذوع النخل، لكننا لن نكفّره. فعندما خرج
الخوارج وذهبوا إلى سيدنا علي وقالوا له - أليس الخوارج كلهم أهل النار كما قال سيدنا... قال: نعم، قالوا له: "طيب، ألا تكفرهم؟" فسيدنا علي فهم الحدث، إذ كانوا أذكياء وكانوا أصفياء أتقياء أنقياء. كانت القضية واضحة أمامهم، فقال لهم: "إخوة لنا بغوا علينا". الله! إخوة لنا بغوا علينا، بغوا علينا. عرّفهم، عرّفهم: أولاً، إنهم يقفون معنا ويصلون ويدخلون الكعبة ويخرجون منها. الكعبة ويذهبون ليصلوا ثانياً، يحفظون القرآن وما إلى ذلك وما شابه إلى آخره، إنما الفهم مع عماء البصيرة ومع الضلالة المستديمة
لهؤلاء الناس حيث أنهم لم يتدبروا القرآن. قومٌ فعلوا ماذا؟ يمكن أن يكونوا حفظوه، يمكن أن يكونوا قرأوه، لكنهم لم يتدبروه، ولذلك فسروه تفسيراً خاطئاً مخطئاً، خاطئاً مخطئاً، فانحرفوا عن الهداية. وضللوا عبد الرحمن بن ملجم هذا، فقد كان لديه كتّاب يُحفّظ الناس القرآن الكريم، وكان يعلّم الناس القرآن الكريم، وهو الذي قتل سيدنا (أنا مدينة العلم وعلي بابها)، (اللهم والِ من والاه وعادِ من عاداه)، كرم الله وجهه، ابن عم رسول الله، زوج بنت رسول الله، أبو الريحانتين. قتلوه
عبد الرحمن، قتله واسمه عبد الرحمن، لكن للأسف هو من كلاب أهل النار بقتله لسيد من السادة الكبار وأساس من أسس الدولة الإسلامية العظام، وخليفة من الخلفاء الراشدين المهديين الذين أمرنا رسول الله أن نتبع سنتهم. تخيل أن الذي قتله خارجي حافظ للقرآن من تلامذة معاذ. ابن جبل انتهى، ذهب معاذ وعلمه، ولكنه أبى. ومن أين جاء هذا؟ من مشرب النجس، لأنه لديه مشرب يحتم عليه أن يكون متكبراً، وأن يتدخل بين الناس وبين ربهم. هناك أناس
يريدون أن يصبحوا أنبياء، كأنهم يغارون من سيدنا النبي، لكن لو... قالوا هكذا، الناس ستكشفهم، فماذا يفعلون؟ يتظاهرون بأنهم خوارج هكذا يعني. أنتَ الآن تظن أن تفسيرك هذا هو التفسير الوحيد. قال: نعم بالطبع، والباقي كله ضلال. قال: أي نحن كفار؟ قال: نعم، أنتم كفار. نقول له: إذن أنت ضال، خلاص فهمناك وعرفناك. ولذلك الشخص الذي اسمه حسن البنا الذي أسس جماعة الإخوان هذه والعياذ بالله تعالى، لديه شيء يُسمى مؤتمر الشباب أو شيء من هذا القبيل، لديه مؤتمر خامس يقول فيه: "فإذا سألوكم من أنتم فقولوا نحن صحابة
رسول الله". هذه الكلمة مرت هكذا، ما دلالتها؟ لماذا استخدمها على هذا النحو في هذا التوقيت؟ هل هو شاعر؟ أنه هو رسول الله، رسول العناية الربانية الذي سيُخرج الناس من الظلمات إلى النور، والذي سيحكم به ويُعيد الخلافة ويفعل لا أعرف ماذا. رأى نفسه ذا حول وقوة، رأى نفسه قد نجح منذ سنة ثمانية وعشرين عندما افتتح متجره هذا في الإسماعيلية، وبعد ذلك أصبح لديه ألفا مكان وصار أتباعه بالآلاف. ومئات الآلاف اغترب نفسه ففكَّر روحه أنه هكذا إلى أن يقول لأتباعه كلمةً، طبعاً يُدخِل على الناس أنه يعني: "أنتم صحابة رسول الله"، أتفهم؟ الذي سيُحسِن الظن به سيُمشيها هكذا، أما عندما تمسك كل تاريخ الحياة
