والله أعلم | فضيلة الدكتور علي جمعة يوضح حقيقة الخلاف المذهبي حول السنة | الحلقة الكاملة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ افْتَحْ عَلَيْنَا فُتُوحَ الْعَارِفِينَ بِكَ. أَهْلًا بِكُمْ فِي هَذِهِ الْحَلْقَةِ الْجَدِيدَةِ مِنْ بَرْنَامَجِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ، لِنَسْعَدَ دَائِمًا بِصُحْبَةِ صَاحِبِ الْفَضِيلَةِ مَوْلَانَا الْإِمَامِ الْأُسْتَاذِ الدُّكْتُورِ عَلِي جُمْعَة وَتَوْضِيحَاتِ كِبَارِ الْعُلَمَاءِ بِالْأَزْهَرِ الشَّرِيفِ لِنُوَاصِلَ هَذِهِ. القراءة المتأنية جداً في منهجية الإصلاح والتجديد، ولتجيبنا على كل هذه التساؤلات والأسئلة الصعبة الملحة. حينما يؤدي واجب وقته سنسأله اليوم عن ذلك الخلاف المذهبي أو بين قوسين ما بين السنة والشيعة
حول السنة، وحقيقة هذا الخلاف، وهل الشيعة يرون فقط الأحاديث التي أتت عن طريق أهل البيت، ومن يروي حقاً. عن البيت السُّنة أم الشيعة أسئلة كثيرة أطرحها على صاحب الفضيلة مولانا الإمام. أهلاً بفضيلتك، أهلاً وسهلاً بكم، مرحباً مولانا الإمام. هل حقاً في قراءة حقيقية واقعية جداً ومتأصلة، هل هناك خلاف ما بين السنة والشيعة حول السنة؟ بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله. وآله وصحبه ومن والاه، انطلق أهل السنة من حقيقة وهي أن المعصوم الذي عصمه الله سبحانه وتعالى وجعله مثالاً يُقتدى به، وإنساناً كاملاً، وأسوة حسنة، هو سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومن دونه من الصديقين ومن الخلفاء الراشدين المهديين ومن العلماء والمفكرين ومن الأولياء والأتقياء. والأنقياء إنما
هم قد يصلون إلى حالة الحفظ من الله سبحانه وتعالى فلا يرتكبون المعاصي ويقيمهم الله في طاعته، لكنهم لا يوصفون بالعصمة. هذا هو المنطلق الأساسي الذي خالف فيه الشيعة أهل السنة، وأهل السنة هم تسعة أعشار الأمة. الشيعة لا تزيد إطلاقاً عن كذا في المائة يعني أنا إلى... كما أشارت فضيلتك، الحقيقة أنه أقل من العشرة إن كانت من الناحية العددية والإحصائية، ولذلك هم أنفسهم في كتبهم يقولون "العامة" على أهل السنة، ويقولون "الجمهور" على أهل السنة، فهم يعرفون هذه الحقيقة، إنها أوضح من الواضحات، وإن الإحصاء يؤيدها، فإذا كنا نحن ملياراً ونصف. ففي مائة
وخمسين بكثير، ويعني مائة مليون شيعي، وفي مليار وأربعمائة مليون من السنة. أثّر هذا في عدد العلماء، أثّر هذا في الكتب، أثّر هذا في أشياء كثيرة. لكن من أين أتى هذا الخلاف؟ أولاً هو أننا رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أول شيء أنه معصوم. الخلاف... الثاني الذي أثّر في تلك الروايات والذي أثّر في بنائية العلم كله هو أننا رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بلّغ ما عنده ولم يكتم شيئاً، وليس عندنا أسرار بنائية، ومعنى ذلك أنها مفتوحة. استقبلنا وفد نجران المسيحي، واستقبلنا اليهود في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم منذ ذلك الوقت. العصر
