المجلس الثالث والثمانون من شرح متن الغاية والتقريب | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. قال المصنف رحمه الله تعالى ونفعنا الله بعلومه في الدارين آمين: فصل: وإذا وجد لُقَطة في مواتٍ أو طريق فله أخذها أو تركها، وأخذها أولى من تركها إن كان على ثقة من القيام بها. فإذا رأى الإنسان شيئًا مما لا يستقل
بنفسه يعني يحتاج إلى الحفظ كمال أو كجوهر ونحو ذلك ووجده ضائعًا، وإذا وجده التقطه في موات، أي مكان مهجور مثل الصحراء أي منطقة ليس فيها عمران، وهو يمشي فوجد حقيبة فيها نقود أو وجد خاتمًا من الماس مما يعجبه أو وجد شيئًا. لها قيمة يعني هل تُسمَّى لقطة لأنه سيلتقطها؟ أيتركها أفضل أم يأخذها أفضل؟ قال:
لا، ما دام سيسير وفق الأحكام التي قرأها في المسجد مع سيدنا الشيخ فمن الأفضل أن يأخذها، لأنه لا يضمن أن تقع في يد مَن لا يعرف الأحكام، وأيضاً من الوارد أنها تضيع أو تهلك أو تحترق إذا جاء أحد. يشعل فيها النار أي شيء يهلك على صاحبه لكنه سيأخذها ويحفظها حتى تصل إلى صاحبها أو يتصرف فيها لأنه ليس هناك في الإسلام شيء مثل ما لا مالك له فلا سائبة في الإسلام، لا يوجد شيء اسمه
هذا الشيء لا نعرف من مالكه، هذا الشيء لا نعرف من يملكه، يجب أن نعرف. من مالكها؟ هذه الطاولة ملك هذا المسجد، وهذا المسجد في ملك الله، إذاً عرفنا الحكاية. فما الذي حصل؟ الذي حصل أنني وجدت هذه الحقيبة التي فيها أموال، فالأفضل أن آخذها. وإذا وجد لقطة في موطن أو طريق فيُعرِّف بها. من الممكن أن يجدها هنا في المدينة، في الطريق فله، وليس واجباً عليه فله. خذوها أو اتركوها، يعني إذا تركها وجاء شخصٌ وأحرقها بالنار فليس لي ذنب في ذلك،
ولا آثم ولا أقول إننا السبب في ضياعها. لست أنا الذي أضعتها، أنا فقط استعملت حقي إما أن آخذها وإما أن أتركها، وأخذها أولى من تركها إن كان واثقاً من القدرة على القيام بها. وإذا أخذها سنبدأ في الاحتجاب. إذا أخذها وجب عليه أولاً أن يعرف ستة أشياء، لابد أن يذهب ويبحث. هذه هي المشقة التي تحملها لكي ينال الثواب، بحيث أنه سيلتزم بالتعريف. ماذا يعرف إذاً؟ وعاءها وهي الحقيبة، ما
لونها، أهي قماش أم جلد، وعفاصها وهو القفل الخاص بها كيف شكله، ووكاءها وهو الخيط. إذا كانت هذه الحقيبة موجودة في مثلاً قطعة كيس أو شيء ما، فأحياناً كانوا يضعون الحقيبة في كيس، وعددها بداخلها كم دولار أو جنيه مصري، لا يحدث لها شيء. ووزنها إذا كان الذهب قطعة ذهب ثلاثة أو أربعة كيلوجرامات جيدة، الكيلوجرام بالمبلغ الفلاني، الآن وصلنا إلى خمسة ملايين، فيصبح خمسة عشر. مليون جيدين يعرفه أي كل شيء عنها. رقم اثنين أن