هكذا وكل الحول والقوة التي كان يعتقد أنه فيها. تجد أنها سيئة جداً، نحن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، الجماعات الإرهابية لا نستطيع أن نكفرها بل نخطئها خطأً واسعاً ونوقع عليها العقوبة الرادعة ونرفع ضدها السلاح حتى ترتدع إلى أن يصل الأمر إلى إقامة الحدود وأخذ القصاص بل والحرب والقتال، لماذا لا نستطيع أن نكفرهم حتى لا. نتساوى معهم لماذا؟ لأن - انظر هذه الكلمة التالية التي هي خطيرة جداً - لأن تكفيرهم لن ينهي تطرفهم. افترض
أنني كفّرته ولم يحدث شيء، ولن ينتهي التطرف بشيء، وربما يا مولانا يزيد ذلك الأمر. طبعاً هو يريدني أن أكفّره، فهو يأتي ليل نهار يقول: يا رب كفّرني حتى يصبح لدي مبرر لتكفيره، فنتساوى. أنا وهو وهذا ما لا يكون أبداً، وهكذا يحدث خلل، لأنه بعد ذلك سنقول: حسناً، من هو المسلم؟ نحن لدينا شيء واضح: من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وأقام الصلاة، وآتى الزكاة، وأشياء أخرى. فالطرف الآخر سأقول له: من هو المسلم؟ إذا قلتُ هذا الكلام، ماذا سيقول لي؟ حسناً، إن داعش هكذا، فماذا عن المسلم إذاً، وهكذا فتضيع القضية وتحدث إرباكاً يا مولانا. إنها تحدث إرباكاً ليس فقط في عصرنا هذا، بل تحدث إرباكاً في تلقينا عن القدماء.
في تلقينا عن القدماء لأننا نقول مثلاً "ولم يحارب المسلمين"، فيقول لي: حسناً، وماذا عن معاوية؟ نعم، لقد حارب سيدنا علي، حسناً. والسيدة عائشة، حسناً، ألم تحارب سيدنا علي؟ هل ستنكر حقائق واقعة تمثل مشكلة كبيرة؟ إذاً يجب علينا أن نكفّر. وإذا كفّرتهم وكفّرت أحدهم، فنحن أنفسنا كأمة سنتشرذم. هذا أولاً، وثانياً: سنتمسك ببعضنا مجدداً على أمور قديمة لم نكن طرفاً فيها، فنحن جئنا بعدها بأجيال. وقرون ومئات السنين التي يدعون إلى هذه الدعوة قد يكون غافلاً عما نذكر وقد يكون قاصداً وهذا أخطر وأمر سبيلاً من الأول. لا، لا نستطيع أن نقوم بهذا، وما ذهب إليه الأزهر الشريف
دائماً إنما هو ذهب إليه لأنه يقدم الوعي قبل الكلام وقبل السعي. حسناً، البعض يقول هناك حديث. سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "سباب المسلم فسوق وقتاله كفر". أليس ما يحدث أنهم يقتلون المسلمين ويؤذون المسلمين ويفجرون المسلمين؟ عندما تعلمنا في الأزهر كيفية فهم النصوص، فهمنا أن هناك فرقاً كبيراً بين الحدث "كفر" و"فسوق" وبين اسم الفاعل "كافر" و"فاسق". هل قال رسول الله صلى الله عليه... وسلم من سبَّ فهو فاسق، ومن فعل كذا فهو كافر. أبداً يقول: من
ترك الصلاة فقد كفر، يعني فعل فعلاً من أفعال الكفر، لكن لم يقل: من ترك الصلاة فهو كافر. وشرحوا لنا ما الفرق بين "كفر" التي هي فعل تشتمل على حدث وتشتمل على زمن، نعم. "كافر" التي هي اسم فاعل وأن "كافر" هذه تفيد الدوام والاستمرار وأن "كفر" هذه تفيد اتصاق الحدث بالزمن فهو فعل يفيد التجدد، فهذا يفيد التجدد، والتجدد معناه شيء وانتهى، شيء وانتهى، شيء وانتهى. و"كفر" فعل ماضٍ بالفعل يا مولانا. في الحديث "كافر" هذه تفيد الثبات، فتخيل إذاً أنها "كافر". التصقت به من قال لأخيه