الأول في الحقيقة أنه ليس لدينا شيء اسمه هذا كتابنا وهناك كتاب سري أو هذا يعلمه العوام وهذا يعلمه العلماء. هناك بعض المذاهب والملل وغيرها إلى آخره يقول: "لا، الناس تنقسم إلى قسمين: مكلفين وغير مكلفين، فالمكلفون فقط هم الذين نعلمهم الشريعة، لكن غير المكلفين يجب ألا يعلموا الشريعة فتكون..." هناك ما تُسمى بالكتب السرية والحركات السرية والشريعة السرية، نحن لم نكن كذلك وقلنا إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بلَّغ كل ما عنده، تركنا على المحجة البيضاء. الشيعة قالت بل إنه صحيح أنه لم يُخفِ شيئًا ولم يكتم شيئًا، لكنه صرَّح
للعموم بغالب الشريعة لكن اختص الأوصياء وعلي. على رأسهم علي بن أبي طالب في المكان الذي هو، تلك الأجزاء المحذوفة هذه، بملح المقصود يا مولانا، فأنا لا أعرف، فهو اختصه، اختصه، فهو ليس معروفاً، لكنه اختصه، وعلي أفصح عن بعضها، ثم إنه اختص الحسن ثم الحسين بشيء منها أو بها، يعني أعطاهم إياها. الباقي يعني أنه هذا هذا سر فالحسين بلّغه لمحمد باقر رضي الله تعالى عنه، محمد الباقر بلّغه إلى جعفر الصادق، جعفر الصادق بلّغه إلى ابنه إلى منتهى، وهذه الأجزاء إنما هي مع الأوصياء، وهؤلاء
الأوصياء معصومون كعصمة النبي، فأصبح بيننا وبينهم هذه النقطة، قلنا لهم نحن ليس عندنا معصوم إلا. سيدنا رسول الله وإخوانه من النبيين والمرسلين ممن أوحى الله إليهم، ممن جعلهم أيضاً قادة وسادة لقومهم، حتى هذه العصمة من أجل أن نضمن تقليدهم وأن يكونوا حججاً على الخلق أمام الله. قال: وكذلك الأوصياء. يبقى إذا كانت العصمة مستمرة، فهذا رفضناه، وقضية أننا نخفي شيئاً، هذه أيضاً رفضناها. أنه ليس هناك ما يخفى وهم عندهم أننا قد نتكلم بكلام يلائم الظاهر
والمجتمع الظاهر ويسمونها بالتقية، وهذا أيضاً هو عنصر من العناصر ليس عندنا نحن أهل السنة والجماعة، لا، ليس عندنا، فالتقية هذه ممنوعة لأننا نعدّها وكأنها من أنواع الكذب، هم يقولون لا، هذه ليست من. أنواع الكذب هذه من أنواع حكاية مذهب الخصم، يعني عندما يأتي ويجلس معك ويقول لك: ما رأيك في الحكومة الحالية؟ وأنت خائف من الحكومة الحالية، هو يستدرجك. هم يقولون هكذا، هو يستدرجك، فأنت تقول: الحكومة الحالية وهل يوجد أفضل من ذلك؟ الحكومة الحالية هذه شيء جميل جداً، الحكومة... حسناً، أنت... عقيدتك هكذا أيها الأخ؟ قال لي: لا، ليست عقيدتي هكذا. قلت له: حسناً، لماذا تكذب؟ لم
لا تقول: لا، أنا أنتقده في كذا وكذا، وأخطِّئه في كذا وكذا؟ قال: لا، فهو يؤذيني ويضربني ويهينني ويسيء إلي، فأنا يجب أن أخفي عليه وأتحدث معه بما يوافق مذهبه، يعني بما يحب أن يسمع. فقلنا له: "هذا نوع من أنواع الكذب". قال: "لا، هذا ليس نوعاً من أنواع الكذب، هذا نوع من أنواع الوقاية". فسمّوها تقية. التقية أو التقية: "إلا أن تتقوا منهم تقاة". فيا تقية يا تقية! فهذه الأمور قضية، وهناك أشياء تفصيلية أخرى، لكن هذه كانت أهم شيء عندنا في هذا. التلقي القضية التي بعد ذلك التي بيننا وبينهم التي اختلفت فيها الروايات واختلفت الأحوال هي قضية أن من له حق الرواية عن رسول الله، فقالوا: هم أهل