يحفظها في حرز مثلها، يحفظها فيكون رقم واحد يعرفها، يعرفها ورقم اثنين يحفظها، ثم إذا أراد امتلاكها عرفها سنة. فيكون إذاً التعرف والحفظ والتعريف. يبحث بعد ذلك، يضع إعلاناً على وسائل التواصل الاجتماعي: "يا أهل الخير، فتاة تائهة". هكذا سيقول ماذا؟ في شيء أنا وجدته، فليذهب ويخبر الذي يعرف أنك ستجد أماً لها إلا الله، كلها تأتي لتطالب بها. قل لها لا تذم، يعني، لكن يقول:
"هناك شيء ضاع من شخص في المنطقة الفلانية في السادس من أكتوبر، نحن وجدنا شيئاً، فمن ضاع منه شيء فليتصل بالرقم الفلاني"، وسيتحقق معك مما ضاع. قال له: "ما وصف حقيبتك؟" قال: "ماركتها سامسونايت، لونها بني، شكل قفلها كذا، موضوعة في كذا، ويوجد بداخلها كذا". فإذا عرفها يكون قد عرفها، ثم حفظها، ثم عرفها. هو عندما أخذها حفظها فيما تُحفظ فيه أمثالها. أين نضع الحقائب التي بداخلها نقود؟ في الخزانة، ونقفل عليها في الخزينة، ونقفل عليها. في مكان معين أو نضعها على
باب الشقة، لا، هذا ليس مثلها، هذا ليس للحفظ. يمكننا وضع سلة القمامة على باب الشقة حتى يأتي جامع القمامة ويأخذها، لكن حقيبة فيها نقود نضعها في الخزانة، نضعها في الدولاب، كل شيء بحسبه. إذاً عرفها فحفظها فعرفها. هم قديماً يقولون لك ماذا عن... أبواب المساجد والناس كلها تذهب للصلاة، وهذا المقهور الذي ضاعت منه الحقيبة سيذهب أيضاً ليبحث عنها في المسجد: "يا أهل الخير، هل رأى أحدكم حقيبة؟" فيصبح المسجد هو مكان لقاء الأحباب. وفي الموضع
الذي وجدها فيه - فقد وجدها في الدقي - فعليه أن يذهب ليبحث في منطقة الدقي. اليوم لدينا وسائل التواصل الاجتماعي، يعمل في وسائل التواصل الاجتماعي، فإن لم يجد صاحبها أحداً تسأله: "يا جماعة، ماذا حدث؟" الذي حدث أن الرجل كان ممسكاً بالحقيبة التي فيها ثلاثة كيلوغرامات من الذهب، وبعد ذلك صدمته سيارة فتناثرت الحقيبة. عندما وجدوه مصدوماً بالسيارة، أخذوه مسرعين إلى المستشفى ثم خرج. السر الإلهي مات، فلا أحد سيسأل في حقيبة ولا أحد سيسأل في هذا، لأنه غير معروف. والله
يرحمه، لم يكن قد أخبر أن معه هذا ولا شيء. كان يفعل هكذا من وراء زوجته، ذاهب ليحضر هذا الذهب كي يتزوج به المرأة التعيسة الثانية، فهو يخفي عن زوجته الأولى أمر الفتاة الثانية التي لم تأتِ بعد. لم يتزوجها، فهو سائر في الطريق، فلا هي تعرف ماذا لديه ولا تعرف شيئاً، والسيدة المسكينة التي في البيت، التي يريد أن يتزوج عليها، لا تعرف أيضاً أنه يخفي عنها شيئاً لكي يذهب ويتزوج عليها، فهناك أناس لديهم عدة زوجات هكذا وقد أنجبوا من كل واحدة. سبعة أو شيء ما، هل أنت منتبه يا مولانا؟
حسنًا، هذا ما حدث يا جماعة، هل هناك أحد أضاع شيئًا؟ لا يوجد. وأصبح لا أحد يقول لي هذه ملك من؟ أو ما شابه. شخص يقول لي: كيف يعني؟ كيف؟ هذه ثلاثة كيلوجرامات. لقد مات الرجل ولا أحد يعرف. حسنًا، وفي الموضع الذي وجدها فيه. فإن لم يجد صاحبها كان له أن يتملكها. إذاً سيظل كم من الوقت حتى يتملكها؟ سنة يعرِّف عنها. فهو وجدها في الأول من يونيو سنة أربعة وعشرين، فيظل يدل عليها حتى الأول من يونيو سنة خمسة وعشرين. فإن لم
