وقال الإمام | أ.د علي جمعة | الحلقة 01 | احترام التراث

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. لقاؤنا اليوم حول قضية في غاية الأهمية اختلف فيها الناس وتفرقت آراؤهم وأفكارهم حولها، هذه القضية هي احترام التراث الموروث من نتائج أفكار المفكرين والفقهاء والعلماء والأولياء وأهل الله ونقلة العلم الشريف عبر العصور. وفي نفس الوقت القيام بواجب الوقت وواجب الوقت له معنى يجب علينا أن نفهمه حتى نعيش
عصرنا ولا ننكر في نفس الوقت تراثنا. هذه القضية عرفت عند الأدباء والمفكرين في أدبيات القرن العشرين بالأصالة والمعاصرة. بعضهم ذهب إلى وجوب التمسك بالأصالة ولم يراع اختلاف الزمان والمكان والأشخاص والأحوال في هذه الأربعة للتغيير كما يذكر ذلك الإمام القرافي رضي الله تعالى عنه وهي الجهات التي سنستفيد منها كثيرا في لقاءاتنا لأنها في غاية الأهمية لأننا نريد في النهاية أن نحقق مقاصد الشرع الشريف وأن نحقق مصالح الناس وأن نراعي المآلات حتى نراعي مستقبل أبنائنا
وأحفادنا نريد أن نهيئ لهم الأجواء نريد أن نترك هذه الأرض لمستقبل أكثر إشراقا وأكثر استقرارا وأكثر تمكينا في سبيل الله وفي سبيل عمارة الأرض وفي سبيل تزكية النفس. التراث الإسلامي الموروث وهو نتاج هذا الفكر العظيم تمثل في مدارس فكرية تحدثت عن الإيمان وعن كيفية حفظه. هذه المدارس تمثلت في مدرسة مثل مدارس المعتزلة مثلا، ولكن الذي شاع وذاع وأخذ مساحة كبيرة جدا
من جمهور الأمة مذهب أبي الحسن الأشعري رضي الله تعالى عنه، وهناك مذهب آخر يشبهه ولا يختلف معه إلا في مسائل معدودة، وفي كثير من الأحيان يكون الخلاف بين المذهبين لفظيا وهو مذهب أبي منصور الماتريدي رحمه الله تعالى، وكلاهما من علماء القرن الرابع الهجري انتقل إلى رحمة الله في أوائل هذا القرن أبو الحسن الأشعري والأشعرية اقتنع بها جمهور الناس وذلك لأنها كانت وسطا بين التفكير السلفي المقيد بالكتاب والسنة والذي
يريده كل مسلم ويريد أن يكون طريقه مع الله مقيدا بالكتاب والسنة والكتاب والسنة هما المصدران الأساسيان والحقيقيان لدين الإسلام من جانب ومن جانب آخر أعمال العقل والاطلاع على الفلسفات المختلفة للبشر والأسئلة المختلفة التي تجول بأذهانهم وكيف نجيب عليها وكيف نستعمل هذا العقل في عرض الإسلام للعالمين لأن الإسلام نسق مفتوح أبو الحسن الأشعري عندما جاء التزم بالكتاب والسنة والتزم بالمعقول ولم ير أي نوع من أنواع التناقض بين صحيح المنقول وصريح المعقول،
هذا المزج الذي قام به أبو الحسن الأشعري قرب المسافة جدا بين المعتزلة وبين أهل السنة الذين كانوا قبل الإمام الأشعري، فهم كل منهم الآخر، ولذلك نرى المعتزلة بعد الأشاعرة في خفوت وانسحاب من الساحة الفكرية، وقليل جدا من الناس هم الذين ما زالوا يحتفظون بهذا يتمسكون بمدرسة المعتزلة بعد وجود المدرسة الأشعرية فالمدرسة الأشعرية صاغت وجهة نظرها المقيدة بالكتاب والسنة بألفاظ اصطلاحية ترجع إلى المنطق اليوناني وترجع إلى كلام الحكماء والفلاسفة دون الخروج