البيت فقط، وهو إسناد واحد فقط، ما حدثتكم به من حديث فعن آبائي عن رسول الله، أي يكون جعفر الصادق سنة مائة. وخمسين عندما يروي أحدهم حديثاً لا يذكر سنده لماذا؟ لأنه كأنه قال: حدثني أبي محمد الباقر، قال: حدثني أبي علي زين العابدين، قال: حدثني أبي الحسين بن علي رضي الله تعالى عنه، قال: حدثني أبي أمير المؤمنين علي، قال: حدثني رسول الله، لكن دون أن يقول قلنا لهم. حسنًا، فلتضعه في كل روايتكم هكذا. قال: لا نستطيع لأنها غير واردة بهذه الطريقة. إن جعفرًا رضي الله تعالى عنه يقول: قال لي رسول الله، وبينهما مائة وخمسون سنة. أهل السنة، لا، أهل السنة كان لديهم منهج توثيق علمي. الحقيقة أنني أستطيع
أن أقول وإخواننا الشيعة ينبغي أن هم... لا يغضبوا أبداً أن هذا منهج علمي وهذا منهج عاطفي. المنهج عند الشيعة منهج عاطفي، والمنهج عند أهل السنة منهج علمي، ومنهج علمي متأصل. نعم، هذا هو الفرق بينهم. هذا منهج علمي، وهم يرون في المنهج العلمي شيئاً من الجفاف والجفوة والقسوة وعدم رعاية الحب. آل البيت رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم نقول لهم دائماً إننا نحب آل البيت حباً شديداً كالسكر الذائب في الشاي، ولكن يجب أن نلتزم بالعلم لأن هذا العلم ليس شيئاً بسيطاً ولا شيئاً تافهاً حتى تظن أن العاطفة مقدمة على هذه القواعد. هذا العلم يبحث عن الحقيقة ويوصل إليها.
يجب علينا أن نرتقي بالعلم، في الحقيقة هذا مُجمل ما هنالك من البداية التي بدأتم بها سيادتكم، وهي تعني ما هذا الخلاف. هذا الخلاف هو أن طائفة من الناس ظنت أن العصمة باقية، وظنت أن الرواة محدودون للغاية، وظنت أن مسألة ذكر مذهب الخصم جائزة، وهناك ظنون هم الآن في العصر. الحديث قالوا لا لم نقل هكذا فقلنا لهم حسناً جيد خير وهو أنهم سمّوا هم هم يدّعون هكذا يقولون هكذا أنهم سمّوا الروايات الشاذة والقراءات الشاذة سمّوها تحريفاً فقالوا بأن القرآن في جملته يعني
محرف قلنا لهم القرآن غير محرف ومنقول بالتواتر قالوا نحن معكم الآن في عصرنا هذا بعد أن حصلت مدارسة وتفاهمات ودراسات قالوا: نحن معكم فعلاً، هو ليس محرفاً. قلنا لهم: ماذا تقصدون بكلمة "محرّف" هذه؟ قالوا: القراءة الخاطئة الشيطانية، أي أنه حدث خطأ في قراءة القرآن، أي أن شخصاً يخطئ. يعني كان حمزة الزيات وهو يقرأ - وكان أبوه يبيع الزيت - فعندما يقرأ القرآن يقول: "ذلك الكتاب". لا ريب فيه هدى للمتقين فأبوه سمع قال له يا حمزة ليس هكذا، قال له إذن كيف؟ إنها مكتوبة هكذا "لا ريب فيه"، قال له لا يا أبي "لا ريب فيه" أنت تنتبه "لا ريب" مثل "لا زيت" في الرسم يعني في
هيكل الكلام، والولد لأنه صغير ولأنه أرى الزيت خارجاً وداخلاً وما إلى ذلك، فهذا يعني أنه فهم أن القرآن لم يقع عليه زيت، فقال له: لا. فاهتم حمزة بالتلقي والحفظ والعلم، فأصبح إماماً كبيراً من أئمة القراءة، وأصبحت قراءة حمزة تتصدر القراءات الموجودة. نعم، فالخطأ ليس خطأً، لا تقل القراءة شاذة، لماذا تقول إنها محرفة؟ قال... لكم حقٌ. كفى، لقد اعترفوا الآن يا مولانا، اعترفوا لأنه كان هناك شخص يُدعى نوري الطبرسي، والشيخ النوري في الحقيقة ارتكب أيضاً شيئاً من النسق الذي تدعو إليه العصبية. هذا النسق الذي
