يقال أن أصل الحروف المقطعة في القرآن الكريم اللغة السريانية فهل هذا صحيح؟ | أ.د علي جمعة

قرأت مؤخراً أن اللغة العربية أساسها اللغة السريانية، وأنه إذا تمت ترجمة الحروف المقطعة مثل ألف لام ميم تعني "اصمت"، وألف لام "اتعظ"، وطه تعني "يا رجل"، وكافها يا عين صاد تعني "هكذا يتعظ". هل هذا صحيح وهذا هو تفسير الحروف في القرآن؟ الحروف المقطعة التي في القرآن الكريم مجموعة. في قول القائل نص حكيم قاطع له سر وهي أربعة عشر حرفاً وحروف
اللغة ثمانية وعشرون، يعني هي على النصف من ذلك، والعلماء أكثروا في تفسير تلك الحروف. ومن هذه الطرق أن اللغات تنتمي إلى مجموعات، فهناك اللغات السامية ومنها الآرامية والسريانية والعربية والعبرية والكلدانية ونحو ذلك، وهناك لغات ترجع. إلى الأنجلوسكسونية، وهذه اللغات يقولون أن مجموعة
اللغة السامية تتقارب في كثير من ألفاظها، وهذا كلام قديم ألّف فيه المؤلفون، فبعضهم أرجع معاني تلك الحروف المقطعة إلى اللغة الهيروغليفية وألف فيها مؤلفاً مطبوعاً، وبعضهم يقول إنها من اللغة السريانية، وقد نسي أنه يفسرها باللغة السريانية الحديثة وليس اللغة السريانية التي نزل في أيامها القرآن ومن لهجات السوريانية الآرامية التي كان ينطق بها سيدنا عيسى على الراجح، ولما
كُتب الإنجيل القديم باليونانية اختلف العلماء: هل هو كُتب باليونانية ابتداءً، أم أنه تُرجم عن الآرامية التي هي لسان سيدنا عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام؟ قولان. فعندما يكتشف أحدهم شيئاً هو يكون... فرحاً به ولكن المصيبة ليست في هذا. أَصْمِتْ! ذلك الكتاب لا ريب فيه! اسكت! طيب! ما هو يوجد "أصمت" في لغة العرب ويوجد "اسكت"، فما الحاجة إلى التشديد على "الميم"؟ إذا كان معناها "أصمت"
فحسناً. المصيبة الثانية هي أنه يعتقد أن هذا هو الحق الذي يكفر منكره. لا يا حبيبي، هذا... نحن جالسون ألفًا وأربعمائة سنة نتكلم في هذا الكلام، وكان لدينا شيخ في الأزهر رحمه الله تعالى، كان اسمه الشيخ محمد راشد. والشيخ محمد راشد كان من كبار العلماء، وكان يدرس التفسير في الأزهر، وجلس عليه مشايخنا. نحن لم نره، فقد مات قبل أن نولد بعشرين سنة أو شيء من هذا القبيل. فجلس عليه مشايخنا وكان المقرر في الدرس حم "فصّلت" فقال: "أتحبون أن
نجلس يوماً أو أسبوعاً أو شهراً أو سنةً في حم حميم؟" فكان في أحد الطلاب الصعايدة قال له: "يا مولانا، يعني هاتقول لماذا يعني سنة ستتحدث في حميم سنة؟" قال له: "نعم، بالاتفاق لا تأتوا لتقولوا له." لم يخرج الشيخ إلا من سورة حا ميم قال هذا وأنا أجلس سنة ندرس حا ميم فاتفقوا على أن يجلسوا شهراً، كان يأتي إليهم كل يوم ليجلسوا شهراً في دراسة حا ميم وجهزوا الكراريس فأملى لهم ستة وخمسين في حاميم حميم، وبعد
ذلك قال: هذا مع الاختصار، أعطانا شهراً مع الاختصار لأنهم... كانوا يدرسون عشرة أشهر ويتوقفون من الخامس عشر من شعبان إلى الخامس عشر من شوال، والعشرة أشهر يعملون. قال هذا مع الاختصار، ولكن اعلموا يا أبنائي أن كل حميم هم سبع حواميم في القرآن. كل حميم لها تفسيرات أخرى، فعد الشيخ الذي هو الحاضر هذا في الكراسة فوجده ستة وخمسين تفسيرًا لحميم بالضبط. هكذا هو واعلم أن كل حميم لا تفسيرات أخرى.
المسلمون بذلوا كثيراً من الجهد، وعندما يأتي شخص ويقول: "أنا لاحظت أن (الم) أو أن اللغة السريانية فيها المعنى على مستوى الحرف، وأن (الم) تعني صمت، وأن (طه) تعني يا رجل"، حسناً، "يا رجل" هذه قالها ابن عباس أنت. أتلاحظ أنها ليست جديدة، أظن أننا لو رجعنا إلى سنة سبعة وخمسين أو ستة وخمسين، سنجد لمعنى كلمة "حميم" معنى سريانياً ومعنى عبرياً ومعنى هيروغليفياً ومعنى آخر لا أعرفه، لكن لم يفرض أحد رأيه على الناس، ولم يقل أحد للناس أن الأرض يجب أن تهدأ. لم يقولوا هكذا، قالوا والله أعلم، يعني، قالوا مع
تسليم العلم لله، قالوا كنوع من أنواع الاجتهاد، وليس نوعاً من أنواع التفاخر والتعالي واكتشاف ما لم يكتشفه الآخرون. لا، أنت لم تُحِط علماً بما قاله الآخرون أصلاً حتى تقول إنهم قالوا أو لم يقولوا. ثانياً، أنت تفسر. بالسريانية الحديثة نمرة ثلاثة، أي شيء خطر على ذهنك قله يا سيدي، لن يحدث شيء، فيها حرية. نمرة أربعة، إياك أن تتكبر. هذا ما نقوله في هذا المعنى، وهذا هو تفسير حروف القرآن فعلاً. من الذي قال هكذا فعلاً؟ سنظل نقول مثلما قال الشيخ السبعة والخمسين الستة والخمسين. هؤلاء معنى وفي النهاية نقول ماذا على سبيل الاختصار واعلموا يا أبنائي أن كل حميم فيها تفسيرات أخرى وهكذا
والقرآن لا تنتهي عجائبه ولا يخلق من كثرة الرد وأنت تريد أن تحتكر لماذا؟ أصل هو كتاب منفتح وليس كتاباً مغلقاً. قال ما حكم من صلى وعلى ملابسه الداخلية نجاسة كنقطة. هل الصلاة صحيحة أم غير صحيحة؟ "وثيابك فطهر والرجز فاهجر"، فلا بد من طهارة الثياب وطهارة المكان. ماذا أفعل وقد اكتشفت ذلك؟ هل أغير ثيابي وأعيد الصلاة مرة أخرى؟ وليس علي إثم؟ لقد اكتشفت ذلك بعد انتهاء صلاة العصر. اذهب وغير ملابسك وصلِّ العصر فقط وستكون مقبولة إن شاء الله. ما شاء الله لأنك أنت لم تتعمد الإخلال بالشروط الشرعية، إنما وقعت في خطأ وليس خطيئة.