والله أعلم| فضيلة الدكتور علي جمعة يتحدث عن حقيقة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر| الحلقة الكاملة

بسم الله الرحمن الرحيم، بِاسمِكَ اللهم نمضي على طريقك، فثبت اللهم أقدامنا على طريقك. أهلاً بكم في هذا اللقاء الذي يتجدد دائماً ودوماً مع صاحب الفضيلة مولانا الإمام الأستاذ الدكتور علي جمعة، وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، لنتعرف معه ومنه دائماً على هذه المبادئ القرآنية وكيف تنتشر في ربوع حياتنا. وفي نواحيها المختلفة لكي نصلح هذه الدنيا بهذا الدين. مولانا الإمام أهلاً بفضيلتك، أهلاً وسهلاً بكم، مرحباً. يقول ربنا: "كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر
وتؤمنون بالله". لماذا كان هذا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من المبادئ القرآنية؟ بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام. على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه، عندما نزل القرآن تساءل اليهود ومن كان حاضراً من أتباع الديانات السابقة في محيط المدينة ومكة وما إلى ذلك، ما الذي أتى به محمد من جديد؟ إنه يتحدث عن آدم وقد تحدثنا عنه، ويتحدث عن موسى وقد تحدثنا عنه، ويتحدث عن إبراهيم وقد تكلّمنا عنه، فما الجديد الذي جاء به هذا الدين؟ وكأنّهم يقولون أنّ كل دين يجب أن يكون هناك باعث له، يجب أن يكون هناك حافز، يجب أن يكون هناك سبباً لإتيانه. فما
السبب في إتيان هذا؟ وهذا كالناموس الذي نزل على موسى من حلالٍ وحرامٍ وتشريعٍ وكل هذا. فبيَّن لهم الله سبحانه وتعالى في سورة آل عمران أن هناك أم الكتاب، وأم الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب، لكن هناك أخرى متشابهات. أم الكتاب هي سبب هذه البعثة، هي سبب بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، أنه بُعث بأم الكتاب، لكنه لما كان في موكب الرسل الكرام من من آدم إلى خاتمهم صلى الله عليه وآله وسلم، فقد
أتى أيضاً بما يشبه ما أتى به وأخَّر متشابهات، فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله، وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم، يقولون كل من عند ربنا، وما يتذكر إلا أولو الألباب. آمنا به كل من عند ربنا، آمنا به كل من عند ربنا، وما يتذكر إلا أولو الألباب. إذًا فهناك أم الكتاب وهو الجديد في المسألة. أم الكتاب هناك تشريع جديد لم يكن من قبل. من ضمن هذه التشريعات الجديدة التي لم تكن من قبل أن يُكلَّف كل مسلم كبيرًا كان. أو صغيراً رجلاً كان أو امرأةً بأن
يسجد لله عدداً من السجدات كل يوم وأن يركع لله عدداً من الركعات كل يوم وأن يصوم شهراً. في الأمم السابقة كان يكفي أن يقوم الكهنة أو أن يقوم ما يسمى برجال الدين أو العبّاد عن الأمة بهذا الدور، يقومون بهذا الدور بهذا. الدور نيابة عنهم يعني كأنه فرض ما نسميه فرض كفاية، هذا في شريعتنا فرض كفاية نعم، لكن هذا أصبح هناك فرض عين، وفرض العين كان في السابق في الطرق يترك السرقة، يترك الزنا، يترك القتل، يترك الكذب، يترك شهادة الزور، لكن أصبحنا هنا في الأفعال أيضاً وهي واجبة على كل أحد وليست على سبيل النافلة ولا على سبيل يعني