يأتِ أحد، يتملكها. لما تملكها هو عريان باشا، اللقطة أصلاً ليس لها صاحب. هذا ماحٍ في كل النواحي، ليس معه ولا مليم، ولكن أصبح معه الآن حوالي خمسة عشر مليوناً. الرجل جُن، اختل عقله، ولم يعد طبيعياً، أي أصبح مجذوباً. "أنا معي خمسة عشر مليوناً، أنا معي خمسة عشر مليوناً!" طيب، في هذه المدة كلها، الحقيقة أن الرجل الذي أُصيب لم يمت، هذا كان... على الأجهزة في دار الفؤاد بجانبنا هنا إفاقة
إفاقة، متى بقى؟ يوم ثلاثة يونيو. بعد أن صاحبنا تملكها، إذ هو جالس يعرفها. ماذا قال؟ هكذا تتعرف إليها وتحفظها وتعرفها سنة كاملة. عمل كل هذا، وجاء واحد يقول لي: أعلن أن هذا الشيء ملكي. خمسة عشر مليونًا جيدون أيضًا يعني. مسرور هكذا، مر واحد واثنان وثلاثة وأربعة وخمسة. الرجل أفاق، وأول ما أفاق قال: "أين الحقيبة؟ أين الحقيبة؟". قالوا: "أي حقيبة؟ أنا كان معي حقيبة". لم يكن معك شيء، أنت عندما اصطدمت وقعت على رأسك وأُغمي عليك
لمدة سنة. ما هذه الحقيبة؟ تم البحث عنها هنا وهناك. واحد من أصحاب الخير من الموظفين الذين... المستشفى قال: هذا أنا سمعت أن هناك شخصاً يقول أنه كان هناك شخص في نفس وقت هذا الرجل. مجنة كان هناك شخص يعلن عن شيء ضائع. حسناً، أين الذي جلب العمل؟ بحث عن ماذا؟ بحث. عمل بحثاً لأنني أقول بها. نعم، فعمل بحثاً وجلب المسألة وعرف العنوان. قالوا له: خلاص أنت، الحمد لله. لله تم هكذا كان أيضاً أصبحنا الآن عشرة أحد عشر اثني عشر ثلاثة عشر أصبحنا خمسة عشر والثاني صاحبنا مذهول أنه معه خمسة عشر
مليوناً هو لم يكن يأمل في خمسة عشر قرشاً أصبح معه كم؟ خمسة عشر مليوناً وجد الرجل يطرق عليه ففتح وقال له: أنت حضرتك كنت أعلنتَ منذ سنة ماضية أنك وجدت شيئاً ضائعاً. قال له: نعم، والرجل صادق. قال له: حسناً، هذا الشيء هو حقيبة؟ قال له: نعم، صغيرة. قال له: نعم، لونها بني؟ قال له: الله، صحيح! وكانت موضوعة في كيس. قال له: نعم. قال له: هي تُفتح بمفتاحين وليس بمفتاح واحد؟ قال له: نعم، قال له: "كان فيها ثلاثة كيلو دهن"، قال له: "صحيح"، قال له: "كان كل كيلو نصفين بالورقة الخاصة بهم"،
قال له: "الله، صحيح"، قال له: "كانت ثلاث تسعات، ثلاث تسعات يعني عيار أربعة وعشرين، ثلاث ماذا؟ تسعات"، قال له: "الله، هذا كلام سليم مئة في المئة، هذا أنا..." حتى أنا نفسي لم أعرف، نحن ثلاث تسعات، ثلاث تسعات هذه فتحوا الحقيبة فوجدوها ثلاث ساعات، ثلاث ساعات كل نصف كيلو من عيار أربعة وعشرين، وبعد ذلك قال له: "لأن هذه خاصتك"، قال له: "نعم"، قال له: "فلماذا لم تأتِ منذ سنة؟"، فماذا يفعل الملتقط الذي هو فرح؟ وخلاص دخلت في ملكه يقول له خلاص هذه دخلت في ملكي أم يجب أن يردها له؟ باتفاق العلماء يجب أن يردها
