العدل | من أسماء الله الحسنى | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. أيها الإخوة المشاهدون، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. مع اسم من أسماء الله تعالى من أسمائه الحسنى، ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها، نعيش هذه اللحظات مع اسمه العدل، والعدل صفة من صفات الله فإنه سبحانه وتعالى لا يظلم مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض، وما ربك بظلام للعبيد. والعدل أمرنا الله سبحانه وتعالى به بعد أن سمى به نفسه، والعدل مصدر يسمى به من أردنا أن
نصفه بهذا المصدر. وربنا سبحانه وتعالى يأمرنا به: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون، فكلمة العدل كلمة كبيرة وكما قالوا العدل أساس الملك، فالعدل هو الذي يقوم الملك به، لو ظلم الملك أو ظلم الحاكم أو ظلم القاضي أو ظلم الحكم تختل الأمور ويختل الميزان، ولذلك تراهم يرسمون الميزان دلالة
على القضاء العادل بكفتين ليس بينهما اختلاف وهما في مستوى واحد لأن القاضي يسمع من هذا كما يسمع من ذاك، ولكن عدل ربنا سبحانه وتعالى لا يقتصر على منصة القضاء والحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه، ولا يقتصر على الدنيا والآخرة، بل إنه سبحانه وتعالى عليم بذات الصدور وأمرنا أن تكون قلوبنا وأن يكون ما في صدورنا وهو عليم بذات الصدور أن يكون هذا القلب الذي في الصدر أن يكون عادلا منصفا فأمرنا أن نكون عادلين في الأفكار وأمرنا أن نكون عادلين
في المعيشة ونعيش مع الآخرين بالمعروف سواء مع الزوجة أو مع الوالدين أو مع الأبناء أو مع الجيران أو مع الحياة وصاحبهما في الدنيا معروفا فالله سبحان الله وتعالى أمرنا بالمعروف لأن المعروف من العدل، لا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا، اعدلوا هو أقرب للتقوى. نعدل حتى في وصفنا للأشياء، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: أحبب حبيبك هونا ما، فلعله أن يكون بغيضك يوما ما. يأمرنا بالعدل، فالعدل في الحكم
أيضا، هناك عدل في الوصف والاعتدال في المعيشة أمرنا سبحانه وتعالى وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين فالإسراف ليس عدلا والجور والظلم ليس عدلا والتطرف ليس عدلا كل هذه المعاني جعلت للعدل معنى أوسع من معنى العدل في القضاء وفي حل النزاع والخصام بين الناس سمى ربنا نفسه بالعدل تشويقا وتشريفا لعبادة أن يعلوا من شأن هذا العدل وهذه الصفة كما
سمى نفسه بالسلام لأنه أمرنا بالسلام وجعل تحيتنا السلام فكذلك سمى نفسه بالعدل لأنه أمرنا بالعدل وجعله قرين الإحسان وجعله قرين الكرم وإيتاء ذي القربى وجعله دليلا على استقامة ذهن الإنسان واستقامة عمله في الدنيا كن عادلا لأن الله يحب العدل ويكره الظلم