ليس هناك دين في الأرض يسجد لله الآن، كل الناس هكذا تسجد لله. من الممكن أن عابداً من العباد في معبد من المعابد يسجد لله، هذا وارد وموجود في الأمم السابقة ولا حقيقة، ولكن كل الناس هكذا يكون عليها خمس. صلوات في اليوم والليلة تكون لها شروط لهذه الصلاة، ومن ضمن هذه الشروط وضوء ونقض وضوء وغير ذلك إلى آخره. ليس هناك أمة تسجد لله في الأرض الآن إلا هذه الأمة الخيرية المرحومة، وهذا في أم الكتاب لم يكن من قبل. كيف يهدي الله سبحانه وتعالى لهذا الدين الذي فيه تلك. الصعوبة هذه صعوبة، وربنا يقول كذلك، وأنها على الصلاة لكبيرة إلا على الخاشعين، إذاً فهو
أراد أن تكون أمة من الناس، هذه الأمة خاشعة له سبحانه وتعالى، وأن هذه الأمة هي أمة سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم، من ضمن هذه الأشياء التي في أم الكتاب. التي ألزم بها الأمة الدين النصيحة، قالوا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ورسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم. من ضمن هذا الذي هو في أم الكتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهو أمر فريد عجيب غريب. كان يُكتفى في السابقين أن يؤمنوا بالله وأن يكفي خيره شره وأن يعيش منفرداً ينظر. ولكنه لا شأن له بأحد في عزلته، في عزلته هذا أمر فيه سلام نفسي، وهو موجود عندنا أيضاً، ولكن عند من
عجز عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. إذاً فهذا دين جماعة وليس دين فرد. هذا ما ورد في أم الكتاب، لأن كل الشرائع التي كانت قبلنا هي دين فردي. وليس دينًا جماعيًا ينظر إلى جماعة الأمة وينظر إلى جماعة المسلمين ويجعلهم كالجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر، وفي رواية أخرى بالسهر والحمى. هذا شيء غريب عجيب، ولذلك هذا في أم الكتاب. ماذا تعني أم الكتاب؟ تعني ما تفرد به الإسلام وجعل المسلم صاحب شخصية متميزة. وجعل من ضمنها ما تسأل عنه الآن في ضمن أشياء كثيرة كما رأينا من الصلاة ومن
الشعور بالجماعة ولينوا في أيدي إخوانكم وأن الله لا ينظر إلى الصف الأعوج وهكذا جعل منها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتمضي الأيام ويصبح الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر جزءاً لا يتجزأ من نفسية المسلم حيث يخاطبه النبي صلى الله عليه وسلم في العصر الأول وفي الخطاب الأول فيقول له أي لكل مسلم لا تأمرون بالمعروف ولا تنهون عن المنكر أو ليسلطنَّ الله عليكم، إذًا لا بد منا أن نقوم بهذا الدور. نقوم بهذا الدور عبادةً لله سبحانه وتعالى وتمضي. تمر الأيام وتذهب وتجيء وإذا بالأمم وإذا بالعلوم التي تعالج الاجتماع البشري وعلى