عن الكتاب والسنة، حققت إن استطعنا أن نقول بعبارة واضحة المعادلة الصعبة التي بحث عنها كثير ممن كان قبل الإمام أبي الحسن الأشعري مكنه من ذلك أنه تتلمذ على المدرسة الاعتزالية، ومكنه من ذلك أنه تتلمذ أيضا على المدرسة السنية، ومكنه من ذلك وقبل ذلك توفيق الله له بأن يخرج شيئا للناس نافعا للأمة. ما زال الأزهر الشريف يدرس وبعمق وعلى مستويات مختلفة المدرسة الأشعرية. هذا موروث يريد بعض الناس أن يتحرروا منه ونحن نقول لا، هذا الموروث
له مناهج وله مسائل. كيف كان يفكر أبو الحسن الأشعري؟ كان يفكر بطريقة معينة يمكن أن نستنبط معالمها لأنه لم يسجل هو نفسه كيف كان يفكر، لكن نحن بدراسة أقواله وتتبعها يمكن أن نسجل هذا المنهج الذي كان عليه أبو الحسن الأشعري ويمكن بعد ذلك ألا نقف عند أقواله أو مسائله التي أثارها لأن بعد ذلك نشأت فلسفات كثيرة بعضها إلحادي وبعضها مادي وبعضها ينحي قضية الألوهية ولا ينكرها وبعضها يتكلم عن النسبية المطلقة ويهتم بقضية
هذه النسبية حتى في الفنون وفي الآداب وفي الطعام وفي الشراب وفي الحياة وفي جميع أنواع مراحل الإنسان وهكذا أصبح لدينا مدارس مثل الوجودية ومثل الشيوعية ومثل الفلسفة الليبرالية ومثل فلسفة ما بعد الحداثة ومثل ما بعد ما بعد الحداثة وهكذا في ما لا يتناهى من مدارس وأفكار لنا أمامها موقف، هذا الموقف يمكن أن نستفيد بمنهج أبي الحسن الأشعري رضي الله تعالى عنه حتى لو لم يتكلم فيما بعد الحداثة ولم يتحدث عن
فلسفة كانط أو عن الفلسفة الوجودية ولا عن برتراند راسل أو سارتر وإنما هو بمنهجه الذي إذا ما تبنيناه كنا مقيدين من ناحية بالكتاب والسنة وكنا قائمين في الوقت نفسه بواجب الوقت وهنا تأتي فكرة واجب الوقت فلكل وقت واجبه ولكل وقت طريقة في التعامل معه لأن الزمان يتغير والأفكار تتغير والوقائع تتغير والأماكن تتغير والعلاقات البينية تتغير فالعالم لا يقف عند موقف واحد وليس ثابتا على حالة واحدة ومن أجل هذا التغير المستمر لا بد لنا من أن نغير أيضا
طريقة تعاملنا للوصول إلى الأهداف نفسها التي كان يريدها السلف الصالح أن يصل إليها ووصلوا فعلا إليها، استطاعوا أن يلخصوا فلسفة اليونان ومنطق اليونان، استطاعوا أن يرفعوا منها ما يخالف الكتاب والسنة وعقائد المسلمين، استطاعوا أن يصوغوها بصيغة يفهمها كل أحد في العالمين، استطاعوا أن يدخلوا مع الفلاسفة في نقاشات فلسفية وفي نقاشات علمية، استطاعوا الحقيقة أن يؤدوا دورا كبيرا من مساحة كبيرة من الفكر أبو الحسن الأشعري إذ له مناهج وله مسائل، لا نريد أن نقف عند مسائله عن موقفه أو موقف من سبقه كالإمام أحمد بن حنبل مثلا من
قضية خلق القرآن، لا نريد أن نقف عند كلام البخاري مثلا ومحمد الذهلي عندما يختلفان حول خلق أفعال العباد. لا نريد أن نقف عند هذه المسائل التي شغلت البال وكانت من المهم أن تعالج في وقتها وفي عصرها إلا أنها خرجت من الاهتمام أو من بؤرة الاهتمام في عصرنا الحاضر، نحن الآن أمام فلسفة الجندر نحتاج إلى أن نستوعبها وأن نتفهمها ونعرف الفرق بين المساواة والتساوي، هل هناك تساو؟ بين الرجل والمرأة وأن هناك مساواة وما الفرق بين المساواة وبين التساوي هل
هناك حرية للإنسان وما مدى هذه الحرية والفرق بين الحرية وبين التفلت والعلاقة بين الحرية الشخصية وبين المقتضيات المجتمعية ما الفرق الذي نعيشه في قضية البحث العلمي ومدى الحرية فيه مثلا أبحاث كثيرة لها إجابات على منهج الأشعري إلا أنه لم ينطق لا هو ولا علماء المدرسة عبر التاريخ بها، إذا نخلص من هذا إلى أنه يجب علينا أن نحترم التراث احتراما بليغا، ولكن لا ننسى واجب الوقت، وذلك بالتفريق بين المناهج والمسائل، فنأخذ مناهجهم ونطورها