تدعو إليه العصبية هو أنه ذهب وألّف كتاباً أسماه فصل. الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب وقد جمع كل الروايات عبر التاريخ التي تقول أن الكتاب محرف عن الشيعة وذهب لطباعته. وعندما طبعه، انزعج الشيعة، فهم لديهم أيضاً مدارس جيدة، فقالوا له: ما فائدة ما تفعله؟ إن الكلمة لها معنى وهكذا إلى آخره، ثم تأتي... جمعهم كلهم في كتاب واحد يعني كأنك تؤكد علينا أننا ارتكبنا هذه المصيبة وتقول أن الكتاب حُرِّف
فعلاً، يعني قال أنا اعتقدت هكذا وذهب وألَّف كتاباً آخر أظن اسمه "اللباب في الرد على من انتقد فصل الخطاب". الكتاب الأول، الكتاب الأول يعني مصنوع لكن جمهور الشيعة ليسوا كذلك وقالوا. يا جماعة أبداً، هذا المعنى كان مرة هناك شخص عندنا هنا كان مفتي روسيا، ومفتي روسيا هذا ذهب ليتعلم في تركيا، وكان يعرف قليلاً من الروسية وقليلاً من الفارسية وقليلاً من التركية وقليلاً من المصرية العربية، خليط جميل، خليط. وكان هذا الرجل اسمه موسى جار الله رحمه الله، توفي هنا في القاهرة في... مباراة محمد علي، أعرف مباراة محمد علي التي
في مصر القديمة، وكان بيت الأمراء، بيت محمد علي باشا الكبير الذين هم أمراء الأسرة المالكة، كانت بينهم وبينه علاقة طيبة، ولذلك فجاء إلى مصر في أواخر حياته وكان عليلاً، كان لديه يبدو شيء في الصدر أو نحو ذلك إلى آخره، هذا الرجل. ذهب وادّعى أنه ذهب إلى إيران وجلس في قم لمدة سنة كاملة وفهم ما يقولونه، وطرح عليهم عشرين سؤالاً. فكانت الأمور التي نتحدث عنها هي من الأسئلة التي كتبها موسى جرل، فاستهانوا بها، أي اعتبروها أسئلة مكررة أو عادية، فلم يردوا عليها، فعاد إلى هنا وذهب مؤلفاً. كتاب اسمه الوشيعة في الرد على دين الشيعة. الوشيعة في الرد على
دين الشيعة. فتنبهوا إلى أنه هذا رجل قدم لكم الأسئلة ولم يحصل جوابها. بدؤوا يردون عليها في كتب، فكان من ضمن الذين رددنا عليهم الموسوي شرف الدين الموسوي. فشرف الدين الموسوي هو الذي أخذنا منه. منها القضية هذه أن التحريف بمعنى القراءة الشاذة، وأن التقية بمعنى رواية مذهب الخصم، وأن العصمة بمعنى الحفظ، وأن كذا. يعني كأنهم اعتذروا عن الخمسة الكرام الذين كان بيننا وبينهم فاصل. ونعود لنستكمل الإجابات على التساؤلات التي لدي. ابقوا معنا دائماً. أهلاً بحضراتكم مولانا
الإمام، الأسئلة من خلالها. نقف عند المشهد بكل تفاصيله حينما نقرأه هذه القراءة المتأنية من خلال منهجي مولانا الإمام مولانا. الخلاف بين السنة والشيعة حول السنة هل له علاقة سياسية؟ السياسية هذه في المنشأ، لكننا لا نتحدث في المنشأ. خلاص الفرقة نشأت والفرقة حدثت ونحن نتحدث في الواقع الآن. لدي الآن خريطة. فيها شيعة وسنة، لكن لماذا يوجد شيعة أصلاً؟ ولماذا يوجد أناس انحازوا لسيدنا علي وأناس انحازوا للجمهور وسيدنا