رأسها علم الإدارة وعلى رأسها علم القانون وعلى رأسها علم الاجتماع وعلى رأسها علم الاقتصاد يحولون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي أرشد إليه الله إلى ماذا؟ مؤسسات الله تُسمى ماذا؟ هذه المؤسسات تُسمى بوزارة الداخلية وتُسمى بالجهاز. المركزي للإدارة وتسمى بالجهاز المركزي للمحاسبات وتسمى بالجهاز المركزي للرقابة الإدارية وتسمى الله الله الله ما هذا؟ ما كل هذا؟ كل هذا أمر بالمعروف ونهي عن المنكر، قسم للمرور يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، فيأمرك بالوقوف عندما تكون الإشارة حمراء، ويأمرك بالانطلاق عندما تكون
الإشارة خضراء، ويأمرك بالاستعداد عندما تكون الإشارة تبقى صفراء وهو نفسه الذي يراقب على الأسواق وهي نفس الفكرة التي بها الحسبة وهي نفس الفكرة التي بها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في مجال الاجتماع البشري أو في مجال الأسواق والاقتصاد. كل هذا من الرقابة، والرقابة جزء لا يتجزأ وخطوة أساسية في الإدارة الناجحة، والإدارة من غير رقابة. ومتابعة فاشلة وإدارة تُودي بروح المؤسسات وحياتها. لكل هذا كان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مرتبطاً بخيرية الأمة، أو هذه الأمور من تجليات الخيرية لهذه الأمة الباقية
حتى أن يرث الله الأرض ومن عليها. فاصل ونعود إليكم، ابقوا معنا. أهلاً بحضراتكم مولانا، حينما نتحدث عن خيرية هذه الأمة ومدى ارتباطها. بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فما هي مقومات هذه الخيرية؟ لنقف عند هذا المعنى، وأن هذا المبدأ القرآني يحقق هذه الخيرية. لو أن الإنسان انشغل بعبادة الله وحده منعزلاً في شاهق جبل لكان حسناً، لكن هناك ما هو أحسن من هذا الحسن. فهو حسن لأنه يعبد الله، وهناك ما هو أحسن أنه... يعبد الله ويعمر الكون،
وهناك ما هو أحسن أن يعبد الله وأن يعمر الكون مع تزكية النفس. فتصبح هناك درجات ثلاث: الدرجة الأولى عبادة الله، "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون". والقادر والقوي والضعيف، الحاكم والمحكوم، الغني والفقير، الرجل والمرأة، كلهم خُلقوا لذلك. ولكن أيضاً الخلق مأمورون أن يعمروا هذه الأرض. هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها أي طلب منكم عمارتها، الألف والسين والتاء تدخل للطلب، إني جاعل في الأرض خليفة، والله يحيي ويميت، يخلق
ويفني. إذاً هو جعل هناك في الأرض خليفة له يزرع ويحصد، الزرع فيه إيجاد والحصاد فيه إفناء، هذا يتخلق هكذا بأخلاق الله ولكن في العمار وليس في. الضمار، ولذلك الإنسان بنيان الرب، ملعون من هدم، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه أبو الشيخ الأصبهاني. إذاً فهناك درجة ثانية أعلى وأبر، وهي أنه مع عبادة الله نُعمِّر هذه الأكوان، نجعل للإنسان احتياجاته ورفاهيته وسعادته، ولكن هناك ما هو أعلى من هذا وهو أن أزكي. نفسي قد أفلح من زكّاها وقد خاب من دسّاها، فهذه هي الدرجات الثلاث. فلما