وننطلق منها ونزيد عليها، ونأخذ هذه المناهج لنعالج بها بعد تطويرها. والزيادة عليها وصياغتها بصيغ جديدة نعالج بها المسائل الحديثة لأن هذا هو واجب الوقت الذي يكلف به العلماء من أراد أن ينقل من الكتب دون اعتبار للوقت فهو مخطئ من أراد أن يتغاضى عما حوله وأنه لا فائدة فيه وأنه أصبح عالما لمجرد أنه فك شفرة التراث أو قرأ كتبا التراث فهو مخطئ من أراد أن يقف عند مسائل السلف وأن يوقف الزمان وأن يتصور أن الدنيا
غير متطورة وغير متغيرة وغير ثابتة فهو مخطئ، الذي لا يفرق بين المطلق والنسبي هو مخطئ. إذن لدينا ما يسمى بواجب الوقت وهو أن نهتم بعصرنا وأن نتعامل معه وأن نبلغ دين ربنا. بصورة لافتة للنظر وأن نجيب على تساؤلات العالمين التي تثار في أذهانهم مهما كانت، لأننا عندما آمنا بالإسلام وشعرنا بحلاوة الإيمان، وإذا ما اتخذنا من تراث السلف الصالح ذخيرة نستطيع أن نبني عليها وأن نجعلها أساسا للانطلاق وأن نجعلها أداة بين أيدينا نطورها بقدر استطاعتنا إذا استطعنا أن نفعل ذلك فقد قمنا
بواجب الوقت مع احترام هذا التراث، كثير من الناس يريد أن يقول أن الزمان قد تجاوز هذه المناهج والمسائل معا، ولذلك فلا بد لنا من إلغاء التراث، هذا شأنه في تصوره كشأن من أراد أن يرجع الزمان ويبحث عن قوة البخار بعد ما توصلت البشرية إلى استعمال هذا البخار في تسيير القاطرات وفي تسيير البواخر وتطور هذا إلى البنزين ثم إلى الكهرباء ثم إلى الطاقة الشمسية والطاقة النووية ثم بعد ذلك هذا المسكين يريد أن يرى إبريق الشاي وهو يعلو ويهبط من قوة البخار
كما رأى إديسون منذ أكثر من مائة وخمسين سنة لا بد أن نستفيد من تجربة السنين من العقول المتكاثرة التي فكرت في المناهج التي وراء هذا الكلام وهي مناهج قادرة على المواجهة ولكن أكثر الناس لا يعلمون أن الذي ينكر حقيقة التراث قرأ عن التراث ولم يقرأ في التراث ولذلك ترى هناك هذا النزاع الذي يعبر عنه الأستاذ يحيى حقي في بعض كتابته حول النزاع بين العمامة والطربوش أي النزاع بين التراث والمعاصرة أو بين الأصالة والمعاصرة
أي النزاع بين القديم والحديث وهكذا. هذا النزاع نشأ من عدم اطلاع كل فريق على ما قاله الآخر وإنما ينظر إلى تصرفات ذلك الفريق الذي درس التراث وعاش في التراث وتمسك بالتراث تمسكا قد يكون فيه شيء من الجمود وقد يكون فيه شيء من المحافظة على القديم لكنه في الوقت نفسه قد يكون فيه أيضا نسيان لواجب الوقت وعدم القيام بهذا الواجب مما يجعل الفريق الآخر يظن ويرى أن هذا ليس مناسبا فيتفلت منه بالكلية ويتمسك هؤلاء باعتبار أن الوافد إنما هو وافد غريب على جسم المسلمين أن
يحدث هذا النزاع السخيف بين الأصالة والمعاصرة، والإمام أبو الحسن الأشعري علمنا كيف نعيش عصرنا ولا ننكر تراثنا، وهذا هو المنهج الذي علمنا إياه والذي يمكن أن نستفيد منه في جزئياته وفي كلياته. ما يقال بشأن علم الكلام يقال أيضا بشأن الفقه، لدي ثروة فقهية نتجت من عقول تأملت في الكتاب والسنة، لدي أكثر من خمسة وثمانين مذهبا من الأئمة المتبوعين، اشتهر منهم الأربعة من أهل السنة: أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد بن حنبل، وبقيت أربعة أخرى إلى اليوم
