وقال الإمام | أ.د علي جمعة | الحلقة 03 | نقل الدين لمن بعدنا بصورة صحيحة

وقال الإمام | أ.د علي جمعة | الحلقة 03 | نقل الدين لمن بعدنا بصورة صحيحة - قال الإمام
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. من أهم المهام أن ننقل هذا الدين لمن بعدنا بصورة لافتة للنظر وبصورة صحيحة، ولذلك فإنه يجب علينا أن نتعلم ما يمكن أن نسميه بفك شفرة التراث. كثير من المتخصصين من طلبة العلم لا يحسنون قراءة النصوص القديمة ولذلك لا بد لنا من أن نتعلم كيف نقرأ هذه النصوص المصاغة بأسلوب معين سيطر على عقل الكاتبين فيها ولمدة طويلة المنطق ولذلك
فإن دراسة المنطق في باب التصورات وفي باب التصديقات أمر لا بد منه مثل تعلم الخط ومثل تعلم الإملاء فهي أمور مساعدة لكنها لا بد منها من أجل التواصل عن طريق الكتابة، صياغة الجملة المفيدة، كيف نقف، كيف نتعامل مع المصطلحات، كيف نتعامل مع الرموز، كيف نفهم مقتضيات الكلام ودلالات الألفاظ في سياقها وسباقها ولحاقها، هو المعني بقضية فك شفرة التراث وهو الذي حاولته في إحدى الدورات
التدريبية وخرج بموجبه كتاب الطريق إلى تراثنا هذا الكتاب يحاول أن يفك شفرة التراث، هذا جزء من نقل هذا الدين لمن بعدنا بصورة لافتة للنظر. لا نريد قطيعة ثقافية بيننا وبين تراثنا، ومن أجل ذلك لا بد لنا أن نهتم اهتماما بليغا بهذه القضية وأن نفصل فيها وأن نتدرب عليها وأن نكتب فيها. ما التصور للعالم أذهان هؤلاء الناس كان التصور أن هناك جوهرا وهناك عرضا والجوهر قائم بذاته لكن العرض يقوم في الجوهر ولا يقوم بذاته وصفات
هذه الأعراض أو أقسامها تسعة وعند المتكلمين اثنان وهذه التسعة مع الجوهر العاشر يسمونها المقولات وهناك علم كان يدرس إلى وقت قريب في الأزهر الشريف وهو علم المقولات وعلم المقولات كان يدرس كملحق لعلم المنطق، كيف كانوا يتصورون العالم في أقاليمه السبعة، كيف كانوا يتصورون دلالات الألفاظ والعلاقة بين اللفظ والمعنى والعلاقة بين الكتابة وبين المعنى القائم في الذهن وبين اللفظ الجاري على اللسان وبين الحقائق الموجودة في خارج الإنسان، كل
هذا أثر في تفكيرهم وأثر في صياغاتهم. وهو من المهم أن نستوعبه وأن نسترجعه من أجل معرفة شفرة التراث كجزء من نقل هذا الدين لمن بعدنا، هناك أيضا حقائق واهتمامات يجب علينا أن نهتم بها، فمثلا فرض الله علينا الصلوات، وفرض الله علينا استقبال القبلة، وفرض الله علينا صيام رمضان، وفرض الله علينا الحج وجعله في أشهر معلومات لما فرض الله سبحانه وتعالى علينا هذا كان من الواجب علينا أن نعرف كيف نحدد مواقيت الصلاة وكيف نحدد القبلة وكيف نحدد
هلال رمضان وكان السلف الصالح يهتمون جدا بهذه الأمور حتى سموا هذا العلم الذي يتحدث عن مواقيت الصلاة وعن سمت القبلة وعن هلال الأشهر العربية بعلم الهيئة وعلماء الهيئة راعوا في هذا المعنى القائم في الدين وما زال علم الهيئة يدرس في الأزهر إلى أواخر النصف الأول من القرن العشرين، بعد ذلك حدث ما يمكن أن نخشى من أن يكون انقطاعا معرفيا. والحمد لله إن قسم الجيوديسيا في جامعة الأزهر في كلية الهندسة يقوم بالمهمة،
لكن أيضا الخطباء وأكثر طلبة العلم لعدم دراستهم هذا ولعدم وجود مناهج في الجامعات ولا في المدارس تعلمهم هذا الأمر من الناحية العلمية فإنهم لا يعرفون عنه الكثير نريد ألا يضيع ديننا في هذا المجال ولذلك نريد أن نعود إلى علم الفلك وإلى أن يكثر دارسوه هناك أساتذة أجلاء علماء عالميون لدينا ولكن نريد انتشار هذا حتى يعلم كل مسلم كيف يحدد القبلة وكيف يرى الهلال وكيف يقوم بمواقيت الصلاة أو على الأقل يعرف ما معنى هذا المكتوب في النتيجة،
هذا جزء من نقل ديننا لمن بعدنا بصورة لافتة للنظر، دراسة عن معنى الدرهم والدينار وقام له علم متخصص اسمه علم النميات كثير من الطلبة حتى لا يعرف هذا الاسم النميات ولا ما معناه هو علم القطع المعدنية التي تستعمل كنقود وعلم الأوسمة والنياشين في تاريخها وتطورها ودلالتها إذن علم النميات هذا علم سيعرفني ما قيمة الدرهم وما قيمة الدينار وارتبطت أحكام شرعية متعلقة بالكفارات ومتعلقة بالزكاة ومتعلقة بالصدقات ومتعلقة بالدية