أبي بكر وعمر وعثمان وغيرهم إلى آخره؟ لماذا قاتل أناس في صف علي ولماذا قاتل آخرون في صف معاوية؟ نعم، قد ترجع هذه الأمور إلى بعض القضايا السياسية بل وقد ترجع... أيضاً إلى بعض الأمور الدستورية القانونية. ما هو أصل وجهة النظر هذه؟ لقد حدث ما حدث والأجيال ذهبت إلى ربها، فما بالنا الآن؟ نحن غير راضين أن نقطع الشوط ونتفاهم ونتحدث عن ماهية القضية. في الحقيقة، تنبه الشيعة لهذا الأمر في أواخر القرن التاسع عشر وبدأوا في الاتصال بأهل السنة ومحاولات الاتصال بأهل... السنة وما بين الشيعة وأهل
السنة عبر التاريخ يصنع الأحداث، يعني كانت هناك محن وفتن وفرقة شديدة، وكل واحد يقرأ في كتاب الآخر شيئاً يرميه ويفعل هكذا. ميزة الشيعة أن الاجتهاد عندهم مرتبط - وهذا حق - بالواقع، والواقع متغير، فالاجتهاد لا بد منه في كل عصر، وهذا... يجعلهم أكثر دراسة لعلوم المعقول، وهذا دفعهم إلى التفكير: ما الذي نفعله مع أهل السنة؟ فلنجلس مع بعضنا. وبدأت وفود الشيعة تصل إلى مصر منذ أوائل القرن العشرين المبكر، سنة ستة وسبعة وثمانية ألف وتسع مائة،
وبدأوا يتصلون ببعض رجال الأزهر، وبعض رجال الأزهر يقعون عنهم في... أولاً نتحدث عنهم في البدايات، نعم، ونحن نتكلم الآن في سبعة وثمانية وتسعة، وبعض الناس قالوا لهم: حسناً، ماذا لديكم؟ وماذا هناك؟ أخبرونا هكذا، ماذا تريدون أيضاً؟ باللطافة والحلاوة التي تتميز بها الصدر المفتوح والقلب المفتوح الذي تُعلِّمه الدراسة الأزهرية. فالحقيقة أنهم، يعني طبعاً، لا يزالون، لا يزالون، لا يزالون. الحوار في بدايته كان حينها الحوار في بدايته، فترى أيضاً غير قادر على ترك التعصب، غير قادر، عاطفة عاطفة جياشة، يقول: "والله هذا الكلام لا ترضى عنه أمي فاطمة"، ويبكي. هؤلاء الشيعة الذين يقولون... الشيعة، أتنتبه
كيف أن أمي فاطمة غضبت من أبي بكر؟ كيف لا أغضب منه أنا؟ أيضًا ويبكي بدموع، يعني مسألة عاطفية. حسنًا يا سيدي الله يحفظك، السيدة عائشة توفيت وسيدنا أبو بكر توفي وأمير المؤمنين علي توفي والجميع توفوا، ونحن الآن في موقف أن الخلافة ستنهار، وأن هناك مرحلة استعمارية، وأن أرضنا محتلة بالإنجليز، يعني ما الذي مات؟ هيا نضع أيدينا في أيدي بعضنا. وكي نقف هكذا كلمة واحدة ونرى هذه الخلافات لننظمها ونحدد ما نستطيع تجاوزه وما لا نستطيع تجاوزه لنحله بشكل صحيح، هذا الكلام يا أستاذ أخذ جدالاً في الوفود القادمة والذاهبة والقادمة
والذاهبة أربعين سنة، وفي سنة ألف وتسعمائة وأربعين تقريباً. اتفق الصندوق القمي رحمه الله مع مجموعة من الأزهريين منهم الشيخ شلتوت، ومنهم عبد العزيز عيسى الذي أصبح فيما بعد وزيراً لشؤون الأزهر، ومنهم الشيخ البقوري الذي أصبح فيما بعد وزيراً للأوقاف بعد السواح، ومنهم الشيخ محمد محمد المدني الذي أصبح فيما بعد عميداً للشريعة، ومنهم الشيخ رحمه الله منصور. رجب وهذا مات صغيراً منهم، هكذا فطاحل هؤلاء وتولوا مناصب وكذا،
وقالوا له: نحن ليس عندنا مانع أن نبحث ونستمع لبعضنا البعض. الله، ليس تقريباً ناتجاً من الهوى أيضاً ومن العاطفة ومن أنني هيا نتقارب لأننا أمة واحدة، لا، دعنا نرى يا أخي ماذا عندكم وماذا عندنا. ما هي الكتب المعتمدة وأين هي؟ قالوا: والله مصادرنا تكون في أربعة مصادر أساسية: الكافي للكليني، والتهذيب، والاستبصار، ومن لا يحضره الفقيه. قال لهم: طيب، سنجلبها ونقرأها. هذه أربعة كتب مقابل الستة التي لدينا يا مولانا. مقابل الستة التي لدينا بالضبط، كتب الستة التي هي البخاري ومسلم وأبو داود وابن. وأحياناً يضيفون إليه ليصبح السبعة الذي هو الموطأ يوم في أربعة كتب كبيرة هكذا، هي الأساس الخاص به. قلنا لهم: حسناً، لا بأس، أحضروها