يا كافر، آه واحذر، لقد عاقبه كي لا يفعلها أبداً. يقول: "فقد باء بها أحدهما" حتى أنه لم يقل أنه هو الذي كفر أو الآخر هو الذي كفر. انظر إلى الدقة: "فقد باء بها أحدهما". فكل هذه الأمور علمتنا عند الآخر. نحن أول شيء علمونا في الأزهر يا... أخي، إنَّنا نقف عند الكلمة ونتعمق فيها. علَّمونا أن هناك فارقاً بين الاسم والفعل والحرف، وعلَّمونا حروف المعاني ثمانين حرفاً، وعلَّمونا وعلَّمونا. أصبح معنا أداة للتفسير، والذي ليس معه هذه الأداة للتفسير صار يخبط عشوائياً. يعني هل هذه من الشروط التي دائماً يتحدث عنها فضيلة مولانا؟ لا بد من... توافر هذه الشروط لكي نفهم
ولكي نعي التكفير الذي سيجرنا ويجر المجتمع كله إلى أمور لن نرد عنها، هذا أكيد. لا بد أن تكون هناك فتاوى بذلك، لكن ليس من أي شخص، بل يجب أن يكون متخصصاً حتى يجد مصداقية عند الناس. ليت هذه الخطوة تتم وتكون على وجه السرعة العاجلة فقط. يكون المجتمع مقتنعاً بهم أو تكون هذه الفتاوى حقيقية فعلاً وتكون للجماعات المتطرفة فقط لكن لا تُفعَّل، يعني يكون هناك وجه آخر للموضوع أو تستغله بطريقة أخرى. يعني أنا لا أُخرجه، لم
أجد مساحة للحوار تماماً، أنا أقول عنه إنه متطرف، ولكنني سأجلس مع هذا المتطرف وسأتواصل. إن رجوعه هو المكسب عندي، لكن طرحه على الجانب الآخر سيجعله يقف موقف العداء. فهل وصل الأمر إلى موضوع من يقضي على الآخر؟ هذا احتمال بنسبة كبيرة لأن الناس الآن لم تعد تعرف ماهية الدين، وكيف نستطيع أن نبرئ الإسلام من الأعمال. الإسلام ليس بحاجة إلى تبرئته من أعمال المتطرفين، فعندما أنسب عملاً للإسلام والعمل نفسه هو الدخيل على الدين، فالإسلام بريء من التطرف أصلاً، لأن تقاليده وعاداته والسلوك الذي يظهر على أي مسلم - بالطبع يجب أن تكون هناك توعية سليمة مع العلماء. أزهر متخصصون ويكونوا علماء فقه في الدين، وليس أي شخص يتحدث عن الدين. أنا لا أرى أن الإسلام متهم أصلاً في التطرف، أنا أرى أن أي عنف هو المتهم بالتطرف. الإسلام ليس له علاقة بهذا الموضوع، لكنهم يتخذون الإسلام وسيلة لهم، لكن الإسلام
لم يكن يوماً دين. الإسلام لا ينص على ذلك إطلاقاً أن نقتل أحداً، هو طبعاً الإسلام بريء منهم. يعني للأسف النسبة تُستغل لنوعيات معينة وتتكلم في قضايا معينة. هذا هو سي بي سي، كل مسلم هو محترف. أيها حسام سي بي سي، الشكر لزميلك يا حسام على هذا التقرير مولانا الإمام. كيف ترى هذه الإجابات المتنوعة والتي فيها ربما وعي كبير لبعض هذه الدعاوى، والبعض أيضاً يقف مستفهماً يريد أن تتضح له الصورة أكثر. هناك فرق بين إصدار فتوى أو إصدار حكم أو كتابة حكم
في الكتب على سبيل أنه حكم شرعي منسوب إلى الكتاب والسنة، وبين حكم القاضي. هم يخلطون. من يقول نُكفّرهم ونفعل كذا وكذا إلى آخره، هناك فرق بين الفتوى وبين القضاء. القاضي لديه فرصة لأن يسمع ولأن يرى هل هذا الإنسان الذي أمامه والذي يسمعه ويتيح له الدفاع مرة والثانية والثالثة قد أتى هذا الفعل الذي هو في ظاهره تكفير قاصداً عالماً مختاراً. القاضي يفكر هكذا، يبحث في القصد، يبحث في... العِلم يبحث في الاختيار، فلو قال: "نعم، أنا أتيتُ وسجدتُ