ومتعلقة بغير ذلك بالدرهم والدينار، ما الدرهم وما الدينار؟ سؤال يجب أن نهتم به لا على مستوى المتخصصين العظام بل على مستوى الثقافة السائدة التي تقرأ كلام ربنا وكلام سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فتفهم وتفهم بعمق. ورد في السنة الوسق والدانق والدرهم والدينار وورد ألفاظ كثيرة. جدا وورد أيضا في كتب الفقه الكيلة والويبة والأردب والقدح وقاسوا عبر العصور كانوا ينقلون الدين بصورة لافتة للنظر بين الصاع والمد وبين
القدح والكيلة وكذلك إلى آخره وهناك مقارنات وأبحاث تمت عبر العصور في كل عصر يقومون فيه من أجل نقل هذا الدين لمن بعدنا فيما قد لا يهتم به الفقيه اهتماما أصيلا ولكن له علاقة بالفقه وله علاقة بنقل هذا الدين فلا بد لنا أن ندرك هذا المعنى أيضا، لا بد لنا ونحن ننقل هذا الدين بصورة لافتة للنظر أن نتفهم معاني الآيات بعمق وأن ندخل الحقائق العلمية الثابتة في المسألة، قضية الجروح قصاص لدينا أسئلة
ينبغي علينا أن ندركها إدراكا علميا وليس إدراكا تخيليا أو عاطفيا. الجروح قصاص، هل يمكن إذا ما اعتدى إنسان على آخر وأحدث جرحا فيه، هذا الجرح طوله ثلاثة سنتيمترات وعمقه سنتيمتران، هل يمكن إحداث جرح في المعتدي طوله ثلاثة سنتيمترات وعمقه سنتيمتران؟ لأن من شروط أخذ القصاص المماثلة. لا زيادة ولا نقصان، فهل هذه المماثلة ممكنة؟ نريد إجابة من الأطباء حول هذا، لأنهم إذا أجابوا بأنها غير ممكنة تكون للآية
معنى آخر وهو العفو، أي إذا أردت أيها المظلوم يا من اعتدي عليك أن تأخذ بالقصاص فعليك أن تأخذ مثله فقط ولا تزيد، وحيث أنه لا يمكن أن تفعل هذا وهذا غير مقدور عليه، إذا فليس أمامك إلا العفو. هل الآية معناها هكذا أم أن هناك معنى آخر وهو أنه يمكن فعلا إيقاع القصاص بهذه الطريقة وبهذه الكيفية؟ هل هذا يحتاج إلى نوع من أنواع العمليات الجراحية؟ وهل هذا ممكن؟ وهل الأحكام إذا ما زالت ممكنة؟ أن نفهمها وما زلنا يمكن أن نستنبطها بعض الناس قد يقولون نكتفي بما في الكتب
أنا رأيي أننا لا نكتفي بما في الكتب إن واجب الوقت الذي علينا هو دراسة ما توصل إليه العلم واستقر واستقرت عليه الحقائق العلمية وإن هذا يمثل عندنا بعدا كبيرا لتمكين التشريع الإسلامي من كل عصر وفي كل مصر نحن دعونا أمام العالمين أن الشريعة الإسلامية صالحة لكل زمان ومكان وهي صالحة فعلا لكل زمان ومكان ولكن نريد أن نبني كلامنا هذا على الواقع وأن نبني كلامنا هذا على الحقائق وأن نبني كلامنا هذا على العلم ننقل هذا الدين لمن بعدنا بصورة
لافتة للنظر ننفر منها من قوله تعالى أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما تعملون نعى الله على أولئك الذين يقبلون بعض الدين ويخفون بعضه أو يكفرون ببعضه ومن هنا كان من المهم أن ننقل ديننا على ما هو عليه، فلما تخرج دعوة عجيبة غريبة عن الجسد الإسلامي لنفي التصوف الذي هو حام لمرتبة الإحسان ومبين للأخلاق الإسلامية وموضح لها، يعني
يريد أن يذهب مقصد الدين ويريد هذا الداعي إلى نبذ التصوف أن يفسد على المسلمين أخلاقهم وتراه يحتال بكل حيلة ويخلط بين التصوف الإسلامي النقي المقيد بالكتاب والسنة الذي هدفه تخلية القلب من القبيح وتحليته بكل صحيح حتى يتجلى نور ربنا سبحانه وتعالى في قلب الإنسان فيكون عابدا لربه معمرا لكونه مزكيا لنفسه يخرج من كل هذا النطاق إلى رؤية بعض الأفعال أو الأقوال من بعض الناس المنتسبين إلى التصوف وهذا الذي كان
يعبر عنه الشيخ محمد زكي الدين إبراهيم رحمه الله أن التصوف قد ضاع وسطه بين المدعين والأعداء فهناك مدعون ليسوا من التصوف في شيء إلا البدعة والخرافة وهناك أعداء لا يعرفون الأخلاق الإسلامية ويريدون أن يكون الإنسان آلة يمكن أن يتلاعبوا بها ننقل هذا الدين لمن بعدنا بصورة لائقة للنظر يتحتم علينا أن ننقله بإسلامه وإيمانه وإحسانه، يتحتم علينا أن ننقله بكل ما في هذه التجربة الإنسانية من حب ومن سلام ومن مشاركة ومن تعاون. نقل هذا الدين لمن بعدنا
بصورة لافتة للنظر تستدعي إدراكا لواقعنا وتستدعي تمسكا بكتاب ربنا وبسنة نبينا صلى الله عليه وسلم، إلى لقاء آخر. نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته