المجلس الحادي والثمانون من شرح متن الغاية والتقريب | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. قال المصنف رحمه الله تعالى ونفعنا الله بعلومه في الدارين آمين: فصل، وكل ما جاز بيعه جازت هبته. والهبة عطية هدية يعطيها أحدهم لأخيه بلا مقابل. فما الذي يجوز أن أعطيه كهبة؟ هل
يجوز بيع النجس قالوا إن النجس لا يُباع، فالكلب لا يُباع، والروث من البهائم وإن استُعمل في السماد وفي الوقود لا يُباع، وكل نجس لا يُباع. فإذا احتجنا إلى ذلك النجس يكون عقد آخر غير البيع اسمه رفع اليد عن الاختصاص، أي أرفع يدي عن اختصاصي بهذا الكلب لأنه في حوزتي أو هذا الروث لأنه في حوزتي، في المقابل فأكون
قد هربت من صيغة البيع التي هي منهي عنها، واستفدت بالفوائد لهذا النجس الذي قد يكون مفيداً. الكلب نجس لكنه مفيد، قد يقود الأعمى، وقد يصلح للحراسة، وللزراعة، وللماشية إلى آخره، فله فوائد. فيكون الأمر على سبيل رفع اليد عن الاختصاص. لدينا نوعان لنقل الشيء: نقل ملكية عن طريق البيع، ونقل رفع اليد عن الاختصاص عن طريق رفع اليد في الهبة. هل
يجوز أن أهب كلباً؟ حسناً، الكلب لا يجوز بيعه، إذاً لا يجوز هبته. هل يجوز وأنا عندي روث للبهائم نستفيد به في البيئة وقوداً وسماداً أن أهبه لجاري عندي أزيد من اللازم، لا، لماذا؟ لأنه لا يجوز بيعه. إذاً ماذا نفعل فيه إذن؟ هذا الروث أو الكلب يكون رفع اليد عن الاختصاص فيه من غير مقابل. نعم، يكون كأنه رفع يده فأصبح كلأً مباحاً لكل أحد أن يضع يده عليه. فهذه العبارة عبارة
قصيرة لكنها كقاعدة وكل ما جاز بيعه جازت هبته ولا تلزم الهبة إلا بالقبض. رأيتك في الشارع فقلت لك: أنا عندي دراجة نارية، تعال خذها هدية مني. أنت فرحت لأنها ستحل لك مشكلة المواصلات. ذهبنا إلى البيت وقلت للسيدة زوجتي أنني أهديت الدراجة النارية
لأحد إخواننا في المسجد، طالب علم شرعي، فقالت لي: أي دراجة نارية؟ قلت الدراجة النارية الزائدة التي عندنا. قالت: لقد أعطيتها لأخي. لن أنتظرك. أعطته لأخيها. قلت لها: حسناً، قدر الله وما شاء فعل. جئتَ أنت حضرتك أين الدراجة النارية؟ قلت لك: أي دراجة نارية؟ إن أمك التي هي زوجتي، أعني التي ذهبت وأعطته لأخيها قد أعطته لأخيها. إذن، لا يصح أن تذهب وتشكوني عند القاضي. وتقول وعدني وأخلف ما يصح
لأن الهبة لا تلزم إلا بالقبض، فلما جئتني ولم يحدث هذا سلمتك الدراجة، ركبتها ومشيت، قبضتها هكذا أصبح بالفعل في حوزتك وقبضتك ذهبت لزوجتي وقالت لي: "أنا كنت أريد أن أعطيها لأخي"، فاتصلت بك وقلت لك: "لو سمحت أرجع لي الدراجة لأنها ستعطيها لخال الابناء قلت لي. لا، ليس صحيحاً، لن أرجعها لأن الهبة تلزم بالقبض، وأنت حر في ذلك. نعم، لقد ألححت قليلاً وأخذت شيئاً يعني هكذا، لكن يحل
لك. من ناحية الحلال فهو حلال، ومن ناحية الإلحاح فقد ألححت. قلت لي: "لا يا مولانا، نحن درسنا أن الهبة تلزم بالقبض وقد لزمت في ذمتك"، فلكي تأخذها مِني لازم تتوسل إليّ بكل عزيز لديّ وتقول لي بحق سيدنا النبي اعطيني الدراجة النارية (الموتوسيكل) حتى لا تحدث مشاكل، وأنت تقول لا، أيضاً ليس فيها شيء، ليس حراماً، إنه ملكك، متى تدخل هذه الدراجة (الموتوسيكل) في ملكك؟ بالوعد أم بالقبض؟ بالقبض. هذا هو المراد من الكلام، وإذا
قبضها الموهوب له لم يكن للواهب أن يرجع فيها مثلما مثلنا هكذا وليس إلا أن يكون والد الأب فقط مع ابنه هو الذي يفعل هكذا أعطى له الدراجة أخذ بها جولة وقبضها وانتهى الأمر وبعد ذلك عندما رجع أمه قالت له إن هذا الولد قد يتعرض بها لحادث إن قلبي يشعر بذلك فالأب خاف فذهب وتراجع عن كلامه له أن يسحبها منه إلا الأب إلا من الأب، وبعد ذلك بدأ يدخل في موضوع دقيق نُحب أن نفيض فيه
الكلام، وهو العُمرى والرُقبى. وكبار السن يسألون عن العُمرى والرُقبى هذه كثيراً. رجل متزوج مضى عليه خمسون أو ستون سنة، ويخاف أن يموت فتتعب زوجته، ويخاف أيضاً أن تموت هي فيرثها إخوتها. فيفعلون ما يُسمى العمرى والرقبى، أي أن كل شخص يترقب وفاة الطرف الآخر، وهذا ليس بين الزوجين فقط، بل يمكن أن يكون بين شريكين، ويمكن أن يكون بين
أخوين، ويمكن أن يكون غير ذلك. وسنرى أحكامها واختلاف الناس فيها. علمًا أن القانون المصري لم ينص عليها، بينما نص عليها وأجازها القانون السوري، وسنتوسع في الكلام عن هذا المعنى لأن كثيراً من الناس يسأل عنها بحيث إذا متُّ أنا أولاً تصبح كل أشيائي لها، وإذا ماتت هي أولاً تصبح كل أشيائها لي، فلا يدخل بينهم أحد غريب، وذلك مراعاة للعشرة الطويلة وخوفاً من تقلبات الزمان ولأسباب أخرى متعددة. حسناً، هل خطر هذا في بالك الآن إنك تقوم وتقبِّل يدي يعني أننا مع بعض منذ الأزل. الآن فقط قلتُ: "يا الله، هذا الشيخ يتحدث بشكل جميل".
انتظر يا فتى حتى أقبِّل يديه. ماذا تعني؟ لماذا فعلت هذا؟ أتتدبر؟ يعني أنت جالس شارد الذهن في هذه القبلة منذ أن جلستَ. ما اسمك؟ منذر. منذر، ماذا يا منذر، جعلك الله مبشراً. حسناً، معنا اليوم احتفالاً بميلاد مصطفى عصفورة الذي تحدثنا عنه في البداية، وهو من فرقة "للمدح". هو الشاب مصطفى الذي أصبح الآن رئيس الفرقة. ماذا تسمونه عندكم؟ رئيس الفرقة، أليس كذلك؟ مصطفى شكّل فرقة وهو ينافس
فيها الفرق الموجودة فرقة عبد الله بكير المشهورة بنور النبي، وفرقة لا أعرف الحضرة، وفرقة المرعشلي، وفرقة أبو شعر، إلى آخره. وبعد ذلك سماها اسماً جميلاً أيضاً "تجلي" نعم، بدلاً من أن يسميها "سلطنة" فسماها "تجلي". ماذا تعني سلطنة؟ تعني أن يجلس هكذا ويتسلطن هكذا، يعيش في حالة يعني. روح معنوية عالية يعني نعم، ومن حسن الحظ أن الرجل الذي كان يعمل معه والذي هو عبد الله بكير موجود، ونريد أن نقول إن مدح النبي لا نهاية له، وأنه من أهل التعاون وليس من
أهل المنافسة. يعني يجب على مادحي النبي أن يتعاونوا ويحبوا بعضهم، وإلا فلا فائدة منه، وها أنتم ترونه وهم كذلك. اختاروا الشعار الأحمر مثل السيد أحمد البدوي. ماذا يعني شعاراً له؟ أنت لا تريد أن تجلس لماذا؟ ما هذه المعارضة يعني؟ ستجلس هنا أين؟ لا تطعهم. حسناً، مصطفى المعروف بعصفورة هو الذي على فكرة، عصفورة هذا يعني هو الذي يريد أن نسميه عصفورة. لا أعرف لماذا. قال إنه سريع الحركة يعني أو شيءٌ مثل هذا، عصفورةً يعني، سيحضرها لك حالاً الآن. كم
دقيقة تريد؟ لا تزد كثيرا. الساعة الواحدة والنصف إلا خمس دقائق. سأعطيك اثنتي عشرة دقيقة. حسناً، نعم. وذلك يكفي، زُر غباً تكن حباً. يعني كن خفيفاً، خفيفاً، وكن خفيفاً. وطنش تعيش يا أبا ريش. هيا سنرى. طبعاً سنقوّم أصواتهم وكذلك إلى آخره لأن هذه فرقة في النهاية تحتاج أيضاً إلى ليالي وتحتاج إلى موالد، والجماعة الذين لا أعرف ماذا يفعلون أو ماذا يريدون وأشياء مثل ذلك، يعني نصنع لهم إعلاناً، توكلنا على الله، تفضل يا حبيب
الروح، أنا يا حبيب الروح إني فيك قد سلمت أمري
واشتياقي للحبيب أناشيد ومديح.