له. ورجع مرة ثانية عريان باشا المضر. نعم، ما بين طرفة عين وانتباهتها يبدل الله من حال إلى حال. عشرة أيام بالكاد معه خمسة عشر مليوناً وبعدين الرجل جاء ما... لم يعد معه شيء، هي هكذا أرزاقه، ويحفظها في حرز مثلها، ثم إذا أراد تملكها عرّفها سنة على أبواب المساجد وفي الموضع الذي وجدها فيه، فإن لم يجد صاحبها كان له أن يتملكها بشرط الضمان. أيضاً، ما معنى "بشرط الضمان" هذه؟ هو عندما
جاء في واحد منه والرجل فاء. قال له: "أنا سأجد الحقيبة بعد سنة، ما خلاص أي مصيبة بمصيبة، توقف، لم يقل له أحد أنه يوجد شخص أعلن أو أي شيء". صاحبنا الثاني ذهب وأخذ الذهب وباعه
واشترى ديكوراً، وجاء ليُعد شقته ويُجهزها من أجل الزواج. أصبح مشغولاً بالفرح وهذه الأمور التي استغرقت سنة في مقابله، وبعد ذلك... عندما ذهب إليه رأى الحقيبة وهي في كيسها، فقال له: "ما هذه؟ هذه الحقيبة خاصتي". فرد عليه: "كيف تكون خاصتك؟ أنت ترى هذه الحقيبة، إنها مركونة وفارغة. هذه الحقيبة كان فيها ثلاثة كيلوغرامات من الذهب، وهذا الذهب كان من عيار ثلاث تسعات، وكان الذهب موجوداً في ورقته الخاصة". وكانت هذه
الحقيبة سامسونايت، أنا أقول لك إنني أراها من هناك، هذه خاصتي، والكيس الذي في الخارج هذا خاصتي، وأنت وجدتها في المكان الفلاني حيث صدمتني السيارة الساعة كذا في يوم كذا. وظل يخبره بأشياء تدل على أن هذا الشيء ملكه. فعلياً، عندما اشترى الشقة اشتراها بحوالي سبعة أو ثمانية ملايين وقام بعمل... فيها إجراءات أيضاً باثنين ثلاثة مليون. تفضل نصف كيلو معه. جاؤوا به، فقال له: "حسناً، الآن أفضل نصف كيلو من الثلاثة". أخذه وتوكل على الله. قال له: "لا،
إنني أستحق الثلاثة كيلو كلها، لأن الشيخ قال: بشرط الضمان، يعني لو أنفقتها بعد أن تملكتها وظهر صاحبها ترد القيمة". هل كنتَ موجوداً في الدرس؟ فأجاب: نعم، أنا كنت موجوداً، والشيخ قال هكذا وأكد عليها، وهي بشرط الضمان، ليست مجرد كلام، وليست أمراً واقعاً. من أين آتي لك بها؟ ليس لدي تداخل. بِعْ يا أخي المشقة وأحضرها، وبِعْ كذا وخذ كذا. فقال له: حسناً، خُذِ النصف، فيكون لك فيه. أقسم بذمتي أنهما اثنان ونصف، وبينما كانوا جالسين، جاءه اتصال هاتفي. هذا
الشخص المفتقر جاءه اتصال يخبره "البقاء لله، عمك توفي في البلد". سأل: "كم ترك لي؟"، فقالوا له: "ترك لك سبعة كيلوغرامات من الذهب". "سبعة كيلوغرامات من الذهب؟!" فذهب وباع الأرض وأحضر هذه السبعة كيلوغرامات وأعطى للرجل الاثنين ونصف، وأصبح هو مع ماذا؟ الباقي، ولم يبع الشقة ولا أي شيء حتى لا تغضبوا. ماذا أفعل إذاً؟ أُغضِب الناس وأتركهم مقهورين؟ الرجل مات عمُّه، مات عمُّه رحمه الله، وورث منه، إذ لا وريث له سواه. لماذا فعل الله به هكذا؟ كرامةً له لأنه التزم بالأحكام الشرعية المرعية.