والله أعلم | الدكتور علي جمعة يتحدث عن الاتهامات المذهبية المتبادلة حول السنة | الحلقة الكاملة

بسم الله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي تركنا على المحجة البيضاء، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك، صلوا عليه وسلموا تسليماً. أهلاً بكم في "والله أعلم" لنسعد بصحبة صاحب الفضيلة مولانا الإمام الأستاذ الدكتور علي جمعة، وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف لنواصل. ولنكمل معه ما بدأناه بالأمس حول حقيقة هذا الخلاف المذهبي بين الشيعة والسنة حول السنة ومن روى أكثر عن البيت الشيعة أم السنة، حقيقة استخدام الشيعة
للتقية في رواية الأحاديث. اسمحوا لي أن أرحب بصاحب الفضيلة مولانا الإمام، أهلاً بفضيلتكم، أهلاً وسهلاً بكم، مرحباً مولانا. كنا قد انتهينا إلى سؤال. علّقنا الإجابة عليه لحلقة اليوم حول من روى أكثر عن البيت: الشيعة أم السنة، واستعرضنا بالأمس هذه الكتب - الكتب الأربعة لدى الشيعة أمام الكتب الستة للحديث لدى السنة. بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. تكلمنا أمس... عن هذه المجهودات التي بدأت مع أواخر القرن التاسع عشر في نهاياته ومع بدايات القرن العشرين، وكان البدء فيها من الشيعة، وكان القبول والقابلية فيها من أهل السنة، إلى أن النتيجة أنه في سنة تسع وأربعين أنشأنا مجلة للأبحاث العلمية يقودها رئيس
تحريرها محمد محمد المدني رحمه الله تعالى، شيخنا وأستاذنا. وعميد الشريعة مع طائفة من العلماء كلهم بعد ذلك كانوا من الأفذاذ النجباء الذين تبوؤوا المقاعد المتقدمة. كان هناك طبعاً توجه يقوله محب الدين الخطيب: الضدية الكاملة للشيعة وعدم القبول وما إلى ذلك، إلا أن الأزهر الشريف فاز في هذا المجال واستطاع أن يمد يده وأن ينشئ أفعالاً علمية جيدة. وكذا إلى آخره، أما لو رجعنا إلى المصادر والشيعة عندهم أربع كتب كبيرة هي الأساس كالكافي والتهذيب والاستبصار وما لا يحضره الفقيه، وعندهم
كتب كبيرة أيضاً جمعت واستوعبت وجمعت كل الروايات مثل بحار الأنوار للمجلسي، مثل المستدرك، مثل الوسائل ومستدرك الوسائل، كتب ضخمة كبيرة مائة وعشرة مجلد وكذا إلى آخره. فنحن لا نتكلم عن الشيعة من فراغ، نحن نتكلم عن الشيعة من كتبهم وليس من كتب أعدائهم أو من كتب الذين يريدون أن تكون هذه الأمة دائماً هكذا في نزاع وصدام وخصام أبداً. فخيرهم الذي يبدأ بالسلام، ونحاول أن نضع أيدينا على المشكلات الحقيقية التي أوجدت المِحَن والفتن عبر التاريخ. التاريخ ونحاول أن نحلها، وهذا عمل الآدميين العقلاء المحترمين، ولذلك فنحن وضعنا أنفسنا في
هذا المجال على خمسة محاور، وتكلمنا على هذه المحاور الخمسة، ونزيد فيها، وكثير منها، فنأتي في الرواية وموقفهم من الصحابة الكرام، وقلنا إن بعضهم يرى انتقادًا، وبعضهم يرى سخرية، ويتعاملون معهم بغير احترام، وبعضهم يصل. هذه السخرية إلى السباب ثم بعضهم إلى التفسيق والتكفير. صحيح أنهم ليسوا كلهم على قلب رجل واحد في هذا الشأن، بل بعضهم يفعل هذا وبعضهم يفعل ذاك وبعضهم يفعل غيره، ولكن كتبهم مليئة بما يوغر صدور أهل السنة تجاه الصحابة. وأهل السنة ليس عندهم مفاصلة ولا نية بأن يبيعوا. الصحابةُ الكرامُ لن نتخلى عنهم، وهذا الأمرُ له منطقه، وليس أيضاً هوىً وعاطفةً كما
هو الحال عند كثيرٍ من أهل التشيع. وعلى فكرة، دائماً عندما أقول أهل التشيع أو الشيعة أو ما شابه، أقصد الأغلبية منهم. هم يتصورون أننا نقدّس الصحابة يا مولانا، وسيتضح ذلك من خلال مقالاتهم وكتبهم. لم يحدث أننا قدّسنا الصحابة، نحن نقول إن الصحابة غير معصومين. هم يقولون أن أهل البيت معصومون، ونحن نقول إن كل شخص يؤخذ من قوله ويُرد إلا صاحب هذا القبر الشريف. نحن نقول إن هذا اسمه الأنبياء وحدهم، وأنه لو كان هناك في الصحابة المتقدمين أمثال سيدنا علي وأمثال سيدنا أبي. بكر وأمثال سيدنا عمر فهؤلاء محفوظون وليس معصومون إلى آخره، يعني هذا كلام واضح أوضح من الواضحات. عندنا كلام واضح في هذا الشأن، ولكن لأن الصحابة هم المصدر الأساسي للقرآن نفسه، هم الذين نقلوا لنا القرآن. أنا لو قدحت فيهم يكون من نقل القرآن مجروحين،
أو كان نقلت. الحديث النبوي الشريف ومن شاهد مشاهد الوحي، يعني مجروحين. حسنًا، بعد ذلك وفي نقطة ثانية عاطفية، ما هي؟ هل النبي فَشِل أخيه؟ يعني النبي عليه الصلاة والسلام يتزوج، قوم ربنا هذا، أن يجلب له نساءً غير صالحات ويجلب له أصحابًا غير صالحين؟ حاشا، حاشا، وكأن، حاشا وقلنا لهم. الذي بيننا وبينكم رسول الله صلى الله عليه وسلم، أتحبونه أم لا؟ ألا تحبونه؟ ألستم تقولون إننا أصحاب العاطفة، وإننا لدينا كيف هذا، وأمي قد غضبت؟ حسناً يا سيدي، لكننا نحب السيدة فاطمة، ونقول عنها - وهذا في البخاري - عليها السلام، في البخاري يقول البخاري: "وقالت فاطمة عليها..." السلام، ليس أنا الذي أقول، يعني منذ
زمان ونحن نحب البيت حباً جماً لحبنا لرسول الله. إذاً نحب صحابته، يعني هل النبي عليه الصلاة والسلام فشل في زوجاته وفشل في صحابته وفشل في أمور كثيرة ولم ينجح إلا في علي فقط؟ لا، نحن نقول لا. حتى عاطفياً، دعنا من العقلية، وأيضاً عقلياً ومنهجياً. لا يجوز أن نقدح في الصحابة لأن في قدح الصحابة قدح في الدين مباشرةً. ربنا رضي الله عنهم ورضوا عنه. دعنا نعود الآن إلى العلم والإحصاءات وما إلى ذلك، لنرى المرويات بالأرقام يا مولانا، ونعرف أمثالها، لا أن نكتفي بالنظر فقط. نعم، نقول مثلاً، وقال البعض كذا وكذا، نعم، أصحاب... العباءة الخمسة: سيدنا النبي وسيدنا علي والسيدة فاطمة عليها السلام والحسن والحسين، وهكذا. أي ليس هم الذين كانوا على الكساء ونسميهم أهل الكساء لأنه فرش عباءة ووضعهم عليها ودعا لهم، بركة أولاد
النبي. إذ هم أهل العباءة، أهل العباءة وأهل الكساء. نعم، السيدة فاطمة، نحن في كتب... السنة التي لدينا نقرأها هكذا، خلال الأربعين أو الخمسين سنة الماضية، كنا نقرأ فوجدنا أن السيدة فاطمة لها عندنا إحدى عشرة رواية. انتبه، إحدى عشرة رواية، هذه في مسند الإمام أحمد وحده سبع روايات من أصل إحدى عشرة رواية. حسناً، كم رواية إذن عن السيدة فاطمة في... كتب الشيعة في الأربعة كتب أو في الأربعين، نعم هل تنتبه؟ لم نجد ولا رواية يا مولانا، لا يوجد.
حسناً، ماذا أفعل؟ انتهى الأمر، سيظهر لي أحد من إخواننا ليقول لي: لا، كيف هذا؟ نحن عندنا بدون سند، ونحن عندنا بسند، والذي عندهم بدون سند يعني... ما من أحد منتبه. أقصد أن الأحد عشر الموجودين هنا ليسوا مرويين، ليسوا مرويين. فإذا جئنا إحصائياً وإذا جئنا علمياً، وقلنا إن هؤلاء هم أهل البيت، فليكن أهل البيت. حسناً، قال أهل البيت. عندما نذهب لنقرأ بحار الأنوار ونقرأ غيره إلى آخره، نجد كله عن جعفر الصادق. حسناً، وأقل بكثير من ذلك عن محمد الباقر، وأقل بكثير عن سيدنا علي زين العابدين، وأقل منه بكثير سيدنا
الحسن سيد شباب أهل الجنة، وأقل بكثير جداً عن سيدنا علي. لكن أنت عندما تأتي إلينا تجد أحاديث الإمام علي في البخاري ستة وتسعين حديثاً. في صحيح مسلم سبعة وستون حديثاً، وفي سنن الترمذي مائة واثنان وأربعون حديثاً، وفي مسند أحمد ثمانمائة وأربعة أحاديث. لديهم كم؟ خمسة، ستة عشر... دعونا نكون عقلاء هكذا، ثمانمائة وبضعة أحاديث في مسند الإمام أحمد. عندما نجمع كل هذه الأشياء الكبيرة، كم يصبح مجموعها؟ ألف وخمسمائة. مئة وثلاثة وثمانين حديثاً عن سيدنا علي. حسناً، أنا لدي
ألف وخمسمئة وثلاثة وثمانين حديثاً ترسم لي ذهن سيدنا علي، وعقل سيدنا علي، وفقه سيدنا علي. ترسم لي سيدنا علي. كم حديثاً لديكم إذن؟ ولكن بشرط أن تكون مسندة، يعني أنا أسير وفق منهج علمي. لن تجد لديهم إلا أشياء بسيطة، عشرة أو عشرين. ثلاثون، حسناً، وأيضاً بعد سيدنا علي وسيدنا الحسن، كتبت كتب أهل السنة فيها خمسة وثلاثين رواية عن سيدنا الحسن، فقل لي إذن لماذا توجد إحدى عشرة رواية فقط عن السيدة فاطمة؟ لأنها توفيت مبكراً بعد ستة أشهر من انتقال النبي، فلحقت به سريعاً. "أسرع أهلي لحاقاً بي" وهي هذه. ضحكت فالسيدة عائشة تقول لها: "ما الذي أبكاكِ وأضحكِك؟" قالت: "ما وجدوا سر
رسول الله". فلما مات قالت لها: "قولي لي الآن، فقد انتقل النبي". قالت لها: "قال لي إنني ميت، وإن هذا المرض هو مرض الموت، فبكيت. فقال: أنتِ أول أهلي لحاقاً بي". ماتت بعد ستة أشهر، فأي فترة هذه؟ قصيرة قليلاً بسيطة في هذه الفترة البسيطة روينا عنها إحدى عشرة رواية، فهل نحن مهتمون بها أم لا؟ عليها السلام، نحن مهتمون بها. هل تنتبه؟ عندما يأتي شوقي ويمدح سيدنا النبي فيقول: "أبا الزهراء"، انظر كيف، يعني النبي اسمه أبو القاسم ككنية، وأبو القاسم اسمه محمد، اسمه أحمد - أسماء. كثير من أهل السنة، أبا الزهراء، لقد قايستُ قدري
بمدحك فيزداد انتسابي. مدحتُ المالكين فازددت قدراً، وحين مدحتك اكتست السحرة ثياب الندى. سيدنا الحسن لديه خمسة وثلاثون رواية، أما سيدنا الحسين فقد بلغت الروايات عنه في الكتب الأربعة عند الشيعة سبعاً، بينما عند أهل السنة ثلاثة وأربعون رواية. رواية. إذا أحببنا أن نستخدم الإحصاءات، فالإحصاءات لا تكذب، هي واحدة وأنا أقول: دعنا نقول له الآن، لا تشوش علينا، لا تغير علينا الخيالات التي ذكرتها. سيدنا الحسين هذا، دعك من المهنة، أريدك أن تأتي بالسند كما يقول العلم. أنتم عندكم سبعة ونحن عندنا ثلاثة وأربعون، نعم، والأرقام لا تكذب ولا. نتجمل نعم. فاصل