جاء الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، جعل هذه الأمة تهتم بالفرد العابد كاهتمامها بالمعمّر من خلال المؤسسات والتجمعات البشرية، ومن خلال المنظومة التي تجاوزت الأشخاص وارتقت إلى حد المطلق، المنظومة الأخلاقية القيمية التي تتمثل في التزكية. إذا فالعبادة والعمارة والتزكية هي درجات ثلاث تؤدي في النهاية إلى الفرض والمجتمع والعالم القيّم. هذه المنظومة جعلت هذه الأمة التي قد فُرض عليها، ألم يكن من قبل هكذا؟ قد فُرض عليها، على الأمة كلها، على الأمة كلها بأفرادها ومجموعها، نعم بأفرادها ومجموعها،
ولم يكن ذلك من قبل، لا. لم يكن هذا من قبل، ما من أحد هكذا، لم نرَ من قبل مع دراستنا المتوسعة أن أحداً من الأمم السابقة قد خاطب المجموعة هذا الخطاب: "كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله". لا، لم نرَ هكذا. ما هو أساس الاجتماع البشري؟ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. المنكر هذا أساس. أساس العبادة مخلصين له الدين ولو كره الكافرون. أساس التزكية التخلي والتحلي. وهكذا يبقى، إذا أمرنا الله سبحانه وتعالى بهذه المنظومة، بهذه الشبكة، وليس بأمر خطي "افعل كذا، صلِّ" وخلاص. ويكفيك أن تصلي. لما
جاءت بعض الأديان الوضعية التي جاءت بعد ذلك في أديان وضعية. وضعت كثيراً بعد الإسلام، هل ليست إبراهيمية؟ ليست إبراهيمية ولا غير إبراهيمية ولا شيء، ولا هي شيء، أتنتبه؟ شعور فرجعوا إلى الخطيئة، لم يعرفوا ماذا يفعلون بها، رجعوا إلى الخطيئة. ففي شيء يعني ديانة في اليابان نشأت سنة ألف وتسع مئة وستة وثلاثين، ماذا تقول هذه الديانة؟ تقول في الحقيقة... نحن نريد الصفاء، والصفاء من أين يأتي؟ قالوا من النار، لأن النار صافية هكذا وفيها دفء وشيء ونور وهكذا. قالوا: حسناً، ماذا نفعل؟ قال: لا شيء، يوم نجتمع في السنة ونشعل النار هكذا ونطوف حولها ونغني لها. فبعد أن طبقوا
هذا وجدوا أنهم - يا عيني - لم يفعلوا شيئاً. فبدؤوا يطرقون على الديانات الأخرى قائلين: "تعالوا خذوا أولادنا لينتسبوا إليكم"، وهل ستسمح لهم في يوم من أيام السنة أن يأتوا ليلقوا وقود النار في النار ويغنّوا للنار: "يا نار يا حلوة يا طيبة يا ذات الحرارة يا صاحبة النور" وما إلى ذلك، فعندما تأتي لتقارن بين هذا وبين... هذه الأنظمة المعقدة التي أنزلها الله سبحانه وتعالى على صدر النبي يعني يحصل شيء من الانبهار، يحصل شيء من السكوت حتى أنك تسكت ولا تعرف. هنا، ما الذي تعنيه بالمعقد يا مولانا؟ إذا كنت تقول أنظمة معقدة، فنظام الميراث مثلاً نظام معقد للغاية، صحيح، وكذلك نظام الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والحسبة. وما كُتب فيها نظام معقد للغاية
لكي يكون علمياً يا مولانا، فهذا له شروط وله واجبات وله محرمات وله مكروهات وله مندوبات وله طريقة وله أنواع، ولأنه ظهر معقداً، وهذا ما أقوله لك: تحول بعد ذلك إلى مؤسسات. لدينا حوالي عشرين أو ثلاثين مؤسسة تُسمى المؤسسات الرقابية. أناسٌ يراقبون الأمن، وأناسٌ يراقبون الأسواق، وأناسٌ يراقبون التربية، وأناسٌ يراقبون القانون، وأناسٌ يراقبون هذا وذاك بالتفصيل. ومن هنا ومن هذا المعنى، أصبح الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر - وهو أساس الرقابة وأساس الجزء الأهم في الإدارة - أصبح مبدأً. لماذا؟ لأنه ينفع ويدخل ويسري في كل شيء.