ونقرأها ونتناقش حولها ونرى ما القصة، هل يوجد مشترك أم لا، هل يوجد خلاف أم لا، هل يوجد كذا إلى آخره. فلنذهب إلى الأصول. فأنشأ مجلة اسمها رسالة الإسلام، وتولى رئاسة تحريرها الشيخ محمد محمد المدني رحمه الله تعالى، وهذا شيخنا وأستاذنا. وصدر أول عدد منها في سبتمبر عام ألف وتسعمائة وتسعة وأربعين، واستمرت خمسة عشر عاماً. أعتذر عن الخطأ، إنها ألف وتسعمائة وتسعة وأربعين، وليست أربعين. لأنها استمرت خمسة عشر سنة وانتهت سنة خمسة وستين، أليس بدايتها عام تسعة وأربعين؟ هذا صحيح هكذا. فظهرت المجلة، المجلة
خمسة عشر سنة عندي كلها في مكتبي، أبحاث رائعة متميزة، أبحاث علماء، مشكلات، نجلس هكذا من الطرفين، من الطرفين. اكتب لي، انظر ما معنى التقية هذه التي... أنت تتحدث عنها كما نعتقد أننا نظنها كذباً، اكتب لي مقالة جيدة وافية عنها، فيكتب مقالة ويقول: "إن التقية هذه الواردة في كتبنا معناها كذا"، ويذكر الآخرين. حسناً، نحن نسمع أنكم تكفرون الصحابة، فيقولون: "استغفر الله، استغفر الله، لا لا"، حسناً فقط اجلس. أصبح أصبح دعونا نرى أنتم ألستم تكفرون الصحابة يا رجل، فأنتم تشتمونهم على السبحة، هؤلاء الصحابة. قالوا: لا لا كيف نكفر الصحابة؟ الذي يكفر الصحابة سيكون مخطئاً، سيكون أعمى
وليس من العلماء. قلنا لهم: إذاً ما معنى العبارة؟ قال: لا، العبارة يجب أن نفهمها بتأنٍ وهكذا، فتصبح شيئاً واحداً. واحدة، حسناً، هيا قل لي ما هي هذه العبارة. قال: "لا يا أبا راه، إنني مختلف مع الصحابة والاختلاف مع الصحابة قد يرقى إلى تخطئتهم". هم الذين يقولون هكذا يا مولانا. نعم نعم، يقولون أنني مختلف مع الصحابة، لست مسروراً منهم، أنتقدهم انتقاداً مشروعاً. فأقول إن الصحابة الكرام... وأقول الكرام وأقول رضي الله عنهم يعني أخطأوا في كذا وكذا وكذا، فهذا يكون دور النقد. نقول لهم: "حسناً، هذا موجود". وإن كنا نحن في أهل السنة ونحن نفعل هذا، نفعلها بطريقة أنيقة
قليلاً، بطريقة مؤدبة. ما أناقتها؟ أقول: "ذلك مبلغ علم عمر"، نعم، رضي الله تعالى عنه، أقول. سيدنا، أي أن هناك نوعاً من أنواع الاحترام. أنا لم أقل أن عمر مقدس، بل قلت إنه معصوم، وأقول إن هذا مبلغ علم سيدنا عمر رضي الله تعالى عنه. ما معنى مبلغ علمه؟ أي أنني أخالفه، هل تفهم؟ فهذا النقد وإن كان حاداً بعض الشيء عندكم، لكننا ننتقد. أيضاً ونحن لا يوجد عندنا رسم للصحابة إطلاقاً نهائياً، نحن يُؤخذ منهم ويُرد، وما إلى ذلك، ويُستأنس بقولهم، ولكن الطبقة الثانية تطورت من النقد إلى نوع من أنواع التجريح. الطبقة الثانية من الشيعة يا مولانا، نعم، حسناً،