موجودة في كتبهم، موجود من يقلدهم من المسلمين وهم الجعفرية والزيدية والإباضية والظاهرية، هذه المذاهب الثمانية. ما زالت معمولا بها ومأخوذا بها وهناك من يوسع الدائرة فيأخذ من الفقه الواسع وهناك أسس للاختيار الفقهي يمكن أن نفرد لها لقاء خاصا نتكلم عن ضوابط الاختيار الفقهي هذه الثروة كما عدها بعض الأحناف تصل إلى مليون ومائتي ألف فرع فقهي تقريبا هو يقول مليون ومائة وسبعين ألف فرع وأنا أجبر الكسر وأقول مليون ومائتا ألف فرع فقهي، تخيل لدينا هذا الكم الهائل وهو في دائرتين،
بعضه مجمع عليه لم نر فيه خلافا بين المسلمين كوجوب الصلاة والحج والزكاة وحرمة الخمر والخنزير وبعض شؤون البيع والشراء والزواج، الجميع يقولون إن الربا حرام، الجميع يقولون إن الزنا حرام، وأن السرقة حرام، الجميع يحبون الصدق ويكرهون الكذب، وهكذا مساحة قطعية وإن كانت محصورة وعدد فروعها قليل حتى أن بعضهم قال إنها لا تعد من الفقه. هذه المسلمات: الظهر أربع ركعات، هذا ليس من الفقه. الظهر واجب، هذا ليس من الفقه، ولكنه من المسائل التي تشبه الفقه كفعل بشري له. حكم الفعل البشري الذي له حكم يكون من مسائل الفقه، إذا
فالصلاة واجبة من مسائل الفقه. قالوا لا، لما كان الأمر مجمعا عليه فإن الفقه مبناه الظنون، مبناه المسائل المختلف فيها. قلنا فلماذا يذكرون في كتبهم أن الصلاة واجبة؟ قالوا هذا من باب الشيء بالشيء يذكر، فإلى هذا الحد اتفقوا. الجميع على مساحة تمثل هوية الإسلام تمثل المجمع عليه تمثل الإسلام الذي لا يمكن لأي شخص مسلم أن يغيره أو أن يناقش فيه أو أن يجتهد في هذه المساحة اجتهادا جديدا، المساحة الأخرى محل خلاف اختلفت فيها أنظار الفقهاء فنرى للشافعي رأيا ونرى لأبي حنيفة رأيا مخالفا ونرى لابن شبرمة رأيا ثالثا وللأوزاعي رأيا رابعا وللليث ولأحمد
بن سليمان وهكذا لدرجة أن الإمام الواحد تختلف آراؤه وتختلف الرواية عنه حتى أنه قد نص ابن حمدان في الرعاية الكبرى على ثمانية عشر قولا للإمام أحمد بن حنبل في مسألة واحدة وهناك كثير من تسعة أقوال في الرعاية الكبرى لعبد العزيز الخلال الواضح أنه يروي أقوالا كثيرة جدا وليس الإمام أحمد وحده، بل إن الإمام الشافعي له مذهب قديم في العراق وله مذهب جديد في مصر وكأنه قد غير رؤيته ومذهبه وذلك لتكاثر الأدلة التي أخذها من المصريين ولاختلاف بعض العادات التي رآها في مصر ولغير ذلك من
الأسباب استنبط قواعد جديدة فهما جديدا لبعض النصوص، وحل إشكالات التعارض بطريقة جديدة لم تكن من قبل، وبالرغم من ذلك ترى الشافعية يتمسكون بأكثر من واحد وعشرين فرعا من الفروع القديمة، أي يقولون حتى عندما جاء ليغير رأيه من القديم إلى الجديد، نحن نرى أن الدليل مع القديم أقوى من الجديد والقواعد مع القديم أقوى من القواعد مع الجديد ولذلك يأخذون بالجديد ويتركون القديم ولكن الواحد والعشرين مسألة هذه يأخذون فيها ويفتون فيها بالقديم إمام واحد وله هذه المساحة من الاختلاف وهذه المساحة من تجديد النظر