هذه المجالات، كأن تقول قانون، لا بأس، أو تقول تربية، لا بأس، أو تقول اقتصاد، لا بأس. نحن نسمّي البنك المركزي "أبا البنوك". ماذا يفعل؟ يراقب البنوك. ماذا يعني أنه يراقب البنوك؟ يعني أنه يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر. ماذا يعني أن البنك المركزي يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر؟ هم يظنون أن الأمر بالمعروف أنه... الواحد يقول له صلِّ، والنهي عن المنكر يقول له لا تشرب الخمر. لا يا حبيبي، إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أعمق من ذلك بكثير. على فكرة، الذي سيقول صلِّ ونحو ذلك، هي عملية مختصة بالتربية ومختصة بتطبيق الدين في حياة الناس حتى يسعد الإنسان وينال سعادة الدارين، لكنها تجليات. هي أكبر بكثير لكن التجليات كبيرة. البنك المركزي هذا يراقب، فلدينا شيء يسمى الرقابة المالية. هذه الرقابة
المالية ماذا تفعل؟ تراقب البورصة وتراقب الشركات وتقول لهم: "لا، هذا خطأ، إياك أن تفعل كذا، لا، هذا تلاعب، لا، هذا سيضيع أموال الناس، لا، إياك أن تفعل هذا لأن فيه مخاطرة، افعل..." هذه لأن فيها مكسب وتعمل ليلاً ونهاراً، اسمها الرقابة. الرقابة تعني ماذا؟ تعني الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وقِس على هذا في جميع مناحي الحياة. مولانا، الإيمان، الترتيب، النهي، الأمر بالمعروف، النهي عن المنكر، الإيمان بالله. لماذا جاء الإيمان بالله بهذا الترتيب؟ الإيمان بالله مشترك بيني وبين غيري من. الأمم.. أرأيت أن الذي تميزت به فجعلني في الخيرية ليس هو الإيمان بالله، لأن الإيمان بالله هذا هو الأساس الأساسي. ألست موجوداً أن اليهودية أيضاً فيها إيمان بالله، والمسيحية فيها إيمان بالله، وعلى فكرة توجد أديان أخرى كلها فيها
إيمان بالله، توجد أديان ما... ليس فيها إيمان بالله، هم لا يريدونه، أتفهم؟ لكن لا، القضية هنا قضية أن الإيمان بالله يُؤخَّر لأنه مشترك. يعني نحن دائماً نبدأ بماذا؟ بالخاص فالخاص فالأعم. ما هو الأعم الذي بيني وبينه؟ ما هو المشترك الذي بيني وبينه؟ ما هي الدائرة الكبيرة التي تجمعني معه؟ هو الإيمان بالله. حسناً، والنظم الخاصة؟ إن كون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر جزءاً لا يتجزأ من حياة المسلم هو الذي جعلنا أصحاب خيرية إذا فعلناها. وعلى فكرة، إذا لم نفعله خرجنا من الخيرية أو أخرجنا أنفسنا من الخيرية. يعني الله سبحانه وتعالى يريد لنا الخيرية وأنا لا أريد الخيرية لنفسي. فضيلتك وضّحت لنا ولكن نريد... توضيح أكثر ولكن بعد الفاصل حول
لماذا اختصت أمة سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الأمر، فاصل ونعود إليكم، ابقوا معنا. أهلاً بحضراتكم، لماذا اختصت يا مولانا أمة سيدنا صلى الله عليه وسلم بهذا الأمر وبهذا الشأن؟ لأنها خاتمة، لأنه مبدأ الوحدة، هو مبدأ نسميه المبدأ العضوي في الديانة. الإسلامية مسلمون جميعهم لهم قبلة واحدة، لهم شهر واحد يصومونه، لهم نبي واحد. نعم، نعم، نعم، هذا هو، هذا هو الإجابة على هذا السؤال. هو أن لهم نبياً واحداً.
تخيل أن الله سبحانه وتعالى بعث على رأس كل مائة عام نبياً، ماذا سيحدث؟ بعض الناس ستؤمن به وبعض الناس ستكفر. يكون هناك مسلم أول ومسلم ثانٍ، فالذي آمن بهذا النبي هو مسلم ثانٍ لأنه مؤمن بسيدنا النبي وبالنبي الجديد الذي لا بد أن يؤمن به لأنه من عند الله. وبعد مائة سنة، يصبح هناك مسلم أول ومسلم ثانٍ، لأن بعض المسلمين من النوع الثاني سيؤمن وبعضهم لن يؤمن، فيصبح هناك ما يسمى بمسلم ثالث وفي... بعضهم سيؤمن بالنبي ويؤمن بهذا الآخر، لكن الذي في الوسط سيسقط منه وسنكفر بعضنا بعضاً. تصور! مستحيلة يا مولانا. نحن غاضبون من الدواعش كثيراً جداً لأنهم يفعلون هكذا، يكفرون المسلمين الذين أمرنا الله أن لا نكفرهم، ويقتلون المسلمين، مع أن الله تعالى قال لنا: "واعتصموا".
واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا، الوحدة وحدة القبلة ووحدة الشهر ووحدة الصلاة، كلنا نصلي خمس صلوات، ووحدة النبي ووحدة القرآن. قوم حفظهم ربنا، فمحمد لم يكن قادراً على أن يحفظ القرآن بهذا الشكل، إنها أمر من عند الله: "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون"، "ليس لك من الأمر شيء"، فإذا... قرأناه فاتبع قرآنه ثم إن علينا بيانه. هذه مسألة أوضح من واضحات القرآن، فكما أن القرآن هو نفسه في الهند والسند والمغرب وجنوب إفريقيا، أي أن القرآن هو القرآن في كل مكان. حسناً، أحدث خطأ في بعض الأحيان؟ نعم حدث خطأ فأصبحت تسمى قراءة. الشاذ، حسناً، لم يحدث هكذا محاولة تلاعب،
حدث تلاعب فأصبحت خارجة وفي رقابة في قبر بالمعروف، لا يعرفه، هذه يد من أصبحت إن شاء الله؟ الأمة هي لا تعرف أن تفعل هكذا، وقال سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم مع علو قدره وعظمته عند الله وعند الناس يستطيع أن يفعل. هذا من فعل الله وحده لا شريك له، هو الذي حفظ الكتاب وحفظ الكعبة وحفظ قبر نبيه وحفظ أهل نبيه وحفظ سنة نبيه وحفظ كعبة نبيه صلى الله عليه وسلم وحفظ كل شيء، هو الله. فانظر كيف ترتبط الوحدة بالإيمان، فنحن أمة واحدة وأمة خيرية من هذه الوحدة. ولأننا خاتم، خلاص لا يوجد نبي بعد ذلك، فهو خاتم النبيين والمرسلين. "ما كان محمد أبا
أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين". انتهى الأمر، أُغلق الباب، فلا نبي بعدي ولا رسول. حسناً، وماذا بعد؟ فشق ذلك على الصحابة. قال: "وبقيت المبشرات، الرؤيا الصالحة يراها العبد الصالح أو تُرى له". له وفي الرؤيا، الرؤيا خلاص خير إن شاء الله، أي أننا لا نتلقى منها وحياً، ولا نتلقى منها توجيهاً وأوامر ونواهي موافقة أو مخالفة لسيدنا النبي، بل هي بشرى يطمئن الله بها القلوب، ويدفع بها العباد لكي تستقر أنفسهم معه في عبادته سبحانه وتعالى. هذه هي الحكاية، فإذن الإجابة هي لأننا أمته. خاتمة وخاتمة وخاتمة، يعني النبي صلى الله عليه وسلم خاتم الرسالة والنبوة فلا نبي بعده ولا رسول.