للصنم قاصداً عالماً مختاراً"، يُعرض عليه التوبة، وليس يُحكم عليه هكذا. يُعرض عليه التوبة ويُقال له: "حسناً، هذا خطأ"، ولا يُقال له: "أنت كافر" مباشرةً، ولا يُصدر عليه الحكم بهذا الشكل قاصداً عالماً مختاراً. وبعد ذلك له أن يزيل الشبهة وبعد ذلك يقول له: "حسناً، أنت الآن سجدت للصنم يعني أنت وثني". فقال له: "لا أبداً، أنا سجدت للصنم هكذا سبيل هزل، يعني أمزح أو أفعل كذا". يقول له: "إذن أنت غير قاصد" ويعتذر له، أي يبحث عن عذر له، وليس يعتذر، يعني يقول... له أنا آسف لا يبحث عن عذر له أنه فعل هذا عن غير وعي أو عن غير علم أو عن غير اختيار إلى آخره، فالذي
يحكم طبعاً وميزة الحكم ماذا؟ بالإضافة إلى الأناة أنه شخصي، يعني انظر الفرق بين أن تقول هكذا: داعش كفار، القاعدة كفار، الإخوان كفار مثلاً، وبين أن تقول... إن فلاناً ارتكب فعلاً مكفراً ونريد التحقيق فيه، فيتم التحقيق ويأخذ جميع فرص التقاضي من الدفاع ودرجات التقاضي وسماع المتهم وإقامة الأدلة والقرائن إلى آخره. ففي هذا أولاً: أنه حكم شخصي، وثانياً: أما الفتوى وأما الأحكام القضائية فلا يمكن أبداً أن نخرج عنها. عن منهج أهل السنة والجماعة بفرقة
الأمة وعقاب المجرم على جريمته بتكفيره لأن التكفير هذا جريمة أخرى. مولانا الإمام، هل هذه الجماعات، جماعات التطرف، تتجه إلى بعض الكتب الموجودة في التراث ككتب ابن تيمية وتنتهج منها وتفهم منها وتستقي منها كل ما تريد وتبدأ هذه الجماعات في تطبيق ما... يقرأون بفهمهم هم، إذ لديهم مشكلة مع فهم النص سواء كان هذا النص قرآناً أو كان هذا النص من السنة أو كان هذا النص منسوباً إلى إمام من الأئمة أو كان هذا النص منسوباً إلى عالم من العلماء كابن تيمية. هم لديهم مشكلة في فهم النص، إذ لم
يتعودوا على هذه الخطوات. كان مشايخنا دائماً يقولون لنا أن أول شيء وأنت تفهم المسألة هو التصوير، وبعد فترة التصوير يأتي التكييف، وبعد فترة التكييف يأتي الحكم، وبعد الحكم التدليل عليه، وبعد ذلك التعليل له، وبعد ذلك البناء عليه. علمونا كيف نسير في هذه الخطوات، وبعد أن نسير في هذه الخطوات قالوا لنا أن لدينا مستويات التحقيق. في التدقيق، في الترقيق، في التدقيق، في التنميق، في التزويق، خمس مستويات، هذا بعد تطبيق الخطوات
الأولى هذه، وبعد ذلك هذه الإجراءات، الإجراءات الأولى التحقيق، نعم، سوقوا الأمر بدليله، التدقيق سُقْهُ بدليل آخر، أنت هنا اكتفيت بدليل واحد وأحضرت علة واحدة، لا، أحضر لي دليلاً ثانياً إلى جانبه، التحقيق والتدقيق والترقيق اجعلها في... عبارة جميلة هكذا، والتنميق يجعل هذه العبارة الجميلة قابلة للحفظ والتزيين، واجعلها موزونة فيها إبداع. هل تنتبه؟ "الميسور لا يسقط بالمعسور" جملة جميلة، نعم، "الميسور" و"المعسور" تجعلها موزونة هكذا. هل تنتبه؟ الله! هذا هو التزيين. فإذا كان هذا الترتيب الذهني الذي يُمرِّنون فيه ويدربون عليه الأطفال، فإنه مما يفتقده
الأطفال. يا للعجب! تخرجت من الهندسة والطب وغيرهما، ثم أهملت كتب ابن تيمية والقرآن الكريم وابن كثير وكتب فلان وعلان. لماذا تفعلون هكذا الآن؟ أنتم في الأصل لا تفهمون الكتاب ولا السنة ولا تفهمون كلام الأئمة ولا كلام العلماء، فالذي فعلوه مع... القرآن والسنة، فعلوا ذلك مع ابن تيمية. سأعطيك مثالاً بسيطاً لطيفاً يوضح الأمور كلها. يتحدث ابن تيمية عن التتار وأن لديهم شيئاً يُسمى "الياسق"، وهذا الياسق يعني القانون الذي يحكمهم، وكان قانوناً
صعباً بعض الشيء، لكنه نابع من تفكيرهم؛ فمن يرتشي يُقتل، ومن ينظر إلى شيء محدد يضعونه في يديه. يُقتل الذي يفعل ماذا؟ يُقتل هكذا؟ أهذا كله حكم بغير ما أنزل الله؟ حسناً، مقابل هؤلاء التتار الذين أراد ابن تيمية أن يجاهدهم والذين أراد أن يقاتلهم، كان يوجد المماليك. من هم هؤلاء المماليك عندنا؟ كان في مصر يقال: ما هذا؟ لماذا هو جميل هكذا مثل المملوك السكران؟ هو المملوك سكران؟ نعم، المماليك كانوا سكارى، هل تلاحظ؟ وهل هذا السكران تقي؟ لا. حسناً، إذاً هل ينبغي أن نغضب
من المماليك؟ فابن تيمية يقول: احذروا أن تغضبوا منهم، فهم حماة الإسلام، هل تلاحظ؟ لذا نقف مع المماليك ضد التتار، لأن هؤلاء المماليك هم القوة التي ستُلحق الأذى [بالعدو] وما إلى ذلك. ثم يأتي الأولاد ليطبقوا [هذا المبدأ]. يقومون ويقولون ما هذه حكومتنا إنها التتار، وجماعتنا هذه هم المماليك، هيا إذاً كما قال ابن تيمية لتذهب المماليك لتحارب التتار الذين هم الحكومة. فقلنا لهم: لا، تمهل، هؤلاء المماليك هم الحكومة التي لا تعجبك، وهي التي تحفظك، والتي صنعت لك دستوراً تقول فيه. وتقول وتقول وتقول والتتار هؤلاء الذين هم الصهاينة أو الذين كذا إلى
آخره، فأنت يجب عليك أن تقاتل تحت لواء حكومتك هذه لا أن تقاتلها، لأنك إذا قاتلتها فكأنك تقاتل المماليك الذين يقول عنهم ابن تيمية: لابد أن نلتف حولهم ونقوي من عزيمتهم ونكون تحت رايتهم، وهكذا أبداً، فكل المسائل بعد ذلك في... كل المسائل على هذا الفهم يجعلها هكذا وهو مقلوب، هذا فهم مقلوب تماماً، ولذلك عندما عقد الشيخ عبد الله بن بيه مؤتمره في ديار بكر ووضح هذه المسائل وغيرها كثير، لدرجة أنه أحضر مخطوطات لابن تيمية، فعندما يأتون لنقلها ينقلونها بالتحريف، يعني "لا يُقتل" فيكتبونها "يُقتل"، إلى هذا الحد. وكل
هذا موجود في الكتب وكل هذا يعرفه العلماء، وهؤلاء الشباب يضحكون على الناس مع مزيد من التفاصيل ومع مزيد من الأمور التي لو تبقى حول أسئلة كثيرة. سنعود بعد الفاصل إليكم، ابقوا معنا. أهلاً بحضراتكم، إذاً في هذه المسألة هم افتروا على ابن تيمية. هؤلاء يعني المتأمل في المسألة... كانوا أطباءً ومهندسين وذوي تخصصات مختلفة تمامًا عن تخصصات فهم الدين، فلماذا تركوا هذه التخصصات التي كان بإمكانهم من خلالها أن يخدموا الإسلام؟ فأضروه من خلال ما هجروا من تخصص وذهبوا إلى تخصصات لا ينتمون إليها، لأنهم أرادوا
الزعامة، وشهوة الزعامة هي التي دفعتهم إلى ترك تخصصاتهم والتجرؤ على مجال. هم دائماً وغيرهم يصفونه بأنه ليس علماً، فهو السبب في تجرؤ الناس على القول بأن الدين ليس علماً. الدين علم وهم كاذبون. التدين ليس علماً، التدين سلوك، لكنهم - الطبيب الذي فيهم أو المهندس - عندما فشل فشلاً ذريعاً في الهندسة وأصبح ثانوياً في هذا المجال، والطبيب الذي فشل في الطب وأصبح ثانوياً. في هذا المجال ولم يشعر أنه متميز في مجاله، انتقل إلى ما يريد أن يتميز فيه، وهذا هو الذي
حدث عندما وقعت الفتنة في سنة إحدى عشرة، وخرج أناس كثيرون من المجرمين الجنائيين واحتموا بأرض سيناء، فالشباب هناك جعلوهم أمراء لمجموعات وما إلى ذلك، فانتهى الأمر، أي أنه كان محكوماً عليه. بالأمام وهرب ولم يستطع أحد أن يرجعه إلى محبسه وأصبح أميراً الآن ينظر فيطاع فهكذا إلى آخره يضحي بحياته من أجل هذه الشهوة وهذا المكان. فأحبوا الزعامة وأحبوا التصدر قبل أن يتعلموا وتصدروا قبل أن يتعلموا فضلوا وأضلوا. فهذا سبب تركهم لتخصصاتهم ودخولهم في هذا
المعترك وهو حب الزعامة مولانا. الإمام أحياناً تأتي على ألسنتهم بعض، أو هناك من يقول إنهم يرون بعض النماذج في تاريخنا الإسلامي نماذج اتسمت بالعنف كالحجاج مثلاً، ويرون فيه يعني مثلاً لهم أو نموذجاً لهم. لماذا لم يفعلوا مثله؟ ولماذا هو الذي يقول هكذا؟ نسألهم: لماذا لم يفعلوا مثله؟ ولماذا الحجاج قاتل وبغى؟ وكذلك لمصلحة الحكم لكن الحجاج كان مع الحكام منتظماً في حكم دولته يعني انتظم داخل دولته. إخوانهم الحجاج يريدون تقليده فيجب أن يلتزم بالحكومة. إن عبد الملك بن مروان هو الذي صنع هذه القصة
كلها، فالحجاج هذا هو يد عبد الملك بن مروان وليس يد الخوارج. نعم، فهموا الآن. ذهبوا إلى الطرف الثاني، فالذي يقول إن هذا رجل مخطئ، على فكرة يعني، هم لا يقولون ذلك. يعني هل يوجد أحد منهم يقول إنني أتصرف مثل الحجاج؟ لا أعتقد، لأن هذا تحليل شخص من خارج الدائرة، ربما من خارج الدائرة يحلل ويرى ويقول إنهم يرون شخصاً. مثل الحجاج الذي كان يقتل وما إلى ذلك، حسناً، افترض، نعم، أنه كان يقتل، لكنه كان يقتل بالحق وليس بالباطل. كان يقتل دفاعاً عن الحكومة، كان يقتل دفاعاً عن الشرعية، كان يقتل دفاعاً عن هذا. وبالرغم من أنه كان مع الشرعية، إلا أنهم اعتبروه مخطئاً لأنه أسرف في القتل، وليس... لأنه قضى على الشيعة وقضى على طوائف الروافض وقضى على طوائف المفسدين
وعلى السبئية وكذلك الخوارج والسبئية وإلى آخره، قضى عليهم الحجاج وبدأت الحضارة من بعده. لم يلوموا الحجاج على هذا الأمر، إنما لاموه على أنه أسرف في القتل. إسرافه في القتل هو الذي جعله يقتل سعيداً. بعد سعيد بن جبير وحينما كان يُقتَل قال: "اللهم لا تمكنه من أحدٍ من بعدي". فلما قتل سعيداً بجبروت هكذا وعنجهية وهو يعني واثق من نفسه جداً، نعم هذا طغيان، أي وصلت حالته إلى مرحلة الطغيان، فأصيب بالمرض ومات بعد ثلاثة أيام، وكان في الثلاثة أيام تلك. يبكي ويقول ما