ونعود إليكم. ابقوا معنا. أهلاً بحضراتكم مولانا الإمام مع مزيد من القراءة المتأنية والحقيقية والواقعية لهذه القضية ولهذه الإشكالية. هل الشيعة لا يروون إلا الأحاديث التي أتت عن طريق الإمام علي أو عن طريق أهل البيت؟ يعني عندما كنت كتبت مقالات في الأهرام في هذا الشأن وقلت أنهم... يعني كأنهم لا يروون إلا عن خمسة أشخاص، فرد علينا صديقنا محمد علي تسخيري من إيران وقال: "لا، نحن نروي أيضاً عن أناس كثيرين غير هؤلاء". ليست
القضية هكذا، إذاً ما هي القضية؟ القضية أن هذه الروايات التي تُروى عن الخمسة أو عن الخمسين تتعلق بالأخلاقيات وليست بالأحكام. يروونها فقط عن سيدنا علي لأنه المعصوم، لأنه هو المعصوم. وكان سيدنا جعفر الصادق يقول: "كل ما أرويه عن آبائي، كل ما أرويه عن رسول الله، فعن آبائي عن رسول الله". طيب، ما دام عن آبائه عن رسول الله، ما تفصيله؟ ما تقدر تُظهره السنة؟ سألنا علماء الشيعة فيها: هل تقدر... قال جعفر الصادق: قال رسول الله. أتستطيع أن تقول: حدثني أبي محمد الباقر، قال: حدثني أبي علي؟ قالوا: لا، لا نستطيع. لماذا؟ أنا أقول لك لماذا هم لا يقولون ذلك.
لأنه معصوم، فقد يكون أوحي إليه بما قاله رسول الله من غير سنة. حسناً، إذا كانت العقيدة... هكذا يجب علينا أن نحل هذه المشكلة. موضوع رسم الأئمة هذا يسبب مشكلات علمية قد لا نتفق عليها. وعلى كل حال، نحن لا ننظر إلا إلى صحة الرواية عن سيدنا جعفر نفسه. هل يا ترى سيدنا جعفر قال هذا الكلام؟ نعم، الكافي هذا هو صحيحهم مثل البخاري. هكذا عندنا، ومسلم، هذا العنوان الخاص بالكتاب "الكافي" هذا الذي يوجد فيه رواية عن المهدي الغائب الذي مضى عليه ألف سنة حتى الآن ويزيد،
ألف ومائتي سنة أو ألف ومائة. يقول: "الكافي كافٍ لشيعتنا". ولما جاء الشُرّاح يشرحونه وجدوا فيه الضعيف ووجدوا فيه الموضوع بكثرة، وهو يشرح هكذا يقول لك وهو... حديث ضعيف. قال: "كيف ضعيف وأنت تقول إنه صحيح في الكافي؟" إذاً ففي شيء في المنهج هكذا، نحن مختلفون في المنهج. المنهج العلمي يا مولانا، نعم. فحضرتك الخمسة الذين يروون عنهم هم: سيدنا علي، سيدنا المقداد بن الأسود، سيدنا عمار بن ياسر، سيدنا أبو ذر الغفاري، وهكذا الذين... هم وقفوا مع سيدنا علي وكان وقوفهم واضحاً جداً. أبو ذر كان
يرى أن علياً أولى بالخلافة دائماً، وهذا هو مذهب بعض أهل السنة في تفضيل علي على سائر الصحابة. والغريب أن من بينهم سفيان الثوري، ومنهم أيضاً أحمد بن حنبل الذي ألّف كتاب "فضائل الصحابة" في مجلدين مطبوعين. ثلاثة أرباع في فضائل علي رضي الله تعالى عنه وأرضاه والربع في فضائل سائر الصحابة. نحن نحب سيدنا علي، وما المشكلة في ذلك؟ المشكلة هنا أنهم بهذا، خاصة المصريين، لن يستطيع أحد تشييعهم، لأن المدخل تعال نحن نحب سيدنا علي، وهؤلاء الناس النواصب السيئون لا يحبون سيدنا علي. لن يزايد أحد. لم يُفترَ على المصريين أبداً أنهم نواصب ينسبون العداء لآل البيت. نحن نحب آل البيت حباً