اسمح لنا أن نذهب إلى فاصل ثم نعود لنرى هذه الطبقة الثانية وصلت إلى أي مدى من التعبير. ونرى الثالثة والرابعة والثالثة والرابعة أيضاً. فاصل ونعود إليكم. اتقوا معنا، يقول سيدنا: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ" أو كما قال. صدق سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم. مولانا الإمام، الطبقات الثانية من الشيعة كيف كانت تتعامل مع السنة، مع الصحابة، مع الصحابة. المسألة قالوا لنا لا، نحن أولاً يعني شيء ليس الطبقات، يعني جيل بعد جيل، لا صنف منها يُنتقد، وهذا أظن أنه جائز. قلنا لهم: طيب، جائز أنك تنتقده وترفض مذهبه وتقول أنه أخطأ في هذا الفهم أو كذا إلى آخره، لا يوجد مانع لأنه ليس معصوماً، فقالوا: بس. في الواقع، البعض منا تجاوز أيضاً، وكما تقول
أنه جرحه، أي قلنا لهم إن الجرح نوعان: جرح رواية وجرح شهادة. والصحابة معزولون من ناحية الرواية حتى لو رُدّت شهادتهم، فإن روايتهم باقية. وبدأنا نكلمهم كلاماً علمياً كان محور التاريخ في علم الجرح والتعليل، ولكن بعضهم تجاوز وسبّ الصحابة. قال الله، حسناً الآن... أنت تقول إن الصحابة كأحد الناس وليسوا معصومين. افترض أنني يا أخي أخطأت وسببتهم، فهل سأذهب من الدار إلى النار؟ أم ماذا سأفعل؟ قلنا لهم: لا، هناك طائفة غالت وكفّرت. إذاً، إذا كنا لا نستطيع أن نفعل، لا نستطيع أن نقول إن الشيعة تكفّر الصحابة، لا، فقط بعض من الشيعة وليس جماهيرهم. الشيعة لا تُكفِّر الصحابة، عندما قالوا لنا ذلك، هم
الذين يقولون لنا، يقولون لنا هكذا. فذهب الناس الذين لا يحبون الشيعة وبحثوا في كتب الشيعة، فماذا وجدوا؟ وجدوا مصائب كثيرة. لدينا كتاب المجلسي الذي ألَّفه المجلسي، وعندما ألَّف هذا الكتاب، تم طباعته في إيران في خمسة وعشرين مجلداً. هذا اسمه "بحار الأنوار" جمع فيه كل الأخبار التي رويت في كتب الشيعة، صدر في خمسة وعشرين مجلداً مطبوعاً على الحجر، أي بخط اليد. وعندما قاموا بطباعته حديثاً، صدر في مائة وعشرة مجلدات. وقد كنت في معرض الكتاب فذهبت لأشتري نسخة لأن النسخة القديمة لم تعد متوفرة، فأصبحت لدي. الآن بعد أن اشتريتها، وبعد أن أصبح كل شيء موجوداً في المكتبة، حتى كتاب "فصل الخطاب" هذا الذي أحرقوه وأتلفوه، لدي أيضاً نسخة أصلية منه.
فالمجلسي ألّف المئة وعشرة كتب، اشتريتها في صندوقين مغلقين ومختومين. "بحار الأنوار" هذا، نعم مولانا "بحار الأنوار"، عندما فتحتهما ورتبت المئة وعشرة مجلداً. وجدت من ثمانية وعشرين إلى اثنين وثلاثين ناقصين تسعة وعشرين وثلاثين وواحد وثلاثين واثنين وثلاثين وثلاثة وثلاثين من ثمانية وعشرين حتى أربعة وثلاثين. ثمانية وعشرين وبجانبي أربعة وثلاثين. استغربت وقلت: الله! أين المجلدات الخمسة هذه؟ هذا لا يمكن أن يكون الرجل أخذها لأن الكراتين مغلقة ومستوية ليس فيها شيء. هذه ناقصة، وهي مصممة للمائة وعشرة مجلدات. فرحت عندما منّ الله علينا بالخمسة والعشرين، فذهبت لأجد أين
الجزء الذي أسقطوه، إذ هناك خمسة مجلدات قد سقطت هكذا. هذه هي النسخة الحديثة التي لديك. النسخة التي عندي تنقصها خمسة مجلدات، وهذه المجلدات الخمسة هي الموجودة في النسخة القديمة. نعم، فعندما جاءت القديمة، هذه القديمة اشترتها بثلاثة آلاف جنيه سنة كم؟ كان سنة تسعين. نعم، لأنك تسأل عن السنة لمعرفة كم كانت قيمتها في وقتها. نعم، كانت بألف دولار. المهم أنني وجدته يسب الصحابة، فسألت الناشر، وظللت أتابعه حتى وصلت إلى الناشر. وسألته قلت له: "لماذا أزلتَ المجلدات الخمسة؟" قال: "تهدئةً للموقف بين السنة والشيعة". قلت له: "أحسنت، انتبهت جيداً، فنحن منذ البداية، منذ بداية القرن العشرين، ونحن نحاول
أن نمد أيدينا ونحاول أن نتقارب وأن نفتح الأبواب ونفتح المجالات، ولكننا نريدها بالطريقة العلمية وليس بالطريقة العاطفية". أنا استحسنت ذلك. هذا الرجل ذهب ليكون سبب الفتنة. افترض يا أخي أن هناك أشخاصاً عبر التاريخ أخطأوا وشتموا، فذهب حاملاً الشتيمة ويجري بها. حسناً، أليست هذه نكتة لطيفة؟ قلت له: ولماذا لم تقل ثمانية وعشرين أو تسعة وعشرين؟ فقال لي: لأنه سيكون خائناً. نعم، لأن هناك جزءاً ناقصاً ونحن ننقصه بعينه. أنه يسب الصحابة الكرام، قلت له: حسناً. استحسنت منه هذا التصرف، طبعاً طبعاً، لأنه يهدئ البال، لأنه يعلن موقفاً جديداً يجب أن نراه. لا يأتي واحدٌ ويقول إنهم يسبون الصحابة ويشتمونهم. يا أخي، لقد تخلوا عن ذلك، فماذا يفعل الشيعي الآن؟ يعني
قال: لا، يجب أن يُدخل الله الشيعة. لا، نحن الذين بيننا وبينهم قضايا، وهذه القضايا هي الخمسة التالية: البداء، تحريف القرآن، الصحابة، التقية أو التقية، العصمة. هؤلاء هم الخمسة الذين بيننا وبينهم. والله إذا أوّلوها مثلما فعل موسى، مثلما فعل شرف الدين الموسوي، فأهلاً وسهلاً، سنقبل هذا التأويل وتمضي الأمور. وهناك أمور أخرى في الفقه يمكن التعامل معها. ليس هناك بيننا وبينهم أي خلاف أبداً، ولذلك عندما قمنا بإعداد الموسوعة الفقهية جعلناهم مذهباً من المذاهب الجعفرية، وتم اعتمادهم وأصبحوا يُدرَّسون في الأزهر يا مولانا، ويُدرَّسون في الأزهر. اسمح لي مولانا، سنكمل هذا الحديث إن شاء الله غداً ونجيب على ما تبقى لدينا من تساؤلات، ولكن اسمح لي أن نستأذن المشاهدين. ورَدُودُهُم على سؤالنا
على الفيسبوك: "ما رأيكم في التقريب السُّنِّي الشيعي؟" حول السنة النبوية، الأستاذة إحسان علي تقول: "الشيعة لا يؤمنون بكتاب البخاري ومسلم، ورأيت الناس منهم على الإنترنت يفرحون بالتشكيك فيهما، وعندما سألتهم لماذا، قالوا نحن الشيعة ولا نحب البخاري ومسلم". الأستاذة هالة تقول: "لا للتقارب وإنما العمل". على السلام وعدم التطاول بيننا، الأستاذ هشام يقول قرآن واحد ونبي واحد وصلاة واحدة وصيام واحد، فلماذا الفرقة؟ يعني نقول غداً موقف أهل السنة من رواية الأكابر سيدنا علي وسيدنا الحسين وسيدنا الباقر من أهل البيت، وما هو موقفهم هم أنفسهم؟ ما رأيك أن أهل السنة روت أكثر؟ ما رأيك أنه أهل... السنة روت متى يعني؟ يعني المسألة لا تحتاج إلى هذا. إذا كانت الحجة هي حب البيت، فنحن نحب البيت أكثر
من كثير من الناس. إذا سنجيب على سؤال من روى عن البيت. السنة لا تفعل ذلك مولانا الإمام. شكر الله لكم. ننتقل بكم دائماً على خير. شكراً لله الذي جمعنا، والله. الكبرى والميعاد لله عز وجل. وبالأمس الشريف بتنا في رعاية الله وأمره إلى اللقاء.
.