واجب الوقت أن نجتهد مرة أخرى كما اجتهدوا وهذا يحتاج إلى تمكن في اللغة العربية وتمكن في معرفة مساحة الاتفاق ومساحة الاختلاف لأن المتفق عليه لا يجوز أن نخالفه والمختلف فيه وما أكثره وهو المساحة الواسعة الكبيرة هي التي يجوز أن نخالف فيها وأن نختلف فيها أيضا، هذه النوازل وهذه الفتاوى وهذا الفقه عبر التاريخ نستطيع أن نستفيد منه بالاختيار الفقهي من أجل تحقيق المصالح. العباد والبلاد وهذا هو واجب الوقت من أجل تحقيق المقاصد الشرعية المرعية من أجل مراعاة
المآلات وترك المستقبل الزاهر لأولادنا من أجل تبليغ دعوة الإسلام للعالمين وإلا نكون حجابا بين الخلق والخالق ونكون صورة سيئة تصد عن سبيل الله بغير علم ومن دون أن نشعر إذا ففي مجال الفقه لدي ثروة لا يمكن أن نهدرها، ومن أجل ذلك لا بد لنا من أن نحترم التراث، ولكن أيضا ألا نقف عند مسائله بل نتجاوز ذلك إلى مناهجه ونطورها ونستعملها من أجل الوصول إلى هذه الغايات السامية، مصالح العباد والمقاصد الشرعية والمآلات المرعية والدعوة إلى الله على بصيرة، وكل هذه الأشياء
الحقيقة هي واجب الوقت ما يقال في هذا يقال عما بذله التربويون المسلمون عبر التاريخ فيما أطلق عليه بالتصوف وهو مراعاة درجة الإحسان كيف نخلي قلوبنا من القبيح وكيف نحليها بالصحيح المتأمل في برامج الأمم المتحدة التي تدعو إلى القيم والأخلاق في تربية الأطفال والشباب يجدها لا تخرج عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ما هذا؟ هذا وضع عجيب غريب يبين أنه أرسل رحمة للعالمين، ولو تمسكنا بكل خلق من تلك الأخلاق لوجدنا
فيه حديثا نبويا، ولوجدنا فيه موقفا نبويا يربي أصحابه على الوصول إلى هذا الخلق عن طريق التدريب حتى تصير ملكة عند الصحابة، هذا ما وجب ولا بد علينا من أن نحترم تراثنا وأن نبني عليه، الذي حدث في التصوف كانت تجربة إنسانية رائعة تموج بالرحمة وبالحب وبالعبادة وبالإنسانية، تموج بالأخلاق الكريمة بين المسلم وبين ربه وبين المسلم وبين كونه وبين المسلم وبين الآخرين، يمكن أن ننشئ منها شيئا عظيما يلفت أنظار العالمين، وعندما
أقول يلفت أنظار العالمين أنا لا أقول إنهم يدخلون في الإسلام ولكنهم يحترمون الإسلام عندما يطلعون على حقيقته الله سبحانه وتعالى هو الهادي ولكن ما علينا إلا البلاغ وينبغي أن يكون البلاغ بصورة لافتة للنظر ما على الرسول إلا البلاغ إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إنا أعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقها وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا فأرجل العذاب والحساب إلى يوم القيامة وجعلنا هنا نبلغ ونقول لهم لكم دينكم ولي دين وما أنت عليهم بمسيطر
ولذلك خلقهم باختلافهم ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم، وأحد أوجه التفسير أن ذلك يعود على الاختلاف الذي هو سنة الله سبحانه وتعالى في خلقه، ولكن بالرغم من ذلك لدي واجب ووقت هذا الواجب يتمثل في تزكية النفس وفي تصحيح السيرة حتى نكون تلك الأمة الوسط التي تحدثت عنها سورة البقرة وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا أنا أرى أنه من ألزم اللوازم وأوجب الواجبات أن نحترم تراثنا وألا نتخلى عنه وإلا كنا أضحوكة في وسط العالم ولكن وبالتوازي وفي الوقت
نفسه يجب علينا أن نقوم بواجب وقتنا وأن ندرك هذا الواجب أن نطلع على عصرنا وأن نعرف كيف نتعامل معه، شكرا لكم وإلى لقاء آخر.