عميقاً ونمدحهم ونقوم بواجباتهم، وحقوقهم فوق رؤوسنا. ونحن من البلاد النادرة التي فيها نقابة الأشراف. هكذا نحن نحب هؤلاء الناس ونحبهم بعمق، فلا يزايدن علينا أحد ويقول: "إنكم هكذا وأنتم نواصب". كيف أن نكون من النواصب؟ نحن لا نناصب أهل البيت العداء أبداً ولن يحدث ذلك. ولذلك أنا أرى للمصريين مكانة في تقدم الأمة كلها، لأنهم الذين ستكون كلمتهم مقبولة من جميع الأطراف. لا أحد يقول إننا لسنا من أهل السنة، وإلا فمن هم أهل السنة؟ نحن أهل السنة. نحن أساس أهل السنة والجماعة، لن يقول أحد إننا نعادي آل البيت لأننا نزوج
بناتنا في البيت، فلن يقول أحد ذلك. الشخص عندما يأتي ليجلس في جلسة التفاوض أو التباحث أو العلم، أو لحل هذه المشاكل التي بيننا، سيجلس وهو مطمئن لي، ربما لا يطمئن لأحد غيري. ويقول لي: لا، إنه يشتمني ويكفرني ويفسقني، لكنني لا أفعل ذلك. ليس عندي شتائم ولا تفسيق، بل عندنا جدل علمي هدفه توحيد الأمة وجمع شملها. وعندنا عندما نجد شخصاً مثل سيدنا البخاري، الإمام البخاري، يروي عن خالد بن مخلد. وهو شيعي أتدرك كيف يروي روايات؟ يعني سعيد
بن عمرو الكوفي من رجال البخاري ومسلم أيضًا وهو شيعي. سيدنا البخاري يروي عن محمد الباقر، سيدنا محمد الباقر أبو جعفر، أتدرك ذلك؟ في أماكن كثيرة، وفي الأدب المفرد روى عن جعفر. الأدب المفرد كتاب للبخاري أيضًا روى عن... سيدنا جعفر، صحيح أن سيدنا جعفر لم يُروَ عنه في أصل الصحيح، لماذا؟ قال: لم يحتج إلى روايته. إنه لم يروِ عن الإمام الشافعي، إمامه. الإمام البخاري كان شافعياً ولم يروِ عنه، هل تنتبه؟ لم يروِ عنه. روى عن الإمام مالك لأنه محتاج إليه، لكنه لم يروِ عن إمام. الشافعي لأنه ليس بحاجة إليه مع أنه شافعي، مع أنه شافعي لأنه ليس بحاجة إليه. إذاً الرجل هنا لم يكن متعصباً ولا
كان عرقياً يميز بين... لا، هذه مسائل علمية بحتة، لكنه روى عن سيدنا أبي جعفر محمد الباقر عليه السلام. يا سيدي، هذا من البيت، هذا هو أساس البيت. فأبو جعفر الصادق، أود أن أقول لسيادتك أنه من الناحية الإحصائية ومن ناحية أهل السنة، ليس هو عندهم العيب. العيب ابتعد كثيراً، فهو من عندهم لأنهم فعلاً التزموا بكل هذه المعايير والمقاييس العلمية وإلى الآن، والمصريون يمدون أيديهم للأمة كلها، نقول لهم تعالوا ندرس مثلما درسنا ومثلما... كما علمنا آباؤنا، وندرسها من الناحية العلمية، ونحاول أن نحل المشكلات التي بيننا، وقد تم حل كثير منها
عبر التاريخ، ونتجاوز ما حدث من مآسٍ ومحن وإحن في التاريخ، سواء مآسٍ علمية أو مآسٍ أمنية أو سياسية. نتجاوز كل هذا لمصلحة الأمة إذا شرح الله صدورنا لهذا، أنا أعتقد. أن الحال سيتغير إلى أحسن حال، أما إذا لم يأذن ربنا بهذا الكلام الطيب الجميل للألفة والوحدة والاعتصام بحبل الله جميعاً، ستظل الأمة في فرقة وفي نزاع. وصدق مولانا الإيمان يؤكد على هذا المعنى بالشخصية المصرية التي قيل عنها إنها شخصية معتدلة المزاج اعتدال المناخ