لي وما لي سعيد، هذا شعور بأنه أسرف في القتل، والله تعالى يقول: "فلا يسرف في القتل إنه كان منصوراً". هذا صاحب الحق، عندما يسرف صاحب الحق في القتل مثل بعض إخواننا في الصعيد، بعض إخواننا في الصعيد يسرفون في الثأر، في الثأر فيقتلون كبير العائلة، ليس... يُقتل القاتل مثلاً يعني مصيبة سوداء أنه يقتل القاتل، ومصيبة أشد سواداً منها أن يُقتل كبير العائلة. على فكرة، يعني الاثنتان مصيبتان، لكن واحدة ستُدخله النار والثانية تجعله خالداً فيها أبداً. فكل هذه المصائب التي فعلها الحجاج، لم يُعترض على أنه دافع عن الشرعية، ولم يُعترض على أنه قاتل الخوارج. وأنهاهم وقاتل الآخرين وأنهاهم، بل اعترض
عليه أنه أسرف في القتل مخالفاً بذلك كتاب الله. مولانا يا مولانا الإمام، يعني مهما دار من حوار أو من كلام عنهم، وسنسمع منهم تصريحات، يبدو التصريح الأكثر شهرة عنهم أننا نقوم بذلك دفاعاً عن الشريعة الإسلامية، والشريعة غير مطبقة، وسنظل على هذا الأمر. حتى يتم تطبيق الشريعة الإسلامية هؤلاء كاذبون لأن الواقع عندنا خمسة أشياء معنى. أولاً: دستورنا ينص على أننا نلتزم بالإسلام وبالشريعة الإسلامية وبأن هذه الدولة دولة إسلامية دينها الإسلام ولغتها العربية وهويتها الحضارة الإسلامية
التي يندرج تحتها المسلم والمسيحي واليهودي وكذلك يتكلمون بلسان العرب. فالدستور أولاً، ثانياً: نحن عندنا أربعون. قانونان أُخذا مباشرةً من الفقه الإسلامي، وعندنا القانون المدني عندما كتبه العلامة عبد الرزاق باشا السنهوري كتبه وقد صاغه بصياغات تتوافق مع ستة عشر دولة، ستة عشر تشريعاً في العالم، حتى يكون مناسباً للعصر وفي نفس الوقت ملتزماً بالفقه الإسلامي، ولما جاء في مادة من المواد وقال فيها مادة واحدة. أنه الديون تكون عليها فوائد خمسة في
المائة، فقالوا: حسناً، وهل هذه شريعة إسلامية أو فقه إسلامي أن عندما يأتي القاضي يحكم بخمسة في المائة من الديون؟ قال: نعم، هذه ليست ربا. آه، هذا كلام جديد الآن، وذهب وألّف ستة مجلدات لإثبات أن هذا ليس ربا، فيكون هذا... اجتهاد أخطأ أو أصاب ولكنه اجتهاد، اجتهاد على معالم، إما أن يأخذ أجراً أو يأخذ أجرين لأنه عالم. يا مولانا، أنا أعلم أنه مسلم، عندما أحضرنا ديوانه وجدناه كله إسلاميات، لأنه رجل من أهم المسلمين. عندما حصل على الدكتوراه من السوربون، حصل عليها في موضوع الخلافة الإسلامية وكيفية قيامها مرة أخرى. أخرى بتنظيمات جديدة مثل منظمة التعاون الإسلامي أو مثل الاتحاد الأوروبي أو مثل تكتلات، هذه تكتلات. فحضرتك هذه
هي القوانين الخاصة بنا إسلامية. عندما جاء إسماعيل باشا ليخرج من الدولة التركية لم يخرج من الإسلام، وجمع العلماء من أجل هذا. الخديو إسماعيل، الخديو إسماعيل، فقال له أحدهم: "طيب ما..." اتخذ الفرنسيون قانونهم الملكي، ما جعلنا نتبنى نظام الملكية للخروج من سيطرة الدولة العثمانية. فترجموا القانون الفرنسي وعرضوه على مخلوف المنياوي، فألّف المقارنة بين هذا القانون وبين المذهب المالكي. وفي النهاية، كان أغلب ما هو موجود في القانون الفرنسي متوافقاً، ولكننا لم نطبق القانون الفرنسي في حياتنا قط، وإنما أخذنا الفكر للمدرسة.
الفرنسية وهي مدرسة شخصية يُعبر عنها عندنا في ديننا مذهب الإمام مالك، ومدرسة الموضوعية الألمانية يُعبر عنها في ديننا مذهب الإمام الشافعي. نحن من ناحية الدستور ومن ناحية القانون مسلمون. تعال الآن إلى الواقع الذي يعيشه الناس، تجد الناس تصلي وتصوم رمضان وتحج كل سنة، وعندنا مؤسسة للحج وهكذا، حسنًا تعال. بعد ذلك في الخطاب السياسي، أحضر مثلاً عبد الناصر الذي له خطاب سياسي ديني، وأحضر مثلاً السادات الذي له خطاب سياسي ديني إلى أن سمى البلد بلد العلم والإيمان ورئيس العلم والإيمان وما إلى ذلك. أحضر مثلاً حسني مبارك ستجد أن لديه كتاباً كهذا، وفي
كل الخطط إذا قرأتها ستجد أنها برنامج للنهضة الذي... فشل فيها مرسي ودعا أنه لا يوجد شيء اسمه نهضة ولا شيء موجود في هذه الخطابات، فالخطاب السياسي يعني أننا نمتلك رقم خمسة. التاريخ يقول إننا مسلمون، والواقع يقول إننا مسلمون، والدستور يقول إننا مسلمون، والقانون يقول إننا مسلمون، والحياة تقول إننا مسلمون. للأسف! هؤلاء كاذبون، إنهم يكذبون على الله ورسوله وهم أناس سيئون. عندما تكلمت، كان هذا ردي على المخرف القرضاوي، وقال: "حسناً، هناك مادة رقم كذا في كذا مخالفة للشريعة الإسلامية". فقلت له: "نحن لسنا جماعة يا قرضاوي، إذا كنت
تريد أن ترى هل الدية مخالفة أم غير مخالفة، فارفع أمرك إلى المحكمة الدستورية العليا والدستورية". العليا تبحث وتنظر هل قال بهذا أحد من فقهاء المسلمين، هل هي تعارض المبادئ الإسلامية، فتبين أنها تعارض في صدر حكمها بإلغاء المادة وعدم دستوريتها، فنصبح نحن مسلمين مئة بالمئة، لكن هذه ليست ما تريده وأنت جالس في قطر تتحدث مع حكام قطر في الذي أنت... يوجد من يقول أن هناك مادة مخالفة للشريعة، إننا لدينا نظاماً يا قرضاوي، وليس لدينا جماعة بثلاثة صاغ قاعدة أخزاها الله تسعين سنة. يا قرضاوي عيب، ألا تستحي؟ ولذلك فإن
هؤلاء الناس كاذبون، يفترون على الله وعلى رسوله وعلى الواقع المعيش كذباً متبجحين، لكننا مسلمون والحمد لله رب العالمين حضارة. ودينًا وواقعًا ودستورًا وقانونًا وتاريخًا وخطابًا سياسيًا، أخص عليهم، أجل، مولانا الإمام الأستاذ الدكتور علي جمعة وأعضاء كبار العلماء بالأزهر الشريف، شكر الله لكم. أهلًا وسهلًا بكم، دمتم في رعاية الله وأمنه. إلى اللقاء.