طيب، وماذا نفعل في ذلك؟ إذاً لا بد من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعمل المؤسسات، لأن هذا هو الذي يتوافق مع العهد الجديد من بعد إرسال النبي إلى يوم القيامة. وأقسم بالنبي، لقد أرسله عند العصر، عصر اليوم الذي أذن فيه ربنا لهذه الدنيا. قال: "بُعثت والساعة كهاتين". هذه الفترة هي أقل فترة بعد ذلك من الفترات السحيقة التي خُلق فيها العالم وخُلق فيها آدم وخُلقت فيها البشرية. هكذا بما نعرفه جميعًا في علم الأنثروبولوجيا وفي الآثار وفي العصور الجيولوجية، هو أقصر. في الفترة الأخيرة هكذا، أي في العهد الأخير، العهد الأخير يعني في العهد القديم وفي العهد الجديد، هذا هو العهد الأخير. ففي
هذا العهد الأخير، يكون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لازماً، حتى تتم هذه المستويات الثلاثة: رقم واحد عبادة الله، رقم اثنين عمارة الأرض، رقم ثلاثة تزكية النفس، فمن... أجل هذه الخاتمية اختصت أمة محمد بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كجزء لا يتجزأ من أصول الديانة أو من أركان الديانة. ويقول الإمام إذا ما أشار البعض بأن الخطاب "كنتم خير أمة أخرجت للناس" هذا الخطاب موجه للسادة الصحابة وليس لمن أتى بعدهم، على ما ينقلونه عن سيدنا عمر وعن... سيدنا ابن عباس، فهل هذا صحيح؟ يعني ما الذي ينقلونه عن ابن عمر وابن عباس؟ أولاً، هو ليس صحيحاً ما يُنقل عن ابن عمر وعن ابن عباس أو عن عمر وعن ابن عباس. يعني هو منسوب إلى عمر ومنسوب إلى ابن عباس
أنهم للصحابة دون سواهم، ولكن كنتم كنتم. هذه مطلقة اسمها لم يقل كنتم أيها الصحابة ولا كنتم في عصركم هذا ولا كذا إلى آخره والنبي يأتي فيفسر وهي من الآيات القليلة التي فسرها النبي فيقول خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم. يبقى هو ما دام غير منتبه كيف... ما هو يقول "ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم"، فإذا كان هذا الكلام لا نقبله، بل هو "كنتم خير أمة" ما دمتم محافظين على الشروط التي بها الخيرية، وهي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من خلال الإيمان بالله واليوم الآخر. هل معنى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو "الدين النصيحة"؟ أو
كيف نوفّق إذا ما كان هناك أمر مختلف؟ كيف نوفّق بينهما؟ الدين النصيحة، هو الدائرة الأوسع الذي في داخله الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. ولكن في جزء من النصيحة لا يكون أمراً بالمعروف والنهي عن المنكر، إنما يكون على سبيل التوجيه والإرشاد. يعني عندما آمرك بشيء هو ليس... أمراً لازماً من ذكر الله سبحانه وتعالى أو أنه لا يزال لسانك رطباً بذكر الله، فهذا من قبيل النصيحة لكنه ليس من قبيل الأمر بالمعروف إلا بالمعنى الأعم. عندما أنهاك عن تضييع وقتك أو عن اللغو الكثير الذي قد يميت القلب ويذهب
بالأوقات وبالجدية، فهذا نصيحة لكنه أمر بالمعروف. والنهي عن المنكر بالمعنى الأعم، وهكذا فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر المعروف الذي هو الرقابة والإدارة وما إلى ذلك، هو جزء من النصيحة. مولانا، اسمح لي أن أقرأ بعض المداخلات على سؤال على صفحة الفيسبوك: "برأيك لماذا كان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من المبادئ القرآنية؟" الأستاذة نديم تقول لأن الدين... النصيحة: الإسلام دين الأخلاق والمبادئ السامية، وهو ربع عبادات والباقي أخلاق. وعندما نرتقي بأخلاقنا نرتقي بديننا ونتبع تعاليم رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم. تقول الأستاذة هالة الدين: لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق"، والقرآن والأحاديث ترسخ مبدأ الأمر بالمعروف. والنهي عن المنكر، الأستاذة منال
تقول: لصالح المجتمع المسلم وحتى نكون خير أمة كما قال الله في كتابه العزيز، وذلك لأن القرآن للإسلام دين وعمل وخلق ومبدؤنا ودستورنا في الحياة القرآن والسنة والعمل به بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. كل التوجيهات والإجابات موفقة وتتبين في سياق ما ذكرناه من... بناءً على هذا المجال، مولانا الإمام، في نهاية هذه الحلقة نتقدم لفضيلتكم بخالص التحية والحب والتقدير، ورضي الله عنكم دائماً، ونلتقي دائماً بفضيلتكم على هذا الخير،
شكراً لكم، دمتم في رعاية الله وأمنه، إلى اللقاء.