والجو في مصر. فهم يجمعون بين عشق البيت وحب الصحابة، فاصل ونعود إليكم، ابقوا معنا. أهلاً بحضراتكم مولانا في هذه القراءة المنصفة جداً لفضيلتكم لوضع اليد على حقيقة هذا الخلاف. هل هناك أحاديث صحيحة عند الشيعة ينكرها السنة؟ وهل هناك أحاديث صحيحة عند السنة ينكرها الشيعة؟ بدون شك، يعني الشيعة تنكر مثلاً مروية... أبو هريرة هكذا دفعة واحدة، مرة واحدة فقط، ويشتمونه ويفعلون به ويقولون لك شيخ المضرة وليس شيخ المضرة، حسناً. أتينا نحن الآن، عندما تحدث مسألة كهذه من هذا الكلام منذ القرون الأولى، نذهب ونقول حسناً لا بأس، واحدة واحدة، لا أستطيع أن أنكر على أبي. لا أقبل حديث أبي هريرة إلا إذا تبينت لي أمور: أولاً، أنه لم يتفرد برواية الحديث، فلا يكون
أحد سمعه هكذا أو سمع هذا الكلام منك يا أبا هريرة. ثانياً، أن لا تكون الرواية مخالفة للأصول. ثالثاً، أن لا يترتب عليها ضرر، بمعنى أنها لا تدعو إلى شيء غير صحيح. فهيا أيها الباحثون، اجمعوا لنا كل رواية. قلنا لهم انظروا إلى الأحاديث التي رواها أبو هريرة، وافحصوا كل حديث على حدة: هل هناك من رواه غير أبي هريرة؟ فقال: نعم، الحديث الأول رواه كعب بن مالك، والحديث الثاني رواه أُبيّ بن كعب، والحديث الثالث رواه معه عمر بن الخطاب. الرابع هذا رواه معه سيدنا علي، والحديث السابع هذا الله. فيكون أبو هريرة ليس لواحد، يعني لم ينفرد برواية هذه الأحاديث، فيكون لم ينفرد. وقد أعددنا شبكة يسمونها الشجرة للأسانيد لكي نبين لهم
كيف أن أبا هريرة قد أُيِّد بهذه الأحاديث إما لفظاً وإما معنىً. فيكون أنك تتهم... أبو هريرة إذاً، حسناً، ألغِ واحذف أبو هريرة بأحاديثه كلها هكذا وارمها، ستظل السنة كما هي. لماذا؟ لأن ما أوردته يأتي عن طريق آخر وعن طريق ثالث وعن طريق عاشر وعن طريق مائة، فإذا لم نفعل شيئاً هكذا كان هناك نزاع. بينك وبين سيدنا أبي هريرة بالذات يعني تكرهه. حسناً، نوضح ذلك هكذا: مرة الإمام مالك قال كان هناك شخص من الرواة عندنا هو محمد بن إبراهيم بن أبي يحيى. هذا محمد بن إبراهيم بن أبي يحيى
كان الإمام مالك غاضباً منه. لماذا؟ لأي شيء بينهما أو ما شابه، فقال: أنا لا أحل. الرواية عنه الإمام الشافعي روى عنه روى عن محمد بن إبراهيم بن أبي يحيى. أنا الآن لدي إمام كبير مثل الإمام مالك يقول لك: "لا، أنا غاضب من هذا الرجل". وبعد ذلك لدي إمام كبير آخر مثل الإمام الشافعي يروي عن محمد بن إبراهيم بن أبي يحيى، فأنا أريد... حقه في محمد بن إبراهيم بن أبي يحيى هذا، فذهب الإمام البيهقي وجمع كل الأحاديث التي رواها محمد بن إبراهيم بن أبي يحيى، فوجدها حوالي مائة، مائة وبضعة، مائة وعشرين، فتتبع كل واحدة منها ليرى هل يوجد في جيل محمد بن إبراهيم بن أبي يحيى الذي هو شيخ زميل لمالك. وشيخ الشافعي هل
يا تُرى أتى بشيءٍ خاطئ فلم يجد، قال إذا كان محمد هذا مثل الفول، حسناً، الإمام مالك غاضب منه، نعم ليس منا، لم يتدخل، ولكن أنا لي شأن بمعرفة العلم، وانظر إلى الموضوعية، وانظر إلى الشخصية، يعني انظر إلى الفرق بين المنهجين، فالإمام البيهقي نام وهو مرتاح أنه سيأخذ. رواية محمد بن إبراهيم بن أبي يحيى ويعتمد عليها ويطمئن إليها لأنها قد أُيدت من غيره، وأن ما ظنه مالك في أنه ينسى، أو أنه يجزم، أو أنه يخطئ، أو أنه يتهاون، أو أنه كذا، غير صحيح. ويبقى جزى الله مالكاً خيراً أن نبّهنا على شيء جال في ذهنه وفي خاطره لحماية حديث رسول الله. الله لكن في نفس الوقت القواعد العلمية
يجب أن تأخذ مجراها ونوثق محمد بن إبراهيم بن أبي يحلى فجأة يقول لك الشافعي الآن يريد أن يشير إلى هذه القصة فيقول لك ماذا؟ حدثني الثقة. قالوا يعني من هو المقصود بالثقة؟ فظلوا يبحثون في الروايات التي نقلها هذا الثقة، فوجدوا فلاناً وعلاناً ومحمداً. ابن إبراهيم بن أبي يحيى أيضاً أيضاً يعني هو يُصنّف على أنه يا جماعة هذا ثقة وهذا ليس صحيحاً. من أين يأتي هذا الكلام؟ من بحث علمي. حسناً، أنا لا يعجبني ولا يتوافق مع مزاجي لهوى أو لشبهة قامت عندي، ولكن القواعد والعلم أولى بالاتباع، وأستطيع بالاتباع أن أقدم القضية. فهناك أحاديث صحيحة عندنا ولكن اتخذنا فيها المنهج العلمي لتوثيقها، وهناك
أحاديث أيضاً عندهم، يقول لك: "قال جعفر الصادق". أنت في الحقيقة لم تنتبه أن جعفر الصادق أصبح معصوماً كرسول الله، يعني ما يقوله يكون صحيحاً وانتهى الأمر. فإذا صح الأمر عنه بالسند حتى لو خالف، يصبح هو الأساس. الذي سنفهم منه الدين هو الفعل بينه وبينهم، فأنا أقول له: إنك بهذا قد جعلت العربة أمام الحصان، وليس الحصان أمام العربة. أنا أريد - هداني الله وهداك - أن نضع الحصان أمام العربة. المنهج إذن هو الذي نستطيع أن نسير عليه، ويتكرر دائماً، ويكون قابلاً للتكرار. جميل، هذه المشكلة التي بيننا وبينهم. مشكلة في الحقيقة هي في المشرب، نحن مشربنا قليلاً علمي وهم مشربهم قليلاً عاطفي. عاطفي نعم. مولانا الإمام، هل استخدم الشيعة التقية في رواية الأحاديث أو في رواية السنة بشكل عام؟ الخطورة ليست
في هذا، وإن كانت نعم قد استُعملت هكذا، ولكن الخطورة في المواقف الحياتية. يعني أنا عندما... آتي لأجلس مع الشيعي لكي أنشئ بيني وبينه جسراً، فيقوم الناصب ويقول لي ماذا؟ يقول: هذا يكذب عليك. قلت له: لا، هذا يقول كذا وكذا وكذا، ها هو. قال: لا، هذا يضحك عليك. هكذا يصبح منهج الشك، أي يولّد الشك في قلوب الناس من هذه التقية، لأنني لا أعرف إذا كنت... أأنت تتقي الله الآن أم تقول الكلام الصحيح الذي سنسير عليه؟ فهذه أمور تؤثر في الحياة هكذا في هذه النقطة يا مولانا. نعم، نعم، لأنها تتعلق بمواقف الحياة. يعني أنا أريد أن أتعامل معه وأريد أن أبني بيني وبينه جسوراً، وأريد أن أفعل أشياء جميلة كثيرة.
فمثلاً عندما نجلس مع... إخواننا وفيما بعد نقول لهم: يا جماعة، لا تحاولوا الدعوة إلى المذهب الشيعي في وسط المصريين، والبلاد التي لا يوجد فيها تشيع اتركوها على حالها، لأن وحدة المذهب والتكاتف فيها لها علاقة قوية بالأمن المجتمعي وعدم الشتات وعدم الضياع وعدم غير ذلك. ولو حدث مثل هذا، فعلى فكرة، لن يستفيد منه أحد. أحد من المسلمين هذا الذي سيستفيد منه الملحدون، فلو سمحتم أنتم لديكم شعبكم ونحن لسنا ندعو فيه إلى التسمم ولا أي شيء، واتركوا لنا هكذا من فضلكم. هذا كان مثلاً أحد الموضوعات، فيقول لك: حسناً، وعلى فكرة نحن لا نفعل هكذا، ثم أصبح الواقع كذا. حسناً، هل
هذا هو النزاع؟ بين القيادات وبين القاعدة، القاعدة تعمل بدون قيادة، يعني أين الحقيقة؟ ماذا يا مولانا؟ لا أعرف، إنها مسألة محيرة. فأنا الآن عندما أجد سيلاً من الكتب تنزل باستمرار تشكك في أهل السنة والجماعة وأقول لهم: يا جماعة، يقولون لي: حسناً، أحضر كتاباً واحداً. نحن طبعناه هنا، لا، ما من كتاب واحد طبعناه، بل أنتم ترسلونه. لا، نحن لا نرسل. آه، هذه تحتاج إلى قاضٍ الآن. إنها هكذا، ليست تحتاج أنا، هذه تحتاج إلى قاضٍ. لنحقق الآن في الموضوع، لنحقق في الموضوع. يا أستاذ، الحقيقة أن هذه الطريقة هي طريقة عدم الصفاء، نحن نجلس مع القيادة، خلاص. لن نصل إلى شيء لأنه يقول أنا لن أفعل ولن أفعل، هل تفهم؟ جاء نجاد وكان رئيساً للجمهورية، فتحدثنا
مع أحمد نجاد، تحدثنا معه في الأزهر بصراحة ووضوح، وكلمه فضيلة الإمام بأن يتوقف عن هذا، فقال كلاماً مشابهاً. أنت يا سفير، أنت قائم بالأعمال، هذه الأمور ممنوعة إطلاقاً، حسناً، ولكن ماذا عن الواقع؟ يقول ماذا؟ نعم، الواقع كان يقول إنه بالرغم من هذه التحذيرات وهذه المواجهات المباشرة، فإن مجمع البحوث الإسلامية يحيل إلينا سيلاً من كتب الشيعة. حينئذٍ أصدق من؟ لقد ارتسم على وجه الرجل ما يوجب أن أصدقه. حسناً، إذاً هناك انفصال بين القيادة والقاعدة، فالقاعدة تعمل في... موضوع والقيادة منشغلة في موضوع آخر، أو هو توزيع أدوار. إذاً نحن ننبههم على هذه الأمور حتى نصل إلى ما هو الأفضل لنا جميعاً،
وهو أن نحل المشكلات العلمية تهيئة للنزول إلى القاعدة، فلا يكون هناك القتال ولا الدم المهدر ولا فرق الاغتيالات ولا الحرس الثوري ولا غير ذلك. إلى آخره مولانا الإمام، لماذا لا يوجد في إطار التقريب الذي ندعو إليه كثيراً وجود مشروع علمي ينتج عنه كتب تجمع الأحاديث المشتركة بين الشيعة والسنة؟ مشروع للجمع الوارد عند الفرق الثلاث، فنحن لدينا الإباضية ولدينا الشيعة ولدينا الجمهور الذي هو أهل السنة والجماعة، لدينا ثلاثة مشارب. أو ثلاثة مذاهب، إذا أردتَ أن تقول وبالتفصيل، الشيخ الطفيش من الإباضية ألّف
كتابًا مهمًا في أواخر القرن التاسع عشر واسمه "جامع الشمل". جامع الشمل أورد فيه ما تطلق عليه سيادتك هذه الروايات التي اشترك فيها ابن أبي الربيع المعتمد عند الإباضية، والكتب الستة المعتمدة عند كذا، والكتب الأربعة التي... معتمدة عند الشيعة هي التي رووها هنا وهنا وهنا وهنا وذهب يؤلف كتاباً اسمه جامع الشام للفكرة القديمة وطُبع، ثم بعد ذلك سلطنة عُمان طبعته مرة ثانية لكنها طبعة جديدة، وكذلك أحد إخواننا السيد الجلالي الحسيني وهو عراقي لكنه يعيش في أمريكا قام بهذا المشروع وطبعه سنة ألف وتسعمائة. مائة اثنين وثمانين وفي سنة ألف وتسعمائة اثنين وثمانين خرج جامع الأحاديث وذكر
فيها هكذا وعند إخواننا أن الجملة تعد اسمها حديث فوجد خمسة عشر ألف جملة مشتركة وقال إن هذا يكون بداية جيدة للانطلاق إلى ما بعده. بعد ذلك دولة إيران الإسلامية أعدت حوالي اثنين وعشرين مجلداً في هذا المعنى الذي هو هيئة التقريب، كل هذه المجهودات على مستوى النخبة لا يسمع بها إلا المتخصصون، ولكنها لم تنزل على مستوى القاعدة وأمور الناس. مولانا فضيلة الشيخ الدكتور علي جمعة وعضو كبار العلماء بالأزهر، شكراً لكم، رضي الله عنكم دائماً مولانا،
شكراً لكم، دمتم في رعاية الله. وآمنة، سلام الله عليكم ورحمته وبركاته. مساكين. شكراً.